كلمة الغالبية الصامتة للنظام الأردني والقوى السياسية والمخابرات العامة !


في البداية أرفض مطلقاً مصطلح ( الغالبية الصامتة ) ليس لكونه ينم أن هنالك غالبية لا تشارك في العمل السياسي ، وتخرج عن أجماع التغيير لعدة أسباب متنوعة ومتفاوتة ، بل لأن المصطلح ينطوي علي خزي وعار لكل من يوصف نفسه أنه من الأغلبية الصامتة ، سيما وان اليساوي أو ناتج الصمت هو الجبن ، وهذا ما يجعل المعركة السياسية معركة وعي بالدرجة الأولى، لأنه وكلما زاد الوعي زادت تبعاً لذلك المكاسب السياسية ، ما يعني أن مهمتنا جميعاً هي توعية هذه الغالبية الصامتة والأخذ بيدها إلى أن تقول كلمتها ، ولعل عام من الاحتجاجات والمسيرات قد أتى أوكله أردنياً ، حيث تحولت الغالبية الصامتة إلى غالبية ناطقة بعض الشيء ، ولكن ليست مع طرف ضد طرف ، فهي تقف على مسافة واحدة من كافة القوى السياسية ولكن بذات الوقت لا تسمح بتوغل طرف على أخر أياً كان هذا الطرف على الأخر ، ذلك لأن التوغل يأتي من فكرة التمييز القائمة على إعطاء فئة نفسها أحقية استبداد الآخر و تهميشه ، وهذا ما يشكل قوى الشد العكسي داخل المجتمعات ضد تلك التي تنشد الإصلاح والخلاص من الفساد والإفساد ، إلى أن تطفوا على السطح قوى تعمل ضد الحرية والديمقراطية وعموم الإصلاح ومفهوم المساواة أمام القانون ، وتبدأ تلك المسلسلات التي نرى فصولها الدموية بكافة الأقطار العربية والتي يجتحها ما يسمى بالربيع العربي ، إذن نستنتج مما سبق أن طريق الحرية يبدأ من خلال المعرفة و الوعي ، وحين نتحدث بلسان هذه الغالبية نتساءل ترى هل هذا المفهوم يتفق مع أجندة النظام ؟ في الحقيقة لسنا حالمين إلى درجة الرومانسية السياسية الغارقة في مفردات الصناعة الذهنية من قبل الأجهزة الأمنية التي تسبح ليل نهار بحمد النظام ، لأن الأمر لو كان على ذلك النحو لما خرجت مسيرة واحدة !

معنى ذلك أن هنالك ما يستوجب إصلاح النظام، والسؤال الذي تتوالد عنه مجموعة من الأسئلة هو: أي هذه القوى رفعت شعار إصلاح النظام ؟ في الحقيقة جماعة الإخوان المسلمين ، لكن هذه الجماعة لا تحرض على حرية التفكير ، وإنما تستثمر كل ما هو مختزن في العقلية المتدينة في طبيعتها ، والتي تعيش منطق البساطة الذي يعتمد على الفطرة والعاطفة ، والذي لا يمكن من خلاله أن نصل إلى المفهوم الإنساني الذي من أجله قامت الثورات العربية ، الثورات التي من المفترض أن زادها الوعي والمعرفة فوق قاعدة الحرية والمساواة ، ضمن هذا الإطار الذي يمكننا من تجاوز الجغرافيا والتاريخ ، نقول لا بد من إعطاء فرصة لجماعة الإخوان المسلمين ، وللعلم فقط قبل أن أكتب هذه المقالة تشرفت بلقاء بعض القيادات الإنسانية في الأردن ، وكان رائيهم مطابقاً لرأيي الرافض لكل ما حدث في المفرق وما نتج عنه من ملاحق نحن في الغنى عنها ، سواء مسيرة طفح الكيل أو ما حدث أمام الديوان الملكي من حرق لدراجات الأمن العام تضرر على أثراها أبناء لنا وقد يكونوا من أقارب المتظاهرين أنفسهم الذين نكن لهم كل احترام وتقدير ، وتبعاً للسؤال الحامل بكافة التساؤلات أقول : هل تشكيل الإخوان للحكومة الأردنية هو الخيط الفاصل بين الحالة الأردنية (إصلاح النظام) والنماذج العربية المحيطة (إسقاط النظام) ؟!



إن الإجابة على هذا السؤال تقتضي منا الاعتراف بأن القوة السياسية الكبرى والوحيدة في الشارع الأردني هي ( جماعة الإخوان المسلمين ) وما دام الأمر على هذا النحو : فهل نغامر في الأردن شعباً ونظاماً إلى حين قدوم موعد الانتخابات النيابية ؟ ونبقي على شكلية الإصلاحات بيد حكومة تطالعنا كل يوم في فشل أكبر من سابقة ،وبالطبع الفشل لا يعود أبداً إلى شخص الرئيس الباحث عن الولاية العامة التي ما زالت مفقودة والبحث عنها أكثر ربما يطيح بحكومته !


في وقت يصل الاحتقان إلى حدود لم تعد تكتفي بشعار ( إصلاح النظام ) ، في حين أن لا أحد ينكر فيه حكمة الإخوان كمعارضة مع أني شخصياً من أشد المعارضين للإخوان المسلمين ، لكن بعيد بروز بعض القوى ذات الأجندات المختلفة إلى الشارع و التي نادت بإسقاط النظام الملكي لم نجد قوة حقيقية وقفت في وجههم سوى جماعة الإخوان المسلمين ، وهذا يسجل لهم مهما كان لدينا من تحفظات عليهم سواء فيما يتعلق في علاقاتهم مع الأمريكان أو علاقاتهم مع الجانيين التركي والإيراني كقوتين إقليميتين ، عملياً هنالك إدراك لدى هذه القوى بغض النظر عن أي شيء فيما يصلح البلاد مع الحفاظ على الأمن والنظام ، والتفريق بين الشعار المولد للفتنة والشعار الذي يرتقي فينا إلى صفوف الدول المتقدمة ديمقراطياً ، أما عن الإلية التي تم من خلالها إسقاط شعار إسقاط النظام فإنه يعبر عن حرفية سياسية مذهله عند الجماعة حيث أنهم تركوا أولئك المنادين بهذه الشعارات المرعبة لوحدهم ، وقد سارعت زعامتهم إلى التصريح العلني أن سقفهم لا يصل إلى حدود إسقاط النظام ، وهذا ما عمل على تهيئة أرضية الحوار الذي ألزم الحكومات بضرورة العمل لكونه السبيل الوحيد أمامنا ، وقد أفصح الإخوان عن نواياهم حين جاء دولة عون الخصاونة وعرض عليهم الحقائب الوزارية ، فما كان ردهم إلا الرفض ، والذي كان مثابة رسالة إلى النظام بأنهم لا يرضون بأقل من تشكيل حكومة ، وهنا أتساءل وأقول : لو افترضنا أن تشكيل الإخوان للحكومة سيكون هو المخرج أمامنا ، فهل سيحترمون المعاهدات الدولية ؟

مصرياً : أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر قدمت للولايات المتحدة ضمانات باحترام معاهدة السلام مع إسرائيل ، وقالت في مؤتمر صحفي بأن الإخوان قطعوا تعهدات لواشنطن بهذا الشأن، مضيفة أن الإدارة الأمريكية حصلت على ضمانات بالنسبة إلى هذا الموضوع من جانب مختلف قيادات الحزب التي تم التواصل معها وأن الإدارة ستواصل السعي وراء الحصول على ضمانات أخرى في المستقبل ، وأردنياً تتساءل الغالبية الصامتة : ألم يوافق نواب الإخوان على اتفاقية وادي عربة ؟ وقد شهد المجلس الثاني عشر، الذي انتخب في العام 1993، توقيع اتفاقية وادي عربة (في 26 تشرين الأول 1994) ، في الحقيقة لا يمكن خداع المواطن في مسألة مع أو ضد ، وعلينا إذا أردنا النجاح في الحكومة القادمة المشكلة من قبل الإخوان المسلمين أن نكون واضحين وشفافين مع الناس وأكثر دبلوماسية ، وليتنا نبقى في الفعل ولا ننجر إلى ردة الفعل حتى لا تصطدم الغالبية الصامتة بعدم تطابق الأفعال مع الأقوال ، أو بما أسمية بالانفصام بالشخصية السياسية ، وللتوضيح أكثر نقول : إذا ما سار الإخوان في ركب المعارضة لاتفاقية وادي عربة ، وبدأ التصميم السياسي على إسقاطها ، ألا يكون في ذلك انفصام في شخصية الإخوان السياسية ؟

على حساب الأردن الذي سيعاني ما يعانه من عداء دولي هو في الغنى عنه في ظل الأزمات المالية المركبة ، هذا عدا عن المخاوف التي يتوجس منها العسكريين والتي بدأت تطرح بعد مسيرة طفح الكيل ، حيث أن البعض يتساءل لو تسلم الإخوان المسلمين دفة الولاية الأردنية فهل يضمن لنا أحد بما في ذلك النظام عدم تشكيلهم لمليشيات مسلحة ومن خلال استثمار مناصبهم الوظيفية كقيادات في الدولة الأردنية ؟

لعله من المحزن أن نطرح السؤال ولا نتوقع إجابة عليه بسبب حالة العقم الفكري و قصور الذهن السياسي الذي يسيطر على العقول التي تدير الدولة الأردنية ، والتي لا تكاد تستوعب التحولات الفكرية و التغيرات التي باتت تطرأ على ذهنية القوى السياسية المحلية والإقليمية والدولية والتي من بينها قدرت وصول إخوان الأردن إلى دفة الحكم و اللحاق بنماذج إخوانهم في الدول العربية الأخرى، نريد أن نصلح ونوقف نزيف الخزينة الذي يبدأ بشخوص تُفرض علينا فرضاً و لا نملك حتى حق السؤال عنهم ، ولا ينتهي عند فقدان الإرادة السياسية في استخراج الموارد الطبيعية ، والتي لا نجدها تخرج حتى بعد اقتراب انتهاء عصر النفط والطاقة التقليدية المعهودة ، بل يستمر الفساد إلى حدود لا أحد يمكن أن يتنبأ فيها ، حرام والله حرام سياسياً وحزبياً ووطنياً ودينيا وإنسانياً ، متمنيا أن أكون قد أوصلت صوت الغالبية الصامتة التي أمل أن تعمل على أيصل صوتها في المستقبل بعد أن تنزع عنه حاجز الصمت المقيت ، وأخيراً أقول للمخابرات العامة نحن في 2012 م ، ونسعى مع كافة القوى السياسية إلى إرساء مفهوم الملكية الدستورية ضمن ما يتناسب معنا كأردنيين ملتفين حول القيادة الهاشمية القاسم المشترك بيننا جميعاً ، و إذ نثمن كل ما تقومون فيه من أعمال إلا أننا نعود ونقول : إن عملكم فني ، وليس له علاقة لا من قريب أو بعيد في رسم السياسات العامة للأردن ، المسألة الآن تحتاج على ما يتمتع فيه الإنسانيين من اللياقة العقلية الكافية لاستيعاب التغيرات و ضرورة انتهاج سياسات تنقلب فيها الدول على نفسها و على شخوصها التقليدية و سياسات التدهور ، أرجوكم هنالك من يعمل لصالح الأردني الهاشمي ولكن من يعمل معهم ؟!!!!



تعليقات القراء

I need new Eye Glasses
if I cant see the picture , I cant read the letters.
01-07-2012 01:45 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات