موقف سياسي أردني هزيل


للأسف كان ومازال الموقف الأردني هزيلاً تجاه الأزمة السورية، بالتأكيد على جدية الحل السلمي الذي لم يكن مقنعاً قط، ولن يكون مقنعاً أبداً، لأن طريقة تعامل النظام السوري تفاقم من هذه الأزمة وتزيدها تدهوراً.
ففي حين تطورت المواقف السياسية بشكل جدي وقوي لدول الخليج والاتحاد الأوروبي وتركيا من خلال الدعوة للتهدئة ومن ثم تهميش النظام السوري ومن ثم طلب معاقبته ومن ثم مواصلة اللجوء لمجلس الأمن ومن ثم سحب السفراء ومن ثم الدعوة للتدخل العسكري ؛ يأتي الموقف الأردني ممثلاً بوزير الخارجية ناصر جودة وعباراته القديمة والعتيقة والمحفوظة عن ظهر قلب، ولا يعلم أن المواقف السياسية مرنة ومتغيرة بتغير الأحداث؛ فالأزمة في سوريا كانت في بدايتها تدعونا للتهدئة ووقف العنف والتشديد على الحوار، بحكم أن الأمر تحت السيطرة.
أما الآن فإن الموقف السياسي يتطلب حزماً أكثر، وخاصة أن النظام السوري قد قطع شوطاً في مرحلة اللاعودة ، فلا مجال لوجود نظام إرهابي هاجم شعبه وقتل منهم النساء والأطفال والشيوخ ، واغتصب وسرق ونهب وحرق الأخضر واليابس.
ويأتي الموقف الأردني السياسي هزيلاً، من خلال دعوته إلى ضرورة التمسك بالحل السلمي، وهذا الموقف يرضي النظام السوري لا الشعب السوري، وكأننا نسعى لإرضاء أشخاص أو رموز النظام السوري، وإعطاء مزيد من الوقت للسفك والذبح والنحر والاغتصاب، وكأننا نريد مزيداً من اللاجئين السوريين، وكأننا نريد استمرار حالة الضياع وعدم الاستقرار في المنطقة .
وقد يكون الموقف الأردني هزيلاً هنا؛ لعدة مؤشرات قد تكون ظاهرة للعيان: أولها : الخوف من التهديدات المبطنة من النظام السوري بضرب عمان والمنطقة برمتها، وثانيها: الخوف من تكثيف عمليات المخابرات السورية في الأردن وما يرافق ذلك من أعمال تخريب، وثالثها: الخوف من حرب أهلية تزيد من عدد اللاجئين السوريين، ورابعها: المرتزقة من الأردنيين الموالين للنظام السوري ممن اعتاشوا على المخصصات المالية التي تأتيهم من دمشق، حيث كانوا أبواقاً للنظام في الأردن بل وسعوا لانتقاد الملك حين طلب التنحي من الأسد، وخامسها: ضعف القيادات الأمنية في تقدير المواقف المستقبلية تجاه الأزمة السورية ووضع احتمالات عدة وليس فقط الحياد ومراقبة الوضع.
أقول لكم إن أعداد اللاجئين السوريين في تزايد مستمر باستمرار سفك الدماء من قبل نظام البعث المتوحش، ورفض الأردن لحل التدخل العسكري بهدف فرض مناطق عازلة لحماية اللاجئين؛ سيؤدي لتفاقم المشكلة في الأردن من خلال ازدياد اللاجئين الذين يتطلب وجودهم ضغطاً على الموارد والإمكانات . . . . نعم التدخل العسكري سيؤدي إلى حالة من الفوضى ترافق انهيار أي نظام سياسي وليس فقط النظام السوري كما حدث في: مصر و العراق وأفغانستان وإيران البهلوي وكل دول العالم التي انهارت فيها الأنظمة ؛ إذ رافقتها حالة الفوضى .
الساسة الأردنيون المتخوفون من الحرب الأهلية في سوريا ، أود أن أصارحهم بأنها مشتعلة الآن بين جيش علوي وشعب سوري: مسلم سني وكردي ومسيحي، ولن تنتهي إلا بسقوط النظام السوري الذي أعاد سوريا إلى العصر الحجري، ونحن نعيد موفقاً سياسياً مستهلكاً. . . أقول سيسقط الأسد عاجلاً أم آجلاً ، ولكن سوريا بلد جار عزيز على قلوبنا ولذا كان يجب أن يكون الموقف السياسي على قدر محبتنا للشعب السوري .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات