أبو الفتح الإسكندري ومجلس النواب الأردني


إن المتدبر للأدب العربي العريق ، يلفت انتباهه أسلوب الهمذاني المعروف بمقاماته الرائعة ، ذلك الأسلوب الذي أصبح إنموذجاً يحتذى في كتابة المقامة إلى يومنا هذا ، فقد سار على نهجه ، واقتفى أثره الكثير على طريق الإبداع والتميز ؛ أما مجلس نوابنا الأردني فقد تجاوز أعضاؤه عن التأثر بأسلوبه الخلاّب الرائع في جماليات النقد الاجتماعي ، وفنون الشحاذة الأدبية إلى التأثر ببطل مقامات الهمذاني ( أبي الفتح الإسكندري ) في قدرته على التحايل على الآخرين ، واختراع أغرب الوسائل المقنعة للحصول على ما يشبع به رغباته . . . .
فها هو مجلس النواب الحالي يحاكي أبا الفتح في تعامله مع الحكومات المتعاقبة ، ويعمل بالطريقة ذاتها . . . مجلس يماطل الحكومة من حيث إنه يرفض أو يؤخر القوانين ، التي تمثل مصلحة وطنية ، وتعاكس تيار مصالح أعضائه . . . مجلس يشرّع أو يسرّع القوانين التي تتواءم ومصالح أعضائه الشخصية ، يسعى جاهداً بكل ما أوتي من قوة للحصول على أكبر المكتسبات غير مهتمّ بموازنة للدولة ، أو مصلحة عامة تخدم طبقات كادحة لا تملك إلاّ الصبر ورباطة الجأش وما تبقى له من كرامة . . . مجلس يتستر على الفساد ، ويعلي من شأن الفاسدين والمفسدين ، ويعمل تلبيةً لأهواء الكثير من أعضائه . . . مجلس لا همّ له إلاّ تضخّم حسابات أفراده ، ولا يقلقه أو يشغل تفكيره تضخّم الموازنة وتوسّع جيوب الفقر . . . مجلس يساوم الحكومات قبل إقرار القوانين أو سنّها .
مجلس نيابيّ بهذه المواصفات بمَ يختلف عن أبي الفتح الإسكندري ؟ ! هل ثمّة فرق بين قصص المجلس مع الحكومات الأردنية عن مقامات الهمذاني ؟! علامات استفهام كثيرة ، وعلامات تعجب عديدة ترتسم فوق واقع مؤلم نحتاج فيه إلى صاحب ذوق أدبي رفيع ، ذي قلم مبدع ، وحس مرهف ، يملك أدوات الكتابة . . . ألا يولد من رحم هذا الوطن المعطاء همذانيّ جديد ؛ ليطرز أغرب وأحدث مقامة في العصر الحديث ويعنونها : ( المقامة النيابية الأردنية ) بطلها مجلس النواب ، وراويها الحكومة الأردنية ؟؟؟؟!!!!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات