عقدة بيكاسو في الاردن: وزراء لا يعرفون شيئا


جراسا -

يقسم محدثي على أن إستراتيجية تطوير قطاع المياه التي عرضت على رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت عام 2006 هي نفسها التي عرضت على عبد السلام المجالي عندما شكل الحكومة عام 1993.

ويؤكد لنا أحد قادة المؤسسة العسكرية في جلسة حوار مغلق بأن مؤسسته طلبت من وزارة الصحة خبيرا متخصصا لرسم إستراتيجية خاصة للقطاع فأرسلت الوزارة {قابلة قانونية} لتمثيلها في هذا الحوار الإستراتيجي.

ويشير آخر لان بعض الوزراء في البلاد عندما يستدعون لمؤسسات سيادية تسعى لوضع خطط معهم يتبين أنهم لا يعرفون شيئا ليس فقط عن وزاراتهم ولكن أيضا عن الأردن.

وليس سرا أن البلاد تتوارث قصة وزير الثقافة الذي لم يكن يعرف يوما بأن بيكاسو مات وعظامه أصبحت من آثار المكاحل.

طبعا الأمر محصلة طبيعية عندما يتعلق بالوزراء تحديدا فمعيار الكفاءة والتخصص لا علاقة له إطلاقا بأسس إختيار الطاقم الوزاري ..لذلك لا تستغرب في الأردن إذا رأيت وزيرا للمياه مثلا قد أصبح وزيرا للتنمية السياسية أو إذا أصبح وزيرا للثقافة مكلفا بالداخلية في الحكومة التالية وبالزراعة التي تعقبها.

ولا تستغرب إذا رصدت موظفا صغيرا يقفز فجأة ليجلس على كرسي وزارة فيصبح وزيرا متجاوزا قائمة عريضة من الكفاءات.

أعرف شخصيا أحدهم.. تقلد ست وزارات بينها البلديات والبرلمان والسياحة والقانون والتنمية السياسية وحتى تقرأ هذا الرجل الظاهرة عليك أن تكون مفكرا على المستوى الكوني لتفكيك ألغاز خيارات النخب في الأردن.


من يبدأ وزيرا ينتهي سفيرا أو عضوا في البرلمان أو في مجلس الأعيان وبعد الوفاة أو التقاعد يمكنك ملاقاة نجله في مقر مهم مسؤولا يستعد بدوره لإستلام وزارة ثم سفارة وتبقى للمواطنين الطيبين فقط الغفارة.

لذلك لا تشعر بالغربة وانت تمر بمختلف غرف القرار الأردنية فمن شاهدتهم ممثلين للمؤسسة الرسمية قبل عامين ستصادفهم ممثلين للشعب العام التالي ..هكذا دواليك نفس الأشخاص والعائلات ومراكز القوى تتبادل السلطة والمنصب وتسترخي في دائرة القرار، الأمر الذي يفسر كل مظاهر البؤس الإداري التي تستوطن البلاد.

المواقع والوظائف والمناصب تورث وأحد ما قبل سنوات طويلة أقنع دوائر القرار بأن واجب النظام الوطني يتطلب توفير {الوظائف العليا} مستقبلا فقط لأبناء من يحتلون نفس الوظائف حاليا وعليه تصادف دوما نفس الوجوه والأسماء واحيانا الملامح في مختلف دوائر القرار الأردنية.

والأكثر طرافة أن طبقة الكريما هذه التي تتوارث الألقاب والحقائب والإمتيازات صالحة للإستعمال في كل زمان ومكان .. في الحرب والسلم .. في وقت الديمقراطية وفي زمن الأحكام العرفية .. في القرن الماضي والحالي .. إنها نخبة {متحولة} كالبيكمون تماما تستطيع التنظير للقبضة الأمنية وللحريات في نفس الوقت .. بإمكانها حراسة {النظام المستهدف} وبنفس الوقت حراسة الديمقراطية والتزوير والتأليف معا.


ولم يعد غريبا أبدا أن تجد مسؤولا سابقا وقد أصبح حزبيا معارضا اليوم أو معارضا خطط لقلب النظام في الماضي تقفز به حصته العشائرية إلى مواقع تمثيل النظام اليوم .. إنها نفسها المحاصصة المنتنة التي يكاد المرء يشعر بأنها مقصودة فعلا {لإفساد} كل شيء في الأردن ولمنعنا من الحلم بالمستقبل.

شخصيا لا أعرف كيف يمكن لمن سعى لقلب نظام الحكم سابقا أن يصبح مديرا للمخابرات لاحقا، ولا أعرف كيف يصبح من خطب ضد النظام سابقا وزيرا للداخلية أو الإعلام لاحقا ..لا يمكنني شراء الرواية التي تقول بأن المسألة تظهر عبقرية النظام أو قيمة التسامح فقط ..لابد من وجود سبب آخر تماما.

في العامين الأخيرين فقط عبث في وزارة السياحة خمسة وزراء دفعة واحدة ثم يأتي القوم ويسألون عن أسباب وخلفيات تراجع السياحة في المملكة.

وفي الأعوام الأخيرة حظيت سكرتيرات بحقائب وزارية وجلس أصحاب مطاعم ومدراء صغار سبق التحقيق معهم في مقاعد الوزراء وجاء رؤساء حكومات بأسماء من أماكن مجهولة لتحمل الحقائب الوزارية.


حتى أن الإنتخابات البلدية المزورة شهدت نجاح أحد {الجزارين} في أحد أحياء عمان وعند التدقيق بالتفاصيل والحيثيات تبين بأن أحدهم في غرف العمليات التي تدير الإنتخابات يشتري اللحمة من هذا الجزار الذي أصبح عضوا في البلدية.


والشباب يتم إختيارهم وفقا لإعتبارات جغرافية وعشائرية وديمغرافية ورغم إعتراف جميع كبار المسؤولين وفي كل المؤسسات الأردنية بأن هذه الإعتبارات بائسة وسقيمة ولا معنى لها إلا أنها تقفز لتسيطر على البوصلة عندما تتشكل وزارة جديدة دوما أو عندما تنظم إنتخابات يجتهد القوم بالتحضير لتزويرها.


.. لذلك كله تأتي القرارات في الأردن متخلفة وعشوائية ومنتجة للإشكال وعلى ضوء هذه الخلفيات يمكننا فهم ما يجري في البلد فلدينا عدد كبير من صنف المسؤولين الذين لا يعرفون أن المرحوم بيكاسو إنتقل إلى رحمته تعالى.(بسام بدارين - القدس العربي )



تعليقات القراء

محمد مناور العبادي - صحفي وباحث
للاسف هذا هو الاردن الذي يتم تكريسه يوميا مما يجعل مستقبل الوطن اسود اذا بقي وطن بفضل هذه السياسات التي كانت مقبوله على مضض في القرن الماضي ولكنها غير مقبوله الان وهو مايدفع واشنطن لدعم الاحتجاجات العربيه واخشى ان ياتي اليوم الذي ستدعم فيه واشنطن وبقوه الاحتجاجات في الاردن ويقال ان العام القادم قد يكون بداية التغيير الامريكي في الاردن اذا ماواصلنا السير في الطريق الخاطيء فقداتعبنا اصدقاءنا قبل اعدائنا وافلسناهم ببذخنا وممارسات مسؤوليينا وكانهم مسؤولون في دول نفطيه
04-07-2012 01:19 AM
لا حول ولا قوة الا بالله
المشكله فايز قاعد برجع هاي الامجاد
04-07-2012 07:44 AM
عين الصواب
لقد اصاب الكاتب ووضع يده على الجرح ولهذا كله تصل مديونيتنا لمليارات الدنانير وتزيد باستمرار ويزيد معها فساد المسؤولين وتزيد معها مشاكل الوطن وفقر المواطنين وتبقى المشاريع المنهوبه مثل الباص السريع الذي اصبح معيق للسير وليس حالا له يبقى شاهدا على ما ينتجه تعيين مثل هيك مسؤولين
04-07-2012 08:13 AM
اشكرك
اشكرك اشكرك اشكرك ...........اشكرك هذا هو حالنا وحال بلدنا
04-07-2012 09:14 AM
زرقاوي قاعد على الكوربة
خير الكلام ما قل ودل ... هذا بالضبط ما يحصل في الاردن ... وهلا حكومات
04-07-2012 09:53 AM
الحرامي لا يلد إلا حرامي
نعم ان مشاكل الوطن و المواطن هي بسبب عصابة ال 500 الذين كانو و ما زالو يتبادلون الادوار لتدمير الوطن و المواطن

ان اصحاب الذوات من رؤساء حكومات و وزراء و اعيان و نواب استعمرو و ما زالو يستعمرون الوطن و المواطن

و يستغلون مناصبهم لاستصدار قوانين تجعل سلبهم قانوني و بإسم القانون

و فوق هذا كله سمحو لانفسهم باغتصاب جيوبنا بتقاعد غير قانوني و غير اخلاقي مدى الحياة

و الجرم الاخر ان سمحو لانفسهم باحتلال و احتكار مياه الوطن الجوفيه لاشجارهم و حيواناتهم " مجانا " و كثير منهم يملك لوحذه عشرة ابار ارتوازيه يهدر كل بئر مليون متر مكعب سنويا اذا كان انتاجه 110 امتار بالساعه

بينما حصة المواطن السنويه اقل من مائة متر فقط و سعر متر المياه للشعب بدينار

عصابة ال 500 من اصحاب الذوات دمرت و ما زالت تدمر و تسلب و تنهب الوطن و المواطن

الله يحمي الوطن و المواطن بقيادة جلالة سيدنا ابا الحسين

نعم المولى و نعم النصير



04-07-2012 10:44 AM
توفيق الدهلوي
... مش مهم انه يعرف بيكاسو ... المهم انه ما يكونش وش محاكم
04-07-2012 07:03 PM
يحيى
في العام الماضي عُين ابن دوله الرئيس ,,,,مستشاراً برتبه وراتب وزير من هو؟ ....
04-07-2012 08:30 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات