غريب أمر هذا القرضاوي الذي بدأ حياته واعظا مدرسا ومناضلا في صفوف الحركة الإسلامية ، وتعرض للحبس عدة مرات في عهد عبدالناصر لما قيل أنه كان همزة الوصل بين الإخوان وبريطانيا في التحضير للانقلاب على عبدالناصر ، ورفض لأكثر من مره تولي موقع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ، لكنه وبانتقاله إلى العمل والهجرة إلى دولة قطر تبدلت " عقيدة " الرجل تمشيا مع تغير الظروف السياسية في قطر وانقلاب الأبن على أبيه ، فبدأت قطر تكشف عن الدور المناط بها حيال العديد من المهام " القذرة " تجاه دول الإقليم التي تشكل قلقا للكيان الصهيوني ، فأعلنت تلك الدويلة دعمها للمشروع الأمريكي في المنطقة ، فقدمت الدعم اللوجستي والمالي والإعلامي والعسكري المتفان لمساندة الحرب على العراق والعمل على تقسيم تلك الدولة بعد سقوط صدام ، تلك البداية كانت بمثابة عربون الوفاء للمشروع الأمريكي – الإسرائيلي لتقسيم البلاد العربية خدمة للمشروع الصهيوني التوسعي ، وانطلقت بعد ذلك بعد أن حظيت برضا أمريكي وإسرائيلي للتآمر على البحرين ودعم الحركات المعارضة للنظام بالاتفاق مع إيران ، ودعمها الخفي لبعض حراكات التمرد في السعودية منذ أكثر من عامين بهدف كسب الدولة الفارسية ، وهاهي تقدم وبشكل مستغرب دعمها ومساندتها للمشروع الأمريكي رقم 2 من أجل تنفيذ المشروع لإسقاط النظام السوري وتقسيم البلاد على غرار ما جرى في العراق ، ويبدو أن تغيير النظام في مصر وما أحدثته ثورة الشباب هناك قد فتح شهية قطر لاستكمال دورها في دعم المؤامرة على مصر سعيا وراء تقسيمها إن تمكنت من الدخول إليها عبر مفتاح الحركات الإسلامية التي تساندها قطر بشكل ملفت للنظر.
كل تلك المؤامرات وعمليات القتل والتقسيم ببلاد العرب لم يحرك شفاه مفتي الفضائيات يوسف القرضاوي لرفض أو إدانة التدخل في العراق او البحرين أو الشام من قبل سادته في قطر ، وهاهو يفتي مباشرة في اليوم التالي لانتخابات الرئاسة المصرية بعدم جواز انتخاب احمد شفيق لمنصب رئيس الجمهورية واعتبار إسقاطه واجبا شرعيا وفرض عين على كل مسلم ومسلمه !! بهدف تمرير الصوت المصري إلى منافسه مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي ليسهل على قطر العودة إلى القاهرة والتلاعب بالكيانات هناك عبر المشروع ألإخواني بالتعاون و التآمر مع إيران وإسرائيل بغية تقسيمها واستكمال مخطط أخر من مخططات المشروع الأمريكي – الإسرائيلي في المنطقة ، ولا أدري أين فتاوى الرجل في مجال المشاريع العملاقة للمال العربي القطري في إسرائيل ، وخاصة منها مشروع تصنيع السلاح ! وأين فتاويه من تملك أمراء قطر لقصور وأراض في الدولة العبرية ودعم اقتصادهم ! وأين فتاوى تحريم الإسراف وحرق المال في مشاريع ترف تقيمها قطر في أرجاء العالم !! لذلك فأن فوز احمد شفيق في رئاسة الجمهورية المصرية سيمنع لا محالة تمرير تلك المؤامرة ، وستجد قطر نفسها كما السابق دويلة لا حول لها ولا قوة أمام قوة مصر برجلها القوي ، ولكن في حال نجاح الإسلاميين في مصر ، فأن ذلك لا بد سيفتح المجال واسعا أمام مخططات صهيونية وإيرانية وأمريكية لضرب تلك الدولة الأقوى في المنطقة والسعي لاحقا لتقسيمها بين مسلمين وأقباط ، وقوميات أخرى كالنوبيين وصولا الى البحر الأحمر مع قبائل البربر الممتدة من المغرب العربي خدمة للمشروع الغربي، وبمساهمة ودعم لوجستي ومالي وإعلامي ضخم من قبل قطر ، فبرزن فتوى القرضاوي حتى قبل شهر من الانتخابات للدورة الثانية وتعلن خوفها من فوز احمد شفبق " لتحرم " انتخاب الرجل واعتبار أن إسقاطه بات واجبا شرعيا !!! بالرغم من أن شفبق لم يكن من ضمن قوائم الحكم الفاسدين او العابثين بمقدرات الوطن ، ولم يستغل كل المناصب التي تولاها لغايات تحقيق مصالح شخصية ، وتروي زوجة شفبق عزة عبد الفتاح التي توفيت قبل شهر ، وهي شقيقة رأفت الجمال المشهور برأفت الهجان ، الجاسوس المصري الذي اخترق المخابرات الإسرائيلية لسنوات عده كيف كان احمد شفيق يروي بفخر لابنتيه قصص بطولات " خالهم "التي كان يعتز بها ، ومن ثم يخرج علينا القرضاوي بفتوى تحريم انتخاب من كان يروي لأطفاله قصص البطولات العظيمة لشباب مصر في صراعها مع إسرائيل .
إن مما ابتليت به الأمة في هذه الأزمان؛ ظهور أقوام لبسوا رداء العلم ، فمسخوا الشريعة باسم "التجديد"، ويسروا أسباب الفساد باسم "فقه التيسير"، وفتحوا أبواب الرذيلة باسم "الاجتهاد"، وهونوا من السنن باسم "فقه الأولويات"، ووالوا الكفار باسم "تحسين صورة الإسلام ، وأخرها ما قاله حول اليهود على برنامج الشريعة والحياه الذي تبثه فضائية الجزيرة والذي قلب فيه كل معتقد وكل راسخ لدينا في عقيدتنا بالقول إن العداوة بيننا وبين اليهود من أجل الأرض فقط لا من أجل الدين ، وقرر أن قوله تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}؛ أن هذا بالنسبة للوضع الذي كان أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وليس الآن !! وأن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية طائراتها التي تنطلق من الأراضي القطرية لقصف العراق وتدمير بلد مسلم على أنه اتفاق بين دولتين لابد من احترامه إذا كان فيه مصلحة للدولة ! ومن هنا فلا عجب أن يستخدم الدين في خدمة الدولة القطرية وأهدافها لدعم المشروع الأمريكي في المنطقة ، ويخرج بفتوى تحريم انتخاب شفبق أو غيره من الذين كانت قطر ولا تزال تخشى وصولهم للسلطة ، لأنهم لن يسمحوا لها بالعبث واللعب في بلادهم .
لا مصلحة إذا لشعب مصر في انتخاب رئيس ضعيف تحركه أصابع خارجية في الدوحة أو تل أبيب او طهران ، فالمؤامرة على مصر قادمة ، وما فتاوى القرضاوي إلا جزءا من التمهيد ، ولكنها تنتظر " الميسر " لها من الداخل ، حيث وجدت قطر في مرشح الإخوان محمد مرسي مبتغاها ومفتاحها في بدء تنفيذ مخطط التآمر والتقسيم بعد أن تقدم له كل الدعم والمساندة التي يحتاجها للوصول إلى الرئاسة والتي كان من بينها فتوى القرضاوي ، وعلى شعب مصر التنبه لتلك أللعبه وعدم الانجرار وراء فتاوى البترودولار التي تنطلق من قطر أو غيرها لتبرير المؤامرات على البلاد العربية وتقسيمها، وهو المشروع الذي فكر به اليهود وسانده الأمريكان وهيأت له قطر وإيران وغيرها من دول النفط ،ويمكن القول ان شعب مصر قادر على إسقاط احمد شفيق لو خرج عن مسار الثورة وأهدافها ، ولكنهم لن يتمكنوا من إسقاط رجل الإخوان المدعوم بفتاوى تحريم الانقلاب عليه باعتبار ان الخروج عليه هو خروج على الدين ويجب مقاومته بعنف حتى لو وصل الأمر إلى حد تقسيم مصر .