استكمالا لحالات النجاح الباهر الذي امتازت به أجهزة المخابرات والاستخبارات الأردنية ، استطاعت قبل وقت قصير من إحباط عملية اختراق خطيرة لجهاز الأمن العام غير مسبوقة في تاريخه العريق ، حيث نجحت وفي اللحظات الأخيرة من إيقاف تجنيد شاب جامعي في جهاز الأمن العام بعد اكتشاف وجود صلة وعلاقة قرابة تربطه بشخص خطير على أمن الأردن ، حيث أفادت المعلومات المتوفرة عنه أنه أحد أعضاء لجان المعلمين التي طالبت بالنقابة وأنه يشارك في بعض مسيرات الحراك الشعبي المطلبيّ والداعية لمحاربة الفساد.
ليس المهم في الأمر التصنيف الذي تعتمده أجهزتنا الأمنية،فهو نهج قديم مُورس علينا بمباركة جميع الحكومات السابقة، ولكن العتب (ليس على قدر المحبة) هو تبني هذه الأجهزة لنهج يقوم على زرع الفتنه بين أفراد العائلة والبيت الواحد وذلك من خلال تبرير عدم قبول تجنيده وتسبيبه بصلة القرابة التي تربطه مع ذلك الشخص الخطير.
عندما تقوم الأجهزة الأمنية بدور مثير للفتن من خلال معاقبة الأشخاص بمقدار علاقتهم وقربهم من أيّ شخص تصنفه معارضا،فأنها تكون بذلك قد دخلت مرحلة خطيرة بمحاربتهم بقوت يومهم وكأن الذي يعشق الوطن أصبح جاسوسا وعميلا، والسؤال الذي يلح هنا: هل يعامل جواسيس الصهاينة أو حتى أقربائهم بهذا المنطق وضمن هذا التصنيف وبهذه الإحاطة الأمنية؟
خلاصة الحالة:إذا لم يصفق المواطن لمسؤوله صباحا، وإذا لم ينحن أمام إلوهيته ظهرا،وإذا لم يحتضن أفكاره ويلتحفها ليلا ،يصبح وجميع عائلته مدانين وخطرين على الوطن وأمنه.
إن كانت هذه الأجهزة لا تعي خطورة ما تفعل فهذه كارثة كبرى، وإن كانت تعي فهي جريمة ومؤامرة على الوطن برمته،هذا التقسيم الذي يصنف المواطنين إلى صالحين وغير صالحين يؤدي إلى إحداث شرخ عميق في بناء المجتمع،ربما تعجز قوات الدرك على معالجته لاحقا.
تخوفي الأخير يعود إلى أنّ الملك أعلن تأييده لبعض حقوق المعلمين ويؤكد في خطاباته على الإصلاح ومحاربة الفساد، فهل ستضعه الأجهزة المعنيّة ضمن التصنيف السابق؟

raidazzam@yahoo.com