أزمة ثقة


ليست ازمة حكم او حكومات وانما ازمة ثقة بسبب الفساد.

إنّ المراقب للأوضاع في الأردن يحتار في المسبّبات والنتائج وواقع الحال نظرا لتشابك الأمور مع بعضها وكأنّ المُستفيد هو غير من هم في المعادلة مباشرة وطبعا المستفيد ليس من اغلبيّة الشعب الصامتة أو المغلوب على امرها وانما هو ذلك الطرف الذي يخطط على الارض ويعدّل من تخطيطه حسب واقع الحال .
وهي ليست ازمة حكم لأن النظام يستمدّ شرعيّته وإستمراريّته من المرجعيّة الشرعيّة له أوّلا ومن شعبيّته الجامعة ثانيا ومن إنجازاته على مرّْ السنين منذ تأسيس المملكة وحتّى الآن .
وهي ليست أزمة حكومات لأنه في أخر سنة شُكّلت اربع حكومات ولم تستطع عمل شيئ علما أن إثنتان منها وُصفت شعبيا بالفاسدة وواحدة لاقت إستحسانا شعبيا ورابعة على المحك الآن وتلاقي معارضة في الشارع حاليا لذلك لم وقد لن يُجدي تغيير الحكومات كل فترة خاصّة ان طريقة التشكيل يشوبها الكثير من الإنتقاد من مختلف شرائح المجتمع خاصّة المثقّفين منهم .
لاشكّ أنّ هناك قوى خارجيّة تُريد لهذا البلد عدم الإستقرار وان يبقى في حالة عدم وضوح في الموقف وأولى هذه القوى اسرائيل تليها امريكا فلهاتين الدولتين مآرب شرّيرة وهناك دولا عربيّة وغير عربيّة لا تريد الخير للأردن حقدا او حسدا او جهلا ومعظم ذلك قد يكون له علاقة بالقضيّة الفلسطينيّة ووسائل حلّها والشكل النهائي لمنطقة الشرق الأوسط الكبير والجديد .
ولكن الخطر الآكبر في الحالة التي نعيشها في الاردن هي بسبب عدم الثقة بين جميع اطراف المعادلة وهي الشعب والحكومة والديوان الملكي والمخابرات والأحزاب وإنّ هذه العدميّة للثقة لها مُحرّك واحد وهم الفاسدون فهم الدينامو الذي يتحرّك بفعل تحقيق الحماية لمصالحهم التي تتهدّدها وترفضها جميع اطراف المعادلة السابق ذكرهم وهذه التحركات للفاسدين تصبّ في بوتقة واحدة سواء نسّق الفاسدون مع بعضهم ام لم يفعلوا خاصّة ان عدد هؤلاء قد زاد كثيرا وتشعبّت مصالحهم وقوّتهم لتشمل كافة الشرائح والفعاليّات في المجتمع الاردني .وإنّ الخطر الحقيقي يأتي من هذه الفئة في المجتمع ومن عدم الثقة التي زرعوها في جميع اطراف المعادلة وأصبح من الصعب تغييرها واستبدالها بسهولة لإعادة الثقة والصدق في التعامل بين تلك الأطراف وزعزعة تلك الثقة أثرت سلبا على عمليّات التنمية المستدامة حيث تغيّرت الأولويّات لدى فئات المجتمع المختلفة وباتت لقمة الخبز ووقود الصوبّة والكهرباء عند الغلابى هي الأهم بينما باتت الدخول والرواتب هي الأهم لدى الموظّف والعلاوات والحوافز هي الأهم عند النوّاب والفئات العليا
والأمن والاستقرار له الأولويّة لدى الأجهزة الأمنيّة بينما موظّفوا الديوان تفرّغوا للمكرمات الملكيّة وزيارات جلالة الملك للحواضر والبوادي والعشائر والمخيّمات لإدامة التواصل وتلبية للرغبة الملكيّة بإطّلاعه على حال الشعب على الطبيعة بينما بقيّة موظّفي الديوان يُرتّبوا بعض الشؤن السياسيّة والإداريّة في المملكة .
وهكذا تشتّت الأهداف والإهتمامات وقبل ان يضيع صوت العقل وحكمة الرأي يجب ان يكون هناك إتّفاق بين جميع الأطراف على الوقوف صفّا واحدا في الخطر الداهم فإذا إستمرّت عدم الثقة معشعشة في النفوس سيكون جميع الأطراف خسارى والمستفيد الوحيد هم الفاسدون على المستوى الداخلي واسرائيل على المستوى الخارجي .
وقبل ان تضيع الاهداف وتموت الضمائر وتتوه البوصلة وتتلاطم الامواج تعالوا بنا إلى سواء السبيل وهذا لا يعني ضياع الحقوق أو التسليم للفاسدين وإنما هي دعوة لمن لم تُلوّثهم الأطماع والفلوس الحرام ولم تمتد ايديهم إلى حقوق البشر وهم في بلدي كثر كثر بحمد الله تعالوا لنكون يدا واحدة على المعتدي الداخلي والطامع الخارجي لنحمي انفسنا ووطننا منهم لتبقى راية العزْ الاردنيّة خفاقة والاردن يرفل باثواب الازدهار بقيادته الهاشميّة الحكيمة .
أحمد محمود سعيد
12/5/2012



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات