تجربتي مع الأحزاب
كمواطن أردني فان كلمة حزب تعتبر من الكلمات المحرمة محليا, فانا خريج العراق سنة 1986م, وعند عودتنا إلى الأردن في كل عام كنا نصطف على باب غرفة المخابرات على الحدود ويتم استجوابنا هل أنت منتم إلى الحزب, هل تذهب إلى مبنى اتحاد الطلبة, ما هي النشاطات الحزبية التي تمارسها, ويتم حجز جوازات سفر بعضنا ويقال لنا بكل بساطة راجع الدائرة, مع العلم كنا ندرس على حساب التبادل الثقافي, وبعدها التحقت بالجيش لأداء خدمة العلم, وأيضا تم استدعائي من قبل المخابرات وتم توجيه نفس الأسئلة, ولحسن حظي عدت إلى العراق عام 1997م, لدراسة الماجستير, وتكررت معي التجربة مرة أخرى, ولكن برتم اقل كوني كنت موظف حكومي, وتكررت التجربة للمرة الثالثة عند دراسة الدكتوراه, فكان قدري أن اذهب إلى سوريا هذه المرة, ولكن هذه المرة كان خوفنا من سوريا, مكثت فيها 3 سنوات ولم أناقش أي موضوع سياسي أو اقتصادي مع أي طالب وكان هدفي الانتهاء من دراستي والعودة إلى بلدي, والحمد لله أنجزت مهمتي وعدت دون أي مشاكل أو منغصات.
تم دعوتي لحضور اجتماع لأحد الأحزاب الأردنية ، وكانت فحوى الدعوة أن هذا الحزب ليس لشخص واحد أو لفئة واحدة أو لطبقة اجتماعية واحدة أو مناطقية واحدة ، بل هو لكل الأردن شعبا وأرضا, في البداية كنت مترددا في الذهاب ولكن بعد إلحاح من قبل الأصدقاء ذهبت, وللأسف الشديد انتسبت إلى الحزب, وهنا كانت المفاجئة, فخلال مسيرتي مع الحزب انصدمت بمسيرة الحزب وكانت لي محطات من خلالها اقتنعت بان غالبية الأحزاب الأردنية تعيش مرحلة الطفولة الحزبية ولم تصل إلى مرحلة المراهقة, واهم هذه المحطات هي:
1- وجهت الدعوة لحضور اجتماع مع احد أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي في احد فنادق عمان ذات الخمس نجوم, بدأ المحاضر بطرح مسيرة حزبه وكيف يستطيع هذا الحزب تنمية مسيرة حزبنا الأردني بالوصول إلى مختلف الشرائح الأردنية, متناسيا أن للأردن خصوصية اجتماعية ودينية واقتصادية وديمغرافية تختلف عما هو عليه الحال في أمريكا, ومن خلال الطرح تبين أن هذا المحاضر متلقي تدريبه النفسي والتقني من خلال جهاز أل CIA , وللأسف لم يعترض احد من الحضور على الطرح, فطرحت عليه سؤال وكان كالأتي: هل الديمقراطية التي تنشدون نشرها في الأردن تشبه الديمقراطية التي تم نشرها في العراق؟ وهل انتم مهتمين فعلا ليصبح الأردن بلدا ديمقراطيا؟ وما هو المردود المادي الذي سيعود عليكم من نشر هذه الديمقراطية؟ طبعا وكالعادة كان هناك معترضين على طرحي, ولكن وللأمانة كان المحاضر أكثر تفهما من أعضاء الحزب الأردني, وبدأ بالإجابة وكعادة الدبلوماسيين لم يعطي جواب واضح وصريح, وكانت الطامة عند الانتهاء من المحاضرة وإذا بعدد من الأشخاص يدخلون إلى القاعة وعند التعريف بهم تبين أنهم أعضاء المكتب السياسي للحزب كان حضورهم لتناول طعام الغداء فقط.
2- تم الاتصال مع أمين سر الحزب لترتيب لقاء لعدد من الأعضاء مع أمين عام الحزب لطرح بعض الأفكار التي تخدم مسيرة الحزب ولغاية ألان لم يتم ترتيب اللقاء, نحن أعضاء الحزب ويمتنع عن مقابلتنا فكيف سيتصرف لو كنا من عامة الشعب, وكيف سيقابلنا لو أصبح ذو منصب رفيع في البلد, مع العلم أن الأمين المطلوب مقابلته تم تغيره في الانتخابات الأخيرة.
3- اتصلت بنا سكرتيرة الحزب فرع عمان تدعونا لانتخابات الفرع, وعند الذهاب كان عدد الحضور 18 شخصا, وعدد المترشحين من ضمن الحضور وعددهم 5 , وعليه يكون عدد الذين سيقومون بالانتخاب 13 عضوا, طرحت سؤال بريء أين بقية الأعضاء؟ الجواب: وكلّوا بعض الموجودين للانتخاب عنهم, عدد الأعضاء أكثر من 300 شخص يوكلّوا 6 أعضاء للانتخاب عنهم, ما هذه المهزلة؟ عندها طلبت ورقة وتقدمت باستقالتي من هذا الحزب.
4- من المفارقات العجيبة في هذا الحزب أن انتخابات احد الفروع كان جميع الأعضاء الناجحين من عشيرة واحد, سالت سؤال بريء أيضا هل هي انتخابات حزبية أم انتخابات ديوان عشيرة.
من هنا اتسائل لماذا تقوم الحكومة بالتشاور مع هذه الأحزاب حول قانون الانتخابات المنوي ترويجه في الشارع الأردني؟ وغالبية هذه الأحزاب تنتظر بفارغ الصبر كل عام موعد المنحة الحكومية حتى تسدد إيجار مقراتها, ودفع مستحقات المراسل الغلبان الذي يقوم على تنظيف بقايا تعليلاتهم في دكاكينهم الحزبية, وبعض هذه الأحزاب اندثرت في مسقط رأسها وما زال بعض المنظرين من أعضائها يتغنون بأمجاد الماضي وكأنهم نشروا العدل والمساواة في مجتمعاتهم, حتى الأحزاب المنظمة في الأردن لماذا لا تطلع الشارع الأردني على برامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, أليس الأولى بالحكومة أن تتشاور مع الشارع الأردني والذي يمثل الغالبية الصامتة من أبناء هذا الوطن؟
فمتى سنصل إلى انتخابات برلمانية حزبية حقيقية في الأردن, ويكون عندنا كما في الدول الديمقراطية حزبين رئيسيين يتنافسان فيما بينهما من يقدم للوطن والمواطن جل اهتمامه, ولا يكون هدفه الركوب والوصول على ظهر المواطن, ولماذا لان الشعب لا يفقه بالسياسة والاقتصاد شيء, ويريد من ينوب عنه في حل مشاكله, متى سنصل إلى ديمقراطية الغرب؟ فهذا السؤال انتظر الإجابة عنه منذ عام 2000م.
كمواطن أردني فان كلمة حزب تعتبر من الكلمات المحرمة محليا, فانا خريج العراق سنة 1986م, وعند عودتنا إلى الأردن في كل عام كنا نصطف على باب غرفة المخابرات على الحدود ويتم استجوابنا هل أنت منتم إلى الحزب, هل تذهب إلى مبنى اتحاد الطلبة, ما هي النشاطات الحزبية التي تمارسها, ويتم حجز جوازات سفر بعضنا ويقال لنا بكل بساطة راجع الدائرة, مع العلم كنا ندرس على حساب التبادل الثقافي, وبعدها التحقت بالجيش لأداء خدمة العلم, وأيضا تم استدعائي من قبل المخابرات وتم توجيه نفس الأسئلة, ولحسن حظي عدت إلى العراق عام 1997م, لدراسة الماجستير, وتكررت معي التجربة مرة أخرى, ولكن برتم اقل كوني كنت موظف حكومي, وتكررت التجربة للمرة الثالثة عند دراسة الدكتوراه, فكان قدري أن اذهب إلى سوريا هذه المرة, ولكن هذه المرة كان خوفنا من سوريا, مكثت فيها 3 سنوات ولم أناقش أي موضوع سياسي أو اقتصادي مع أي طالب وكان هدفي الانتهاء من دراستي والعودة إلى بلدي, والحمد لله أنجزت مهمتي وعدت دون أي مشاكل أو منغصات.
تم دعوتي لحضور اجتماع لأحد الأحزاب الأردنية ، وكانت فحوى الدعوة أن هذا الحزب ليس لشخص واحد أو لفئة واحدة أو لطبقة اجتماعية واحدة أو مناطقية واحدة ، بل هو لكل الأردن شعبا وأرضا, في البداية كنت مترددا في الذهاب ولكن بعد إلحاح من قبل الأصدقاء ذهبت, وللأسف الشديد انتسبت إلى الحزب, وهنا كانت المفاجئة, فخلال مسيرتي مع الحزب انصدمت بمسيرة الحزب وكانت لي محطات من خلالها اقتنعت بان غالبية الأحزاب الأردنية تعيش مرحلة الطفولة الحزبية ولم تصل إلى مرحلة المراهقة, واهم هذه المحطات هي:
1- وجهت الدعوة لحضور اجتماع مع احد أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي في احد فنادق عمان ذات الخمس نجوم, بدأ المحاضر بطرح مسيرة حزبه وكيف يستطيع هذا الحزب تنمية مسيرة حزبنا الأردني بالوصول إلى مختلف الشرائح الأردنية, متناسيا أن للأردن خصوصية اجتماعية ودينية واقتصادية وديمغرافية تختلف عما هو عليه الحال في أمريكا, ومن خلال الطرح تبين أن هذا المحاضر متلقي تدريبه النفسي والتقني من خلال جهاز أل CIA , وللأسف لم يعترض احد من الحضور على الطرح, فطرحت عليه سؤال وكان كالأتي: هل الديمقراطية التي تنشدون نشرها في الأردن تشبه الديمقراطية التي تم نشرها في العراق؟ وهل انتم مهتمين فعلا ليصبح الأردن بلدا ديمقراطيا؟ وما هو المردود المادي الذي سيعود عليكم من نشر هذه الديمقراطية؟ طبعا وكالعادة كان هناك معترضين على طرحي, ولكن وللأمانة كان المحاضر أكثر تفهما من أعضاء الحزب الأردني, وبدأ بالإجابة وكعادة الدبلوماسيين لم يعطي جواب واضح وصريح, وكانت الطامة عند الانتهاء من المحاضرة وإذا بعدد من الأشخاص يدخلون إلى القاعة وعند التعريف بهم تبين أنهم أعضاء المكتب السياسي للحزب كان حضورهم لتناول طعام الغداء فقط.
2- تم الاتصال مع أمين سر الحزب لترتيب لقاء لعدد من الأعضاء مع أمين عام الحزب لطرح بعض الأفكار التي تخدم مسيرة الحزب ولغاية ألان لم يتم ترتيب اللقاء, نحن أعضاء الحزب ويمتنع عن مقابلتنا فكيف سيتصرف لو كنا من عامة الشعب, وكيف سيقابلنا لو أصبح ذو منصب رفيع في البلد, مع العلم أن الأمين المطلوب مقابلته تم تغيره في الانتخابات الأخيرة.
3- اتصلت بنا سكرتيرة الحزب فرع عمان تدعونا لانتخابات الفرع, وعند الذهاب كان عدد الحضور 18 شخصا, وعدد المترشحين من ضمن الحضور وعددهم 5 , وعليه يكون عدد الذين سيقومون بالانتخاب 13 عضوا, طرحت سؤال بريء أين بقية الأعضاء؟ الجواب: وكلّوا بعض الموجودين للانتخاب عنهم, عدد الأعضاء أكثر من 300 شخص يوكلّوا 6 أعضاء للانتخاب عنهم, ما هذه المهزلة؟ عندها طلبت ورقة وتقدمت باستقالتي من هذا الحزب.
4- من المفارقات العجيبة في هذا الحزب أن انتخابات احد الفروع كان جميع الأعضاء الناجحين من عشيرة واحد, سالت سؤال بريء أيضا هل هي انتخابات حزبية أم انتخابات ديوان عشيرة.
من هنا اتسائل لماذا تقوم الحكومة بالتشاور مع هذه الأحزاب حول قانون الانتخابات المنوي ترويجه في الشارع الأردني؟ وغالبية هذه الأحزاب تنتظر بفارغ الصبر كل عام موعد المنحة الحكومية حتى تسدد إيجار مقراتها, ودفع مستحقات المراسل الغلبان الذي يقوم على تنظيف بقايا تعليلاتهم في دكاكينهم الحزبية, وبعض هذه الأحزاب اندثرت في مسقط رأسها وما زال بعض المنظرين من أعضائها يتغنون بأمجاد الماضي وكأنهم نشروا العدل والمساواة في مجتمعاتهم, حتى الأحزاب المنظمة في الأردن لماذا لا تطلع الشارع الأردني على برامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, أليس الأولى بالحكومة أن تتشاور مع الشارع الأردني والذي يمثل الغالبية الصامتة من أبناء هذا الوطن؟
فمتى سنصل إلى انتخابات برلمانية حزبية حقيقية في الأردن, ويكون عندنا كما في الدول الديمقراطية حزبين رئيسيين يتنافسان فيما بينهما من يقدم للوطن والمواطن جل اهتمامه, ولا يكون هدفه الركوب والوصول على ظهر المواطن, ولماذا لان الشعب لا يفقه بالسياسة والاقتصاد شيء, ويريد من ينوب عنه في حل مشاكله, متى سنصل إلى ديمقراطية الغرب؟ فهذا السؤال انتظر الإجابة عنه منذ عام 2000م.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |