سمير الرفاعي الأبن .. الرئيس الذي فقدناه بامتياز .. وأي فتى أضاعوا !!


جراسا - خاص – برحيل ثلاثة حكومات ومجيئ حكومة فايز الطراونة، حضرت بشدة في إذهان الأردنيين حكومة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي الإبن، والذي جوبهت حكومته بعاصفة عجلت برحيلها بعد أقل من شهرين على منحها الثقة، بما يعرف بـ أربعينية الثقة ، وبمطالب شعبية قادها الحراك الاحتجاجي للشارع الاردني في بداياته قبل نحو عامين .

لم ينظر المراقب السياسي لرحيل حكومة الرفاعي الإبن بوصفه رحيل جاء بمثابة "كبش الفداء" ، سيما وأن الخط العريض والأول لمطالب الشارع الاحتجاجي نادى وطالب برحيلها، وكأنها صانعة الإرث السياسي لمآزق ومعضلات الوطن ، بل وتم نأي فشلات الحكومات المتعاقبة التي سبقتها، ليجد الرفاعي وفريقه الحكومي يدفعون ثمن تقصير وأخطاء من سبقوهم ، بل وتم تهميش وتغييب حقيقة "الديناميكية" التي أسست لاستراتيجية تكاد تكون متفردة، والتي أعدها بل وباشر بها الرفاعي وفريقه ، إلا أن ذلك لم يشفع لها ، ليتمركز موقفها بين حجري الرحى ولتخرج من الواجهة السياسية ، مخلفة وراءها خططاً جمة تعنى بالبرامج والخطط لمحاور سبعة وبجداول زمنية لم يتح لها فرصة دخول حيز الوقت من جانب، ولم يكن الرفاعي وفريقه يدركون أنهم بمحاورهم السبعة فتحوا عش الدبابير عليهم دون أن يدرون من جانب آخر .


فالمحلل للمحاور السبعة التي سجلت كبادرة أولى لحوكة الرفاعي، يجدها ذات مضامين تضع فتيل النار على مكامن الخطأ كوقود، وخشية من الانفجارات المتوالية المفترضة والمرتقبة لهذه المعادلة ، كان خيار التسريع في رحيلها يكاد يكون الخيار الأوحد، وهكذا صار، وهكذا تمت حماية الفساد الحكومي والمؤسسي بغياب المساءلة وقياس الاداء الحكومي وفق المحور الأول،

ولتتفاقم عشوائية المنهجية التنموية السياسية وفق المحور الثاني عن ابجديات واستراتيجيات السياسة المدنية، وليس أدق على ذلك من استمرارية احتقان الشارع حتى بعد رحيل كبش الفداء، وليدخل العمل المؤسسي وفق المحور الثالث إلى أدنى مستوى باستبعاد تفعيل خطة تحفيز بيئة الأعمال والاستثمار ، بل وغرق الشارع الاردني بمزيد من وحل الحكومات السابقة، بغياب المحور الرابع بتمكين ودعم كفاءة الشرائح الشبابية والشعبية تحت دعم ورعاية وتعهد الدولة، وتلاها بتر مشروع الانفتاح الاقتصادي البنيوي عبر نسف المحور الخامس، وليدفع الوطن والمواطن ثمن اغتيال وتصفية حكومة الرفاعي عبر المحورين الاخيرين بتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى وتحسين مستوى ونوعية الخدمات المقدمة للمواطنين .

لماذا جوبهت حكومة الرفاعي حد الاستعداء ؟؟

أما لماذا جوبهت حكومة الرفاعي بمثل ما جوبهت به من مواجهات وصلت حالة الاستعداء، فإن ثمة مؤشرات حملها بيانها الوزاري، تلك المؤشرات لم يكن لها من سبيل للخروج ودخولها حيز الفعل السياسي، لما تعارضه مضامينها لأجندات شخوص وجماعات وأفراد الشد العكسي، فمسيرة الإصلاح والتحديث والتطوير من شأنها المساس بمكتسبات "البعض" وتغّول " البعض الآخر" ، حتى وإن تسلحت حكومة الرفاعي بتنفيذ التوجيهات الملكية السامية بتسريع وتيرة الاصلاح التي لا يريد البعض المشار إليه من دوران عجلتها .


وبين "مزاودة" الاصلاحيين و "غنج" المعارضين، حوصرت حكومة الرفاعي بقانون الانتخابات المؤقت، الذي أجريت بموجبه الانتخابات النيابية في 9/11/2010، وهو القانون الذي لا زال محط جدل ومؤشر لإنسداد الافق في ارضاء الاطراف المتنازعة على صيغته النهائية، ولم تكن حكومة الرفاعي مسؤولة عن عملية الاخفاق التي أحاطته، بعد أن فردته حكومة سمير الرفاعي أمام المجلس النيابي ومنحهُ صفة الاستعجال، ليأخذ حقّه من الحوار والنقاش والدراسة، وإدخال ما يلزم من تعديلات تنسجم مع مصالح الوطن وطبيعة المرحلة؛ بما يشكل دفعة نوعيّة لمسيرتنا الديموقراطيّة، وبحيث يستقر قانونا دائما، يسهم في تنمية الحياة السياسيّة، وهو ما لا تريده قوى الشد العكسي !

قوى الشد العكسي ذاتها التي التقطت جدية حكومة الرفاعي في المباشرة وتنفيذ خطط الاصلاح ، حتى انها استبقت ثورة الشارع العربي صاحب المطالب الاصلاحية، حيث بدأت هذه الحكومة في التعامل مع ملفات الاصلاح بدفع ذي علاقة بالاصلاح كضرورة وليس كمطلب شعبي لحراك الشارع الاحتجاجي، وعندما بدأت هذه القوى تلمس نتائج وبوادر خخط حكومة الرفاعي وخروجها الى حيز الفعل، بدأت من جانبها حالة الاستنفار مستخدمة كافة الأدوات لمحاربة سمير الرفاعي كشخص ومن ثم كرئيس، بل قامت هذه القوى بتجيير عشرات الكتبة لمهاجمة أي تحرك محمود او مذموم لحكومته، وبدأت حرب مفتوحة كان من نتائجها احباط الشارع من جهة، وعدم منح الرفاعي وفريقه الوقت والفرصة من جهة، لتستثمر قوى الشد العكسي قضايا المسكوت عنه منذ نحو عقد من الزمن وبعد مرور اكثر من 30 حكومة، لتحملها مسؤليتها للرفاعي وفريقه، في شكل واضح للاستعداء والتحدي، فكان ان دفع الثمن الوطن بخسارته رجلا بحجم سمير الرفاعي الخبير الاقتصادي والسياسي وهو الذي خرج من بيئة سياسية بحته كان والده وجده قد اسسا لها كبنية سياسية للأردن السياسي منذ نحو نصف قرن من عمر الدولة الأردنية ..


سمير الرفاعي لم يسعى وراء المنصب الرئاسي للدوار الرابع، وليس بمأخذ عليه أن أهلته بيئته الاجتماعية السياسية لمثل هذا المنصب، وهو تماما رجل خرج من الطبقة الاستقراطية التي أهلته ليقود ادارة كبريات الشركات العالمية قبل أن يخطفه المنصب، هو صاحب يد بيضاء شئنا أم أبينا، لم يغره المنصب وهو حفيد الرفاعي الجد وابن الرفاعي الاب كرئيسي وزراء سابقين، تماما كما أنه لم تغره المكانة المالية وهو قد تسلم منصب دبي كابيتال الشركة العملاقة في العالم والمنطقة ليديرها بقدرة وكفاءة ما كان لأحد من جيله أن يقودها .


وليس دفاعا عن الرجل إن التفتنا إلى بداية الحراك الاحتجاجي بالاردن ورحيل حكومته إثره، فقد توالت الحكومات من بعده، لا لتحل أي معضلة، ولا لتنشل الوطن والمواطن من "تسونامي" عجز الخزينة، وإنما لتثبت لنا عمليه رحيله بأننا حقا فقدنا من الواجهة السياسية رجلا ما كان لنا أن نعطيه حق قدره لولا اخفاق من تلاه .. سمير الرفاعي الأبن .. الرئيس الذي فقدناه بامتياز .. وأي فتى أضاعوا !!



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات