مجالس نيابية ديكورية


تعد البرلمانات في الدول الغربية من أبرز الجهات التي تمارس صلاحيات الرقابة على أداء الحكومات ومما يساعدها على إنجاز هذه المهمة بكفاءة أن هذه البرلمانات تتكون في مجملها من شخصيات وطنية ذات خبرة في العمل العام وعلى أتم الدراية بالواجبات المنوطة بالنائب والتي يسعى لتحقيقها خلال وجوده في البرلمان

فالنائب في الغرب ينظر إلى مهمته على أنها مهمة وطنية يكلفه بها أبناء الوطن لخدمة الأمة ككل وليست مجرد وجاهة أو تشريف للنائب أو المقاطعة أو الولاية الذي أفرزت هذا النائب أو ذاك ولذلك لا يألو النائب جهداً في تنفيذ مهمته على أكمل وجه

أما غالبية النواب لدينا فإنهم ينظرون إلى المجالس النيابية على أنها الطريق إلى الشرف والوجاهة وهناك من بينهم من ينظر إلى كرسي البرلمان على أنه الطريق للحصول على الحصانة البرلمانية ليمارس بعدها أعماله المشبوهة في ظل حماية من القضاء ومنهم من يسعى من خلال البرلمان إلى المناصب العليا في الدولة وبالطبع لا أحد ينكر وجود بعض الشخصيات الوطنية في مجلس النواب والتي تمثل بدورها كامل أبناء الوطن لكنهم من الندرة بمكان بحيث لا يشكلون كتلة لها وزنها في المجالس النيابية

فالمجالس النيابية في الأردن أصبحت عبارة عن ديكورات ومجسمات تنسب إلى الديمقراطية تعمل الحكومات من خلال تواجده على تقديم نفسها على أنها حكومات ديمقراطية بينما لا يخفى على أحد بأن هذه المجالس لا تمثل غالبية الشعب الأردني وهي تكاد تمثل طبقة واحدة من الشعب وهي الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال لا سيما الجدد منهم والذين أصبحوا من أصحاب الملايين والمليارات في غضون سنوات معدودة

لقد نجحت الحكومات الأردنية المتعاقبة في تحويل مجلس النواب إلى مجلس صوري لا يمارس أي رقابة حقيقية على أرض الواقع بحيث عملت الحكومة على حصر دور مجلس النواب في وجوب تمرير الأجندات الحكومية سواء أكانت الثقة بالحكومة أو الموازنة العامة للدولة أو حتى تلك التشريعات السياسية أو الاقتصادية والتي تمس حياة المواطن الأردني وتزيد من معاناة غالبية أبناء الشعب الأردني


بالطبع ما كانت هذه الحكومات لتنجح في تحويل دور مجلس النواب عن دوره الرقابي لولا الثقافة المجتمعية الخاطئة والتي ساهمت في وصول بعض الشخصيات إلى كرسي البرلمان فعندما ينتخب الناخب من يقدم له المال أو ذاك المرشح الذي ينتمي لعشيرته بغض النظر عن كفاءة منافسه فإنه في هذه الحال يساعد في وصول شخصيات ضعيفة وأخرى ذات طموحات شخصية وليست وطنية فتسخر كرسي البرلمان لتنفيذها دون النظر إلى مصلحة المواطن ولذلك الحل يبدأ من عند المواطن الذي يمارس العملية الانتخابية

أما بالنسبة للحكومات فعليها أن تدرك جيداً تلك التطورات السياسية الحاصلة في المنطقة وأسباب تلك التطورات فتسعى إلى تحقيق إصلاح سياسي حقيقي يتمثل بالوصول إلى مجلس نيابي يمثل الشعب بحق بعيداً كل البعد عن التزوير كما عليها أن تكف يدها عن حماية الفاسدين مستخدمة في ذلك مجلساً نيابياً لا يتمتع بأي ثقة في صفوف الشعب فالمواطن الأردني يتمتع بدرجة عالية من الوعي والثقافة بحيث يستطيع أن يحدد من المسؤول أو النائب الذي يخدم الوطن والأمة من ذاك الفاسد الذي باع مقدرات الوطن بثمن بخس ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات