حاضر الأردن .. مَن يستحق اللوم أكثر ؟


المحافظون ورؤوس الاموال مرة أخرى وبقوة إلى الساحة , خسارة القيمة الإعتبارية للسلطة التشريعية , تأجيج الشارع , التأسيس لمرحلة سياسية مستنسخة عن ما قبل حراك الشارع بقانون انتخاب مثير للجدل وبصبغة دائمة , لا محاربة للفساد بالشكل الذي يوازي الزخم الذي صاحب بدايات هذا المشروع, هذه هي أهم مكونات المشهد في الاردن بعد عام ونصف من حراك الشارع.

التكتل المستفيد مما قبل الحراك والذي ينقسم إلى قسمين "المحافظون" و" رؤوس الأموال", توّج إنجازاته بعودة التيار المحافظ لرئاسة الوزراء , الذي انقضّ بدوره على مجلس النواب باعتباره سهل الاختراق لضعف آلية التمثيل التي اتت به حسب ما يزعم الكثيرين, فمجلس النواب أبدى كلّ المطاوعة لهذا التيار بسبب فقدان أعضائه للقاعدة الشعبية أو الحزبية التي يفترض أن تكون مصدر قوة للنائب بالتوازي مع التهشيم الإعلامي والحديث عن التزوير و غيره .

فالتحالف بين المستفيدين من التحوّل الاقتصادي وتعويم السوق (رؤوس الأموال) من جهة وبين المحافظين السياسيين , أصبح واضحا بعد تلك الفترة من التنافر بعد إقصاء التيار المحافظ ورموز الحرس القديم ضمن حزمة من التغيرات التي حملت في طياتها الصبغة الشبابية موحية بالقدرة على الإنعاش السياسي والإقتصادي والذي استفاد منها أصحاب رؤوس الاموال بشكل قاد البلاد الى كل هذه البلبلة .

فرؤوس الاموال المسيطرة في ذلك الوقت أسست لمرحلة اللاعودة إقتصادياً , من خلال برنامج التحول الاقتصادي الذي كان أسرع بكثير من التحول الاجتماعي , والذي أدى إلى شروخات في بنية المجتمع ظهر العنف و الجرائم كأمثلة على هذه الشروخات, فالدخل المنخفض أمام سياسة السوق الشَّرِه للربح بوجود رقابة على هذا السوق منوطة بمنظومة من المؤسسات شبه الحكومية والتي لا تملك أي صفة تنفيذية مثل هيئات تنظيم الاتصالات والنقل وغيرها , قادت هذه المنظومة وبالتزامن مع الوضع العالمي رؤساء الحكومات و آخرها حكومة الطراونة إلى العودة للمواطن كممّول للقصور في الميزانية, مما رفع معدل التضّخم حتى وصل الى
5.2 % في أحد أعلى مستوايته .

أما التيار السياسي المحافظ فقد بذل كل الجهد لبقاء الإنسان الأردني ضمن فلك البعد عن الايدولوجيا والفكر السياسي , فتجلى ذلك بقانون انتخاب يناهض الحزبية ويستغل نقطة الولاء العشائري والمناطقي للمواطن الاردني لإعطائه صوتا واحداً تعرف الحكومات مسبقاً لأي انتماء سوف يُمنح , وصوت آخرلقائمة من 17 مرشح والتي يتوقع أن تكون حصة الإخوان المسلمين الذين يفاوضون عليها , وبالتالي تتجنب الإنتخابات أهم قوى المقاطعة لنحصل على مجلس أكثر شرعية ولكنه أقل مهنية .

وعليه فيمكن اعتبار هذه القوى تقوم بتأجيج الشارع ونقله من حاله الى حاله عبر سلّم الإنفعال , نظراً لعدم وضوح مشهد صناعة القرار الإقتصادي والسياسي في الأردن في ظلّ غياب لدور السلطة التشريعية , وعدم توفر تفاصيل موحدّة و موثوقة عن الثروة المعدنية أوالضرائب أو طرق تسعير المحروقات أو غيرها من الأمثلة , ناهيك عن الشعور المتزايد لدى المواطن بعدم مشاركته في صنع القرار .

وعليه فلا يمكن أن يُطلب من الشارع أن يكون على درجة عالية من النضوج السياسي ,أو أن يكون خبيراً في الإقتصاد والسوق, كما تطالب الحكومات, ولا يطلب منه الصبر و الفساد حرٌ طليق , ولا يمكن له أن يحمل ذنب من أخطأوا في الإدارة لأنه قام بتفويض الصلاحيات لمن يحكم بشرط أن يحصل على حقوقه , فالحلّ الذي ينتج عنه التسلّل إلى جيب المواطن أوإنقاص حقّه السياسيّ , حل لا يقود إلى الإصلاح بقدر ما يقود إلى الإحتقان .



تعليقات القراء

غيث
كلمات اوصلت الفكره بوضوح .. جهودك مشكورة اخ حاتم ..
بالنسبه لوضع الاردن الحالي .. السؤال الذي يطرح ولحد الان بصراحه لم اجد له حلا ً ،.
27-06-2012 07:14 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات