تقرير: الحريات الصحفية في الاردن قفزة الى الوراء

نضال منصور يتحدث في المؤتمر

جراسا -

خاص - نور ابوحميد- انتهاكات واعتداءات ومضايقات وضغود رغم ارتفاع الاسقف هذا هو حال الصحفيين والاعلاميين في الاردن خلال عام 2011 وفق ما اورده مركز حماية وحرية الصحفيين في تقريره السنوي بمناسة اليوم العالمي لحريات الصحفية والذي يصدره المركز للسنة العاشرة على التوالي .

تقرير هذا العام حمل في طياته وضعا مأساويا للصحافة في الاردن واكثر من 106 انتهاكات حصلت للصحفيين اثناء تغطيتهم للاحداث .

وبالرغم مما سبق الا ان التقرير تحدث كذلك عن قفزات نوعية وتخطي حدود وحواجز كانت توصف بالمحرمات على الصحفيين كالاجهزة الامنية والحكومات واحيانا الديوان الملكي وفق ما قاله نضال منصور مدير المركز .

وشمل التقرير عينة من 500 اعلامي ودار حول ثلاث محاور الاول استطلاع لاراء العينة المستطلعة اراؤها حول الحريات الصحفقية وتعاطي الحكومة معها .

المحور الثاني تحدث عن انتهاكات حصلت مع الصحفيين خاصة في اماكن تغطية الاحداث كالداخلية والمفرق وساحة النخيل ومسيرة يوم العودة والتي تم الاعتداء فيها على صحفيين بشكل جماعي اضافة الى اعتداءات اخرى كالضغط والاحتواء الناعم او الخشن.

المحور الثالث والاخير في التقرير يدور حول دراسة بعنوان "الاعلام الاردني في زمن الثورات والحراك الشعبي".

نضال منصور مدير المركز تحدث في مؤتمر صحفي صباح اليوم للاعلان عن نتائج التقرير واكد ان الاعلام الالكتروني خلال العام الماضي مس ما كان يسمى محرمات اضافة الى انه تخلص من حجم الرقابة المسبقة او الذاتية للصحفيين.

واكد منصور ان الحكومات لا تؤمن بحرية الاعلام وانها تعاطت مع الحرية بسلبية من خلال الاعتداء و الاعتقال والاحتواء مشيرا الى حالة الاعلامي جمال المحتسب والموقوف من قبل محكمة امن الدولة مضيفا ان توقيفه شوه صورة الحرايات في الاردن وشوه الاحتفال بيوم الحريات الصحفية.

وقال منصور ان تقرير 2010 جاء بعنوان على الحافة وتقرير هذا العام بعنوان سقطنا عن الحافة من خلال ما اسماه الافلات من العقوبة حيث ان جميع الانتهاكات بحق الاعلامين لم يحاكم ولو واحد من مرتكبيها في اشارة الى تراجع مؤشر الحريات في الاردن  .

وقال منصور ان المكون الرئيسي للاعلام كان خلال العام الماضي هو الثورات والاحتجاجات او الحراك الشعبي والاردن تاثر بتلك الثورات او ما يعرف بالربيع العربي وهو ليس استثاء عن باقي دول المنطقة موضحا ان هامش الحريات ارتفع نسبيا بسبب تلك الثورات .

وخلال المؤتمر قدمت الزميلة سحر المحتسب والمتهمة في ذات القضية مع الصحفي جمال المحتسب مداخلة تحدثت فيها عن الملابسات التي حصلت معها في القضية رافضة كافة اشكال العرقلة للصحفيين ومنعهم من اداء دورهم .

وتاليا نص ملخص التقرير :

 

تقرير

حالة الحريات الإعلامية في الأردن

2011

 

 

"الإفلات من العقاب"

 

 

 

 

 

 

الملخص التنفيذي

توطئة

الحرية تحت وطأة الهراوات

 

§        نضـال منصـور

الرئيس التنفيذي

على وقع الثورات في العالم العربي، والاحتجاجات في الشارع الأردني كان المشهد الإعلامي يُصنع، وفي لحظات الغضب والرفض والمطالبة بالتغيير كانت تتشكل صورة جديدة لم تُعهد لإعلام خارج سياق المعادلات القديمة، ونمت حرية على ضفاف الوجع لم يكن من الممكن إسكاتها أو مصادرتها.

 

الأردن لم يكن استثناء في عالم عربي جديد، بأبجديته، وطقوسه، وهامته، وإن كانت تفاصيله وفسيفسائه مختلفة.

 

كنا على الحافة، وعلى مفترق طرق، وكانت أمامنا فرصة تاريخية لننجو من السقوط، ونصنع تاريخاً لمصالحة مع المستقبل، أولى حروفها الحرية، وليس آخرها الانعتاق من الاستبداد.

 

لم نلتقط هذه اللحظة، ولم ننجح في الإفلات من صورة نمطية لدولة تقمع الحريات وتصادرها.

 

لم نتعلم من فشل العقود الماضية، ولم تنتشلنا أصوات المحتجين الهادرة من السقوط، فأضعنا فرصة تاريخية ربما لا تتكرر.

 

عام 2011 كان الفرصة الأخيرة، والملاذ الأخير، والحلم الأخير بأن نخرج من عنق الزجاجة، كل الظروف كانت مهيأة لنفعل ذلك، لم نكن نحتاج معجزة لنقفز إلى درب الحرية.

 

فالناس تمردوا على عباءتهم القديمة، صنعوا إعلامهم الذين ينبض بشوقهم ومعاناتهم وأحلامهم.

 

كنا على مرمى حجر من مستقبل جديد، نتباهى فيه أننا مختلفين، وأننا لا نسوق الناس إلى الجنة بالسلاسل، وأننا نملك بوصلة الحرية والتغيير والإصلاح، وأننا اخترنا بملء إرادتنا هذا الدرب، ومع ذلك أخفقنا وتعثرنا طوعاً أو قسراً، والنتيجة واحدة، بقينا نتذيل قائمة الحريات الإعلامية.

 

تستحق تجربة عام 2011 أن تدرس، وأن نبحر في تفاصيلها، فلقد تغيرنا كثيراً وهذا ما يجب أن نعترف به ونقره، ورغم ذلك لم ننجح في القفز إلى ركاب الدول الحاضنة للحريات الصحفية.

 

لغز يحتاج إلى تفسير، وطريق تحتاج إلى مراجعة، وأسئلة تحتاج إلى إجابات.

 

ماذا حدث، لماذا عدنا إلى الوراء، كيف نعود خطوات والصحفيون ينتزعون حريتهم، وقودهم صيحات المحتجين وتضحياتهم وتوقهم لحرية ظلت كامنة في صدورهم؟!.

 

كيف نوسم بدولة إعلامها غير حر، وكل التابوهات والخطوط الحمراء سقطت أو كادت، والسماء عندنا أصبحت مفتوحة لإعلام لا تحكمه الحكومات، ولا تصنع أخباره أجهزة الأمن، وما يعجز الإعلاميون عن روايته يتكفل الناس بقوله صراحة ودون مواربة؟.

 

صحيح أننا أنجزنا تقدماً، ومؤشرات استطلاع حالة الحريات الإعلامية في هذا التقرير تكشف ذلك، فالرقابة الذاتية تراجعت ولأول مرة منذ سنوات، ورضى الإعلاميون عن المشهد الصحفي أفضل، والصورة السوداوية انحسرت، وممارسة الصحفيين لحريتهم كانت أكثر جرأة، والتدخلات في عملهم كانت تواجه بالصد والاستنكار.

 

ولكن لغة الأرقام لا تكفي لهذه المقاربة، فالمشكلة أن التقدم النسبي في مؤشرات الحريات أضعناه بالانتهاكات الجسيمة التي وقعت على الصحفيين طوال عام 2011.

 

الانتهاكات عام 2011 كانت قاسية وفريدة من نوعها، فما سجلته وحدة رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام "سند" بلغ (78) شكوى و(52) حالة رصدها المركز، تبين أن (106) منها تنطوي على انتهاك يتعلق بحق أو أكثر من حقوق الإعلاميين أو بالحريات الإعلامية.  

 

وتنوعت هذه الانتهاكات التي ارتكبها رجال أمن ودرك بالإضافة إلى "البلطجية" ما بين اعتداءات بالضرب والشتم، إلى احتجاز للحرية، إلى تهديدات بالقتل، إلى استدعاءات أمنية واعتداء على مؤسسات إعلامية.

 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالحكومات التي تتغنى بالحرية كل يوم، وتبيعنا الشعارات الرنانة عن رفضها التدخل بالإعلام وتقدم استراتيجية واعدة لإطلاق حالة من الإصلاح الإعلامي، تباغت الصحفيين بتشريعات مقيدة، وسعياً محموم لإخضاع المواقع الإلكترونية لسيطرتها وسطوتها، فتقدم مشروعاً لقانون هيئة مكافحة الفساد يتضمن عقوبات مغلظة على الإعلام تحت ذريعة وقف "اغتيال الشخصية"، وهي في حقيقة الأمر ليست سوى مقدمة لضرب حرية الإعلام الإلكتروني وتحصيناً للفساد.

 

إذن، الحريات التي انتزعها الصحفيون ببركة وضغط الحراك الشعبي، وهوامش الحرية والمناورة التي تحققت للإعلام الرسمي والصحافة اليومية حياء من شارع متلهف وعطش للحرية، أضاعته الحكومة وأجهزتها الأمنية بنزقها وطيشها عبر اعتداءاتها المتكررة على الإعلاميين خلال تغطيتهم للمسيرات والاعتصامات التي نظمها الحراك الشعبي، وعدم امتلاكها "الحكمة" والتخطيط لاستيعاب المتغيرات التي عصفت بالإعلام.

 

والأنكى من ذلك، وكان له الدور في تراجع الأردن ضمن مؤشر الحريات في العالم أن كل الجناة الذين اعتدوا على الإعلاميين عام 2011 أفلتوا من العقاب ولم يحاسب أحد.

 

على ضوء هذه المعطيات يمكن فهم معادلة الحريات في الأردن، وتفسير لغز التقدم والتراجع في آن واحد معاً.

 

امتلاك الصحفيين لحريتهم المفقودة لعقود، وتحررهم من قبضة الخوف من ملامسة التابوهات، ونقل الحقيقة للناس، وفي الوقت ذاته سقوطهم تحت وطأة الهراوات والقمع.

 

كل الفرص ضاعت، وما تأكد بأن الإدارة السياسية لم تكن حاسمة في ملف الحريات الإعلامية، وأن الكلام المعسول بضاعة لم تعد تجد من يشتريها، فقد نفذ الوقت وسقطنا عن الحافة، وأعداء الحريات انتصروا في هذا الشوط أيضاً، رغم كل الانتصارات التي حققها الصحفيون بفضل شوق الناس للحريات.

 

اليوم، الطريق الوحيد النافذ للأردن من الفوضى هو نجاح مسيرة الإصلاح السياسي، وعلى الدولة الأردنية أن تدفع كلفة التغيير، وتقدم التنازلات، حتى تنجح بتقديم نموذج جديد للإصلاح بعيداً عن لغة الثورات والدم.

 

إذا نجح الإصلاح في الأردن، فإن حرية الإعلام في طليعة المتحررين والرابحين، وعندها نسطر صفحة جديدة لإعلام حر ومجتمع حرية 

 

المقدمة

 

تقرير حالة الحريات الإعلامية لعام 2011 يعد علامة فارقة، فهو من جهة يحتفل بمناسبة مرور عشر سنوات على صدوره بشكل منتظم، وفي الوقت ذاته يحمل التقرير لهذا العام كل المؤشرات على تراكم الخبرات ومأسسة العمل، بعد أن عمل مركز حماية وحرية الصحفيين على تحويل برنامج رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام إلى وحدة أطلق عليها اسم "سند" تعمل بشكل منهجي ومؤسسي.

 

ومن جهة ثانية فإن تقرير حالة الحريات الإعلامية لعام 2011 تزامن مع أحداث الثورات في العالم العربي والحركات الاحتجاجية في الأردن، وقد انعكس ذلك في تفاصيله وأثرت بمجمل المشهد الإعلامي.

 

واستمر التقرير في قراءة موقف الإعلاميين الأردنيين من المتغيرات التي عاشها الوسط الصحفي عام 2011 من خلال استطلاع الرأي الذي غطى كل التطورات سواء على مستوى التشريع أو في اتجاه الممارسات والمواقف.

 

ولم يغفل تقرير هذا العام من التوقف مطولاً عند الحدث الأهم، كيف أثرت الثورات والحركات الاحتجاجية على الإعلام في الأردن .. ولهذا حاولت الدراسة التي يتضمنها الإجابة على أسئلة اللحظة الساخنة وتقرأ المستقبل؟!.

 

أولاً: استطلاع رأي الصحفيين

اشتمل استطلاع رأي الصحفيين والذي شارك به 500 إعلامي وإعلامية على استمارة استبيان وضعت بطريقة علمية دقيقة بعد أن خضعت للمراجعة واحتوت على 202 سؤالاً بهدف التعرف على التالي:

§         مدى رضا الإعلاميين والصحفيين عن واقع الحريات الإعلامية في الأردن. 

§        أثر التشريعات الإعلامية والمادة 23 من قانون هيئة مكافحة الفساد على حرية الإعلام. 

§        تأثيرات الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي في المشهد الإعلامي الأردني. 

§        رأي الصحفيين والإعلاميين في الاحتواء الناعم والخطوط الحمراء. 

§        واقع الانتهاكات التي وقعت في عام 2011، وآراء الصحفيين والإعلاميين بها.

§        رصد الضغوطات والمضايقات التي تعرض لها الصحفيون وأساليبها والجهات التي قامت بها عام 2011.

§        أثر شركات الإعلان وتدخل الحكومة في الحريات الإعلامية.

§        مفهوم الرقابة الذاتية ومدى ممارسة الصحفيين والإعلاميين لها.

§        تأثير الثورات والحركات الاحتجاجية على الحريات الإعلامية.

§        المتغيرات التي عاشها الجسم الصحفي والبيئة الإعلامية على وجه العموم.

ثانياً: الشكاوى والانتهاكات

سعى مركز حماية وحرية الصحفيين في عام 2011 إلى التعامل مع الشكاوى التي ترد إليه من قبل الإعلاميين بشأن ما تعرضوا إليه من اعتداءات وانتهاكات طالت حرياتهم الإعلامية وحقوقهم الإنسانية في ضوء الأسس والمعايير التي أقرها في عام 2010.

 

ولكن التغيرات والتحولات التي تمر بها المنطقة بما فيها الأردن والمرتبطة بالربيع العربي استدعت التركيز على جوانب محددة بالذات، خاصة وأن الانتهاكات التي وقعت على الإعلاميين في عام 2011 اتسمت بكونها انتهاكات جسيمة، وجماعية وواسعة النطاق، وأحياناً منهجية.

 

وقام المركز في إطار وحدة "سند" للرصد والتوثيق برصد الانتهاكات الواقعة على الإعلام والإعلاميين وتوثيقها وبالاستقصاء بشأنها، ومن بين (78) شكوى و(52) حالة رصدها المركز في عام 2011، تبين للمركز أن (106) منها تنطوي على انتهاك يتعلق بحق أو أكثر من حقوق الإعلاميين أو بالحريات الإعلامية.

 

ولاحظ أن نسبة عالية من الانتهاكات انصبت بشكل كبير على الحرية الشخصية للإعلاميين وسلامة بدنهم، فالظاهرة اللافتة للانتباه في عام 2011 هي أن الاعتداء بالضرب والشتم وحجز الحرية أضحى ممارسة شائعة ومألوفة، وبالذات بمناسبة تغطيتهم للاعتصامات والمسيرات المطالبة بالحرية والتغيير.

 

وأفرد المركز عدداً من البنود المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة للحريات الإعلامية التي وقعت في عام 2011، وبالانتهاكات المنهجية التي كانت السمة الأعم والأبرز لها أنها كانت محاطة بسياسة الإفلات من العقاب والحيلولة دون وصول الضحايا إلى العدالة.

 

يتضمن تقرير الشكاوى والانتهاكات لهذا العام عدداً من المحاور الأساسية من بينها المحور الخاص بالتعريف بعملية رصد انتهاكات الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين ورصدها. وهو محور مفاهيمي ارتأى المركز الإبقاء عليه في تقرير هذا العام لأهميته في رفع وعي الإعلاميين والسلطات العامة وسواهما بأهمية الرصد والتوثيق وكيفيته وأبعاده الأساسية.

 

كما يتضمن التقرير كذلك محاور أخرى هي: منهجية العمل التي اتبعها المركز في هذا العام للرصد والتوثيق والاستقصاء وما طرأ عليها من تطوير لتغدو أكثر ملاءمة للتغيرات التي وقعت في عام 2011، والانتهاكات التي طالت الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين في العام 2011 مع التركيز على الانتهاكات الجسيمة، وواسعة النطاق والمنهجية. بالإضافة إلى التوصيات التي يرى المركز أنها قد تسهم في وضع حد للاعتداء على حرية الإعلام وحقوق الإعلاميين الإنسانية.

 

ثالثاً: الدراسات والبحوث

الإعلام الأردني والحراك الشعب .. التأثر والتأثير

تهدف هذه الدراسة للإجابة على فرضية تقول أن الحراك الشعبي الأردني المتأثر بالربيع العربي قد منح الإعلام الأردني مساحة أوسع للتعبير والنشر، وقد ساهم برفع سقف الحريات الإعلامية والعامة إلى مستوى لم يسبق له مثيل.

وتسعى للإجابة على تساؤل يتردد صداه الآن على مستوى عالمي وهو "هل كان الإعلام العربي صانعاً للثورات، أم ناقلاً لأحداثها، ومتأثراً بها فقط؟".

 

وتشير الدراسة التي أعدها الباحث والإعلامي وليد حسني إلى أن ثورات الربيع العربي مدينة لثورة الاتصالات الحديثة، وللإعلام الإلكتروني ولشبكة التواصل الاجتماعي "الإعلام الجديد" الذي ساعد على مد جسور الاتصالات بين الناس، في الوقت الذي دخلت فيه معركة الشعب العربي مع أنظمته وسائل الاتصال الحديث وفي مقدمتها أجهزة الهاتف الخلوي التي تحولت إلى مصدر رئيسي للمعلومات والصور والتسجيلات لتصبح المزود الوحيد للأخبار والأحداث للفضائيات ولوكالات الأنباء.

 

وتناولت التأثيرات التي أحدثها الفيسبوك في المنطقة العربية خلال الثورات العربية حيث تم تسجيل ارتفاع كبير جداً في عدد المشتركين في هذه الشبكة الإعلامية الاجتماعية في العالم العربي بعد أحداث الربيع العربي والثورات العربية.

 

وتوقفت الدراسة أمام مستقبل الحريات الإعلامية المرتبط أساسا بحجم وخطورة التحديات التي تواجه الإعلام في ظل الربيع العربي والحركات الاحتجاجية، بدءا بتبدل أشكال الرقابة الرسمية والقمع والحجر والحجب وصولا إلى تحدي المهنية والموضوعية والمصداقية وهي تحديات تفرض نفسها الآن وبقوة على الإعلام الأردني والعربي على حد سواء.

 

وفي الفصل الختامي توقفت الدراسة أمام شهادات صحفيين وسياسيين وناشطين حول تقييمهم ورؤيتهم لأداء الإعلام الأردني في تغطية الحراك الشعبي، وما الذي أضافه هذا الحراك من إيجابيات وسلبيات للإعلام الأردني.

الملخص التنفيذي لـ

تقرير حالة الحريات الإعلامية في الأردن 2011

 

أولاً: استطلاع رأي الصحفيين

كشف استطلاع الرأي الذي نفذه مركز حماية وحرية الصحفيين عن حالة الحريات الإعلامية في الأردن لعام 2011 أن 85.8% من الإعلاميين يعتقدون أن الثورات والحركات الاحتجاجية ساهمت في زيادة مساحة الحريات الصحفية.

 

واعتبر 88.5% من الإعلاميين الذين شاركوا بالاستطلاع وبلغ عددهم 500 صحفياً أن الاحتجاجات ساعدت على تدفق معلومات جديدة للناس، في حين يرى 79% أنها قامت بدعم الإعلام لكسر الخطوط الحمراء والتابوهات.

 

وقال الاستطلاع الذي ينفذه المركز منذ عشر سنوات ويرصد لأول مرة تأثير الثورات في العالم العربي والحركات الاحتجاجية على حرية الإعلام في الأردن أن هذا الحراك وضع حداً للتدخل الحكومي والأمني في الإعلام بنسبة 65.5%، وأسهم في تراجع خوف الصحفيين من الملاحقات القانونية بمعدل 67.9%، ولعب دوراً ولو كان محدوداً في تراجع الرقابة الذاتية، حيث اعتبر 62.7% من الصحفيين أن الرقابة الذاتية تقلصت بفعل الاحتجاجات، وفي الاتجاه الآخر فإن 61.3% ينظرون إلى أن الاحتجاجات أعطت بعض وسائل الإعلام مساحة أكبر لترويج الإشاعات في الأردن.

 

العلاقة الجدلية والمتشابكة بين المشهد الإعلامي لعام 2011 والحركات الاحتجاجية التي شهدها الأردن ألقت بظلالها على واقع الحريات الصحفية، وربما يكون التقدم النسبي للحريات الصحفية والذي تكشفه بعض أسئلة الاستطلاع يعزوه الإعلاميون للمكاسب التي انتزعوها في الربيع العربي وثمرة من ثماره.

 

هامش التطور في الحريات الإعلامية لم ينعكس في كل مفاصل الصورة الإعلامية، فإن كان الصحفيون يشعرون بأنهم قلصوا الرقابة الذاتية على أنفسهم وباتوا أكثر جرأة في ممارسة النقد للحكومات وحتى الأجهزة الأمنية، فإن الانتهاكات الجسيمة التي تعرضوا لها خلال ممارستهم لعملهم الإعلامي أربكت حالة الحريات، وأظهرت السلطة التنفيذية بموقع العداء للصحافة، وكشف عن انقسام رأسي بين صحفيين يصرون بممارستهم على توسيع نطاق حريتهم تزامناً مع الربيع العربي ووقع الاحتجاجات، وحكومة وأجهزة أمنية مضطربة، وغير مستعدة لاستيعاب حقائق التغيير، ولا تريد للإعلام أن يكون شاهداً على الحقيقة التي تكشف عوراتها.

 

وتماهياً مع هذه المعادلة وحالة الانقسام بين رغبة وإصرار الصحفيين على قطف مغانم الثورات وتوسيع هامش الحريات، وحكومات لم تقبل الواقع الجديد، فإن الاستطلاع يؤكد أن الحكومة تسبح عكس التيار وأنها لا زالت تتدخل في وسائل الإعلام بنسبة تصل إلى 87% لعام 2011.

 

والشيء اللافت لاستطلاع الحريات أنه منذ عام 2004 وحتى العام الماضي فإن التدخل الحكومي في تزايد، فلقد بدأ بـ 59.4%، وانتهى إلى 86.8%.

رغم التدخل الحكومي فإن حالة الحريات الإعلامية في تقدم عن عام 2010، فالصحفيين الذين يرون وفقاً للاستطلاع أن الحريات تقدمت بدرجة كبيرة بلغ 15.4% مسجلاً تقدماً ملموساً، ففي عام 2010 لم يقل أنها تتقدم بدرجة كبيرة سوى 4.6% وبفارق يصل إلى 10.8%، وبالمحصلة فإن حالة الحريات الإعلامية في الأردن خلال الفترة من 2006 وحتى 2011 شهدت حالة مد وجزر، ففي حين شهدت تقدماً ملموساً عام 2006 ليصل معدلها إلى 40% تراجعت عام 2010 لتصل 18.5% ثم عاودت الصعود إلى 43.5% في العام 2011.

 

وصورة حرية الإعلام في عيون الإعلاميين أيضاً تغيرت ولو بشكل جزئي، فمن يصفها بأنها ممتازة بلغ 4.8%، أي بتحسن طفيف عن عام 2010 إذ بلغت النسبة 3.2%، والأمر ذاته تكرر فالذين يرون أن حالة الحريات متدنية بلغ 16.8% بعدما كان 23.4% لعام 2010.

 

ومن نافلة القول أن التحول الإيجابي المحدود بصورة حرية الإعلام لا يعكس التحول الديمقراطي الكبير الذي شهده الأردن، فما ينشره الإعلام وخاصة الإلكتروني في العام الماضي عن قضايا الفساد والقسوة في نقد الحكومات على سبيل المثال لا الحصر يعطي مؤشرات إلى أن الإعلام يمكن أن يحقق مكتسبات أفضل.

 

والشيء المؤكد أن تقدم هامش الحريات الإعلامية تجلى أكثر في الصحافة الإلكترونية والتلفزيونات الخاصة ويلي ذلك الصحف اليومية شبه المستقلة.

 

حالة التراجع في مؤشر الحريات كانت في موقف الصحفيين من التشريعات والقوانين، فما يقارب 48% يرون أنها تشكل قيداً على حرية الصحافة، وفقط 13% يعتقدون أنها ساهمت بتقدم حرية الإعلام.

 

ومن الواضح أن النقاش المستفيض داخل الجسم الإعلامي حول التشريعات العام الماضي أفضى إلى هذه النتيجة السلبية، فالصحفيين لم يغب عن بالهم وهم يجيبون على أسئلة الاستطلاع التعديل الذي أجرته الحكومة على قانون المطبوعات والنشر وفتح المجال للتسجيل الاختياري للمواقع الإلكترونية، وهو ما أثار ودفع أغلبية المواقع لرفضه معتبرين ذلك "مصيدة" قانونية، وتزامن في ذات الوقت مع مشروع الحكومة لقانون هيئة مكافحة الفساد الذي تضمن المادة "23" والتي عارضها الصحفيون وتظاهروا ضدها لأنهم اعتبروها تحصيناً للفساد وتضييقاً على حريتهم، وانتهى الأمر بعد ضغوط ومعركة شد وجذب بإلغاء مجلس الأمة لها.

 

وزاد الطين بلة أن الحكومة لم تلتزم بالاستراتيجية الإعلامية التي قدمتها حكومة معروف البخيت والتي تعهدت خلالها بإجراء مراجعة للتشريعات وإصلاح قانوني بما يتوائم مع المعايير الدولية لحرية الإعلام، وفاجأت الجميع بتقديم حزمة قوانين على النقيض مما تقوله الاستراتيجية، الأمر الذي دفع وزير الإعلام الأسبق طاهر العدوان إلى الاستقالة احتجاجاً.

 

أكثر الأسئلة التي كانت إجابة الصحفيين عليها مفاجأة كان موقفهم من التعديلات الدستورية المتعلقة بحرية الإعلام، فأكثر من 50% يعتقدون أنه لا تأثير لها على الحريات، والأكثر غرابة أن 26.2% يرون أنها تحد من الحريات الصحفية، وفقط 20.8% يؤكدون أن لها تأثير إيجابي على واقع الحريات الإعلامية.

إن موقف الصحفيين من التعديلات نتيجة صادمة، وتفسيرها إما أن الإعلاميين لم يقرأوها أولم يروج لها جيداً، أو أن وعيهم بالقوانين ما زال محدوداً، والأخطر أنهم يرون أن الحكومات لا تلتفت دائماً للدساتير مهما كانت جيدة وأنها بممارساتها تخرقها دون خوف من المحاسبة.

 

استطلاع الرأي لعام 2011 خضع لمراجعة وتدقيق وبحث ليعكس التطورات على المشهد الإعلامي، إذ ألغيت بعض الأسئلة التي تجاوزتها الأحداث وأضيفت أخرى جديدة تقرأ في المستجدات، وقد أجريت العديد من التعديلات من أهمها إلغاء البنود الخاصة بالسلوك المهني وما يتعلق بدائرة الإعلام والاتصال برئاسة الوزراء. وتطرق الاستطلاع إلى الموقف من التسجيل الاختياري للمواقع الالكترونية الذي أضيف لقانون المطبوعات والنشر، وكذلك الموقف من المادة (23) التي طرحت ضمن مشروع قانون هيئة مكافحة الفساد وألغيت مؤخراً، والعودة عن قرار حكومة سمير الرفاعي بحجب المواقع الإخبارية عن موظفي الدولة، واستحدثت أسئلة خاصة عن تأثير الثورات والحركات الاحتجاجية على الإعلام.

 

واعتمدت منهجية الاستطلاع على تصميم استمارة استبانة اشتملت على 202 سؤالاً، تهدف إلى قياس تقييم الصحفيين والإعلاميين في الأردن لحرية الصحافة والإعلام بأبعادها المختلفة، وقياس مدى رضاهم عن التشريعات الإعلامية وأثرها على واقع الحريات الإعلامية، بالإضافة إلى معرفة المشكلات والضغوطات التي يتعرضون لها.

 

وروعي في هذا الاستطلاع تجاوز المشكلات والصعوبات التي واجهت فريق البحث في العام الماضي وبخاصة في الإجابة عن الأسئلة المفتوحة، إذ تم الحد من عدد الأسئلة المفتوحة التي كانت تتضمنها الاستمارة والاعتماد على طرح الأسئلة المغلقة لاستيفاء البيانات بناء على أهم الإجابات الواردة في السنوات السابقة. كما تم حذف بعض الأسئلة التي وردت في الاستطلاعات السابقة التي وجد أن نتائجها لا تحقق أغراض الاستطلاع وأهدافه لما ورد عليها من إجابات بعيده عن الواقع الإعلامي أو أن الأحداث تجاوزتها، وتم إضافة أسئلة جديدة تتماشى مع التطورات على الساحة الإعلامية.

 

وعرضت استمارة الاستبانة على لجنة فنية لتحكيمها، وتم الأخذ بالملاحظات وعكسها على الاستمارة، إضافة إلى عمل اختبار قبلي للاستمارة للتأكد من وضوح الأسئلة للمستجوبين، وتم الأخذ بجميع الملاحظات التي وردت من هذا الاختبار لتحديد الشكل النهائي للاستمارة (أنظر ملحق الاستمارة).

 

وتكون مجتمع الدراسة من حوالي 1611 صحفياً وإعلامياً، حيث شمل الإطار على الصحفيين والإعلاميين الأعضاء في سجل نقابة الصحفيين، بالإضافة إلى كشوف مركز حماية وحرية الصحفيين حتى تاريخ تنفيذ الاستطلاع في الفترة 27/12/2011 ولغاية 06/1/2012. واعتمد في تصميم عينة الدراسة أسلوب العينة العشوائية المنتظمة وبمستوى ثقة 95% وخطأ معياري مقداره 3.6%، حيث تم تقسيم الصحفيين والإعلاميين إلى فئتين وبالأسلوب المتناسب مع الحجم في كل فئة، حسب الآتي:

الفئة الأولى: وتشمل الصحفيين والإعلاميين العاملين في القطاع الحكومي حيث بلغت نسبتهم في الإطار 23.8%.

 

الفئة الثانية: وتشمل الصحفيين والإعلاميين العاملين في القطاع الخاص حيث بلغت نسبتهم حوالي 76.2%.

 

كما تم توزيع الصحفيين والإعلاميين في كل فئة حسب الجنس وبالأسلوب المتناسب مع الحجم أيضاً، حيث بلغت نسبة الصحفيين والإعلاميين الذكور 75.2% في حين بلغت نسبة الصحفيات والإعلاميات العاملات في الإطار 24.8%.

 

وأخذ بعين الاعتبار الصحفيين والإعلاميين العاملين وغير المسجلين في نقابة الصحفيين، حيث تم توزيعهم في العينة،  كذلك بالأسلوب المتناسب مع الحجم، حيث بلغت نسبة الصحفيين والإعلاميين العاملين والمسجلين في النقابة 60.6%، في حين بلغت نسبة الصحفيين والإعلاميين العاملين وغير المسجلين في النقابة 39.4%.  وقد تم إجراء بعض التعديل على أوزان المسح وذلك بسبب عدم استجابة بعض الصحفيين، بالإضافة إلى وجود بعض المشاكل في الإطار مثل عدم صحة أرقام الهواتف أو أنها مفصولة أو أن أصحابها غير متواجدين في الأردن.

 

وبلغ عدد أفراد العينة الذين تم الاتصال معهم واستيفاء بيانات الاستمارة منهم بشكل كامل 500 صحفي وإعلامي.

 

الموقف من القوانين انسحب بشكل واضح في رأي الصحفيين بالمادة "23" من قانون هيئة مكافحة الفساد والتي تضمنت غرامات مالية مغلظة ضد الصحفيين تصل إلى 60 ألف دينار إذا نشر أو أشاع معلومات عن أفعال فساد ثبت عدم صحتها، فـ 80% من الإعلاميين يؤكدون أنها تضع قيداً على حرية الإعلام، 78.8% تدفع الصحفيين لتجنب الكتابة بقضايا الفساد، 72.2% يعتقدون أنها تقلل دور الإعلام في مكافحة الفساد، و70% واثقون بأنها تضعف من منظومة النزاهة، ولكن وفي الاتجاه الآخر فإن 50% يرون أيضاً أنها تحد من نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة.

 

نتائج الاستطلاع أظهرت بأن الإعلام الحكومي كان خارج سياق المشهد الإعلامي وأن ربيع الثورات لم تصله، بل على العكس، فإن الأرقام تشير إلى تراجع المؤشرات في كل من الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء "بترا"، فمستوى الحرية في الإذاعة بلغ 33.4%، والتلفزيون الأردني أقل 31%، وحافظت وكالة الأنباء على تقدمها ضمن أجهزة الإعلام الرسمي بنسبة 40.3%.

 

وتحتاج هذه الأرقام لدراسة لمعرفة أسباب تراجع الإعلام الرسمي، فهل يعود لتجاهله أحداثاً مفصلية حدثت عام 2011، أم لاستخدامه لترويج الرواية الرسمية والتي اتسمت بالضعف خلال الاحتجاجات والتي أصبحت ليست الوحيدة في ظل ثورة الإعلام الجديد.

 

سبق التقدم والانفتاح كان من نصيب الإعلام الإلكتروني بعد أن أحرزت التلفزيونات الخاصة حضوراً لافتاً، وعلى ما يبدو فإن الصحافة الإلكترونية كانت الأكثر التقاطاً للتفاصيل الداخلية بكل مكوناتها وظلت مصدر "صداع" للحكومة وجدل حول آليات التعامل معها.

 

الوجه الآخر للإعلام الإلكتروني أن صورته لم تبق مشرقة وأن حالة التضامن معه من قبل الوسط الإعلامي في تراجع عندما يتعلق الأمر بمهنيته والتزامه بالمعايير الأخلاقية.

الأرقام تقول أن 34% من الصحفيين ينظرون إلى التسجيل الاختياري للمواقع الإلكترونية والذي أدخل على قانون المطبوعات والنشر بأنه إجراء تنظيمي، و32% وسيلة للحد من إطلاق مواقع إخبارية إلكترونية جديدة، 28% إجراء ضروري لتحديد المسؤوليات القانونية للمواقع الإخبارية، و5% يرون أن لا تأثير لهذا التعديل القانوني.

 

يتوحد الصحفيون في موقفهم من الإعلام الإلكتروني في بعض المفاصل، فهم يرون أنه يلعب دوراً حاسماً في رفع مستوى الحريات 83%، وبأنه يدافع عنها بنسبة 75%، ويوفر أرضية لتطوير الحوار بالمجتمع 64%.

 

ويختلفون ويبدأ المنحنى بالتراجع حين يسألون عن دوره المهني ليصل إلى 55%، ولم تتجاوز نسبة من يرى بأنه يوفر معلومات ذات مصداقية 57%، ولا يلعب سوى 27% منه في الحد من نشر الإشاعات، و30% يسهم في الحد من الفوضى الإعلامية، و31% فقط يحد من الإساءة لكرامة الناس.

 

ما يجمع عليه الصحفيون أيضاً بأن الإعلام الإلكتروني وبنسبة 93% أتاح للناس حرية إبداء آرائهم وتعليقاتهم.

 

وفي التفاصيل المهنية والأخلاقية تستمر حالة اهتزاز الثقة بالإعلام الإلكتروني، فمن المستطلع آرائهم 55% يعتقدون أنهم ينشرون تعليقات لا تتعدى على حقوق الآخرين وتسيء لهم، و50% يرون أنهم لا يقبلون بنشر التعليقات التي تنتهج سلوكاً عدوانياً أو ذات مغزى جنسي أو تسيء لعرق من الأعراق.

 

وفي سياق الإعلام الإلكتروني رحب الصحفيون بقرار حكومة البخيت بإلغاء حكومة سمير الرفاعي بحجب المواقع الإخبارية عن موظفي الدولة واعتبرها 75% حق للموظفين في المعرفة والوصول للمعلومات.

 

التطور اللافت في رؤية الصحفيين لآليات تنظيم المواقع الإخبارية أن 40.6% يرون أن الأفضل تنظيمه وفقاً لمدونات السلوك المهني، و22% يفضلون أن يتم وفقاً لقانون المطبوعات والنشر، و19% يطالبون بأن يترك دون أية قيود تنظيمية أو مهنية، 11% وفقاً لقانون العقوبات، غير أن الغالبية 79.4% مع قانون جديد يخصص لتنظيم عمل الإعلام الإلكتروني مع ملاحظة أن نسبة المؤيدين لهذا التوجه تراجعت عن عام 2010 والتي بلغت 83.4%.

 

واستمر الاعتقاد عند الإعلاميين بأن الحكومة وأجهزتها تقوم بحجب المواقع الإلكترونية وبنسبة 62.3%.

 

محاولات تطويع الصحفيين وشراء ذممهم لم تتوقف، ولم يؤثر سعي الصحفيين لدفع حرية الإعلام على هذه الظاهرة المقلقة والتي تستخدم للسيطرة على الإعلام.

 

ويعترف 16.7% من الصحفيين الذين شملهم الاستطلاع أنهم تعرضوا لمحاولات احتواء سواء بتقديم هدايا أو هبات مالية أو تعيينهم بوظائف، ولم تتراجع هذه الظاهرة عن عام 2010 سوى 2% فلقد كانت 18.6%.

 

وحافظت الحكومة على صدارتها بمحاولات الاحتواء وبنسبة 27.7%، وإذا ما أضيف ما قامت به المؤسسات شبه الحكومية من محاولات لشراء الذمم فإنها تبلغ 34.9%.

 

تثير هذه الظاهرة قلقاً متزايداً عند الجمهور، خاصة وأن أكثرية الصحفيين 71.6% يرون أن محاولات الاحتواء لا تؤثر على توجهاتهم، وتبدو الظاهرة أكثر تعقيداً حين يقر 47.5% من الصحفيين أنهم سمعوا عن زملاء لهم تعرضوا لمحاولات شراء ذمم، وحاصل جمع من اعترف بأنه تعرض لذلك مباشرة أو من سمع عن آخرين يبلغ 64.2%.

 

ومع أن هذه المؤشرات ليست جديدة بين الوسط الصحفي، إلا أن المؤسسات الإعلامية لم تضع مدونات سلوك مهنية تتصدى لهذه الظواهر، ولم تقم بأي تحقيق جدي في هذه المزاعم لوضع حد لها أو إنهاء حالة تعارض المصالح الواضحة للعيان عند بعض الإعلاميين.

 

وتكتمل صورة محاولات الاحتواء باعتراف الإعلاميين المشاركين بالاستطلاع بأن ظاهرة الواسطة منتشرة بنسبة 86%، وقبول الهدايا 70%، وكتابة أخبار وتحقيقات مدفوعة الأجر 62%، وممارسة الابتزاز للحصول على مكاسب مادية 61.7%، وقبول الرشوة 57%.

 

والمسلم به في حالة الحريات الإعلامية لعام 2011 أن خارطة الانتهاكات الواقعة على الصحفيين تبدلت، فإن كان التوقيف والحبس هما الهاجسان اللذان يقلقان سابقاً، فإن الوضع تغير، فالتوقيف لم يبلغ سوى 0.6% عام 2011 مقارنة بـ 4.6% عام 2007.

 

والقضايا المقامة على الصحفيين والمحاكمات لم تنته وإن تراجعت أيضاً لتسجل ما نسبته 5.2% عام 2011 مقارنة بـ 6.1% لعام 2010.

 

وظلت الدعاوى القضائية المقامة من الحكومة هي الأكثر بنسبة 30.7%، يليها مواطنين عاديين 27%، ومسؤولين في الحكومة 26.8%، وشركات خاصة 26.8%، مؤسسات شبه حكومية 22.8%، قادة مؤسسات مجتمع مدني 11.4%، أجهزة أمنية 7.9%، مجلس النواب 3.8%، وأخيراً قادة الأحزاب 3.8%.

 

ومن الجدير بالذكر أن وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" والتي تعمل تحت مظلة مركز حماية وحرية الصحفيين وتقدم العون القانوني للإعلاميين هي أكثر الجهات التي تترافع عن الصحفيين.

 

ومن المهم الإشارة إلى أن عدد القضايا المقامة على الصحفيين تراجعت بعد شمولها بالعفو الملكي العام وبقاء القضايا المرفوعة بالادعاء بالحق الشخصي فقط، وكذلك تزايد القضايا المقامة على الإعلام الإلكتروني وتراجع القضايا المقامة على الصحافة المكتوبة وخاصة الأسبوعيات التي توقف أغلبها عن الصدور.

تقرير حالة الحريات الإعلامية يسعى إلى بناء صورة متكاملة عن الانتهاكات الواقعة على الإعلام، ومن أجل العمل على مأسسة هذا الجهد أسسنا وحدة رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام "سند"، والتي تتولى بشكل يومي متابعة هذه الانتهاكات وإجراء المقابلات الميدانية مع مقدمي الشكاوى والبلاغات.

 

ونظراً لأن بعض الإعلاميين لا يمارسون عملية الإفصاح عن المشكلات أو الانتهاكات التي يتعرضون لها فإن الاستطلاع عمد إلى إضافة أسئلة لاستكشاف الانتهاكات غير المعروفة عند وحدة "سند" وبما يفضي في نهاية المطاف بالتكامل إلى إجراء مسح شامل لواقع الانتهاكات وتقديم صورة واقعية عن أخطارها.

 

واقع الحال: 41% من الإعلاميين أقروا بأنهم تعرضوا لمضايقات وضغوط مختلفة يرقى بعضها إلى انتهاك لحريتهم وحقوقهم.

 

سؤال الضغوط والمضايقات خضع للمراجعة، بحيث يصبح أكثر دقة ويربط بين شكل الانتهاك وتعريفه الحقوقي المعتمد في القانون الدولي.

 

واستقر السؤال ليتضمن الضغوط أو المضايقات أو الانتهاكات التالية: حجب المعلومات، الذم والقدح ـ ويقصد به "توجيه عبارات وألفاظ نابية من شأنها النيل من كرامة الصحفي سواء كانت بشكل مباشر أو عبر أي وسيلة من وسائل الاتصال"ـ، التهديد، حجز الحرية ـ وتعني "وضع شخص في أحد النظارات أو أحد مراكز التوقيف أو في أي مكان آخر دون سبب مشروع وبشكل تعسفي"ـ، الاستدعاء الأمني، التحقيق الأمني، المنع من البث الفضائي أو التلفزيوني، الاعتداء الجسدي، حجب المواقع الإلكترونية، أو أي انتهاك آخر غير مذكور.

 

وخلال مراجعة السؤال ألغيت بعض الضغوط مثل الرقابة المسبقة والتدخل خلافاً للمعايير المهنية لأننا وجدنا أنه من الصعوبة إثبات هذه الأفعال.

 

وفي التفاصيل فإن حجب المعلومات ما تزال نسبته 25%، في حين بلغ القدح والذم 15%، والتهديد 12.8%، وحجز الحرية 1%، الاستدعاء الأمني 3.6%، والتحقيق الأمني 1.6%، والمنع من البث الفضائي والتلفزيوني 2.2%، والضرب والاعتداء الجسدي 3%، وحجب المواقع 3.4%.

 

وكان مؤكداً على ضوء الأحداث التي شهدها الأردن عام 2011 خلال الاحتجاجات ارتفاع مؤشر الانتهاكات الجسيمة، فالصحفيين الذين تعرضوا للذم والقدح والإساءة لكرامتهم بلغوا 75 إعلامياً، و45 تعرضوا للتهديد، و15 صحفياً جرى الاعتداء الجسدي عليهم، وفقط 5 حجزت حريتهم.

 

ورغم هذه الاعتداءات الجسيمة والتي تشكل خطراً على حياة الصحفيين وسلامتهم وتتعارض مع الدستور والقانون والمعاهدات الدولية التي صادق عليها الأردن فإن كل الجناة سواء كانوا رجال أمن أو ما أصطلح على تسميته "البلطجية" أفلتوا من العقاب حتى الآن ولم يتعرضوا للمساءلة والمحاكمة.

الجهات التي تقف وراء الانتهاكات حسب رأي المستجيبين للاستطلاع، ففي حجب المعلومات كانت الحكومة هي الأولى ويتبعها الأجهزة الأمنية، وفي القدح والذم احتلت الشخصيات المتنفذة المرتبة الأولى بنسبة 12.8% يتبعها الأجهزة الأمنية 9.3%، وكانت الأجهزة الأمنية الأولى بنسبة 16% في مصادر التهديد، ويليها وزراء ومسؤولون حكوميون 12.8% وفي حجز الحرية تصدرت الأجهزة الأمنية أيضاً بنسبة 51%، تتبعها الحكومة 12.1%، ومحكمة أمن الدولة 11.8%.

 

وعن الجهة التي تقف وراء الاستدعاء الأمني ظلت الأجهزة الأمنية الأولى بنسبة 66.7%، يليها البلطجية 11.2%، والطريف دخول الصحفيين على القائمة بنسبة 11.2%، وبقيت الأجهزة الأمنية منفردة 100% في تحمل مسؤولية الاعتداءات الجسدية على الصحفيين.

 

وفي ظل الثورات والحركات الاحتجاجية تراجعت الرقابة الذاتية التي يفرضها الصحفيون على أنفسهم بشكل محدود لتصل إلى 87%، ولم تتأثر بعض التابوهات مثل مناقشة قضايا الأديان والجنس، وظل الإعلاميون يمتنعون عن الاقتراب منها وبنسبة 81% للأديان، 71% لقضايا الجنس.

 

وكذلك ظلت دوافع الصحفيين لممارسة الرقابة الذاتية ذاتها رغم كل المتغيرات، 97.4% يفعلون ذلك لعدم إثارة النعرات والمساس بالوحدة الوطنية، و97.2% للحفاظ على أمن ومصالح الوطن، والوازع الأخلاقي 96.5%، والحصول على حوافز معنوية 94.5%، والوازع الديني 87.5%، ولتعارضها مع القيم والعادات 74.1%.

 

وبقيت القوات المسلحة على رأس المواضيع التي يتجنب الصحفيون انتقادها 90%، ويليها القضاء 80%، ويتبعها انتقاد شيوخ العشائر 79.7%، ورجال الدين 70%، والأجهزة الأمنية 65.3%.

 

وبالتدقيق يمكن ملاحظة أن الخوف من انتقاد الأجهزة الأمنية تراجع من 86.5% عام 2010 حتى وصل إلى 65.3% عام 2011.

 

والجديد ولأول مرة أن 11.6% من الصحفيين يشيرون أنهم يتجنبون انتقاد العائلة الملكية وهي إشارة لم يكن الصحفيون يتطرقون لها في أي من الاستطلاعات السابقة.

 

ثانياً: الشكاوى والانتهاكات

سعى مركز حماية وحرية الصحفيين في هذا العام إلى التعامل مع الشكاوى التي ترد إليه من قبل الإعلاميين بشأن ما تعرضوا إليه من اعتداءات وانتهاكات طالت حرياتهم الإعلامية وحقوقهم الإنسانية في ضوء الأسس والمعايير التي أقرها في عام 2010، ولكن التغيرات والتحولات التي تمر بها المنطقة بما فيها الأردن والمرتبطة بالربيع العربي استدعت التركيز على جوانب محددة بالذات، خاصة وأن الانتهاكات التي وقعت على الإعلاميين في عام 2011 اتسمت بكونها انتهاكات جسيمة، وجماعية وواسعة النطاق، وأحياناً منهجية. علاوة على أنها انصبت بشكل كبير على الحرية الشخصية للإعلاميين وسلامة بدنهم، فالظاهرة اللافتة للانتباه في عام 2011 هي أن الاعتداء بالضرب والشتم وحجز الحرية أضحى ممارسة شائعة ومألوفة، وبالذات بمناسبة تغطيتهم للاعتصامات والمسيرات المطالبة بالحرية والتغيير، فإذا كانت مهمة المركز في الرصد والتوثيق والاستقصاء تعتمد في المقام الأول على الشكاوى واستمارة الشكاوى والانتهاكات، وعلى تحليل الشكاوى والتثبت من وجود أدلة تدعم الزعم الوارد في الشكوى، إلا أن تركيزه في هذا العام انصب على الانتهاكات الجسمية واسعة النطاق والجماعية. ولكنه بالمقابل لم يغفل بتاتاً مسألة استقبال الشكاوى والرصد الذاتي للانتهاكات، فقد استمر في أداء مهمته هذه أسوة بما كان يقوم به في كل عام، ولكنه انشغل كذلك بما طال الإعلاميين من انتهاكات واسعة النطاق ومنهجية تزامنت مع الربيع العربي والمطالبات الشعبية بالحرية والديمقراطية. ولهذا السبب حافظ المركز في هذا العام على شكل تقرير الشكاوى والانتهاكات وعناصرها الأساسية كما جاءت في تقرير العام الماضي، ولكنه أفرد كذلك عدداً من البنود المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة للحريات الإعلامية التي وقعت في عام 2011، وبالانتهاكات المنهجية التي كانت السمة الأعم والأبرز لها أنها كانت محاطة بسياسة الإفلات من العقاب والحيلولة دون وصول الضحايا إلى العدالة.

 

يتضمن تقرير الشكاوى والانتهاكات لهذا العام عدداً من المحاور الأساسية من بينها المحور الخاص بالتعريف بعملية رصد انتهاكات الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين ورصدها. وهو محور مفاهيمي ارتأى المركز الإبقاء عليه في تقرير هذا العام لأهميته في رفع وعي الإعلاميين والسلطات العامة وسواهما بأهمية الرصد والتوثيق وكيفيته وأبعاده الأساسية. كما يتضمن التقرير كذلك محاور أخرى هي: منهجية العمل التي اتبعها المركز في هذا العام للرصد والتوثيق والاستقصاء وما طرأ عليها من تطوير لتغدو أكثر ملائمة للتغيرات التي وقعت في عام 2011، والانتهاكات التي طالت الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين في العام 2011 مع التركيز على الانتهاكات الجسيمة، وواسعة النطاق والمنهجية. بالإضافة إلى التوصيات التي يرى المركز أنها قد تسهم في وضع حد للاعتداء على حرية الإعلام وحقوق الإعلاميين الإنسانية.

 

الاستقصاء ورصد الانتهاكات والتوثيق

يقوم المركز في إطار وحدة "سند" للرصد والتوثيق برصد الانتهاكات الواقعة على الإعلام والإعلاميين وتوثيقها وبالاستقصاء بشأنها. وبالرغم من التداخل في بعض الجوانب بين الرصد والاستقصاء إلا أنهما عمليتان متمايزتان. علاوة على كونهما عمليتان مركبتان وليستا يسيرتان من الناحية العملية، خاصة في إطار الحقوق والحريات الإعلامية.

 

1/1: مفهوم الرصد والتوثيق

يقصد برصد حقوق الإعلاميين والحريات الإعلامية عملية مراقبة الاحترام الكامل والفعال للحقوق الإنسانية المعترف بها في القانونين الدولي والوطني، والتي يتوجب على السلطات العامة احترامها وضمانها للإعلاميين بوصفهم بشراً، بالإضافة إلى حقوقهم وحرياتهم الأخرى اللازمة لتمكينهم من أداء مهامهم وأدوارهم دون تبعة. أما رصد الانتهاكات الواقعة عليهم، فهي عملية تستهدف جمع المعلومات وتقصي الحقائق بغية التعرف على الممارسات العامة والخاصة التي تحد من حريات الإعلاميين وتمنعهم من التمتع بحقوقهم الإنسانية أو تحرمهم منها.

 

يمكن القول أن رصد حقوق الإعلاميين وحرياتهم هي عملية تستهدف مراقبة وضع هذه الحقوق والحريات وتحليلها عبر مدة معقولة أو غير قصيرة، بينما تهدف عملية الاستقصاء إلى التحقق من وقوع انتهاكات مزعومة تطال الحقوق والحريات المذكورة. وفي الأحوال جميعها، فإن الاستقصاء يساعد بشكل كبير في عملية الرصد.

 

أما توثيق الانتهاكات، فيقصد به عملية تدوين، وتسجيل وتبويب المعلومات، والأدلة والحقائق المتحصل عليها من خلال تقصي الحقائق والرصد، بطريقة تسمح باسترجاعها واستخدامها بسهولة لأغراض مختلفة. فعملية التوثيق لا تقتصر فحسب على تدوين المعلومات والأدلة المتعلقة بأي انتهاك يستهدف حقوق الإعلاميين وحرياتهم، ولكنها تشمل كذلك إيجاد منظومة منهجية وعلمية مدروسة لتبويب الانتهاك وتطبيقه، وتيسير الرجوع إليه واستخدامه كلما دعت الحاجة إلى ذلك. فالغاية الأساسية من وراء التوثيق تتمثل في توفير معلومات دقيقة ومؤيدة بأدلة بشأن انتهاكات تخص الحقوق والحريات الإعلامية وحقوق الإنسان.

 

2/1: أهداف الرصد والتوثيق

إذا كانت عملية تقصي الحقائق وجمع الأدلة في مجال رصد حقوق الإنسان تستهدف غايات وأهداف عامة، فإنها في إطار حقوق الإعلاميين وحرياتهم تسعى كذلك إلى بلوغ أهداف وغايات إضافية محددة. ويمكن إيجاز أهم هذه الأهداف على النحو الآتي:

أ -  التحقق من التزام الدولة بالالتزامات الناشئة عن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان

ب - تقديم العون للضحايا

ج - تعبئة الرأي العام

د - ملاحقة مرتكبي الانتهاك وإنصاف الضحايا

ه -  فهم أنماط الانتهاكات

و -  تحديد العوائق والتحديات ومعالجتها

 

1: مصادر المعلومات وأساليب الرصد

من المسائل الأساسية التي تحدد نجاح عملية الرصد وتقصي الحقائق أسلوب الرصد ذاته والمصادر التي يتم الاستعانة بها لتقصي الحقائق وجمع الأدلة بشأن ادعاءات وشكاوى موضوعها انتهاكات الحقوق الإنسانية للإعلاميين وحرياتهم..

 

فعملية الرصد والتقصي تتخذ أكثر من أسلوب أو شكل، فقد تكون من خلال زيارات ومقابلات ميدانية،  أو إنشاء مجموعات عمل لجمع وتوثيق الأدلة والمعلومات، أو من خلال زيارة أماكن الاحتجاز والمراقبة، أو من خلال متابعة ما يصدر في وسائل الإعلام المختلفة وتصريحات أجهزة الدولة، فثمة أساليب ووسائل مختلفة ومتنوعة. ولكن هذه الأساليب كلها يجب أن تستخدم بحرفية ومهنية عالية، فالفارق الأساسي بين عملية الرصد وتقصي الحقائق وبين إجراء التحقيقات الإعلامية الخاصة بحقوق الإنسان، هو أن الأخيرة لا تستند على فهم حرفي لمعايير حقوق الإنسان الدولية. وبمعنى آخر، فإن مركز حماية وحرية الصحفيين في رصده لانتهاكات حقوق الإعلاميين وتقصي الحقائق بشأنها، يستند على فهم دقيق للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ولكن هذه المعايير في نطاق عملية الرصد لا تطبق بشكل صارم، فقليل من المرونة ضروري من أجل تحديد طبيعة عملية تقصي الحقائق وأساليبها ومضمونها.

 

هذا فيما يتعلق بأساليب وأشكال الرصد، أما مصادر الحصول على المعلومات والأدلة، فهي ليست الأدوات التي يتم استخدامها في عملية الرصد ولكنها المنابع التي تستمد منها المعلومات والأدلة للتحقق من شكوى بانتهاك حق أو أكثر، فإذا تقدم أعلامي بشكوى يزعم فيها أنه تعرض لانتهاك احد حقوقه، فإن هذا الادعاء أو الزعم سيخضع إلى عملية فحص وتحقيق، فرواية الضحية للوقائع أو رواية مقدم الشكوى ليست كافية لوحدها للقول بوقوع انتهاك. فيصار من خلال عملية الرصد والتحقق إلى جمع المعلومات المتاحة وتحليلها وتقييمها بغية الوقوف على الوقائع الفعلي. وفي العادة يتم اللجوء في عملية التحقق وجمع الأدلة إلى أسلوب واسع ومرن، ولكن يتوجب في الأحوال جميعها أن تكون العملية حساسة لصحة الأدلة ومصداقيتها.

 

4/1: الصعوبات والتحديات

من المسلم به أن عملية رصد انتهاكات حقوق الإعلاميين وحرياتهم ليست عملية يسيرة ولا سهلة، فهي عملية مركبة وتحتاج إلى تبصر ومهارة. ومما يجعلها أكثر صعوبة هو أنها تواجه في حالات كثيرة، بالإضافة إلى الصعوبة الكامنة فيها، عدداً من التحديات والعراقيل التي تجعل منها عسيرة جداً في عدد لا بأس به من الحالات. ومن أهم هذه العراقيل الآتي: سياسة عدم الإفصاح أو الكشف عن الانتهاك ،

والتأخر في تقديم الشكوى أو الإبلاغ، وانخفاض درجة الوعي بحقوق الإنسان والأسلوب المستخدم في الانتهاك.

 

5/1: وحدة"سند" لرصد الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين وتوثيقها

أطلق مركز حماية وحرية الصحفيين في شهر مايو عام 2010 برنامج سند لرصد الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين وتوثيقها، وهو خطوة لمأسسة العمل على رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام والذي بدأناه منذ عشر سنوات ضمن تقرير حالة الحريات الإعلامية الذي يصدر سنوياً في اليوم العالمي لحرية الصحافة والذي يصادف الثالث من أيار من كل عام، وكانت توطئة ومقدمة لتحويل هذا البرنامج إلى وحدة "سند" لرصد وتوثيق الانتهاكات حتى تكون موازية لوحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد".

 

ويأمل المركز بأن تصل وحدة "سند" التي أنشأها في عام 2011 إلى غاياتها وأهدافها المرسومة لها، ولكن نجاح الوحدة منوط نسبياً بالبيئة المحيطة والسائدة في الأردن، وبالأخص البيئة القانونية والسياسية والاجتماعية. كما أنه مرهون كذلك بقدرة الوحدة على إحداث نقلة نوعية في مجال رصد انتهاكات حقوق الإعلاميين والحريات الإعلامية من خلال التعامل العلمي والمنهجي المتبصر مع الشكاوى والحالات المتعلقة بهذه الانتهاكات. فإنشاء وحدة "سند" استند إلى قناعة راسخة لدى المركز بأن هناك جملة من الأسباب والدوافع الموضوعية التي لاحظها المركز في السنوات السابقة، ويمكن إيجازها على النحو الآتي : 

 

1/5/1: الأسباب الدافعة لإنشاء وحدة "سند"

لقد لاحظ مركز حماية وحرية الصحفيين خلال سنوات عمله المختلفة أن التعامل مع الاعتداءات التي تستهدف الحقوق الإنسانية للإعلاميين وحرياتهم ليس منهجياً ولا متبصراً، وأن مجرد تقديم المساعدة القانونية للإعلاميين عندما يكونوا مشتكىً عليهم ليس كافياً لمعالجة أوضاعهم الإنسانية والمهنية. وقد تضافرت جملة من الأسباب والعوامل التي دفعت المركز إلى إنشاء وحدة "سند"، ويمكن إيجاز هذه الأسباب على النحو الآتي:

أ) زيادة وعي الإعلاميين بالانتهاكات.

ب) سياسة عدم الإفصاح.

ج) الافتقار إلى التعامل العلمي والمنهجي مع الحالات المنطوية على انتهاك.

د) قياس الاحترام الفعلي لحقوق الإعلاميين والحريات الإعلامية.

هـ) ضعف الإعلاميين في توثيق الانتهاكات.

و) الردع والملاحقة وتقديم العون القانوني.

 

2/5/1: ملاءمة البيئة القانونية والسياسية والاجتماعية

 من العوامل المهمة لنجاح أي مشروع أو وحدة في مجال رصد انتهاكات الحقوق الإنسانية وتوثيقها، ملاءمة البيئة القانونية، والسياسية والاجتماعية لغايات المشروع وأهدافه. وتنطبق هذه الحقيقة على السياق الذي أنشئت في ظله وحدة "سند"، الأمر الذي يستوجب فحص ودراسة هذه البيئة ومدى توافقها مع غايات الوحدة وأهدافها المتمثلة أساساً في رصد الانتهاكات المتعلقة بالحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين.ل قد استند المركز على فكرة توافق البيئة القانونية والسياسية والاجتماعية مع برنامج "سند"، وأنها تتضمن عناصر متنوعة ومختلفة تجعل منها ملائمة، ويمكن إيجازها على النحو الآتي:

أ. نشر اتفاقيات حقوق الإنسان في الجريدة الرسمية.

ب. التطبيق المباشر لاتفاقيات حقوق الإنسان في القضاء الأردني.

ج. وجود الهيئات الرقابية المستقلة والمنظمات غير الحكومية.

د. الإحساس بأهمية الديمقراطية لإدارة الشأن العام وظاهرة الربيع العربي والحراك الشعبي في الأردن.

 

3/5/1:  ما هي الحقوق والحريات التي ترصدها وحدة "سند"

لا تغطي وحدة "سند" إلا الحقوق الإنسانية المعترف بها دولياً لسائر الإعلاميين والحريات الإعلامية. ولا تسعى إلى رصد الانتهاكات التي تطال هذه الحقوق والحريات إلا إذا كان سببها أو الباعث إليها ممارسة العمل الإعلامي. وبمعنى آخر، فان الحقوق والحريات المستهدفة بالرصد والتوثيق من جانب المركز في إطار وحدة "سند"، هي التي يجري الاعتداء عليها بمناسبة ممارسة الإعلاميين لأنشطتهم وعملهم. وتهدف الوحدة إلى رصد وتوثيق الانتهاكات التي تنال من الحقوق والحريات الآتية:

1/3/5/1: الحق في عدم الخضوع للتعذيب أو لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة

يقصد بالتعذيب أي سلوك سواء أكان ايجابياً أم سلبياً، يلحق بالمعتدى عليه ألماً جسدياً، أو نفسياً أو عقلياً شديداً ويرتكبه، أو يسكت عليه أو يحض عليه شخص رسمي أو أي شخص آخر يعمل لصالحه أو لحسابه أو باتفاق معه، ويستهدف المعتدي منه الحصول على معلومات، أو إقرار أو معاقبة المعتدى عليه على عمل اقترفه، أو تخويفه، أو إرغامه على سلوك أو التمييز ضده. فالتعذيب بهذا المعنى قد يقع من خلال ضرب إعلامي، أو احتجازه لمدة طويلة دون سند قانوني في ظروف سيئة، أو بتهديده بالاعتداء عليه جسدياً أو نفسياً أو على شخص ثالث يتصل به بقرابة ما، أو من خلال الامتناع عن تزويده بالطعام عند احتجازه أو حرمانه من النوم.

 

أما فيما يتعلق بالمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية، فهي خضوع الإعلامي إلى سلوك ما من شأنه أن يلحق به ألماً جسدياً، أو نفسياً أو عقلياً شديداً، ويصدر عن شخص رسمي أو أي شخص آخر يعمل لحسابه أو بالاتفاق معه. ويندرج ضمن المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية التهديد، أو الاحتجاز لأسباب غير معروفة أو التدخلات والضغوط التي من شأنها أن تلحق ألماً بالإعلامي.

أما المعاملة أو العقوبة المهينة، فتعني إلحاق الم جسدي، أو نفسي أو عقلي بإعلامي بهدف الحط من قدره، أو سمعته أو كرامته أمام نفسه، أو أمام الآخرين.

 

2/3/5/1: الحق في الحرية الشخصية والأمان

تكفل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان حق كل إنسان بالحرية الشخصية والأمان، ويعد هذا الحق من الحقوق الأساسية التي لا يجوز حرمان الإنسان منه إلا لسبب قانوني أو بشكل غير تعسفي. وقد يتخذ الحرمان من الحرية أكثر من شكل أو صورة، فقد يكون: قبضاً، أو توقيفاً، أو حبساً، وقد يكون حجراً للحرية دون أن يتوافر له أي وصف من الأوصاف المذكورة.

 

يقصد بالقبض حرمان الإنسان من حريته الشخصية وتقييدها لأغراض الاستدلال والتحقيق. ويتم القبض في العادة في إطار الاشتباه بارتكاب فعل جنائي، ويتم من قبل رجال الضابطة العدلية (الأمن العام) لأغراض جمع الأدلة والتحقيق في جريمة ما. وهو مشروط في القانون الأردني بأن لا يزيد عن (24) ساعة، ويجب أن يدعو إليه أساس معقول وينص القانون عليه.

 

أما التوقيف، فيعني احتجاز إنسان وتقييد حريته من قبل المدعي العام أو المحكمة في إطار الاشتباه بارتكاب هذا الشخص جريمة ما، أو في إطار محاكمته عن جرم أسند إليه ارتكابه. وفي الأحوال جميعها، يكون التوقيف مشروطاً بشروط أهمها: أن يكون منصوصاً عليه في القانون، وأن يتم وفقاً له، وأن يكون ضرورياً ومتناسباً مع الغاية التي شرع من أجلها وأن يخضع قرار التوقيف إلى إمكانية الطعن قضائياً به.أما الحبس، فيعني تقييد حرية فرد ما أو حرمانه منه بمقتضى عقوبة صادرة بحقه بقرار قضائي قطعي. فالحرمان من الحرية يعد إجراء استثنائياً، ويجب أن لا يتم اللجوء إليه إلا في أضيق الحدود، وعلى أساس شروط ومعايير شديدة الدقة ومحددة تحديداً وافياً. وأي تقييد للحرية الشخصية أو احتجاز للشخص في غير هذه الحالات، بالإضافة إلى حالات الحجر الصحي أو الحرمان من الحرية بسبب مرض نفسي أو عصبي لا بد أن يتوافر فيها الشروط المذكورة، يعد وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان حرماناً غير مشروع من الحرية.

 

فالحرمان غير القانوني من الحرية هو تقييد الحرية لسبب ليس منصوصاً عليه في القانون. أما الحرمان التعسفي من الحرية فهو تقييد الحرية عند عدم توافر أي شرط من شرطي الضرورة والتناسب. وفي كلا هاتين الحالتين، يعد حرمان الشخص من حريته محظوراً بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي.

 

3/3/5/1: حرية الرأي والتعبير

يعني الحق في حرية الرأي والتعبير في سياق العمل الإعلامي حرية المشتغلين في قطاع الإعلام بشتى أشكاله ووسائله بالإفصاح عن آرائهم وما تتوافر لهم من معلومات بحرية ودون أن تترتب عليهم أية تبعة من جراء ذلك.كما أنه يشمل حقهم في التماس سائر ضروب المعلومات ونقلها، وتداولها وإشاعتها بحرية وانسيابية. فالحق في حرية الرأي والتعبير يحمي المعلومات المتوافرة لدى الإعلاميين، ومصادرها وسائر وسائل التعبير عنها.

 

ومن الأشكال المألوفة لانتهاك حرية الإعلاميين في الرأي والتعبير: فرض الرقابة المسبقة، والمنع من النشر أو إذاعة أو عرض مادة ما، وحجب المواقع الالكترونية والمصادرة بعد الطبع، والخضوع لمعاملة قاسية أو لا إنسانية بسبب مادة منشورة، وعدم المساواة بين الإعلاميين أنفسهم أو بين الهيئات الإعلامية ذاتها، والتعرض لتهديد أو اعتداء بمناسبة نشر مادة إعلامية وإخضاع ممارسة العمل الإعلامي للحصول على ترخيص مسبق أو رفضه.

 

4/3/5/1: حق الحصول على المعلومات

يشكل حق الحصول على المعلومات أحد المكونات الرئيسية للحق في حرية الرأي والتعبير، فهذا الأخير يشمل بحسب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان  حق التماس سائر ضروب المعلومات، بما في ذلك طبعاً المعلومات الموجودة تحت يد السلطات والهيئات العامة أو المتوافرة لهم.تقوم فكرة حق الحصول على المعلومات على حق كل شخص بأن يحصل على المعلومات الموجودة  لدى السلطات العامة لأن هذه الأخيرة مؤتمنة عليها، وهي – أي المعلومات – ليست ملكاً للدولة ولسلطاتها العامة ولكنها تحصلت عليها بحكم أنشطتها، ومهامها ووظائفها. وتقتضي حرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام والديمقراطية أن تكون هذه المعلومات متاحة للعموم وفق مبدأ الكشف الأقصى والعلني عنها. فينبغي أن يكون الوصول إلى هذه المعلومات والحصول عليها مكفولة  في القانون والممارسة.

 

5/3/5/1: الحق في المحاكمة العادلة

يعد هذا الحق من الحقوق الأساسية التي ينبغي احترامها وتأمينها للإعلاميين أسوة بغيرهم من الأشخاص. وينصرف هذا الحق إلى وجوب ضمان جملة من الضمانات الحقوق لأي إعلامي يكون مدعيا أو مدعى عليه، مشتكيا أو مشتكى عليه أو متهما. ومن أهم الضمانات أن تكون قضيته محل نظر منصف من قبل محكمة مستقلة، وحيادية ومنشأة بحكم القانون، وأن يحترم حقه في الدفاع وافتراض البراءة.  

 

6/3/5/1: الحق في الخصوصية

قد يتعرض الإعلاميون إلى مداهمة مساكنهم أو أماكن عمهلم سواء لتفتشيها لأي سبب آخر بمعرض ممارسة للعمل الإعلامي، وقد يتعرضون كذلك للنيل من سمعتهم أو سمعة أفراد أسرهم، أو للتشهير بهم والإعلان عن خصوصيات حياتهم الخاصة أو الأسرية. ومن الأمثلة على ذلك أن تقوم السلطات العامة بالكشف عن الأسرار الخاصة بأحد الإعلاميين أو بتهديده بذلك لمنعه من نشر مادة ما، وبصرف النظر عن كون هذا السلوك ينطوي على معاملة سيئة بالمعنى المحدد سابقاً، إلا أنه كذلك يشكل اعتداءً على حرمة حياته الخاصة.

 

7/3/5/1: الحق في الحياة

هو من الحقوق المكفولة في المادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فلا يجوز التعرض لحياة أي فرد بما في ذلك الإعلامي بسبب ممارسته لعمله ونشاطه. فهو من الحقوق التي لا يجوز المساس بها ولا يجوز أن يتعرض لأي انتهاك كنتيجة لأي نشاط إعلامي. كما لا يجوز أن يتعرض الإعلاميون لتهديد بقتلهم أو حرمانهم من حياتهم بمناسبة أدائهم لعملهم.

 

2. المنهجية المتبعة في رصد الانتهاكات وتوثيقها

اتخذت وحدة "سند" في رصدها للانتهاكات التي طالت الحريات الإعلامية في العام 2011 مصادر معلومات مختلفة ومتنوعة للحصول على المعلومات المتعلقة بهذه الانتهاكات وأهمها: الشكاوى والبلاغات التي تردها والرصد الذاتي. بالإضافة طبعاً إلى استطلاع الرأي الذي يجريه المركز سنوياً بغية الوقوف على حالة الحريات الإعلامية في الأردن. ويمكن إيجاز الأسلوب المتبع في الرصد والتوثيق في وحدة سند كالآتي:

1/2: مفهوم الشكوى أو البلاغ  وطرق تقديمهما إلى المركز

يقصد بالشكوى في سياق رصد الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين ادعاء من جانب شخص يمارس عملاً إعلامياً بصرف النظر عن وضعه النقابي، يزعم فيه أن حقوقه الإنسانية أو حرياته الإعلامية قد انتهكت في موقف معين، أياً كان مصدر هذا الانتهاك أو الجهة المسؤولة عنها وسواء صدر عن شخص رسمي أم عادي.فقد يتلقى المركز الشكاوى من خلال الهاتف، أو الفاكس، أو البريد الإلكتروني أو من خلال تعبئة الاستمارة (البلاغ) الذي أعده المركز لهذه الغاية.

 

أ) البلاغ: هو إخبار يقدمه إعلامي أو أكثر إلى المركز بأية وسيلة وبصرف النظر عن شكل هذه الوسيلة، ويتعلق بتعرضه هو أو أي إعلامي آخر لمشكلة تمس الحقوق الإنسانية وحرياتهم الإعلامية بمناسبة ممارستهم لعملهم الإعلامي ولكنها لا تتضمن شكوى من جانب مقدمها وإنما مجرد الإخطار بوقوع مشكلة أو انتهاك. وقد يحصل المركز على البلاغ من خلال استمارة المعلومات أو الهاتف أو الفاكس أو البريد الإلكتروني أو أية وسيلة أخرى. وأسوة باستمارة المعلومات، ينطوي البلاغ في العادة على شكوى بشأن انتهاك للحريات الإعلامية أو حقوق الإعلاميين.

 

ب) استمارة الشكوى: هي استمارة أعدها المركز بهدف الحصول على معلومات بشأن ما تعرض له إعلامي أو أكثر من مشكلات تمس حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الإعلامية بمناسبة ممارستهم لعملهم الإعلامي. وتشكل أحد أهم أدوات المركز في عملية رصد الانتهاكات. وفي أغلب الأحيان تتضمن  هذه الاستمارة شكوى تتعلق بانتهاك أحد الحقوق الإنسانية للإعلاميين أو الحريات الإعلامية أو أكثر. ومن السمات المميزة للشكوى أن يقم الإعلامي المتضرر مباشرة من الانتهاك بتعبئتها ذاتياً ومن تلقاء نفسه ليعرض ما تعرض له من مشكلات.

 

ج) رصد حالة: هي عملية يباشرها المركز من تلقاء ذاته بهدف التوصل إلى معلومات حول ما لحق بالإعلاميين من مشكلات تمس حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الإعلامية بمناسبة ممارستهم لنشاطهم الإعلامي، وقد تتم من خلال متابعة سائر وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والإلكتروني. وما يميز هذه الأداة أن المركز يتحرك فيها ذاتياً وليس بناءً على معلومات وردته من آخرين بشأن مشكلة بذاتها.

 

وقد استبعد المركز في هذا العام كلاً من حجب المعلومات والرقابة المسبقة من المحاور المشمولة باستمارة الشكاوى أو البلاغات، فاقتصر على المحاور السابقة. ويعود السبب وراء استبعاد هذين الانتهاكين من الاستمارة إلى أن تجربة السنوات الماضية دلت بشكل قاطع على تعذر إثبات حجب المعلومات والرقابة المسبقة في ضوء الممارسة الفعلية للإعلاميين. وقد قام المركز بعقد جلسة للعصف الذهني بتاريخ 14/1/2012 ضمت عدداً من الإعلاميين، ومدراء التحرير وحقوقيين لبحث موضوعي حجب المعلومات والرقابة المسبقة بهدف الوقوف على الواقع الفعلي لهذين الانتهاكين وكيفية التعامل معهما، وسيتم عرض أهم ما جرى التوصل إليه لاحقاً في الجزء المخصص للانتهاكات.

 

وتتم عملية تعبئة استمارة المعلومات عادة بإشراف راصدين يعملون داخل المركز أو مباشرة من قبل مقدم الشكوى أو الضحية. كما دأب المركز على إرسال راصدين جرى تدريبهم إلى الهيئات والمؤسسات الإعلامية المختلفة بغية توزيع استمارات المعلومات على العاملين فيها وتعبئتها من جانبهم. ومن السبل الأخرى التي استعان بها المركز بغية تسهيل استقبال الشكاوى، قيام الراصدين العاملين في المركز بالاتصال مع الإعلاميين عبر الهاتف وسؤالهم عن الانتهاكات التي تعرضوا لها في عام 2011 وتعبئة استمارة المعلومات بذلك.

 

وعلى أي حال، فإن الشكوى بحد ذاتها ليست دليلاً على وقوع الانتهاك إلا إذا استندت على أدلة وتحليل يثبتان ما جاء فيها. ولهذا السبب قام المركز في هذا العام بالحفاظ على آليته التي استحدثها في العام الماضي لفحص الشكاوى، وتحليلها وتبويبها والمستندة على التحليل العلمي والمنهجي.

 

كما لجأ المركز في هذا العام إلى أسلوب جديد لجمع المعلومات بالنسبة لبعض الانتهاكات التي أثبتت التجربة صعوبة إقامة الدليل عليها من قبيل الرقابة المسبقة. إضافة إلى مشكلات أخرى دل الواقع على عدم إحاطة الإعلاميين بجوانبها وأبعادها القانونية من قبيل حجب المعلومات وعدم الوصول إلى العدالة. وتمثل هذا الأسلوب بعقد جلسات عمل مركزة (Focus Group) تضم إعلاميين وحقوقيين وتسعى إلى تقديم إجابات محددة حول أسئلة تتعلق بالمشكلات المذكورة، وذلك بهدف تشكيل اتجاهات أولية بشأنها تتيح المجال مستقبلاً لتطوير آليات للتعامل معها ورصدها وتوثيقها.

 

وتميز العام 2011 بوقوع عدد من حالات الاعتداء على الحقوق الإنسانية للإعلاميين وحرياتهم الإعلامية التي تتصف بالمنهجية أو سعة النطاق والجسامة. وهي انتهاكات واضحة وثابتة سواء أكان هناك شكاوى بشأنها أم لا. وقد سعى المركز إلى فهم أنساقها وسياقاتها، وتحليلها وتوثيقها بشكل منهجي، وعلمي ووفقاً لمقاربة حقوقية متكاملة.

 

2/2: النظر في الشكاوى والبلاغات وتحليلها

حرص المركز  في عام 2011 على أن يجري النظر في الشكاوى، وفحصها وتحليلها على أساس علمي ومنهجي متبصر، وذلك لأن الهدف الأساسي من وراء وحدة "سند" هو رصد الانتهاكات بمعناها الفني الدقيق، وتوثيقها حسب الأصول ووفقا للحقوق الإنسانية المعترف بها في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان. وتستند عملية النظر في الشكاوى والبلاغات، وفحصها وتحليلها على مراحل متعددة، فهي تخضع ابتداءً إلى مراجعة قانونية من قبل فريق من المحامين العاملين في إطار وحد سند، ثم يجري مراجعتها مراجعة علمية شمولية. وفي الحالتين، تخضع الشكوى لفحص مقبوليتها وتوافر الشروط الشكلية لصحتها، فإن ثبت أن الشكوى مقبولة من حيث الشكل، يتم فحص أساسها، أو موضوعها، وبالنتيجة فإنها قد تكون منطوية بالفعل على انتهاك  للحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين أو لا تكون.

 

عند توافر شروط مقبولية الشكوى أو صحتها الشكلية، كان المركز يقوم من خلال آليتي المراجعة القانونية والعلمية بالعمل على تحليل موضوع الشكوى، ودراستها والنظر في أساسها. وقد استندت عملية النظر في موضوع الشكوى وتحليلها خلال عام 2011 على جملة من الأسس أهمها الاستناد على الأحكام القانونية الدولية والوطنية التي ينبغي احترامها والعمل بها في مجال الحقوق الإنسانية للإعلاميين والحريات الإعلامية. وقد توزعت هذه الأحكام في الأساس على جملة من الاتفاقيات الدولية المنشورة في الجريدة الرسمية وقوانين أردنية نافذة من قبيل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، قانون الاجتماعات العامة، قانون المطبوعات والنشر وغيرها من القوانين التي تنظم الإعلام المرئي والمسموع، قانون العقوبات وبالطبع أحكام الدستور الأردني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد ارتكزت عملية دراسة الشكوى في عام 2011 على ارتباط موضوعها بعمل الإعلامي ونشاطه المهني.

 

ويعد التصنيف الذي اتبعه المركز للانتهاكات نقلة نوعية في رصد الانتهاكات الواقعة على الحريات الإعلامية لأنه أكثر واقعية وشمولاً وأقرب إلى فهم طبيعة الانتهاكات، وواقعها، وأنماطها والتأثير المتبادل فيما بينها على التمتع الفعلي بالحريات الإعلامية في الأردن.

 

3/2: واقع الشكاوى في عام 2011

أسوة بما لاحظه المركز في عام 2010 بشأن أعداد الشكاوى، فقد ازداد هذا كذلك في عام 2011، إذ استقبل المركز عدداً من الشكاوى يفوق ما كان يستقبله في الأعوام السابقة لعام 2010، وهو العام الذي أطلق فيه المركز برنامج "سند" لرصد وتوثيق الانتهاكات والذي تحول هذا العام إلى وحدة "سند" لرصد الانتهاكات وتوثيقها. فقد تلقى المركز في عام 2011 (78) شكوى سواء بشكل مباشر أو من خلال الاتصال بالإعلاميين أو من خلال الطلب إليهم لتعبئة استمارة المعلومات المتعلقة بالشكاوى والانتهاكات.

 

ويمثل العدد الكبير من الشكاوى الذي تلقاه المركز في هذا العام مقارنة مع الأعوام السابقة لعامي 2010 و2011 قفزة نوعية تعكس ازدياد وعي الإعلاميين بأهمية تقديم الشكاوى وتوثيق الانتهاكات التي تمس حقوقهم وحرياتهم وبالدور الحيوي الذي أضحى مركز حماية وحرية الصحفيين يقوم به في هذا المجال. وربما كان لأجواء التغيير التي تشهدها المنطقة بما فيها الأردن دور كبير كذلك في حث الإعلاميين على التقدم بشكاوى تتعلق بالاعتداءات التي تقع عليهم، خاصة وأنهم لمسوا أهمية المقاربة المستندة على حقوق الإنسان وسيادة القانون في مراحل التحول الديمقراطي والانتقال من الحكم الشمولي إلى الحكم الديمقراطي والمنفتح. وقد اتسمت الشكاوى والبلاغات المقدمة في هذا العام بعدد من السمات أهمها:

أ) صعوبة أو استحالة إثبات الادعاءات الواردة في بعض من الشكاوى.

ب) الإحجام عن إخطار الجهات الرسمية بالحالة.

ج) ضعف الوعي بحقوق الإنسان والخلط بين الانتهاك وممارسة السلطة.

د) ازدياد الرغبة لدى الإعلاميين في الإفصاح.

هـ) شكاوى مصدرها اعتداءات من برلمانيين وأشخاص ذوي حظوة أو نفوذ.

و) تنوع المشكلات الواردة في الشكاوى وازدياد الادعاءات المتعلقة بانتهاكات جسيمة وواسعة النطاق.

ز) انخفاض عدد الشكاوى العامة.

ح) الحرص على توثيق الانتهاك بهدف ملاحقة الجناة.

 

4/2: عرض لنماذج من الشكاوى وتحليلها

يعتقد المركز بوجوب أن يتضمن التقرير عرضاً لعدد من الشكاوى التي استقبلها في عام 2011 وتحليلها. وقد فضَّل المركز أن تكون الشكاوى التي سيتم تحليلها وعرضها من الشكاوى التي قرر المركز حفظها وعدم السير بإجراءات متابعتها، وذلك لتساهم في إظهار الأسباب التي استوجبت حفظها، مما قد ييسر على الإعلاميين تلافيها إذا كانت عائدة لنقص في المعلومات، أو لعدم عنايتهم بتوثيقها أو لاعتقاد خاطئ من جانبهم بأن انتهاكاً أو أكثر وقع عليهم دون أن يكون هناك انتهاك بالمعنى القانوني. وينبغي التأكيد على أن اختيار المركز لشكاوى بعينها لا يعني أن هذه الشكاوى أهم من غيرها، ولكن المركز وضع جملة من المعايير التي تحكم اختيار هذه الشكاوى أهمها: توافر معلومات تجعل الشكوى قابلة للدراسة والتحليل، أهمية الشكوى في الكشف عن أهم التحديات والصعوبات التي تجعل من متابعة الشكوى أمراً متعذراً، وأن تعكس واقع الشكاوى التي تلقاها المركز في هذا العام على النحو الموضح أعلاه.

 

3. واقع انتهاكات حقوق الإعلاميين والحريات الإعلامية في عام 2011

شهد العام 2011 ارتكاب انتهاكات علنية، وجماعية وجسيمة، بالإضافة طبعاً إلى الانتهاكات الفردية التي يرصدها المركز ويتحقق من وقوعها في كل عام. وقد تمكن المركز في عام 2011 من التحقق من وقوع انتهاكات مختلفة ماسة بحقوق الإعلاميين وبالحريات الإعلامية، وهي انتهاكات جماعية و/ أو جسيمة وانتهاكات فردية. وقد توافر للمركز بشأنها معلومات من خلال الشكاوى التي استقبلها والحالات التي رصدها ذاتياً دون شكاوى. ومن بين (78) شكوى و(52) حالة رصدها المركز في عام 2011، تبين للمركز أن (106) منها تنطوي على انتهاك يتعلق بحق أو أكثر من حقوق الإعلاميين أو بالحريات الإعلامية.

 

والملاحظ في هذا العام ارتفاع عدد الانتهاكات التي كان مصدرها هيئات أو جهات خاصة أو أشخاصاً عاديين مقارنة مع الأعوام السابقة. فالمركز يرصد الانتهاكات الصادرة عن القطاعين العام والخاص، وذلك لأن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي تشكل المرجع الأول في مجال حماية حقوق الإعلاميين، تلزم الدول الأطراف بأن تضمن احترام هذه الحقوق وحمايتها في المجالين العام والخاص.

 

لقد نظر المركز لانتهاكات العام 2011 على أساس أنها قابلة للتصنيف كالآتي: انتهاكات جماعية و/ أو جسيمة، انتهاكات فردية وانتهاكات دلت الممارسة على صعوبة إثباتها رغم وقوعها. ولكن قبل عرض هذه الانتهاكات ينبغي الإشارة إلى أهم العناصر المميزة والمشتركة لانتهاكات عام 2011، فقد تميز هذا العام بوجود عناصر مشتركة بين هذه الانتهاكات سيتناولها التقرير معاً، بينما سيخصص لأحد أهم هذه العناصر بنداً مستقلاً لمعالجته وهو إفلات الجناة من العقاب وصعوبة وصول الضحايا إلى الإنصاف والعدالة.

 

1/3: العناصر المشتركة بين انتهاكات عام 2011 و/ أو المميزة لها

تميزت الانتهاكات التي طالت الإعلام والإعلاميين بوجود عدد من العناصر المشتركة بينها والمميزة لها عن الانتهاكات المرتكبة في الأعوام الماضية، ويمكن إيجازها على النحو الآتي:

أ) إنصبت معظم الانتهاكات التي وقعت على الإعلاميين في عام 2011 على الحق في سلامة البدن (تحريم التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة)، وعلى الحق في الحرية الشخصية وتحريم الاحتجاز التعسفي وغير القانوني، بالإضافة إلى التهديد بالحرمان من الحق في الحياة، والقرصنة على المواقع الإلكترونية وفبركة بعض الأخبار أو المعلومات المغلوطة والعمل على نشرها بصورة تضلل الإعلام والإعلاميين.

 

ب) الطابع المنهجي وواسع النطاق لعدد من الانتهاكات، وبالذات الانتهاكات التي وقعت بحق الإعلاميين بمناسبة تغطيتهم للمسيرات الشعبية، والاعتصامات وفعاليات الحراك الشعبي في الأردن. وقد تمثلت هذه الصفة بوضوح في أحداث ساحة النخيل، وأحداث دوار الداخلية، والمفرق، ومسيرة العودة في 15 أيار، فقد دلت الشكاوى واستمارة استطلاع الرأي على أن جزءا كبيرا من الانتهاكات والاعتداءات كان مصدره الجهات الأمنية، وأن الاعتداءات اتخذت شكل شتم وذم، وحجز حرية، واعتداء جسدي واستدعاء أمني، لقد عكست الانتهاكات التي تحقق المركز من وقوعها عام 2011 نوعا من السلوك الممنهج والمنظم في ارتكاب الانتهاك أو الاعتداء، ففي أحداث ساحة النخيل –على سبيل المثال- كان الطابع المنهجي واضحا تماما، فقد دلت الانتهاكات على أن الصحفيين والإعلاميين كانوا مستهدفين وأن كاميراتهم كانت هدفا للاعتداء، وأن الجهات الأمنية التي شاركت جميعها في الأفعال المكونة للانتهاكات تقصدت فعلاً، ووفق رؤية مسبقة وإطار معد سلفا، الاعتداء على الإعلاميين وإتلاف كل ما بحوزتهم من أدلة مسموعة أو مرئية على الحدث وكيفية وقوعه، علاوة على أنه جرى استهدافهم وهم يرتدون زيا يميزهم كصحفيين وإعلاميين.

 

ج) تنوع مصادر الانتهاكات: كشفت الاعتداءات والانتهاكات التي تحقق المركز من وقوعها وقام بتوثيقها سواء علم بها من خلال شكوى أم من خلال استمارة استطلاع رأي الصحفيين بحالة الحريات الإعلامية عن اتساع الانتهاكات التي كان مصدرها جهة أمنية أو أشخاصا عاديين، فالقدح والذم كان من أشخاص عاديين، والشتم والإهانة والضرب كان من جهات أمنية، والتهديد كان من الجهتين. واللافت للانتباه أن جهات أمنية مختلفة كانت مسؤولة عن التهديد بالقتل والشتم والاعتداء البدني كذلك.

 

د) إفلات الجناة من العقاب: بالرغم من اتساع حجم الانتهاكات وبالذات الانتهاكات الجسيمة التي طالت حقوقا أساسية للإعلاميين وشكلت امتهانا لكرامتهم ولسلامة بدنهم، فضلا عن أنها استهدفت إساءة معاملتهم والاعتداء الجسدي واللفظي عليهم، إلا أن أياً من الأشخاص الذين صدرت عنهم هذه الاعتداءات لم يتعرض للملاحقة والمحاكمة.

 

2/3: أهم الانتهاكات الجسيمة أو الجماعية

تميز العام 2012 بارتكاب انتهاكات جسيمة أو جماعية بحق الإعلاميين في أحداث دوار الداخلية (25/آذار)، وأحداث مسيرة العودة (15/ أيار)، وأحداث ساحة النخيل (15/ تموز)، وأحداث المفرق، وقد اتسمت هذه الانتهاكات بسعة نطاقها وطبيعتها، حيث أنها انصبت في المقام الأول على انتهاك حق الإعلاميين في سلامة بدنهم واتخذت شكل إساءة معاملة لفظية وبدنية. وفيما يأتي  عرض لأهم هذه الانتهاكات:

1/2/3: الانتهاكات التي صاحبت أحداث دوار الداخلية (25/ آذار)

تعرض أكثر من 20 إعلامياً بين صحفي ومراسل ومصور إلى اعتداءات جسيمة وواسعة النطاق أثناء تغطيتهم لاعتصام حركة 24/ آذار في دوار الداخلية.

 

وقد اتخذت هذه الاعتداءات شكل ضرب مبرح بالعصي، وركل بالأرجل وشتم يمتهن الكرامة الإنسانية، علاوة على سقوط حجارة وعصي "البلطجية" على رؤوس الإعلاميين على مرأى رجال الأمن والدرك. وقد تسببت هذه الاعتداءات بإلحاق أذى وضرر كبيرين لعدد من الزملاء، حيث خلفت كسورا لهم في الأرجل والأيدي والرؤوس. كما جرى إدخال عدد منهم إلى المستشفيات، إضافة إلى تحطيم الكاميرات التي كانت بحوزتهم وتكسيرها.

 

مما لا شك فيه أن الانتهاكات المذكورة هي انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق، وقد شملت كلاً من إساءة المعاملة ومنع الإعلاميين من ممارسة عملهم وحرمانهم من التمتع بالحرية الإعلامية، ومسؤولية رجال الأمن العام والدرك ثانية بشأنها، فقد تسببوا أنفسهم ومباشرة بأضرار بدنية ونفسية شديدة لهؤلاء الإعلاميين من جراء قيامهم بالاعتداء البدني واللفظي عليهم، كما أنهم سكتوا عن الاعتداءات المشابهة التي اقترفها أشخاص عاديون من "البلطجية" بحقهم على مرأى ومسمع من رجال الأمن دون أن يسعوا إلى القبض عليهم والشروع بملاحقتهم.

 

2/2/3: الانتهاكات المتعلقة بأحداث المفرق

من الحالات الأخرى التي ارتكبت فيها انتهاكات جسيمة وجماعية بحق الإعلاميين والحريات الإعلامية حالة أحداث المفرق التي وقعت بتاريخ 23/12/2011. وقد اتسمت الاعتداءات التي وقعت على الإعلاميين في هذه الحالة كذلك بأنها طالت حقوقهم الأساسية، وسلامة بدنهم، وكرامتهم الإنسانية وحريتهم الشخصية بالإضافة إلى تهديد بعضهم بالقتل والتسبب بأضرار بدنية ونفسية بليغة.

 

 

كما رصد المركز حالات عديدة تعرض فيها محررو عدد كبير من المواقع الالكترونية إلى ضغوطات من قبل أجهزة أمنية لإزالة خبر الاعتداء من قبل بلطجية على مسيرة المفرق. كما أشار إعلاميون إلى أن مؤسساتهم تعرضت كذلك إلى ضغوط من قبل أجهزة الدولة من أجل "فتح النار على الإسلاميين والحراك الشعبي"، وخاصة بعد أحداث المفرق.

 

إن الانتهاكات المشار إليها تنطوي كلها على خرق لحق الإعلاميين في سلامة بدنهم، وإلى عدم جواز تعرضهم لإساءة المعاملة. علاوة على أنها تشكل اعتداءً صارخا وجسيما على الحريات الإعلامية. كما أنها تكشف بصورة واضحة على أن تدخلات الدولة في الإعلام لم تعد تقتصر على منع الإعلاميين من تغطية الحدث فحسب، ولكنها أضحت تأخذ شكل تدخل غير ناعم وإملاءات فضلا عن أنها باتت كذلك تذهب إلى الاعتداء على كرامة الإعلاميين وسلامة جسدهم وحريتهم الشخصية.

 

3/2/3: الانتهاكات المرتكبة في أحداث ساحة النخيل

يعد الاعتداء الذي ارتكبه رجال الأمن وقوات الدرك بحق الإعلاميين أثناء تغطيتهم لأحداث اعتصام ساحة النخيل بتاريخ 15/7/2011 من أكثر الاعتداءات الجسيمة وشدة وقد اثبت المركز في تقرير أولي أصدره بخصوص هذا الاعتداء بتاريخ 30/7/2011 أن هذا الاعتداء كان واسع النطاق، ومتعمداً، ومنهجياً وواسع والناطق.

 

لقد ثبت للمركز من خلال عملية الرصد وتقصي الحقائق التي أجراها عقب هذا الاعتداء أنه كان متعمداً، ومدبراً ومقصوداً لذاته، خاصة وأن عدداً كبيراً من الزميلات والزملاء الإعلاميين تعرضوا للضرب، وللشتم ولتكسير كاميراتهم وهواتفهم النقالة وهم يرتدون السترة التي وزعها الأمن العام عليهم لتمييزهم عن غيرهم من المشاركين في الاعتصام. وقد تم توزيع السترات عليهم عقب اتفاق على ذلك بين مركز حماية وحرية الصحفيين ونقابة الصحفيين والأمن العام، وذلك كي يتسنى حماية الإعلاميين وعدم الاعتداء عليهم بحجة صعوبة تمييزهم عن المشاركين في الاعتصام. كما أظهرت المعلومات التي جمعها  المركز أن عدداً من الزميلات والزملاء ضحايا الاعتداءات جرى التنكيل بهم عقب قيامهم بالكشف عن هويتهم كإعلاميين وصحفيين لرجال الأمن والدرك أو لأنهم شوهدوا من قبل هؤلاء يغطون الأحداث من خلال كاميراتهم وهواتفهم النقالة.

 

إن اعتداء ساحة النخيل يشكل سابقة غير معهودة، خاصة وأنه لم يكن محدوداً ولا بسيطاً. ورغم انه ليس الأول من نوعه في عام 2011 إلا أنه تميز بالعدد الكبير من الصحفيين والمراسلين والمصورين الذين استهدفوا عمداً وبشكل منهجي بالضرب، والشتم وسوء المعاملة، ما أدى إلى إصابة عدد كبير منهم بإصابات بالغة وجسيمة.

 

لقد تمكن المركز من توثيق (19) حالة اعتداء على زميلات وزملاء إعلاميين ممن استهدفوا يوم 15/7/2011 من قبل أفراد الأمن العام والدرك وشرطة السير أو من تزيا بزيهم الرسمي من جهات أمنية أخرى. ويمكن إيجاز أهم هذه الحالات التي توثق المركز من وقوع الاعتداء فيها على إعلاميين وإعلاميات على النحو الآتي:

1) الزميل سامي محاسنة الذي أصيب إصابات بالغة شملت كسراً في قصبة يده اليمنى، وتهتك بإبهام اليد وإصابات بالغة في عينه اليسرى بالقرب من العصب البصري. وقد تعرض بالضرب بعصا وبأحذية "بساطير" رجال الأمن العام.

2) الزميل رائد عورتاني من جوردان ديز الذي أدى ضرب قوات الأمن له إلى كسر في ركبته، إضافة إلى كسر كاميرته.

3) الزميل يزن خواص من قناة نورمينا الذي ضرب على يده اليسرى التي كانت تحمل ميكروفونا مما أدى إلى تمزق بأنسجة اليد.

4) الزميل محمد النجار مراسل الجزيرة نت الذي تعرض لضرب وشتم من قبل قوات الأمن العام ومنع من تغطية الأحداث والتصوير.

5) الزميل ياسر أبوهلالة مدير مكتب قناة الجزيرة الذي تعرض للضرب والشتم لمنعه من تغطية الأحداث.

6) الزميلة أمل غباين من وكالة عمون التي حاول رجال الأمن منعها من تصوير اعتدائهم على احد المعتصمين، وقاموا بشتمها مستخدمين ألفاظاً نابية، ومطاردتها بغية الاستيلاء على الكاميرا التي كانت بحوزتها وضربها بالعصي.

7) الزميل أحمد ملكاوي من وكالة سرايا الذي تعرض للضرب وكسرت كاميرته من قبل رجال الأمن بالعصي التي كانوا يحملونها.

8) الزميل علي الزعبي من قناة نورمينا الذي ضربه رجال الأمن بعصا غليظة من الخلف وبشكل مركز على يده لإسقاط الكاميرا منه.

9) الزميل محمد الفضيلات من عمان نت الذي شتمه أفراد الأمن العام بألفاظ نابية ومنعوه من الوصول إلى موقع التصوير.

10) الزميل أنس ضمرة من وكالة عمون الإخبارية الذي اعتدى عليه رجال الأمن بهراوة من الخلف بسبب محاولته ثني رجال الأمن العام من الاستمرار بضرب الزميل محمد الكسواني.

11) الزميل محمد أبوقطي من رويترز الذي انهال رجال الأمن عليه ضرباً، وقاموا بتكسير إحدى كاميراته لأنه كان يصور الاعتداء على المعتصمين وضربهم من قبل أفراد الأمن العام والدرك، إضافة إلى محاولته مساعدة زملائه الإعلاميين الذين كانوا يتعرضون لأقسى صور العنف البدني واللفظي.

12) الزميلة رنا زعرور من قناة العربية التي قام رجال الأمن العام بشتمها بألفاظ نابية ومنعوها من التصوير.

13) الزميلة هبة كيوان من وكالة سرايا الالكترونية التي نالها من عنف رجال الأمن ما نال زملاءها الآخرين.

14) الزميل إسلام صوالحة من موقع عمان بوست الذي طلب منه رجال الأمن الكف عن التصوير، وقام أحدهم بضربه من الخلف برأسه وهو يرتدي خوذة، فسقطت كاميرا الزميل صوالحة جراء ذلك، ولما استأنف الزميل التصوير من خلال هاتفه النقال قام رجال الأمن وشرطة السير أو من يرتدون زيهم بضربه على يده فوقع الهاتف منها.

15) الزميل نضال سلامة من السوسنة الالكترونية الذي ضربه رجال الدرك، وشتموه بألفاظ مهينة وانتزعوا منه الكاميرا وقاموا بتكسيرها.

16) الزميل عامر أبو حمدة من مكتب بي. بي. سي عمان الذي اعتدي عليه من الخلف بدرع يحمله رجال الأمن حينما كان يصور الأحداث، ثم تعرض للضرب ثانية بحزام أحد رجال الأمن على رقبته ويده لمنعه من التصوير.

17) الزميل فهيم كريم من نيويورك تايمز الذي تعرض لاعتداء بدني.

18) الزميل خليل مزرعاوي من جريدة الدستور والذي تعرض للضرب.

19) الزميل محمد حنون من أسوشييتيد برس الذي تعرض للضرب.

 

لقد لحق في الحالات السابقة وغيرها ـ كما تبين للمركز ـ أضراراً بدنية ونفسية ومادية جسيمة من جراء اعتداء رجال الأمن العام والدرك على الإعلاميين. وقد اتسمت هذه الحالات بقواسم مشتركة مثل استهداف يد الإعلامي لإسقاط الكاميرا من يده، والضرب من الخلف لحجب هوية الجاني عن الضحية، علاوة على أن غالبية الضحايا الإعلاميين كانوا يرتدون سترة الصحافة وكان واضحاً لرجال الأمن والدرك أنهم ليسوا من المعتصمين.

 

لقد كشفت معظم الحالات التي قام المركز بتوثيقها عن نمطية محددة عند ارتكاب الفعل أو الاعتداء من جانب رجال الأمن والدرك. وما يؤكد الطابع المنهجي للاعتداء أن رجال الأمن والدرك وغيرهم من رجال الأجهزة الأمنية الأخرى كانوا يرتدون زيهم دون أية إشارة لأسمائهم أو لأرقامهم بغية إخفاء هويتهم علاوة على أن الاعتداء على الإعلاميين وقع فيما كان الإعلاميون يرتدون سترات تميزهم عن غيرهم من المعتصمين، وشملت شتائم رجال الأمن لهم على ألفاظ واضحة تدل على استهدافهم.

 

إن الاعتداء الذي شاركت فيه أجهزة أمنية مختلفة ضد الإعلاميين في ساحة النخيل يشكل انتهاكاً واضحاً وصريحاً لأحكام كل من الدستور الأردني، والقانون الأردني، واتفاقيات حقوق الإنسان التي صادق عليها الأردن ونشرها في الجريدة الرسمية، فهذا الاعتداء هو اعتداء على حرية الرأي والتعبير بما فيها الحرية الإعلامية، وتحريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، والحق في الاجتماع السلمي والحق في الوصول إلى العدالة وسبل الإنصاف الفعالة علاوة على أنه ينطوي على خرق لمبادئ الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام القوة في سياق إنفاذ القانون. وهي كلها انتهاكات توجب إنصاف الضحايا، وتعويضهم ومساءلة الجناة جنائيا ومدنيا وإدارياً على السواء.

 

أم فيما يتعلق بدور المركز في التعامل مع حادثة النخيل، فقد اصدر بتاريخ 15/7/2011 تقريرا أوليا بشأن الحادثة بعد أن قام بعملية تقصي للحقائق وجمع للمعلومات. وقد تبين للمركز بشكل واضح في حينها مسؤولية سائر الأجهزة الأمنية عن الاعتداء. وسعى المركز إلى تحريك دعاوى جزائية ومدنية لملاحقة الجناة وإنصاف الضحايا، وبالفعل قام عدد من الزملاء المعتدى عليهم بتوقيع وكالات للمحامين العاملين ضمن وحدة " ميلاد" ولكنهم تراجعوا عن ذلك باستثناء الزميلين نضال سلامه وإسلام صوالحة. وقد انعقد رأي القانوني على أن حالة هذين الزميلين ليست صلبة من الناحية القانونية ولن يكون للإجراءات القضائية أي جدوى في ضوء الوقائع والملابسات المحيطة  بهما. 

 

4/2/3: الانتهاكات المرتكبة خلال تغطية "مسيرة العودة"

 تعرض الإعلاميون لاعتداء آخر جسيم، وجماعي ومنهجي من قبل رجال يتبعون أجهزة أمنية مختلفة بما فيها الأمن العام والدرك، إضافة إلى "البلطجية" خلال قيامهم بعملهم وتغطية أحداث مسيرة حق العودة في 15/5/2011 وذلك في منطقة الكرامة.

 

وفي هذا الانتهاك، كما في غيره من الانتهاكات الجسيمة، لاحظ المركز أن الانتهاك كان مقصوداً ومستهدفاً، فقد استهدف المعتدون كاميرات الإعلاميين ووسائل تغطيتهم للحدث وقاموا بالاعتداء بدنياً ولفظياً على الإعلاميين، كسروا سياراتهم ومعداتهم فضلاً عن أنهم استولوا على أشرطة التسجيل الخاصة بهم، وأعادوا منها ما لا يخص أحداث المسيرة واحتفظوا بتلك التي توثق الانتهاكات التي ارتكبها رجال الأجهزة الأمنية على المشاركين في المسيرة المطالبين بالعودة إلى فلسطين.

 

يرى مركز حماية وحرية الصحفيين أن الاعتداءات التي ارتكبت بحق الإعلاميين أثناء تغطيتهم لأحداث "مسيرة العودة" لا تختلف عن الانتهاكات الجسيمة الأخرى التي تورطت فيها جهات أمنية مختلفة، وأنها سلسلة من حلقة متواصلة من الانتهاكات الجماعية والجسيمة التي استندت على إساءة المعاملة، والاعتداء البدني واللفظي والحط من كرامة الإعلاميين لمنعهم من ممارسة عملهم بحرية وتكميماً لحرية الصحافة والإعلام.

 

3/3: الانتهاكات الفردية

بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة وواسعة النطاق أو الجماعية، وقعت على الإعلاميين انتهاكات أخرى وكثيرة فردية، وقد طالت هذه الانتهاكات الفردية أكثر من حق من الحقوق والحريات المعترف بها دولياً والتي يلتزم الأردن باحترامها، وضمانها وحمايتها، وتجدر الإشارة إلى أن السواد الأكبر من هذه الانتهاكات تمس أكثر من حق أو حرية لأن انتهاكات حقوق الإنسان بطبعها وبحكم الترابط بين حقوق الإنسان المختلفة تتصف بكونها مركبة ومتعددة الجوانب. وقد انصبت الانتهاكات التي تحقق المركز من وقوعها في عام 2011، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة المذكورة سابقاً، مجموعة واسعة من الحقوق الإنسانية والحريات الإعلامية من قبيل: الانتهاكات المتعلقة بالتهديد بالحرمان من الحق في الحياة،  تحريم التعذيب وغيره  من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، الحق في الحرية الشخصية والأمان، حرية التعبير والإعلام، حق الحصول على المعلومات، الحق في الاجتماع السلمي، تحريم الدعوة إلى الكراهية أو العداوة أو العنف والحق في الوصول إلى العدالة وسبل إنصاف فعالة.

 

وبالنسبة لكل من الحق في الحصول على المعلومات والحق في الوصول إلى العدالة، فلن يتضمن هذا البند عرضا للانتهاكات الفردية المتعلقة بها وسيتم تناول الانتهاكات المتعلقة بكل واحد منهما في بند خاص به، وذلك لأن التجربة دلت على صعوبة، وربما استحالة، إقامة الأدلة على انتهاك حق الحصول على المعلومات، ما دعا المركز على التعامل معها بصورة وآلية مختلفة في هذا العام.

 

ومن بين (78) شكوى وبلاغ و(52) حالة رصدها المركز في عام 2011، تبين للمركز أن (106) منها تنطوي على انتهاك يتعلق بحق أو أكثر من حقوق الإعلاميين أو من الحريات الإعلامية. وفيما يلي عرض لبعض هذه الانتهاكات بحسب الحقوق والحريات المعتدى عليها:

 

1/3/3: الانتهاكات المتعلقة بالتهديد بالحرمان من الحق في الحياة

لاحظ المركز في عام 2011 ازدياد عدد الانتهاكات التي تتعلق بالتهديد في الاعتداء على الحق في الحياة، وقد رصد المركز عدداً منها وتحقق من وقوعها. واللافت للنظر أن هذه التهديدات جاءت من جانب أشخاص عاديين وبرلمانيين وأهم الانتهاكات التي وثقها المركز في هذا السياق:

أ) تهديد عدد من البلطجية للزميلة هيام عوض.

ب) تهديد الزميل شادي سمحان من وكالة "عمان جو" بالقتل.

ج) تهديد الزميل أحمد الحياري من وكالة وطن نيوز الإخبارية بالقتل.

د) تهديد الزميل يوسف ضمرة من صحيفة الغد بالقتل.

 

2/3/3: الاعتداءات الماسة بتحريم التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة

أسوة بما كان عليه الحال في عام 2010، تميز العام 2011 كذلك بكثرة الشكاوى التي كان موضوعها ادعاءات بتعرض أصحابها إلى معاملة سيئة بشتى صورها وأشكالها بما في ذلك طبعاً الاعتداء البدني واللفظي، والتهديد، والاستدعاء الأمني نتيجة العمل الإعلامي والاحتجاز غير القانوني أو التعسفي في ظروف سيئة.

 

وبالإضافة إلى الانتهاكات الماسة بكرامة الصحفيين وحقهم في عدم الخضوع لمعاملة سيئة التي رصد المركز وقوعها ضمن الانتهاكات الجسيمة أو الجماعية، تمكن المركز في عام 2011 من التحقق من وقوع انتهاكات فردية كذلك تمس تحريم إساءة المعاملة وسلامة بدن الصحفيين وكرامتهم وفيما يأتي عرض لعدد منها:

1/2/3/3: الاعتداء على الزميل نضال سلامة من "وكالة السوسنة" جسدياً

جاء في شكوى الزميل نضال سلامة انه توجه إلى سلحوب لتغطية مهرجان خطابي، وعندما تقدم رئيس المكتب السياسي لحزب جبهة العمل الإسلامية لإلقاء كلمته شرع "البلطجية" بالعمل على تخريب المهرجان وإفساده، فقام الزميل بتصوير ذلك، فحاول أحد البلطجية خطف الكاميرا منه دون جدوى. فجاءت مجموعة من البلطجية وشرعت بضرب الزميل معاذ ملكاوي مندوب سرايا، وهذا دفع بالزميل نضال للذهاب لنجدته فتجمهر البلطجية عليه وقاموا بالاعتداء عليه بالضرب، وخطفوا الكاميرا منه وقاموا بتكسيرها علاوة على أن حجراً أصاب يده اليسرى فتسبب له برضوض ويؤكد الزميل نضال انه وزميله ملكاوي كانا يرتديان باجة الصحافة.

 

إن الاعتداء الذي تعرض إليه الزميل نضال يشكل اعتداء بدنيا، وهو ينطوي على خرق لحقه في سلامة بدنه ومعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة تخالف المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة (16) من اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب أو اللا إنسانية أو المهينة. كما انه ينتهك الحرية الإعلامية ويشكل جرما بحسب قانون العقوبات الأردني وما يقال بشأن الزميل نضال يقال بشأن الزميل ملكاوي.

 

ويرى المركز في هذا السياق أن سياسية إفلات المعتدين من الملاحقة هي التي عززت مثل هذه الاعتداءات على الإعلاميين في عام 2011.

 

2/2/3/3: المعاملة المهينة للزميل ناصر شديد من قناة بي.بي. سي من قبل رجال أمن المطار

أوضح الزميل ناصر شديد انه طلب منه فور وصوله إلى مطار الملكة علياء عصر يوم 15/8/2011 عنوان منزله ورقم هاتفه، وان هذا الطلب يكرره موظفو أمن المطار في كل مرة يتقدم فيها لهم بجواز سفره.

 

وأضاف انه يتعرض للسؤال ذاته منذ (11) عاماً وفي كل مرة يسافر فيها، وقدرها الزميل بأكثر من (60) سفره منذ ذلك التاريخ. وأضاف الزميل شديد أنه بسبب هذه الممارسة المتكررة والمملة أخبر رجل الأمن أنه ليس لديه عنوان ولا هاتف، فصرخ موظف الأمن به طالباً منه أن يدخل إلى الغرفة الخلفية. وما أن دخل إليها، حتى بادره موظف الأمن برمي جوازه على الحائط وصرخ: "بدي أرفش ببطنك، بدي أدعس على راسك" لأكثر من مرة ثم طلب منه مراجعة المخابرات لوجود تعميم عليه منهم وقد أكد الزميل على أن هذه الممارسات باتت اعتيادية من قبل أمن المطار بما في ذلك سؤاله عن سبب ترحيله من الهند عندما كان مراسلاً للجزيرة في عام 2000.

 

يعتقد المركز أن هذا الاعتداء المتكرر والمنتظم الذي يرتكب بحق الزميل شديد كلما عاد من السفر يشكل معاملة مهينة بحقه، وأنه ينطوي على مخالفة لتحريم المعاملة السيئة. علاوة على انتهاك حقه في حرية التنقل. إضافة إلى كونه ينطوي على تحقير له بحسب القانون الأردني.

 

3/2/3/3: إساءة معاملة الزميل محمد الحوامدة من موقع خبرني من جانب أحد النواب

أشار الزميل محمد الحوامدة في شكواه أنه في حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء يوم السبت الموافق 3/12/2011 وصل موقع خبرني رسالة تتضمن تهديدا ووعيداً ولكنها كانت من مجهول. وبعد عشرة دقائق تلقى الموقع على هاتفه النقال اتصالاً من أحد أعضاء مجلس النواب استرسل فيه النائب بالشتم وتهديد الموقع نتيجة ورود اسمه خطأ في خبر نشره الموقع بأسماء مانحي الثقة إلى حكومة الخصاونة وحاجبيها، رغم أن الموقع صحح هذا الخطأ وقد قال النائب للزميل الحوامدة بأنه "سيرفش ببطنه" و"سيكسر المكتب على راسه" إلى جانب عبارات أخرى امسك الزميل عن ذكرها وقد ذكر الزميل انه تقدم هو وزملاء له بالموقع تعرضوا من النائب من خلال اتصاله لتهديدات وشتائم "غيث العضايلة ومحمود المغربي" بشكوى إلى مركز أمن الشميساني.

 

إن الحادثة التي ذكر الزميل ثابتة من خلال وجود أكثر من شخص استهدف بها وشهد وقوعها، علاوة على أنها واردة في محاضر الجهات الأمنية على إثر الشكوى التي تقدم بها الزميل.

 

وعلى أي حال، فإن الزميل الحوامدة تعرض لإساءة معاملة وبالأخص إلى معاملة مهينة من قبل النائب، وهي معاملة تشكل اعتداء لحرية الإعلام وللحق في عدم الخضوع لمعاملة سيئة المكفول له في اتفاقيات حقوق الإنسان وفي القانون الأردني.

 

4/2/3/3: الاعتداء على الزميل إسلام صوالحة من عمان بوست أثناء اعتصام تنسيقية أحزاب المعارضة والحراك الشعبي

جاء في شكوى الزميل إسلام صوالحة أنه أثناء قيامة بتغطية الاعتصام الذي أقيم في ساحة الدوار الرابع بتاريخ 16/7/2011، والذي نظمته تنسيقية أحزاب المعارضة وتنسيقية الحراك الشعبي والشبابي، وبعد مغادرة المعتصمين ودخول مناوئي الاعتصام إلى ساحة الدوار، تعرض له أحدهم وقام بأخذ الكاميرا التي كان يصور بها، ثم ضربه على وجهه وكتفه، واشترك هو وآخران بشتمه وركله على مرأى ومسمع رجال الأمن دون أن يقوموا بمنعهم من ذلك على اقل تقدير واستطرد الزميل صوالحة موضحاً أن رجال الأمن طلبوا منه مغادرة المكان وعدم استفراز الموجودين، فرفض الخروج حتى يعيدوا إليه كاميرته. وبعد خمس دقائق احضر احد ضباط الأمن العام الكاميرا له وأخبره أنه وجدها على الأرض.

 

وأضاف الزميل في شكواه أن الشخص الذي اعتدى عليه أفصح عن اسمه ومكان إقامته وطلب منه أن يتقدم بشكوى إن كان يستطيع ذلك وغادر هذا الشخص ساحة الدوار دون القبض عليه والتحقيق معه. والغريب أن رجال الأمن العام قاموا بتوصيل الزميل صوالحة بسيارة تابعة للأمن حرصاً على عدم تتبع "البلطجية" له ولكنهم بدلا من القبض عليهم قاموا باتخاذ طرق مختلفة للتمويه على "البلطجية" وقد أرفق الزميل صوالحة فيديو يوثق الاعتداء المذكور عليه كاملاً.

 

ينطوي الاعتداء على الزميل صوالحة على إساءة معاملة تصل إلى المعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة المحظورة بموجب المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة (16) من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة وقانون العقوبات الأردني.

 

5/2/3/3: الاعتداء على الزميل حسان التميمي من صحيفة الغد من قبل رجال الأمن

على اثر رصد المركز للحادثة التي نشرت وقائعها مواقع إلكترونية عديدة والتي تعرض فيها الزميل حسان التميمي للاعتداء من قبل رجال الأمن أثناء تغطيته لاعتصام السلفيين في الزرقاء بتاريخ 15/4/2011، بادر المركز للاتصال بالزميل والحصول منه على معلومات بشأن الحادثة وقد أوضح الزميل حسان انه كان يجهز نفسه لتصوير الاعتصام، فتفاجأ بضابط من الأمن العام برتبة مقدم واسمه حسن المومني يقوم بإمساكه من يده وليها قائلاً له: "بدي أشوف الصور التي صورتها"، فأخبره الزميل حسان أنه لم يلتقط أية صورة وأن الصورة الموجودة في الكاميرا صور خاصة به وبعائلته، لكنه أخذ الكاميرا منه عنوة وقال بصوت مسموع: "بديش أشوف ولا كلب هون"، وتفقد الصور ولما تأكد عدم وجود أية صورة تخص الاعتصام أعاد الكاميرا له مع رجل أمن يرتدي زيا مدنيا وطلب منه أن يمسك عن الحديث في الموضوع.

 

وأضاف الزميل حسان أنه عند وقوع الاشتباكات بين رجال الأمن والمعتصمين كان يغطي الأحداث، فتفاجأ برجل يرتدي بدلة سوداء قام بضربه على قدميه من الخلف، ما أدى إلى وقوعه أرضاً وإصابته برضوض، وأضاف الزميل التميمي أنه تعرض لضغوطات عديدة لمنع نشر الخبر في المواقع الالكترونية.

 

ينطوي الاعتداء على الزميل التميمي على إساءة معاملة واضحة إضافة إلى انتهاك الحرية الإعلامية من خلال منعه من التغطية. وهما انتهاكان يخالفان اتفاقيات حقوق الإنسان والقانون الأردني على حد سواء.

 

3/3/3: الانتهاكات الماسة الحرية الشخصية

إلى جانب الانتهاكات والاعتداءات السابقة، تمكن المركز في عام 2011 من توثيق عدد من الاعتداءات المتعلقة بالحرية الشخصية لإعلاميين وحرمانهم من حريتهم تعسفا وبشكل غير قانوني. وإذا كان انتهاك الحرية الشخصية والحرمان من الحرية يتقاطع مع إساءة المعاملة قطعا إلا أنه انتهاك له ذاتيته التي تستدعي التعامل معه بهذه الصفة. وفيما يأتي عرض لعدد من هذه الانتهاكات:

1/3/3/3: توقيف الزميل علاء الفزاع من موقع خبر جو من قبل مدعي عام محكمة أمن الدولة

جاء في شكوى الزميل علاء الفزاع أنه قام بتاريخ 28/5/2011 بنشر خبر على موقع "خبر جو" بعنوان "المطالبة بالأمير حمزة ولياً للعهد. صفحة على الفيسبوك بمشاركة وزراء ونواب سابقين وحاليين". وقد أوضح الزميل الفزاع أن الخبر نشر بلغة محايدة وتضمن وضعاً حياديا لما هو موجود على صفحة الفيسبوك التي تضم أسماء وزراء سابقين وحاليين ولم يتضمن الخبر أي تقييم أو إبداء لوجهة نظر من جانب الزميل الفزاع بحسب ما ذكر في شكواه.

 

وأضاف الزميل الفزاع أنه تلقى بتاريخ 31/5/2011 اتصالاً من مدعي عام محكمة أمن الدولة المقدم فواز العتوم طلب فيه منه الحضور "للدردشة وشرب فنجان قهوة صباح اليوم التالي". ولما ذهب الزميل الفزاع صباح يوم 1/6/2011 إلى مدعي عام محكمة أمن الدولة جرى سؤاله عن الخبر المنشور وأبلغ بأنه متهم بالعمل على تغيير الدستور بطريقة غير مشروعة خلافاً لأحكام المادة 136 من قانون العقوبات، ولم يستجاب لطلب الزميل الفزاع بتثبيت ما قاله وهو أنه نشر خبراً ولم يعمل على تغيير الدستور كما استطرد الزميل في شكواه مؤكداً على أنه جرى الإصرار على إضافة جملة لم تصدر عنه وهي أنه علم بعد نشر الخبر انه مخالف للقانون. كما رفض طلبه بتثبيت ما قاله بان ما نشره يندرج ضمن  حرية الرأي والتعبير واصدر المدعي العام قراراً بتوقيفه (14) يوماً في مركز إصلاح وتأهيل الجويدة وأكد الزميل كذلك انه عند حضور المحامين لم يسمح له بالتحدث معهم لإعلامهم بالتهمة المنسوبة إليه وسبب التوقيف واستمر الزميل الفزاع موقوفاً لمدة خمسة أيام من 1/6/-5/6/2011. وقد كان لمركز حماية وحرية الصحفيين دور مهم في متابعة قضية الزميل علاء، فقد قدم المركز للزميل من خلال وحدة " ميلاد" العون القانوني اللازم سواء أمام المدعي العام أم بعد توقيفه في مركز وإصلاح الجويدة. فقد توجه المحامون العاملون في إطار الوحدة إلى مكان توقيف الزميل وحصلوا منه على وكالة لتمثيله في سائر الإجراءات المتخذة أمام المدعي العام واتصلوا معه أولا بأول في اثناء فترة احتجازه. كما قامت وحدة سند دور مهم في رصد الانتهاك وتوثيقه، وفي التنسيق مع وحدة ميلاد بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها لمساعدة الزميل علاء عقب احتجازه وحرمانه من حريته.  

 

من الواضح للمركز أن هذه الحالة تنطوي على انتهاكات عديدة للحقوق الإنسانية للزميل علاء الفزاع، فضلاً عن حرية الإعلام والنشر وأبرز انتهاك من هذه الانتهاكات هو حرمان الزميل الفزاع من حريته من خلال توقيفه على فعل يندرج ضمن حرية الإعلام والنشر.

 

ويرى المركز أن كون الفعل الذي أثاره الزميل مجرماً في قانون العقوبات لا يمنع من وجود انتهاك لحريته الشخصية المكفولة بموجب المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولحرية الرأي والتعبير الواردة في المادة (19) من العهد ذاته وما جاء بشأنها في التعليق العام رقم (34) للجنة المعنية بحقوق الإنسان التي تشرف على تطبيق العهد المذكور كما أن الحالة تنطوي على انتهاك لضمانات المحاكمة العادلة كما وردت في المادة (14) من العهد ذاته كذلك.

 

2/3/3/3: حجز حرية الزميل زياد الطهراوي من جريدة البيداء من قبل مدير المؤسسة الاستهلاكية المدنية. فرع رأس العين

من بين الانتهاكات الماسة بالحرية الشخصية والتي لفتت انتباه المركز قيام مدير المؤسسة الاستهلاكية المدنية. فرع رأس العين بحجز حرية الزميل زياد الطهراوي والتعرض لحريته الشخصية وقد أوضح الزميل الطهراوي انه في تاريخ 13/8/2011 شاهد أثناء مروره من أمام المؤسسة الاستهلاكية المدينة. فرع رأس العين تجمهراً لعدد كبير من الناس فسألهم عن سبب ذلك، فأخبروه أن مدير المؤسسة يقوم بتصرفات سلبية من بينها إغلاق الباب قبل ساعتين من انتهاء الدوام الرسمي، ولا يتعامل مع الجمهور بطريقة حضارية. واستطرد الزميل الطهراوي بأنه حاول الدخول لمشاهدة واقع الحال بعينه، فإذا بأحد الموظفين يقوم بدفعه ويمنعه من الدخول، فأخبره الزميل الطهراوي أنه لا يريد شراء سلع ولكنه صحفي ويرغب بمشاهدة السوق، فقال له الموظف: "شو أسوي لك روح حل عني"، فقال له الزميل أنه يريد أن يقابل المدير فأخبره الموظف أن المدير "مش فاضي" وتمكن الزميل من الدخول إلى السوق والوصول إلى المدير وبعد نقاش بينهما صرخ المدير قائلاً: "أنا حر واللي موش عاجبه لا يجي عندي وأنا عندي صلاحيات من المدير العام بأن أغلق السوق في أي وقت"، وتركه المدير وأعطى الأوامر بإغلاق الباب على الزميل الطهراوي. وذكر الزميل في شكواه أنه لما سأل المدير عن سبب إغلاق الباب عليه وطلب منه أن يفتحه، بدأ المدير بالضحك وقال لموظف كان معه: "افتح له خلينا نشوف غيره".

 

لقد تناقلت مواقع الالكترونية خبر هذا الاعتداء، ويبدو من شكوى الزميل دقة وصفه لما حدث معه والتوافق الشديد بين أجزاء الشكوى والرواية التي تتضمنها وعلى أي حال، يشكل سلوك مدير المؤسسة الاستهلاكية فرع رأس العين ينطوي على مساس واضح بحق الزميل الطهراوي بالحرية الشخصية، علاوة على أنه يشكل انتهاكاً لنص المادة (178) من قانون العقوبات الأردني.

 

4/3/3: الانتهاكات الماسة بحرية الإعلام والتعبير والنشر

استقبل المركز في عام 2011 ورصد عدداً كبيراً من الشكاوى والحالات التي تتعلق باعتداءات على حرية الإعلام والتعبير والنشر. وقد تحقق المركز من أن جزءاً منها قد انطوى فعلاً على انتهاك لهذه الحرية وقام بتوثيقها. وقد تنوعت أشكال الاعتداء على هذه الحرية، وشملت صوراً عديدة ولكنها تختلف إلى حد ما عن الصور التي رصدها المركز ووثقها في السنوات السابقة ففي عام 2010، كانت أهم الأشكال التي رصدها المركز: المنع من النشر، الرقابة المسبقة، وقف ترخيص مؤسسة إعلامية والتهديد وإساءة المعاملة أما في هذا العام فإن الشكل الأبرز والأكثر شيوعاً لانتهاك حرية الإعلام والنشر هو المضايقة والتهديد والاعتداءات  على ممتلكات الإعلاميين أو المؤسسات الإعلامية. وعلى الرغم من أن التقرير تضمن عرضا سابقا لانتهاكات تنطوي على إساءة معاملة، ولكنه يبادر في هذا البند المخصص للانتهاكات الماسة بحرية الإعلام والتعبير والنشر إلى عرض عدد من الانتهاكات التي تتعلق بشكل حصري بهذه الحرية أياً كان شكل الاعتداء المستخدم فيها، ويمكن عرض أهم الحالات على النحو التالي:

1/4/3/3: الاعتداء على مكتب وكالة الصحافة الفرنسية

من الانتهاكات الأبرز على حرية الإعلام في عام 2011 الاعتداء الذي تعرض له مكتب وكالة الصحافة الفرنسية في عمان بتاريخ 15/6/2011، فقد هاجم نحو عشرة أشخاص المكتب المذكور وعاثوا فيه خراباً وتكسيراً فحطموا أثاثه ومحتوياته. وقد تزامن هذا الاعتداء مع قيام وكالة "فرانس برس" بنشر معلومات عن تعرض موكب الملك عبدالله الثاني لرشق بالحجارة.

 

وفي وقائع الاعتداء الذي رصده المركز وأصدر بشأنه بياناً أدان فيه الاعتداء وطالب بمساءلة المعتدين، تبين أن مجموعة من الأشخاص تقدر بعشرة أشخاص، كانوا غاضبين، ويحملون عصيا وقضبانا معدنية هاجمت المكتب، وكسرت نوافذه الخارجية وحطمت الطاولات، والكراسي، والهواتف وبعض الملفات الموجودة في صالة الانتظار داخل المكتب. وحاولوا الدخول إلى داخل المكتب دون جدوى. وجاءت هذه التفاصيل على لسام الزميل كمال طه الذي كان موجوداً في المكتب أثناء الاعتداء وتمكن من الخروج سالماً من باب جانبي كما أكد الزميل أنه أسرع وأقفل أبواب المكتب الداخلية الرئيسية كي لا يتمكن المهاجمون من الدخول.

 

وأكدت مديرة مكتب "فرانس برس" في عمان الزميلة رندا حبيب أنها تلقت قبيل الاعتداء اتصالا هاتفيا من شخص اتهمها بالاعتداء على الأمن وهددها بقولة "سنجعلك تدفعين الثمن غالياً".

 

يرى المركز أن الاعتداء على مكتب "فرانس برس" في عمان يشكل حلقة في سلسلة اعتداءات تكررت ولا زالت تتكرر غايتها الحد من حرية الإعلام والنشر، وإرهاب الإعلام والإعلاميين.

 

إن الاعتداء المذكور يشكل خرقاً جسيماً لحرية الإعلام والنشر والمكفولة في المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. علاوة على انتهاك حق الضحايا في الوصول إلى سبيل إنصاف فعال وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء هذا الانتهاك.

 

2/4/3/3: النيل من سمعة الزميل عريب الرنتاوي من صحيفة الدستور بسبب مقاله المعنون بـ "من أي إناء ينضح هؤلاء الإصلاحيون"؟!

من الانتهاكات الأخرى البارزة لحرية الرأي والتعبير ما تعرض له الزميل عريب الرنتاوي بسبب مقالة المعنون بـ "من أي إناء ينضح هؤلاء الإصلاحيون؟!" من تشهير ونيل بسمعته ومكانته الصحفية. فضلاً عن تهديدات مختلفة تعرض لها عقب نشر المقال المذكور.

 

لقد أكد المركز في بيانه الذي أصدره بشأن هذه الحالة بعد أن قام برصدها، أن الزميل الرنتاوي نشر مقالاً عبر فيه عن وجهة نظره بصرف النظر على الاختلاف أو الاتفاق معه بشأنها. وأن حملة التشكيك به، والافتراء عليه وتهديده تشكل انتهاكاً لحقه في حرية الرأي والتعبير المكفولة بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية. علاوة على أنها تنتهك أحكام القانون الأردني.

 

ويؤكد المركز في هذا السياق على أن من أهم أسس الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، التعددية والتسامح وقبول الرأي والرأي الأخر. وهذا ما أكدته صحيفة الدستور في بيانها الذي صدر عقب نشر المقال والحملة التي نالت من سمعة الزميل الرنتاوي، إذ أنها اعتبرت المقال معبراً عن الرأي الشخصي للزميل الرنتاوي وأنها نشرته من باب حرية التعبير.

 

3/4/3/3: الاعتداء على مقر صحيفة "الغد" والعاملين فيها ومحاولة منع توزيع أحد أعدادها

يشكل الاعتداء الذي وقع على مقر صحيفة "الغد" وتهديد موظفيها والعاملين على مرآى ومسمع من رجال الأمن صورة واضحة عن حجم وطبيعة الانتهاكات التي طالت حرية الإعلام والنشر في الأردن في عام 2011.

 

ففي فجر يوم الجمعة الموافق 11/11/2011، قامت مجموعة من الأشخاص بالاعتداء على مقر صحيفة الغد، وحاولت منع توزيعها احتجاجاً على خبر نشرته الصحيفة عن لجنة التحقيق في هروب الباخرة "السور" من ميناء العقبة كما اعتدت المجموعة على أحد الموزعين وكسرت رجله. فضلا على قيامها بتهديد الموظفين والعاملين في الصحيفة وقد وقع الاعتداء رغم حضور قوة من الأمن العام إلى الصحيفة دون أن يتحرك ساكناً، ما سهل استكمال الاعتداء.

 

وقد رأى مركز حماية وحرية الصحفيين في بيانه الذي أصدره بخصوص هذا الاعتداء انه تطور خطير يعصف بحرية الإعلام ويكشف عن تراخي الدولة في إنفاذ القانون لحماية الحريات الصحفية. وأبدى المركز في بيانه انه من الغريب والخطر أن يقوم مواطنون وبعضهم في موقع المسؤولية بممارسة عمليات الانتهاك والتهديد والوعيد للإعلاميين، بل ويمارسوا عمليات بلطجة بحق الصحافة وخرق للقانون أمام مرآى وسمع الحكومة وأجهزتها الأمنية، ودون مساءلة ومحاسبة المتورطين فيه.

 

إن هذا الاعتداء يشكل خرقا لحرية الإعلام والنشر، كما انه يشكل انتهاكاً لقانون العقوبات الأردني. ولا يقتصر الانتهاك على الأشخاص العاديين ولكن السلطات العامة والأجهزة الأمنية مسؤولة كذلك عن هذا الانتهاك لسكوتها وعدم اتخاذها التدابير اللازمة لمنع الاعتداء ولوقفه وملاحقة الجناة.

 

4/4/3/3: إلزام الزميل غيث العضايلة من "موقع خبرني" بالكشف مصادر معلومات قام بنشرها

في شكواه التي استقبلها منه المركز، أوضح الزميل غيث العضايلة أنه تلقى اتصالاً من رجل أمن طلب منه أن يراجع مديرية البحث الجنائي في عمان للتباحث حول معلومات رفض رجل الأمن ـ كما ذكر الزميل ـ الإفصاح عنه، فاعتذر الزميل عن إجابة طلبه بسبب غموض الطلب وعدم وجود أمر قضائي.

 

وأضاف الزميل، أنه إثر هذه المكالمة حضر رجلا أمن يرتديان زياً مدنياً إلى موقع خبرني الالكتروني وأبرزا له مذكرة مكتوب عليها "عاجل جداً جداً" صادرة من مدعي عام عمان وتتضمن وجوب تزويده بهوية الشخص الذي زود الزميل العضايلة بوثائق من مكتب رئيس مجلس النواب سبق لموقع خبرني أن قام بنشرها وكانت تتعلق بمماطلة (24) نائباً في إشهار ذمتهم المالية وأشار الزميل العضايلة إلى أنه تقدم برد رسمي ومكتوب رفض فيه الإفصاح عن مصدر معلوماته وأكد فيه كذلك على الالتزام بما جاء في هذا الخصوص في قانوني المطبوعات والنشر ونقابة الصحفيين.

 

إن شكوى الزميل العضايلة تتعلق بمحاولة إلزامه بالكشف عن مصادر معلومات ووثائق حصل عليها بصفته الشخصية، وهي بالنتيجة تشكل انتهاكاً لمبدأ راسخ من المبادئ الحاكمة لحرية الإعلام والنشر وهي حرمة مصادر معلومات الصحفي وسريتها وعدم جواز إلزامه بالكشف عنها.

 

5/4/3/3: استقالة  الدكتور محمد الحباشنة من قناة رؤيا بسب ضغوط أمنية

من الانتهاكات التي رصدها المركز في عام 2011 استقالة الدكتور محمد الحباشنة من قناة رؤيا بعد إصرار إدارة القناة على إلغاء استضافة المعارض المهندس ليث شبيلات في برنامج "نبض البلد" وقد جاء إصرار الإدارة ـ بحسب الدكتور الحباشنة ـ نتيجة اتصال هاتفي من جانب الأجهزة الأمنية والطلب إليهم بعدم إجراء المقابلة.

 

وقد بعث الدكتور الحباشنة برسالة إلى وزير الدولة لشؤون الإعلام جاء فيها أن ما دفعه لإرسالها هو رغبته في أن يبين "أن التدخلات الأمنية في الحريات الإعلامية في الأردن ما زالت حاضرة بقوة"، وأنه جرى "الضغط على مالكي القناة بمنع استضافة شخصية أردنية في برنامج نبض البلد"، وأنه لا يعتقد "أن رأي وموقف ليث شبيلات يمثل خطراً على الأردن ولكن الخطر الحقيقي يكمن في أننا نتمنى الحماية ونتوقعها من جهاز وطني لا يظهره ذكاء في تقيم المشهد العام ولا الاتعاظ من المحيط بلجوئه إلى الاعتقاد السطحي أن منظومة الأمن الخانق هي السبيل لحماية الوطن أو النظام، متغاضين عن حقيقة أن حرية التعبير بل كفالة حرية التعبير هي من ضمانات بقاء الحكم الرشيد واستقراره.

 

إن تدخل الأجهزة الأمنية في الحالة السابقة وموقف إدارة القناة يشكلان انتهاكاً واضحاً لحرية الإعلام والتعبير فضلاً عن أن هذا التدخل دفع الدكتور الحباشنة على ترك العمل في القناة بسبب التدخل غير المهني في ممارسته لعمله داخل القناة؛ ما يشكل انتهاكا واضحا لحرية الرأي والتعبير والإعلام.

 

5/3/3: الانتهاكات المتعلقة بالحق في تكوين الجمعيات وحرية الانضمام أو عدم الانضمام إليها

من بين الحقوق الأساسية التي ينبغي على السلطات العامة احترامها وتأمينها للإعلاميين حق تكوين الجمعيات وحرية الانضمام أو عدم الانضمام إليها. وقد رصد المركز في عام 2011 حالة تضمنت انتهاكاً واضحا لهذا الحق ولكن المحاكم الأردنية أنصفت ضحايا الانتهاك وأقرت لهم بهذا الحق وفيما يأتي عرض للحالة الوحيدة التي قام المركز بتوثيقها في هذا السياق:

1/5/3/3: اعتراض نقابة الصحفيين على ترخيص جمعية "اتحاد الصحافة الالكترونية"

بادر عدد من الزملاء الإعلاميين والصحفيين العاملين في مجال الصحافة الالكترونية إلى العمل على تأسيس "اتحاد للصحافة الالكترونية" وقد حصل مؤسسو الاتحاد على ترخيص من قبل الجهات المختصة. واللافت للانتباه أن نقابة الصحفيين اعترضت بشدة على تكوين هذه الجمعية وترخيصها، وعبر مجلس النقابة عن انه سيتصدى بحزم لمحاولات تفتيت الجسم النقابي الصحفي من خلال اختلاق أطر تنظيمية جديدة تحت مسميات مختلفة غاياتها تتوازى مع أهداف النقابة. وقد حمل مجلس النقابة الجهات الرسمية المسؤولية لمنحها تراخيص لمثل هذه الجمعيات، والمقصود بالطبع جمعية اتحاد الصحافة الإلكترونية.

 

وقد تقدمت نقابة الصحفيين فعلا بطعن في قرار ترخيص جمعية الصحافة الالكترونية لدى محكمة العدل العليا بتاريخ 16/10/2011، وسجلت الدعوى تحت رقم 350/2011. وقد قضت المحكمة برد الدعوى بقرارها الصادر بتاريخ 11/1/2012  على أساس انتفاء شرط المصلحة بالنسبة للجهة المدعية.

 

وينتهز مركز حماية وحرية الصحفيين فرصة وقوع هذه الحادثة ليؤكد على مسألتين هما: أن حق تكوين الجمعيات مكفول للجميع بمقتضى الاتفاقيات الدولية والقوانين الأردنية وفي مقدمتها الدستور، وليس هناك ما يمنع قانونا من الاعتراف للعاملين في الصحافة الالكترونية بهذا الحق وممارسته. وأن إرغام الصحفي قانوناً ليتمتع بهذه الصفة بالانضمام إلى نقابة الصحفيين يشكل خرقاً واضحاً للمادة (22/1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المنشور في الجريدة الرسمية، والتي تعترف لكل فرد بالحق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها حماية لمصالحة.

 

4/3: الانتهاكات التي من الصعب أو يتعذر إثباتها

دلت تجربة السنوات السابقة في مجال رصد انتهاكات حقوق الإعلاميين وحرياتهم وتوثيقها على صعوبة، وربما استحالة إثبات عدد من الانتهاكات التي تمس الحريات الإعلامية، وبالأخص حجب المعلومات والتدخل خلافا للمعايير المهنية "الرقابة المسبقة" وقد سعى مركز حماية وحرية الصحفيين في عام 2011 إلى رصد هذان الانتهاكان بأسلوب مغاير تماماً عن الأسلوب الذي اتبعه في الأعوام السابقة، فقام بتنظيم "جلسة مجموعات مركزية" لمعالجتها وقد دعا المركز إلى الجلسة التي عقدت في شهر كانون الأول من عام 2011 عدداً من رؤساء تحرير الصحف، وصحيفتين وإعلاميين بغية مناقشة موضوعي حجب المعلومات والرقابة المسبقة.

 

لقد كشفت النقاشات والحوارات المعمقة التي دارت في هذه الجلسة عن إشكاليات حقيقية بشأن تمتع الإعلاميين بحق الحصول على المعلومات واستقلالهم التام في مواجهة التدخلات غير المهنية. وفيما يأتي عرض لأهم المسائل والموضوعات والاستنتاجات التي توصل إليها المشاركون في الجلسة:

 

1/4/3: حجب المعلومات

من الحقوق المكفولة للناس بشكل عام، وللإعلاميين بوجه خاص حق الحصول على المعلومات. وهو يعد من المكونات الأساسية لحرية الإعلام والنشر والتعبير. وقد أعدَّ المركز عدداً من الأسئلة المتعلقة بحجب المعلومات بغية مناقشتها ومعالجتها وأثناء الجلسة. ومن بين أهم الأسئلة التي وضعها المركز ما المقصود بحجب المعلومات من وجهة نظركم .. هل عملية الحصول على المعلومات في الأردن يسيرة .. وما هي الوسيلة التي يتبعها الصحفيون للحصول على المعلومات .. وأهم العراقيل والتحديات التي تواجههم في هذا السياق، وما هي أكثر الجهات حجباً للمعلومات؟ إلى جانب أسئلة أخرى متنوعة، أكد المشاركون على أن المشكلة لم تعد تقتصر في الأردن على حجب المعلومات عن الإعلاميين فحسب، ولكنها باتت تشمل ترويج معلومات مغلوطة أو مفبركة تسعى مراكز نفوذ إلى بثها. ومن أهم مراكز النفوذ التي تشارك بهذه العملية الحكومة، ورجال أعمال، وأجهزة أمنية والعشائر والبرلمانيون. كما أن عدداً من الأشخاص المتنفذين المشتبه بتورطهم بالفساد يسعون إلى حجب المعلومات أو فبركة معلومات.

 

كما أشار المشاركون إلى صعوبة وقوف الهيئات الإعلامية والعاملين فيها بوجه هؤلاء المتنفذين. فقد أضحى شائعاً أن تتعرض الهيئات الإعلامية إلى ضغوطات لتنشر خبراً بأن عدد المشاركين في مسيرة ما لا يتعدى العشرات بينما هم فعلاً بالآلاف وحرص المشاركون كذلك على الإشارة إلى ظهور قوى يفوق نفوذها القوى التقليدية وأنها تقف فعلا وراء جب المعلومات أو إملاء نشر معلومات مغلوطة أو غير صحيحة.

 

أما فيما يتعلق بصور التدخل لمنع الإعلاميين من الحصول على المعلومات، فقد اتفق المشاركون على أنها تشمل على: الاتصال الهاتفي، الضغط على الإدارة والقرصنة. وقد أكد المشاركون على أن التدخل بات فظاً ويتخذ صور الإملاء.

 

وظهر من النقاشات أن فوبيا المعلومات "خواف المعلومات" عند المسؤولين والمتنفذين أصبح أمراً واضحاً وملحوظاً في العام 2011 وأن الدولة بمؤسساتها كلها تحس بارتباك ملموس إزاء طلب معلومات من قبل إعلاميين وصحفيين. ويبدو أن حجب المعلومات عن الإعلاميين الذي تحرص عليه جهات أمنية وغير أمنية، ومؤسسات رسمية وغير رسمية، أضحى يقصد من ورائه تشويه الحدث أو تجاهله فمن السمات المميزة لانتهاكات حق الحصول على المعلومات ـ بحسب المشاركين ـ أنها استهدفت في العام 2011 تشويه المعلومات التي تتعلق بالفساد وبالمسيرات والحراك الشعبي.

 

ومن المسائل الأخرى التي لفتت انتباه المشاركين أن قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لا يمنح الصحفي أو الإعلامي أية مزية بالنسبة إلى الحصول على المعلومات لا بل انه قد يعرقل وصول الإعلاميين إلى المعلومات وحصولهم عليها.

 

وعلى أي حال، يعتقد المركز أن الجلسة كشفت عن حقيقة عدم وعي الإعلاميين بقانون ضمان حق الحصول على المعلومات وكيفية طلب المعلومة من الإدارة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها فيه، وقد ذكرت إحدى الزميلات الصحفيات من اللواتي حضرن الجلسة أنها تقدمت بطلب للحصول على معلومات من دائرة الأراضي والمساحة، حيث أنها طلبت معلومات عن أراض مسجلة باسم الخزينة العامة سابقاً وجرى نقل ملكيتها لجهات أخرى، فطلبت من الدائرة وصف هذه الأراضي، والجهات التي سجلت باسمها أو بيعت إليها، والجهة التي قبضت ثمنها. فجاء رد دائرة الأراضي والمساحة بأن المعلومات المطلوبة سرية فتقدمت بطعن لدى محكمة العدل العليا التي ردت الدعوى على أساس السلطة التقديرية للإدارة.

 

تطرح الحادثة المشار إليها وقانون ضمان حق الحصول على المعلومات أسئلة مهمة، وهي أسئلة أثارها المشاركون، ومن أهمها: لماذا لم تصنف المعلومات؟ وعلى أي أساس تقدر الإدارة سرية المعلومات المطلوبة؟ وكيف يمكن التسليم بممارسة الإدارة لسلطتها التقديرية دون أن تلزم بالتسبيب؟ ما جدوى الطعن لدى القضاء الإداري عندما لا تكون الإدارة ملزمة بتسبيب رفضها لطلب الحصول على المعلومات؟.

 

لقد بدا واضحاً من مجمل النقاشات أن أحد أهم انتهاك لحق الحصول على المعلومات هو قصور التشريع الأردني المعمول به حالياً عن ضمان وصول فعال للإعلاميين إلى المعلومات. علاوة على أن حجب المعلومات كانتهاك لحرية الإعلام والتعبير والنشر لا تتضمن التشريعات النافذة في الأردن ضمانات كافية ضده، ما يسهل للسلطات العامة والأجهزة الأمنية حرمان الإعلاميين من الحصول على المعلومات.

 

اقترح المشاركون في الجلسة لمواجهة حجب المعلومات والتدخلات العامة والخاصة لمنع الإعلاميين من الحصول على المعلومات، أن تتخذ المؤسسات الإعلامية والعاملون فيها موقفا جماعيا واضحا من هذه المسألة وأن يجرى العمل بفكرة "القائمة السوداء" بالمسؤولين الذين يقومون بحجب المعلومات. وقد أكد المشاركون أن صحيفة "الغد" طبقت هذه الفكرة لفترة زمنية وقد أثمرت بصورة واضحة. إذ أنها منحت للصحيفة المذكورة هامشاً واسعاً لم يتوفر لغيرها من الصحف أو المؤسسات الإعلامية الأخرى.

 

كما توافق المشاركون على أهمية زيادة وعي الإعلاميين بقانون حق الحصول على المعلومات، بالأخص الإشكاليات والعراقيل التي يتضمنها، وذلك بغية العمل على تغييره أو تعديله والضغط لاستحداث قانون يحمي حقهم بالحصول على المعلومات ويمكنهم فعلا من ممارسته.

 

2/4/3: الرقابة المسبقة والتدخلات غير المهنية

أعد المركز جملة من الأسئلة المتعلقة بموضوع الرقابة المسبقة والتدخلات غير المهنية، وذلك بغية مناقشتها في الجلسة المذكورة وقد تضمنت هذه الأسئلة الآتي: ما هي أشكال الرقابة المسبقة التي تمارس عليكم من خلال عملكم الصحفي .. وما هي أهم المواد الإعلامية التي تخضع للرقابة المسبقة .. وما هي الجهة التي تمارس الرقابة المسبقة في العادة .. ما هي الأسباب التي تبديها .. وما هي الأسباب المهنية التي يتم إبداؤها عادة لتبرير الرقابة المسبقة أو التدخل خلافا للمعايير المهنية .. وهل يوجد في مؤسستكم "دليل مهني" يحدد قواعد العمل التي يجب الاحتكام إليها عند مراجعة المواد الصحيفة واتخاذ قرار بشأن نشرها أو تعديلها أو منعها .. وهل تبادرون إلى تقديم تظلم في كل حالة من حالات الرقابة المسبقة .. وهل يجري نشر المادة التي خضعت لرقابة مسبقة لدى جهة أخرى؟.

 

أوضح المشاركون في الجلسة أن الرقابة المسبقة والتدخلات غير المهنية ما زالت موجودة، وان الكل يذعن بوجه عام لهذه التدخلات ولكن درجة الإذعان تعتمد على رئيس التحرير.

 

وأضاف المشاركون أن هذه المسألة ليست محكومة بقواعد ومعايير موضوعية ولكنها تعتمد على قدرة رئيس التحرير في تحمل الضغوطات التي تمارس عليه لمنع نشر مادة صحفية. وبدى واضحا من النقاش أن المؤسسات الإعلامية العاملة لا يوجد فيها دليل مهني يحدد قواعد العمل التي يجب الاحتكام إليها عند مراجعة المواد الصحفية، وأن الممارسة المعمول بها تقتصر على تبليغ الصحفي بمنع نشر مقالته أو مادته أو بشطب أجزاء منها بسبب ضغوط وتدخلات مورست على رئاسة التحرير بشأنها أو مارستها رئاسة التحرير من ذاتها انسجاماً مع التوجهات السياسية التي تعرفها.

 

أما فيما يتعلق بالموضوعات والمواد التي تخضع للرقابة المسبقة فإنها تلك التي تهم الجهة المتصلة التي تمارس ضغطا على المؤسسة لمنع نشر المادة التي تخصها.

 

وقد ميز المشاركون بحلقة النقاش بين نوعين من الرقابة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية، وهما:

الرقابة المسبقة: وهو إخضاع الأخبار والتقارير والتحقيقات الإعلامية لمراجعة قبل النشر من خلال رؤساء ومدراء التحرير ومحرري الديسك، وهو إجراء لا يركز في مراجعته على المعايير المهنية بل ينظر إلى مدى توافق المنتج الصحفي مع التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحكومة وأجهزتها الأمنية.

 

وعادة ما تكون هناك حلقة تنسيق داخل هذه المؤسسات الإعلامية مع دائرة المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى ومؤسسات الدولة يجري خلالها التشاور حول المواد الصحفية التي يعتقد أنها تتجاوز الخطوط الحمراء أو تخالف التوجهات الرسمية.

 

أما الرقابة اللاحقة: فهي كانت تمارس عادة على الصحافة الأسبوعية التي لم تكن الأجهزة الأمنية قادرة على فرض سيطرتها عليها، وكانت الرقابة تتم بعد إرسال الصحيفة للطباعة، حيث يتولى موظفون في الصحف اليومية إبلاغ الأجهزة الأمنية لمحتوى الصحيفة لتبدأ بعدها رحلة الضغط على إدارة الصحيفة الأسبوعية لإزالة بعض الأخبار أو التقارير أو رفض الطباعة، وهذا الأمر تراجع بسبب توقف معظم الصحف الأسبوعية عن الصدور المنتظم.

 

وتزداد هذه الأيام الرقابة اللاحقة على الإعلام الإلكتروني، فبسبب عدم خضوعه لآليات الترخيص المسبقة ولقلة التكاليف المالية لتأسيس المواقع الإخبارية، فقد انتشرت بشكل كبير، حيث أصبح من الصعب حصرها والتواصل معها جميعها أو السعي لاحتوائها.

 

وعلى ضوء ذلك، فإن الأجهزة الأمنية تتولى الرقابة اللاحقة على المواقع الإلكترونية من خلال الضغط والاتصال المباشر لإزالة وإلغاء بعض الأخبار، وحين تبوء المحاولات الودية بالفشل فإنهم يضغطون لاستخدام البعد القانوني وتحريك الدعاوى، وفي النهاية يلجؤون إذا كان المنشور مزعجاً جداً إلى استخدام تقنيات الحجب أو ما يطلق عليه قرصنة الموقع.

 

وتجدر الإشارة إلى أن أخطر ما في العلاقة بين الإعلام والأمن هو توظيف بعض المواقع الإلكترونية لتسريب المعلومات التي يريدونها.

 

وقد أكد المشاركون بالمقابل على أنه عند عدم تجاوب المؤسسة أو رئاسة التحرير مع التدخلات غير المهنية والضغوطات، فإن الجهة المتدخلة، وهي في الأغلب جهة أمنية، لا تستمر بالاتصال والضغط إلا في الحالات شديدة الحساسية من وجهة نظرها. كما أكدوا بالمقابل على أن وحدة موقف الإعلاميين من موضوع الرقابة المسبقة وحجب المواقع أمر ضروري جداً لوضع حل لهذا النوع من الرقابة.

 

إن من أهم المسائل التي أبرزها المشاركون في الجلسة وركزوا عليها في نقاشاتهم أن هيئة التحرير ترضخ عادة لتدخلات الجهات الخارجية، والأخطر وجود ما يسمى بالرقابة الذاتية التي تمارسها المؤسسات الإعلامية من تلقاء ذاتها ودون تدخلات خارجية.

 

وقد خلص المشاركون بشأن الرقابة المسبقة والتدخلات خلافاً للمعايير المهنية إلى جملة من الاستنتاجات يمكن إيجازها بالآتي:

أ) لن يكون بالإمكان وقف هذا النوع من الرقابة إلا إذا تتبنى الإعلاميون والمؤسسات الإعلامية إستراتيجية موحدة للتعامل مع الرقابة المسبقة وحجب المواقع.

ب) استحالة وقف التدخل خلافا للمعايير المهنية دون اتخاذ موقف موحد وجماعي لمواجهة هذه الصورة من صور التدخل المحظور وعدم الإذعان له.

ج) وجوب تعاون الهيئات والمؤسسات الإعلامية والمواقع الالكترونية لنشر المادة التي منعت من النشر بسبب الرقابة المسبقة بصورة جماعية وفي جميع الصحف والمواقع الالكترونية.

 

د) ثمة علاقة واضحة بين الرضوخ للتدخلات  والرقابة المسبقة وبين سيطرة رأس المال على المؤسسات الإعلامية، وبالأخص المؤسسات الصحفية.

هـ) من الأسباب المهمة التي تفضي إلى الإذعان للتدخلات المخالفة لمعايير المهنية والرقابة المسبقة، عدم وجود دليل مهني يمكن الرجوع إليه لتحديد ما يتعين اتخاذه بشأن المادة الإعلامية وإقرار نشرها أو تعديلها أو منع نشرها.

و) من الملاحظ إن الرقابة المسبقة والتدخلات وخلافاً للمعاير المهنية يستهدف المؤسسات الإعلامية المحلية أكثر من المؤسسات الإعلامية الدولية العاملة في الأردن.

ز) من الضروري التأكيد على عدم وجود أي التزام قانوني يقع على عاتق المؤسسات الإعلامية للاستجابة للتدخلات غير المهنية والرقابة المسبقة, ولكن ينبغي كذلك توفير الحماية التشريعية لتمكين هذه المؤسسات من الوقوف في مواجهة هذه الصورة من صور التدخل أو الرقابة.

 

5/3: الإفلات من العقاب وعدم الوصول إلى العدالة

استرعى انتباه المركز في عام 2011 مسألة إفلات الجناة ومرتكبي الانتهاكات ضد الإعلاميين من العقاب، والعراقيل التشريعية والعملية التي تحول دون وصول الضحايا إلى العدالة وإنصافهم وتعويضهم.

 

وقد نظم المركز في الأيام الأخيرة من العام المنصرم جلسة نقاش حول هذه المسألة ضمت صحفيين وإعلاميين وممثلاً عن مديرية الأمن العام وممثلا عن مديرية قوات الدرك وقد أعد المركز عدداً من الأسئلة لتكون بين يدي المشاركين في الجلسة ويمكن إيجاز أهم الأسئلة التي دار حولها النقاش على النحو الآتي: لماذا لا يكشف الصحفيون الانتهاكات التي يتعرضون لها .. وما هي أكثر أشكال الانتهاكات شيوعا .. ولماذا لا يقدمون شكاوى لدى الجهات المختصة لملاحقة المتورطين بهذه الانتهاكات .. هل تعتقدون أن اللجوء إلى المحاكم لا نصافكم عن ما تتعرضون إليه من انتهاكات متاح وفعال .. وما هو الدور الذي تتوقعونه من المحاكم لإنصافكم .. وهل تجدون أن الجهات التي تعملون معها أو لحسابها تبادر روتينياً إلى حثكم على تقديم شكاوى بشأن الانتهاكات التي تتعرضون إليها وتدعم تحرككم للجوء إلى القضاء لإنصافكم .. هل تجد أن ثمة صلة بين استفحال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإعلاميين وحرياتهم وبين منظومة الإفلات من الملاحقة والعقاب في الأردن .. وما هي أهم التحديات والعراقيل التي تحول دون وصول الإعلاميين من ضحايا هذه الانتهاكات إلى العدالة .. وما هي الانتهاكات التي تعتقدون بوجوب إحالتها إلى المحاكم .. وما هي أهم الجهات المسؤولة عنها برأيكم .. وما هي التدابير التي تقترحونها لتفعيل الوصول إلى العدالة وتعزيزه.

 

أكد الزملاء الصحفيون والإعلاميون الذين شاركوا في الجلسة أنهم نادراً ما تقدموا بشكاوى لملاحقة الأشخاص المتورطين بارتكاب انتهاكات بحقهم، وأن الانتهاكات الجسيمة التي ألحقها بهم في هذا العام رجال ينتمون إلى أجهزة أمنية مختلفة و"بلطجية" قاموا باعتداءاتهم على مرأى ومسمع من رجال الأمن لم يتقدموا بوجه عام بشكاوى بشأنها لدى الجهات المختصة لإيمانهم أن هذه الانتهاكات والاعتداءات تتم برعاية أمنية.

 

وقد أشار بعض الصحفيين الذين شاركوا في الجلسة أنهم حرصوا في أكثر من مرة على تصوير "البلطجية" الذين قاموا بالاعتداء على صحفيين وإعلاميين، وأنهم وضعوا تلك الصور تحت يد الأجهزة الأمنية المختصة التي لم تقم بأي تحقيق أو ملاحقة ضدهم فضلاً عن أن عدداً من "البلطجية" باتوا معروفين للجميع لأنهم يشاركون في الاعتداءات جميعها.

 

أما فيما تتعلق بالتحديات الأساسية والعراقيل التي تواجه الصحفيين وتحول دون وصولهم إلى العدالة عند ارتكاب انتهاكات بحقهم، فإن أهمها يتمثل في حرص الجهات الأمنية المسؤولة عن ارتكاب هذه الانتهاكات على إخفاء هوية الأفراد والأشخاص المشاركين في الانتهاكات فقد لاحظ المركز أن رجال الأمن الذين يساهمون في ارتكاب هذه الانتهاكات لا يحملون ما يشير إلى أسمائهم أو أرقامهم، كما أنهم يرتدون زياً موحداً يخفي الجهاز الذي ينتمون إليه سواء أكان الأمن العام أم الدرك أم المخابرات العامة فضلاً عن أن المعتدين يحرصون على ارتكاب الانتهاك بحق الصحفيين والإعلاميين بطريقة تجعل من المتعذر التعرف عليهم وهو أمر بدا واضحاً جداً في اعتداءات ساحة النخيل.

 

ومن العراقيل الأخرى التي تفضي إلى إفلات الجناة من العقاب المشاركة الجماعية من قبل مجموعة من رجال الأمن أو "البلطجية" في الاعتداء، الأمر الذي يجعل من التعرف على هوية الجناة عسيراً، كما أن الرعاية الأمنية ـ كما يعتقد المركز ـ لهؤلاء البلطجية تساهم في إفلاتهم من العقاب وعدم ملاحقتهم وتتمثل مظاهر هذه الرعاية الأمنية بعدم القبض على الجناة رغم أن الانتهاك يرتكب على مرأى ومسمع من رجال الأمن، وبعدم قيام الأجهزة المختصة بفتح تحقيق مع هؤلاء المعتدين بغية إحالتهم إلى القضاء، وكشفت بعض الحالات التي قام المركز بتوثيقها عن رفض بعض الجهات المختصة باستلام شكاوى من الضحايا بسبب عدم تحديد الفاعلين وأسمائهم بدقة من قبل المشتكى أو بسبب عدم الاختصاص لان كل جهة ترى غيرها المختصة على أساس صفة الفاعلين، خاصة إذا كانوا ينتمون إلى أجهزة أمنية مختلفة.

 

ومن العراقيل الأخرى التي يعتقد المركز أنها تعزز منظومة إفلات الجناة وعدم وصول الضحايا إلى العدالة أن الزملاء الصحفيين والإعلاميين أنفسهم يعتقدون إلى المهارات اللازمة لتوثيق الاعتداءات التي تطالهم ولا يبادرون إلى تقديم شكاوى بشأنها، ويشدد المركز في هذا السياق على أن الجهات المختصة بالملاحقة والتحقيق مدعوة لمباشرة وظائفها لملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة بحق الصحفيين، خاصة تلك التي تمس حياتهم وسلامة بدنهم وحريتهم الشخصية وممتلكاتهم، سواء تقدم الضحية بشكوى أم لا. وهو التزام ثابت في القانونين الدولي والأردني على حد سواء.

 

تلقي اتفاقيات حقوق الإنسان على عاتق السلطات الأردنية التزامات محددة في مجال إنصاف ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من أهمها: إجراء تحقيق مستقل وسريع وفعال يفضي إلى ملاحقة المشتبه بتورطهم بالانتهاك وإحالتهم إلى محكمة مستقلة وحيادية لمحاكمتهم ومعاقبتهم إن ثبت ارتكابهم للفعل سواء كانوا أشخاصاً عاديين أم رسميين، توفير سبيل إنصاف فعال وحيادي ومستقل لتعويضهم عن الأضرار البدنية والمعنوية التي لحقت بهم، كف يد المتورطين بالانتهاكات عن العمل ومساءلتهم تأديبياً، الكشف العلني عن الانتهاك والجناة، ضمان عدم تكرار الفعل وترضية الضحايا والاعتذار لهم. كما تلزم السلطات العامة كذلك بمنع اعتداء الأشخاص العاديين كالبلطجية مثلاً، ولا يكتفي منها بعدم انتهاكها أو خرقها لحقوق الإعلاميين فهي ملزمة بالامتناع عن الانتهاك، وبعدم ترك الآخرين ينتهكون هذه الحقوق والحريات أو يسكتون عن انتهاكها. وهو التزام يقع على عاتقهم كذلك بموجب القانون الأردني الذي يلزم الموظفين العموميين بمن فيهم رجال الأمن بأداء الواجب ويرتب مسؤوليتهم الجزائية عن عدم التزامهم بذلك.

 

وأوضح المشاركون كذلك أن رجال الأجهزة الأمنية المختلفة لا تميز بين الصحفيين والمشاركين في المسيرات والاعتصامات، وأنها عندما وافقت على تمييزهم من خلال ارتدائهم سترة الصحافة لم تحترم ذلك واستهدفت بشكل متعمد، ومنهجي ومقصود أثناء أحداث ساحة النخيل.

 

كما أبدى المشاركون في الجلسة أن الجهات التي يعملون لحسابها لا تبادر إلى حثهم على تقديم شكاوى بشأن الانتهاكات التي يتعرضون لها، وأنها نادراً ما سعت إلى ذلك فالمؤسسات الإعلامية تنظر إلى الانتهاكات التي تقع على الإعلاميين بوصفها انتهاكات شخصية وأنها لا صلة لها بها، ولا تتعامل معها على أنها انتهاكات تمسها وترتبط بصميم عملها، وغاياتها وأنشطتها.

 

ويشاطر المركز في هذا السياق الزملاء الصحفيون والإعلاميون الذين شاركوا في الجلسة رأيهم في أن هناك صلة كبيرة بين استفحال الانتهاكات الجسيمة بحق الصحفيين والإعلاميين في عام 2011 وبين منظومة الإفلات من الملاحقة والعقاب المعمول بها في الأردن في مجال الانتهاكات الجسيمة للحقوق الإنسانية عموماً، ولحقوق الإعلاميين وحرياتهم على وجه الخصوص.

 

ويعتقد المركز أن مسؤولية السلطات العامة في الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق الإعلاميين في عام 2011 ثابتة تماماً، وبالأخص مسؤولية الأجهزة الأمنية المختلفة التي شاركت في هذا الانتهاكات، أو تعاونت على ارتكابها، أو سكتت عنها أو ارتضت بها. وأنه ليس بمقدور أي جهة رسمية مسؤولة عن هذه الانتهاكات أن تتحلل منها لأي سبب أو مبرر، فهي لم تتخذ ما يجب اتخاذه من إجراءات لمنع هذه الاعتداءات أو لعدم تكرارها على أقل تقدير. كما أنها لم تباشر جدياً أو فعلياً أية إجراءات واسعة ومستقلة تهدف إلى التعرف على سائر الجناة سواء أكانوا أشخاصاً رسميين أم عاديين بغية محاكمتهم ومعاقبتهم بعقوبة تتناسب مع خطورة أفعالهم.

 

إن سياسية الإفلات من العقاب التي يستفيد منها "البلطجية" والعاملين في الأجهزة الأمنية المختلفة رؤساء ومرؤوسين تساهم في تكرار الانتهاكات الجسيمة بحق الإعلاميين، ولم يعد مقبولاً مطلقاً القول بأنها انتهاكات فردية، فالتكرار وسعة النطاق دليلان على نهج أساسه عدم المحاسبة وإفلات الجناة من العقاب وحرمان الضحايا من الوصول إلى العدالة.

 

يرى المركز أن الاعتداءات الجسيمة والمتكررة من قبل رجال الأمن العام والدرك وغيرهم على الإعلاميين الذين يشاركون في تغطية الاعتصامات، والحراك الشعبي وسائر الفعاليات السياسية والنقابية، علاوة على الكشف عن الحقيقة وتعرية الفساد والفاسدين، تشكل اعتداءات جسيمة لأحكام الدستور الأردني، والقانون الأردني واتفاقيات حقوق الإنسان التي نشرها الأردن في الجريدة الرسمية إضافة إلى أنها تنطوي على  خرق لتحريم التعذيب وضروب إساءة المعاملة الأخرى، ولحرية الإعلام والنشر، ومبادئ الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام القوة في سياق إنفاذ القانون ولحرمة الممتلكات الخاصة ولتحريم الدعوة في العنف والكراهية أو الحض عليهما. وهي كلها انتهاكات توجب إنصاف الضحايا، وتعويضهم ومساءلة الجناة جنائياً، ومدنياً وإدارياً على السواء.

 

4. التوصيات:

يرى المركز أنه أضحى بعد إنشائه لوحدة رصد وتوثيق الانتهاكات على الإعلاميين "سند"، قادراً على التحقق بصورة علمية ومنهجية متبصرة من وقوع الانتهاكات التي تطال حقوق الإعلاميين وحرياتهم الإعلامية، والأهم أنه بات أكثر قدرة على فهم واقع هذه الانتهاكات، وأسبابها، وأشكالها، وأهم الجهات التي تقف وراءها والتحديات التي تمنع من معالجتها وإنصاف ضحاياها.

 

وفي ضوء الاستنتاجات والحقائق التي توصل إليها المركز والتي عرضها سابقاً، ولأن أهم سمتين ميزتا الانتهاكات التي وقعت على الإعلاميين والحريات الإعلامية هما أن هذه الانتهاكات كانت في عام 2011 جسيمة، وان مرتكبيها والمتواطئين على ارتكابها ما زالوا خارج دائرة الملاحقة، والمساءلة والمحاسبة فان المركز تبنى عدداً من التوصيات الموجهة لقطاع أو لجهة محددين، ويوجز هذه التوصيات على النحو التالي:

أ. النيابة العامة والهيئات القضائية:

1) يلتمس المركز من النيابة العامة والادعاء العام النظامي المبادرة إلى فتح تحقيق واسع وفعال في الانتهاكات الجسيمة والفردية المشار إليها في هذا التقرير، وبالذات تلك التي تنطوي على تهديد بقتل الإعلاميين أو إساءة معاملة لهم أو اعتداء على ممتلكاتهم، وذلك بغية إحالة الذين يشتبه بتورطهم فيها سواء أكانوا فاعلين أم محرضين أم ساكتين عليها وراضين بها إلى القضاء ومعاقبة الذين تثبت مسؤوليتهم عنها.

2) ينبغي أن تجرى التحقيقات والملاحقات المشار إليها على أساس معايير إنصاف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المعمول بها دولياً بما فيها تلك المتعلقة بمعاقبة الجناة وتعويض الضحايا وإنصافهم.

3) ضمان تعويض سائر الضحايا من الزميلات والزملاء الإعلاميين عن كل ما لحق بهم في عام 2011 من ضرر مادي ومعنوي بسبب الانتهاكات المرتكبة بحقهم.

ب . الأجهزة الأمنية:

1) ضرورة إلزام سائر الأفراد العاملين في الأجهزة الأمنية المختلفة باحترام حرمة العمل الإعلامي، والامتناع عن المساس بكرامة الإعلاميين وانتهاك حقوقهم وحرياتهم الإعلامية. علاوة على وجوب اتخاذ التدابير الوقائية المانعة من وقوع انتهاكات مماثلة مستقبلاً.

2) اتخاذ التدابير اللازمة لضمان إبراز كل رجل من رجال الأمن، والدرك والمخابرات يشارك في عمليات إنفاذ القانون لإسمه و/ أو رقمه بشكل واضح ومقروء.

3) تدريب أفراد الأمن العامة وقوات الدرك وكافة الأجهزة الأمنية الأخرى على المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بما في ذلك احترام حرمة الإعلاميين، وعدم عرقلة ممارستهم لأنشطتهم وحرياتهم الإعلامية وتمييزهم عن غيرهم في حالة عمليات إنفاذ القانون.

4) كف يد كل من يشتبه بتورطه في الاعتداء على إعلاميين أو السكوت على الاعتداء عليهم في عام 2011، والاستغناء عن خدماته بعد ثبوت ارتكابه للفعل بموجب حكم قضائي قطعي يصدر عن محكمة مستقلة لا صلة لها بالهيئات أو الأجهزة المشتبه بتورطها بالانتهاكات التي طالت الإعلاميين.

5) قيام الأجهزة الأمنية والسلطات العامة المتورطة بالاعتداءات المذكورة في هذا التقرير بالكشف علنا عن المسؤولين عنها، أو المتعاونين على ارتكابها، أو الساكتين عنها، أو الذين أصدروا أوامراً بارتكابها والاعتذار للضحايا وضمان عدم تكرار الفعل.

ج. البرلمانيون:

1) يحث المركز أعضاء مجلس الأمة على إقرار تشريعات أو تعديلات تشريعية تعزز حرية الإعلام والنشر والتعبير، وإلغاء سائر جرائم الرأي التي تتعارض مع مقتضيات الحق في حرية الرأي والتعبير كما كفله القانون الدولي.

2) يدعو المركز أعضاء مجلس الأمة إلى إقرار تعديلات تشريعية تحد من الإفلات من العقاب وعدم الوصول إلى العدالة من قبيل تعديل قانون الأمن العام والدرك والمخابرات العامة لتصبح المحاكم النظامية هي المختصة للنظر في قضايا التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة، والحرمان التعسفي أو غير القانوني من الحرية والانتهاكات الجسيمة للحقوق الإنسانية الأخرى عندما ترتكب من أفراد تابعين لهذه الأجهزة عوضاً عن المحاكم الخاصة التابعة لهذه الأجهزة.

3) يأمل المركز من البرلمانيين العمل على سن الأحكام التشريعية اللازمة لمنع الرقابة المسبقة على وسائل الإعلام، وضمان حق الإعلاميين بالحصول على المعلومات بشكل فعال واحترام مبادئ ممارسة حرية الرأي والتعبير كما وردت في المادة (19) مشتركة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وكذلك إقرار التشريعات اللازمة لحماية الإعلاميين من حملات التحريض والدعوة للعنف والكراهية ضدهم، خاصة وأن المركز لاحظ أن بعض الانتهاكات الجسيمة والجماعية ـ كما هو الحال في حادثة ساحة النخيل ـ تبعها حملات للتحريض ضد الإعلاميين.

 

د. الإعلاميون والمؤسسات الإعلامية:

1) يأمل المركز من المؤسسات والهيئات الإعلامية أن تبادر إلى حماية الإعلاميين الذي يعملون فيها أو لحسابها، وذلك من خلال توثيق الانتهاكات التي تقع عليهم، والى متابعة شكاوى إعلامييهم مع مصادر الانتهاك بما في ذلك العمل على ملاحقة المتورطين بها إذا كان الانتهاك ينطوي على جرم جزائي، و/ أو تبني المطالبات بإنصاف الإعلاميين ضحايا هذه الانتهاكات وتعويضهم، وذلك كشكل من أشكال الردع حتى لا تتكرر هذه الانتهاكات.

2) يتوجه المركز إلى المؤسسات الإعلامية جميعها  بضرورة قيامها بإقرار دليل إعلامي مهني للمؤسسة يتم الاحتكام إليه لتحديد ما سينشر من المواد الإعلامية، وما ينبغي تعديله أو عدم نشره لوضع حد للرقابة المسبقة والتدخلات خلافاً للمعايير المهنية.

3) العمل على إيجاد قائمة سوداء مشتركة بين جميع المؤسسات الإعلامية تضم أسماء الأشخاص والجهات التي تحجب المعلومات عن الصحفيين أو التي تمارس ضغوطاً على هذه المؤسسات والعاملين فيها لمنع نشر مواد إعلامية.

4) يحث المركز الإعلاميين جميعهم إلى المبادرة لتقديم شكاوى لدى المراكز الأمنية والجهات المختصة بحق الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم بارتكاب انتهاك جسيم بحقهم، كما يطالبهم بالحرص على توثيق الانتهاكات التي تقع عليهم والمبادرة إلى مراجعة مركز حماية وحرية الصحفيين بشأنها لهذه الغاية.

 

هـ . الحكومة:

1) يحث المركز الحكومة على التقدم بمشاريع القوانين اللازمة لمواءمة التشريعات الأردنية بصورة كاملة مع المعايير الدولية المتعلقة بحرية الإعلام وبحرية الرأي والتعبير والنشر وبسائر الحقوق والحريات الأخرى المعترف بها في القانون الدولي والتي ينبغي احترامها وتأمينها للإعلاميين.

2) يدعو المركز الحكومة إلى العمل على تغيير الممارسات والسلوكيات الإدارية والحكومية المتعلقة بالتعامل مع الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية والتي تنطوي على انتهاكات واضحة للحريات الإعلامية وللحقوق الإنسانية التي يلتزم بها الأردن بموجب اتفاقيات حقوق الإنسانية ما في ذلك التوقف عن تهديد الإعلاميين أو التدخل بعملهم أو ممارسة شتى صور منعهم من كشف الحقيقة للرأي العام.  

3) ضرورة قيام الجهات الحكومية المختصة بتصنيف المعلومات عملا بما جاء في نصوص قانون ضمان حق الحصول على المعلومات حتى يتسنى تفعيل القانون والعمل بأحكامه ونصوصه.

4) إقرار سياسات عامة تهدف إلى حماية الإعلام والإعلاميين وتسهيل مهمتهم وممارستهم لحرياتهم وحقوقهم بحرية. 

 

ثالثاً: الدراسات والبحوث

الإعلام الأردني والحراك الشعبي .. التأثر والتأثير

هدفت هذه الدراسة للإجابة على فرضية تقول أن الحراك الشعبي الأردني المتأثر بالربيع العربي قد منح الإعلام الأردني مساحة أوسع للتعبير والنشر، وقد ساهم برفع سقف الحريات الإعلامية والعامة إلى مستوى لم يسبق له مثيل.

 

وهدفت هذه الدراسة للإجابة على تساؤل يتردد صداه الآن على مستوى عالمي وهو "هل كان الإعلام العربي صانعاً للثورات، أم  ناقلاً لأحداثها، ومتأثراً بها فقط؟.

 

هذه الفرضية تستند أيضا إلى فرضيات أخرى مساندة، تتعلق بمدى مساهمة الإعلام البديل أو  الجديد  أو  مواقع التواصل الاجتماعي في رفد الحريات الإعلامية بسقف أعلى مما كان عليه في السابق، إضافة إلى دورها الإعلامي والاتصالي ونشر المعلومات، وتأمين التواصل بين المحتجين من جهة ووسائل الإعلام من جهة أخرى وصولا إلى اعتماد بعض الفضائيات على منتجات مواقع التواصل الاجتماعي في تغطيتها لأحداث في دول عربية تشهد ربيعا ساخنا في الوقت الذي تقوم فيه السلطات المحلية في تلك البلدان بمنع وصول الصحافة ووسائل الإعلام إلى أماكن الأحداث.

 

في الفصل الأول من هذه الدراسة كان لا بد من التوقف عند الإعلام الجديد ودوره في الثورات العربية وفي الإعلام العربي، وهو الدور الذي كان وسيبقى لفترة مقبلة من الزمن عنوانا للتساؤل والبحث والدراسة، خاصة بعد أن انتقلت عدوى التساؤل عن هذا الدور من الدوائر العربية إلى الدوائر العالمية وتحول هذا السؤال من كونه سؤالا عربيا محليا إلى سؤال كوني انشغل العالم به ولا يزال منشغلاً.

 

وتوقفت الدراسة في هذا الفصل أمام مقولة تعتقد أن ثمة خط رابط بين الإعلام الجديد وبين الثورات العربية، وهو ما ظهر واضحا في ثورات تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن والبحرين والاحتجاجات التي يشهدها الأردن منذ أكثر من 17 شهرا مضت.

 

وتشير الدراسة في هذا الفصل إلى أن ثورات الربيع العربي مدينة لثورة الاتصالات الحديثة، وللإعلام الإلكتروني ولشبكة التواصل الاجتماعي "الإعلام الجديد" الذي ساعد على مد جسور الاتصالات بين الناس، في الوقت الذي دخلت فيه معركة الشعب العربي مع أنظمته وسائل الاتصال الحديث وفي مقدمتها أجهزة الهاتف الخلوي التي تحولت إلى مصدر رئيسي للمعلومات والصور والتسجيلات لتصبح المزود الوحيد للأخبار والأحداث للفضائيات ولوكالات الأنباء.

 

 وتوقفت الدراسة أمام ثورة الانترنت في العالم العربي ودوره في انتشار الإعلام الاجتماعي الجديد، مشيرة إلى أن الانترنت قد تحول إلى "كرة ثلج ديمقراطية" تتحرك في العالم العربي، وان عدد مستخدمي الانترنت في مصر قبل 25 يناير 2011 كان يبلغ 21,2 مليون شخص، لكن بعد أحداث الثورة ارتفع ليصل إلى 23 مليون، في حين تكشف الأرقام الرسمية الأردنية عن ارتفاع أعداد مستخدمي الانترنت ليتجاوز 2.8 مليون مستخدم وبنسبة انتشار 45% مع نهاية الربع الثالث من سنة 2011، مسجلاً ارتفاعاً من 2.4 مليون مستخدم وبنسبة انتشار 40% مع نهاية الربع الأول من نفس العام، بسبب تأثيرات الربيع العربي وحركة الاحتجاجات الشعبية الأردنية المطالبة بالإصلاح السياسي.

 

وتناولت الدراسة التأثيرات التي أحدثها الفيسبوك في المنطقة العربية خلال الثورات العربية حيث تم تسجيل ارتفاع كبير جداً في عدد المشتركين في هذه الشبكة الإعلامية الاجتماعية في العالم العربي بعد أحداث الربيع العربي والثورات العربية، فمن 17 مليون شخصا كان له حساب على الفيسبوك في العالم العربي سنة 2010 إلى 36 مليون شخصا في العالم العربي بعد الثورات العربية وبزيادة بلغت حوالي 68% عن بداية عام 2011، وقد سجل الأردن ارتفاعا واضحا في هذا المجال ليصل إلى 2.1 مليون مستخدما.

 

وبخصوص استخدام "التويتر" فقد بلغ عدد مستخدميه في الربع الأول من عام 2011 في العالم العربي حوالي 1.1 مليون مستخدما، أرسلوا حوالي 22.7 مليون تغريدة تتعلق بأحداث الربيع العربي.

ولا يزال الأردن من الدول العربية قليلة الاستخدام للتويتر، وبحسب التقديرات لمستخدمي التويتر في الأردن "55.859" مستخدما في الفترة من 1/1/2011 وحتى 30/3/2011 وبلغ معدل التغريدات اليومية لذات الفترة حوالي 7100 تغريدة.

 

وتوقفت الدراسة أمام دور اليوتيوب في الربيع العربي مشيرة إلى أنه لا توجد معلومات كافية وموثقة عن عدد العرب الذين يستخدمون اليوتيوب ويقومون بزيارته والتردد عليه، وكذلك الحال بالنسبة للأردن على وجه التحديد، ولكن وفقا لتوقعات خبراء فان العدد كبير جدا وقد يلامس عدد من يستخدمون الفيسبوك في الأردن وربما يزيد قليلا، وكذلك دور المدونات الشخصية التي لا يزال العالم العربي يعاني من قلتها وضعفها قياسا بدورها في العالم ، كما توقفت الدراسة أمام دور الأجهزة الخلوية في تغطية أحداث الربيع العربي بعد أن قامت بدور كاميرات التلفزيون في المناطق الساخنة التي منع الصحفيون من الوصول إليها مما دفع بوكالات الأنباء والفضائيات العربية والعالمية  للاعتماد على ما يتم تسجيله على الهواتف الخلوية بالرغم من تدني المنتج الفني والمهني.

 

وتوقفت الدراسة أمام مقولة ما إذا كان الإعلام الجديد صانعا للثورات العربية أم ناقلا لأحداثها، وتطرقت الدراسة إلى أعمال مؤتمر ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين في شهر كانون الأول ديسمبر سنة 2011 في عمان، وخلص المشاركون في المؤتمر إلى أن الإعلام لا يصنع ثورة لكنه ينقل أحداثها ويؤثر في الرأي العام تجاهها.

 

وقالت الدراسة أن وسائل الإعلام لعبت دور المغذي للثورات العربية في مواطنها المختلفة، من خلال تحول الإعلام الجديد  أو الوسائط الاجتماعية لمصدر تغذية حقيقي لتغطية أحداث الثورات بعد أن لجأت أنظمة الحكم العربية إلى قطع الاتصالات، وحجب خدمات الإنترنت عن المواطنين الذين وجدوا أمامهم بدائل أخرى ليتجاوزوا حواجز الدولة لمنع تسرب أخبار الثورات العربية للعالم.

 

وأشارت الدراسة إلى الجدل الدائر حالياً حول توجهات الإعلام الجديد بعد الثورات العربية، وحول مدى التزامه بالمعايير المهنية الدولية في تغطية الأحداث، وحول مشروعية الاعتماد فقط على ما يرسله المواطنون من مواقع تواجدهم في قلب الأحداث عبر الرسائل المصورة "الفيديو" ونشرها على اليوتيوب، أو عبر بثها على الفيسبوك أو على التويتر، ومدى المهنية والموضوعية التي تتوفر في كل عمليات البث والنشر تلك خاصة إذا كانت تصدر من دول تمنع التغطية الإعلامية وتحول دون وصول الصحفيين إلى أماكن الأحداث.

 

ورأت الدراسة أن أمام الإعلام العربي العديد من التحديات في هذا الجانب منها:

1. الحيادية والمصداقية والنزاهة.

2. القدرة على إقناع المتلقي العربي بأن ما يقرأه وما يراه صحيح تماما ولم يخضع للتشويه.

3. الحد تماما من التدخلات الخارجية الأمنية والسلطوية في الإعلام، وإعادة صياغة العلاقة بين الأمني والإعلامي.

4. تحدي ملكية وسائل الإعلام ومساهمات الحكومات في وسائل الإعلام، ثم تحدي ملكية رأس المال الخاص.

5. التخلص من رواسب الأنظمة السابقة وسياساتها القائمة على مبدأ المنع والاحتجاز.

6. كيفية التخلص من سياسة الرقابة الذاتية التي تعود الصحفيون والإعلاميون العرب على فرضها على أنفسهم في ظل الأنظمة العربية القمعية.

7. كيفية الاستفادة من مناخ الحريات والديمقراطية في تعزيز إعلام أكثر ديمقراطية وحرية.

 

وخلصت الدراسة إلى أن بعض تلك التحديات والتخوفات بدأت تشكل هاجسا حقيقيا لدى الإعلاميين والمراقبين، ففي الدول العربية التي شهدت تغييرا لأنظمتها السياسية بدأت تدخل فيما يشبه الفوضى الإعلامية، لتضيف إلى المشهد السياسي تخوفات جديدة تتعلق هذه المرة بالخوف من الوقوع مجددا في فخ السلطات الجديدة التي لا ترغب بوجود إعلام حر إلى جانبها.

 

وتضيف الدراسة أنه من الواضح تماما أن حالة الحريات العامة والإعلامية في العالم العربي شهدت انفراجا كبيرا وواسعا بسبب الربيع العربي، لكنها بالمقابل أدت بالحكومات إلى اللجوء للدفاع عن نفسها وحماية وجودها سواء من خلال اللجوء إلى سن قوانين وتشريعات جديدة للضغط على حرية التعبير والإعلام، أو باستخدام القوة في التعامل مع الحراكات الشعبية والاحتجاجات المطالبة بالإصلاح السياسي.

 

وقالت الدراسة إن الحريات الإعلامية في دول الربيع العربي انقسمت بين ارتفاع واضح فيها وبين تراجع كبير، ووفقا للتصنيف الدولي الذي تضعه منظمة "مراسلون بلا حدود" فان بعض الدول العربية التي شهدت ثورات فيها تقدمت بضع نقاط في التصنيف الدولي بينما تراجعت دول أخرى إلى الخلف عدة نقاط أخرى، مثالا على ذلك مصر، والأردن التي تراجع موقعها (8) درجات بسبب تأثيرات الحراك الشعبي وتعامل الحكومات مع الإعلام.

 

وتوقفت الدراسة أمام مستقبل الحريات الإعلامية المرتبط أساسا بحجم وخطورة التحديات التي تواجه الإعلام في ظل الربيع العربي والحركات الاحتجاجية، بدءا بتبدل أشكال الرقابة الرسمية والقمع والحجر والحجب وصولا إلى تحدي المهنية والموضوعية والمصداقية وهي تحديات تفرض نفسها الآن وبقوة على الإعلام الأردني والعربي على حد سواء.

 

واستعرضت الدراسة في الفصل الثاني المشهد الأردني من زاويتين الإعلام الأردني والحراك الشعبي، والموقف الحكومي، وتحت عنوان "إطلالة على المشهد الأردني .. خارطة بمفتاحين .. قيود القانون واختراع الشجاعة" قالت الدراسة أن الأردن تراجع (8) درجات في ترتيبه العالمي في حرية الصحافة وفقا لتقرير "مراسلون بلا حدود" بسبب النهج الذي اعتمدته الحكومات تجاه الصحفيين الذين تعرضوا لمرات عديدة للضرب والاعتداء.

 

وقالت الدراسة أن المشهد الإعلامي الأردني بدأت تتقاسمه الكثير من حالات الشد والجذب، ففي الوقت الذي كانت المسيرات فيه تتعرض للكثير من الاعتداءات سواء من الشرطة أو من "الزعران  أو  البلطجية"، فقد كان الصحفيون يتلقون الكثير من تلك الاعتداءات، ويتعرضون للضرب على نحو "ساحة النخيل"، واعتصام دوار الداخلية، وحتى مسيرة الأغوار وغيرها من الاحتجاجات الأخرى التي كان الصحفيون يقومون فيها بدورهم المهني والوظيفي فيما كانوا يتلقون الاعتداءات والضرب، بينما كانت الحكومات في الجهة المقابلة تعمل على سن تشريعات وقوانين لخنق الصحافة على نحو ما ورد في قانون هيئة مكافحة الفساد، وتعديل قانون المطبوعات والنشر، وغيرها.

 

وأشارت الدراسة إلى أن الصحافة الأردنية وتحديدا الصحافة الإلكترونية قد سجلت قفزة حقيقية إيجابية تجاه انتزاع حريتها والتحليق في فضائها الأوسع، وبالرغم من أن سقف التعبير والنشر قد ارتفع كثيرا في الصحافة الإلكترونية قياسا بما كان عليه الوضع قبل أحداث الربيع العربي وتأثيراته المحلية على الأردن، فان الصحافة الورقية وجدت نفسها مدفوعة لمجاراة الصحافة الإلكترونية المحلية أولا، والصحافة العربية ثانيا، مما دفعها ولو قليلا للتجرؤ على النشر، والمساس أحيانا بالخطوط الحمراء.

 

وتوقفت الدراسة في الفصل الثالث أمام استطلاع الرأي الذي تم تنفيذه خصيصا لهذه الدراسة من قبل مركز حماية وحرية الصحفيين حول أثر الحراك الشعبي الأردني وتأثيراته على حرية الإعلام، وقد شمل الاستطلاع 500 عينة مستجيبة للأسئلة التي توزعت على عدة محاور جوهرية لقياس مدى تقييم الرأي العام الأردني للآثار الإيجابية والسلبية التي فرضها الربيع العربي والثورات الاحتجاجية العربية ومسيرة الاحتجاجات والحراكات الشعبية الأردنية على حرية التعبير والإعلام في الأردن.

 

وجاء في نتائج  الاستطلاع ما يلي:

1) تعتقد النسبة الأكبر من العينة المستطلعة أن أحداث الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية الأردنية قد ساهمت برفع منسوب الحرية الإعلامية وإن اختلفت الدرجات في إجابات العينة بين درجة كبيرة ومتوسطه وقليلة.

 

وبلغ مجموع من يعتقدون برفع نسبة الحريات الإعلامية وبدرجات مختلفة 95.4% وهي نسبة كبيرة جدا مقابل 4.0% فقط لا يعتقدون أنها ساهمت إطلاقا برفع الحريات الإعلامية في الأردن.

 

2) وتعتقد النسبة الأكبر في العينة المستطلعة أن الاحتجاجات الشعبية الأردنية وأحداث الربيع العربي قد ساهمت بتدفق معلومات جديدة للناس، فقد بلغت نسبة من يعتقدون بذلك 96.4% وإن بدرجات مختلفة "كبيرة، متوسطه، قليلة"، فيما سجل من لا يعتقدون بذلك مطلقا نسبة متدنية جدا بلغت 3.0% فقط.

 

3) وتعتقد العينة المستطلعة أن الاحتجاجات المحلية الأردنية قد ساعدت الإعلام الأردني على كسر الخطوط الحمراء، وإن بدرجات متفاوتة "كبيرة، متوسطه، قليلة"، فقد بلغت النسبة الإجمالية لهذه القناعة 92.7%، مقابل 6.7% قالوا أن الاحتجاجات لم تساهم إطلاقا في كسر الخطوط الحمراء.

 

4) تكشف إجابات العينة المستطلعة على السؤال حول مساهمة الاحتجاجات المحلية الأردنية في الحد من التدخل الحكومي والأمني في الإعلام الأردني عن نسبة أقل من سابقاتها، فقد بلغت بمجملها 87.0% بخياراتها الثلاث "كبيرة، قليلة، متوسطة"، في حين ارتفعت نسبة من يعتقدون بأنه لم تثر بالمطلق على الحد من التدخل الحكومي وبنسبة وصلت إلى 12.3%، وهي نسبة مرتفعة إذا ما تم قياسها بذات النسبة للسؤالين السابقين.

 

5) وكشفت إجابات العينة المستطلعة بمجموع درجاتها المختلفة "كبيرة، قليلة، متوسطة" عن أن 81.5% يعتقدون أن الاحتجاجات الشعبية قد أعطت الإعلام الأردني مساحة أكبر لترويج الإشاعات في الأردن، مقابل ارتفاع واضح في نسبة من ينفون ذلك وبنسبة بلغت 17.1%..

 

6) ووصلت نسبة من يعتقدون بأن الحراك الشعبي الأردني قد ساهم بدرجات متفاوتة "كبيرة، متوسطة، قليلة" على تراجع خوف الصحفيين من الملاحقات القانونية، ما نسبته  87.4% ، منها ما نسبته 9.2%  اعتقدوا أنها ساهمت بدرجة قليلة، في حين أفاد 11.4% بأن الحراك الشعبي  لم يساهم بالمطلق بتراجع خوف الصحفيين من الملاحقات القانونية .

 

7) وتكشف نتائج الاستطلاع أن 84.3% يعتقدون بأن الحراك الشعبي قد ساهم بتقليص الرقابة الذاتية عند الصحفيين في الأردن وفقا للإجابات الثلاث المختلفة "كبيرة، متوسطة، قليلة"، ومن الملاحظ أن هذا السؤال مرتبط موضوعاً بالسؤال السابق.

 

ويلاحظ أن نسبة من يعتقدون أنها لم تساهم بالمطلق ارتفعت في الإجابة على هذا السؤال عما جاءت عليه في إجابة السؤال السابق لتصل إلى 14.3%.

 

8) ويعتقد 97.1% من العينة المستجيبة أن الصحف اليومية الأردنية قد غطت الاحتجاجات الأردنية وفقا لمجموع التقديرات الثلاث "كبيرة، متوسطة، قليلة"، في الوقت الذي أفاد فيه نصف المجموع الكلي للعينة المستطلعة 50% بأنها غطتها بدرجة متوسطة.

 

ويلاحظ أن نسبة من أجاب بأنها لم تغطيها على الإطلاق كانت نسبة قليلة جدا بلغت فقط 2.0%..

 

9) يعتقد 86.7% من مجموع العينة المستطلعة أن الإذاعات الخاصة قامت بتغطية الحراك الشعبي الأردني، وفقا لمجموع الإجابات التي رأت أن الإذاعات قامت بتلك التغطية بالرغم من التفاوت الواضح بين نسب الإجابات "كبيرة، متوسطة، قليلة"، فقد أجاب 44.1% بأن الإذاعات الخاصة قامت بالتغطية بدرجة متوسطة، بينما حصلت درجة كبيرة على نسبة 24.3%، ودرجة قليلة على نسبة 18.3%، في حين أن نسبة من رأى أن الإذاعات لم تقم  على الإطلاق بتغطية الحراك الشعبي الأردني وصلت إلى 3.6% وهي نسبة متدنية جداً.

 

10) سجل الإعلام الرسمي الأردني المتمثل بالتلفزيون الحكومي، والإذاعة الحكومية اقل النسب تجاه المساحة التي منحها الإعلام الرسمي "تلفزيون وإذاعة" لتغطية الاحتجاجات الشعبية الأردنية.

 

فقد بلغت نسبة من رأى أن التلفزيون قام بتغطية الحراك الشعبي 66.7% على مجموع الدرجات الثلاث "كبيرة، متوسطة، قليلة"، كما يلاحظ أن نسبة من صوت بدرجة قليلة بلغت 4.2% وهي ذات النسبة التصويتية للإذاعة الأردنية الرسمية.

 

وبلغت نسبة من رأى أن المساحة التي منحها التلفزيون للتغطية بدرجة قليلة بلغت 46.6%، فإن ذات النسبة ــ تقريبا ــ حصلت عليها الإذاعة الأردنية والتي بلغت 46.3%، في حين بلغت نسبة من اعتقد أن التلفزيون منح مساحة للتغطية بدرجة متوسطة وصلت إلى 25.9%، وهي تقريبا ذات النسبة للإذاعة والبالغة 24.4%..

 

ويلاحظ أيضا أن نسبة من رأى أن الإعلام الرسمي المتمثل بالتلفزيون والإذاعة لم يغط على الإطلاق الحراك الشعبي الأردني بلغت على التوالي 20.9% بالنسبة للتلفزيون، و19.5% بالنسبة للإذاعة.

 

11) مقابل الإعلام الرسمي يظهر التفوق الذي تراه العينة المستجيبة للتلفزيونات الخاصة، فقد بلغ مجموع من أجاب بأن التلفزيونات الخاصة أعطت مساحة بدرجات كبيرة ومتوسطة وقليلة لتغطية الحراك الشعبي الأردني ما نسبته 94.0 % وهو تفوق واضح على الإعلام الرسمي، فقد بلغت نسبة من أعطاه درجة كبيرة 32.7 %، ودرجة متوسطه 47.7 %، وانخفضت نسبة "الدرجة القليلة" لتصل إلى 13.6%، في حين انخفضت كثيرا جدا نسبة من رأى أن التلفزيونات الخاصة لم تقم على الإطلاق بالتغطية لتصل إلى 2.0% وهو فارق واضح وكبير بين هذه النسبة وبينها الممنوحة للتلفزيون والإذاعة الرسميين.

 

12) حظيت المواقع الإلكترونية بأعلى نسبة في هذا الاستطلاع، فقد رأى 97.9% من العينة المستطلعة أن المواقع الإلكترونية قامت بمنح مساحة لتغطية الحراك الشعبي الأردني، وقد رأى 76.1% من العينة المستجيبة أن المواقع الإلكترونية منحت مساحة لتغطية الحراك الشعبي بدرجة كبيرة، فيما رأى 19% أنها غطتها بنسبة متوسطة.

 

ويلاحظ في إجابات العينة أن 2.8% فقط رأوا أن المواقع الإلكترونية غطت الحراك بدرجة قليلة، في حين كادت أن تختفي تماما إجابات من يعتقدون أن المواقع الإلكترونية لم تغط الحراك بالمطلق، فقد بلغت نسبتهم فقط 4%.

 

وتكشف المعطيات عن أن المواقع الإلكترونية تحظى بثقة المواطنين، وبمتابعتهم وبدرجة كبيرة تفوق كل وسائل الإعلام الأخرى المقروءة والمسموعة والمرئية، والمستقلة منها، أو تلك المملوكة للحكومة.

 

13) ومن الواضح أن النتيجة السابقة المتعلقة بالمواقع الإلكترونية قد فرضت نفسها على تقييم العينة المستجيبة لمدى اعتماد الإعلام الأردني على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أفاد 94.4% بأن الإعلام الأردني قد اعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي، وفقا لمجموع توزيع الدرجات الإيجابية "48.3% درجة كبيرة، % درجة متوسطة، و13.4% درجة قليلة".

 

14) كشفت إجابات العينة المستطلعة أن 85.8% منها تعتقد أن الحكومة تدخلت في تغطية الإعلام الأردني للحركات الاحتجاجية، وأن 45.4% من تلك العينة رأت أن هذا التدخل كان بدرجة متوسطة، مقابل 24% رأت أنها تدخلت بدرجة كبيرة، بينما رأى 16.4% أنها تدخلت بدرجة قليلة.

 

وتكشف هذه المعطيات عن عدم ثقة العينة المستجيبة باستقلالية الحكومة وحيادها تجاه تغطية الاحتجاجات المحلية، وعدم قناعتها باستقلالية الإعلام الأردني سواء المستقل منه  أو  الرسمي.

وتوقفت الدراسة في الفصل الرابع  لدراسة نتائج ثلاثة استطلاعات أخرى تم تنفيذها من قبل معهد بروكنجز "شمل العديد من الدول العربية ومنها الأردن"، ومركز القدس للدراسات السياسية، ومركز حماية وحرية الصحفيين بالتعاون مع مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، وكلها تقاطعت في اهتمامها المشترك بمعرفة رأي الناس في أحداث الربيع العربي وأثر الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة على الإعلام وعلى اتجاهاتهم، وماذا يتابعون من وسائل إعلام، وما مدى المصداقية التي يمنحونها لوسائل الإعلام المختلفة.

 

وخرجت الدراسة بنتيجة مقارنة قالت فيها أن الاستطلاعات الثلاث توافقت تماماً في تأثيرات الإعلام على الثورات العربية وعلى رفع سقف الحريات الإعلامية في الأردن، وأن المواقع الإلكترونية حصلت على المرتبة الأولى في اهتمام العينات المستطلعة وفي دورها في رفع سقف الحريات الإعلامية، إلا أن ذلك أوقع تلك المواقع في مشكلة الموضوعية وامتحان المصداقية.

 

وتناولت الدراسة بالتحليل في الفصل الخامس موقع الإعلام الأردني بين الحراك الشعبي وقسوة الأمن، وعما إذا كان الإعلام الأردني قد تحول بالفعل إلى ضحية للانتهاكات أم لا؟.

 

وقالت الدراسة أن الإعلام الأردني بدا في مشهد الاحتجاجات الأردنية المحلية وكأنه أمام تحديات حقيقية وخطرة، ففي الوقت الذي كان الصحفيون فيه عرضة لاعتداء قوات الأمن والدرك، فقد كانوا أيضا مكشوفين تماما أمام "الزعران والبلطجية" الذين نفذوا اعتداءات مبرمجة على المتظاهرين في مختلف مواقعهم.

 

وأضافت الدراسة أن الإعلاميين الأردنيين وقعوا تماما ضحية حقيقية لتعامل الأمن مع الاحتجاجات الشعبية، وليس من قبل المحتجين، فلم يسجل بالمطلق أي اعتداء على صحفي أو  إعلامي من قبل المحتجين، وإنما تم تسجيل كل حالات الاعتداء والانتهاك من جهتين فقط هما:

1. البلطجية والزعران.

2. قوات الأمن العام والدرك.

 

وأشارت الدراسة إلى أنه من أبرز الأسباب وأهمها التي أدت إلى انتشار ظاهرة البلطجية والزعران الخطيرة أنهم نفدوا تماما من العقاب القانوني، وفي الأردن لم تسجل أية حالة لمحاكمة أي من البلطجية والزعران الذين اعتدوا على المتظاهرين أو على الصحفيين.

 

وأكدت الدراسة أن ظاهرة "الإفلات من العقاب" هي التي عززت بدون شك من تنامي ظاهرة البلطجية والزعران، وبالرغم من تعهدات الحكومة الأردنية والأمن العام بتقديم هؤلاء للمحاكمة إلا أنه لم تسجل أية قضية حقيقية أمام القضاء، مما عزز أولا من تنامي هذه الظاهرة الخطيرة، كما عزز من مبدأ "الإفلات من العقاب" وهو ما أدى بالنتيجة المطلقة إلى تقديم دعم حكومي مباشر ظهر وكأنه مقصود لحماية  البلطجية في مواجهة المتظاهرين والمحتجين والصحفيين.

 

واستعرضت الدراسة مطولا ثلاث حالات مكشوفة تماما تعرض الصحفيون فيها للانتهاك والاعتداء عليهم من قبل قوات الأمن العام والدرك وهي:

1. أحداث دوار الداخلية.

2. مسيرة العودة.

3. ساحة النخيل.

 

واستعرضت الدراسة عدة تقارير تولت إحصاء الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون والإعلاميون الأردنيون حيث توقفت مطولا أمام تقرير مركز حماية وحرية الصحفيين الذي يصدر اليوم في تقرير المركز العام حول حالة الحريات الإعلامية في المملكة.

 

وقالت الدراسة أن مركز حماية وحرية الصحفيين لاحظ في رصده لحالات انتهاك حرية الصحفيين ارتفاعا ملحوظا في عدد حالات الانتهاك في العام 2011 وهو عام الربيع العربي، والحراك الشعبي الأردني المطالب بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

 

ونقلت الدراسة عن التقرير قوله انه تلقى عددا كبيرا من الشكاوى هذا العام "2011" قياسا بالعامين السابقين "2010 و2011" مرجعا ذلك إلى ما أسماه "قفزة نوعية تعكس ازدياد وعي الإعلاميين بأهمية تقديم الشكاوى وتوثيق الانتهاكات التي تمس حقوقهم وحرياتهم وبالدور الحيوي الذي أضحى مركز حماية وحرية الصحفيين يقوم به في هذا المجال"، مضيفا بأن ذلك "ربما يعود لأجواء التغيير التي تشهدها المنطقة بما فيها الأردن مما كان له دور كبير في حث الإعلاميين على التقدم بشكاوى تتعلق بالاعتداءات التي تقع عليهم، خاصة وأنهم لمسوا أهمية المقاربة المستندة على حقوق الإنسان وسيادة القانون في مراحل التحول الديمقراطي والانتقال من الحكم الشمولي إلى الحكم الديمقراطي والمنفتح".

 

وأشارت الدراسة إلى أن المركز قال في تقريره أنه "تلقى في عام 2011 (78) شكوى وبلاغ سواء بشكل مباشر أم من خلال الاتصال بالإعلاميين أم من خلال الطلب إليهم تعبئة استمارة المعلومات المتعلقة بالشكاوى والانتهاكات. ولا يشمل هذا العدد مطلقا أيا من الحالات التي قام المركز برصدها ذاتيا، فالعدد المذكور يقتصر فحسب على الشكاوى والبلاغات دون المشكلات أو الاعتداءات التي قامت وحدة سند برصدها من تلقاء ذاتها من خلال وسائل الرصد المعمول بها في المركز ودون استقبال أي شكوى أو بلاغ بشأنها من قبل الإعلاميين".

 

وأضافت الدراسة نقلا عن تقرير مركز حماية وحرية الصحفيين أنه "من بين (78) شكوى و(52) حالة رصدها المركز في عام 2011، تبين للمركز أن (106) منها تنطوي على انتهاك يتعلق بحق  أو أكثر من حقوق الإعلاميين أو بالحريات الإعلامية، وتتنوع  المشكلات الواردة في الشكاوى وازدياد الادعاءات المتعلقة بانتهاكات جسيمة وواسعة النطاق".

 

وتوقفت الدراسة أيضا أمام تقرير آخر أصدره مركز القدس للدراسات السياسية في نهاية شهر شباط من العام الجاري أوضح فيه أن عدد الانتهاكات للحريات الصحافية في المملكة خلال العام الماضي 2011 بلغت نحو 87 انتهاكا شملت مختلف صنوف الانتهاكات، منها انتهاكات لم  تكن معهودة في السابق، مثل الاعتداءات الجسدية على الصحفيين، كما شهد دخول جهات جديدة إلى حلبة المنتهكين للحريات الإعلامية بحيث لم يعد الأمر مقتصرا على الانتهاكات التي تمارسها جهات رسمية.

 

وربط تقرير مركز القدس للدراسات السياسية بين زيادة الانتهاكات وحدتها وبين اندلاع الحراك الشعبي المطالب بتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية في المملكة حيث كان هناك زيادة وتركيز في التغطية الإعلامية لهذا الحراك، إضافة لارتفاع سقف حرية الصحافة، وتحطيم الكثير من الخطوط الحمراء التي كانت فرضت على وسائل الإعلام بطرق شتى،  أو هي فرضتها على نفسها من خلال الاحتواء الناعم والرقابة الذاتية، مؤكدا على وجود علاقة طردية قوية بين الزيادة في الانتهاكات ومسيرة الحراك الشعبي الإصلاحي.

 

وقال مركز القدس في تقريره أن حدة الانتهاكات للحريات الإعلامية كانت تتصاعد وتتراجع مرتبطة في ذلك بعاملين رئيسيين هما:

1) تراجع شدة الحراك الإصلاحي بعد أن تلقى ضربة قاسية في دوار الداخلية وتشتت قيادة هذا الحراك وانقسامها على نفسها، مع ما رافق ذلك من حملة إعلامية حكومية غير مسبوقة هدفها الإساءة للحراك وتأليب مكونات المجتمع عليه، هذه الحملة التي وصفها بعض الكتاب والإعلاميين بـ"المكارثية" ومحاولة إرعاب قوى الحراك ومعها الإعلام والصحافة، الأمر الذي أدى إلى تراجع الحراك وتراجع التغطية الإعلامية المرافقة له.

 

2) الحملة الكبيرة المضادة التي شنتها وسائل إعلام وصحفيين وكتاب وشخصيات ومنظمات مجتمع مدني محلية وعربية ودولية ردا على هذه الانتهاكات والتي أجبرت الحكومة والأجهزة  الأمنية على التراجع وعلى محاولات ضبط "البلطجية" ومنعهم من الاعتداء على المتظاهرين والإعلاميين المرافقين للتظاهرات والاعتصامات. بيد أن أشكالا أخرى، غير فجة وغير معلنة، استمرت  مثل الاستدعاء للدوائر الأمنية، ورفع قضايا أمام محكمة أمن الدولة على بعض الصحفيين.

 

وتوقفت الدراسة في الفصل السادس "الختامي" أمام شهادات صحفيين وسياسيين وناشطين حول تقييمهم ورؤيتهم لأداء الإعلام الأردني في تغطية الحراك الشعبي، وما الذي أضافه هذا الحراك من إيجابيات وسلبيات للإعلام الأردني.

 

وأشارت الدراسة في هذا الفصل إلى وجود ما أسمته "تباينات" واضحة ظهرت في أداء الإعلام وهو يعمل على تغطية الحراك الشعبي الأردني الذي رفع مطالب تتعلق بالإصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد، وصولا إلى تجاوز ما كان يعرف سابقا بالخطوط الحمراء وصولا إلى تسمية الأشياء بمسمياتها، فلم يعد الإعلام الفضائي ــ على الأقل ــ يلجأ إلى التكنية عن جهاز المخابرات بـ"الأجهزة الأمنية" بل استخدم التسمية مباشرة، وقد بدا ذلك مبكرا حين اعتصم الصحفيون في دوار محمود الكايد، وبتأثر واضح ومباشر بالحراك الشعبي الأردني.

 

واستعرضت الدراسة ابرز ما ورد في تلك الشهادات قائلة أنها تتمحور حول الأمور التالية:

1) التأكيد على ارتفاع سقف الحريات الإعلامية بسبب تأثيرات الحراك الشعبي الأردني والربيع العربي.

 

2)  دفع الحراك الشعبي الأردني الإعلام ووسائطه المختلفة للتماهي معه ومع مطالبه، ولذلك اضطر الإعلام لمجاراة الحراك الشعبي الذي رفع من سقف مطالبه السياسية والإصلاحية وانتقاداته المباشرة للحكم وللدولة.

 

3) دفع الحراك الشعبي بالإعلام الرسمي للرفع قليلاً من سقف حريته لكنه بقي مشدودا تماما للجانب الرسمي لكونه يعبر عن الموقف الرسمي ويحمل خطابه ويقوم بترويجه.

 

4) سجلت المواقع الإلكترونية "الصحافة الإلكترونية" قفزة نوعية كبيرة جدا في رفع سقف الحريات الإعلامية تماهياً منها مع الحراك الشعبي الذي تحول لمادة إخبارية دسمة في الصحافة الإلكترونية.

 

5) برزت ظاهرة المنافسة على تغطية أخبار ونشاطات الحراك الشعبي مما أدى بالإعلام الإلكتروني للوقوع في مصيدة الموضوعية والمهنية التي تأثرت كثيرا في سياق المنافسة على الخبر والتغطيات.

 

6) أدى الحراك الشعبي إلى حصول الإعلام والإعلاميين الأردنيين على نوع من التحرر من القبضة الأمنية والتدخلات الأمنية المباشرة في عمل الإعلاميين والصحفيين واختفت كثيراً ظاهرة التدخل الأمني المباشر.

 

7) اضطرت الأجهزة الأمنية للتراجع خطوات للخلف لإفساح المجال أمام الإعلام والحراك الشعبي لعمل كل منهما في خدمة الآخر، وقد هدفت الأجهزة الأمنية من هذا التراجع منح مساحة أوسع من الحريات الإعلامية والاحتجاجية حتى لا تقع في مواجهة مباشرة مع الطرفين.

 

8) أدى الحراك الشعبي وأداء الإعلام تجاهه لوقوع الإعلاميين والصحفيين في مصيدة اعتداءات الزعران والبلطجية عليهم وفي حوادث عديدة متكررة إلى جانب اعتداء قوات الأمن عليهم، في الوقت الذي برزت فيه ظاهرة "التهديد بالوكالة" بمعنى أن الإعلاميون صاروا يتلقون تهديدات من مواطنين بشكل مباشر وليس من الأمن.

 

9) إنكشاف دور نقابة الصحفيين الذي لم يرق تماما إلى معطيات الأحداث الداخلية وما شهده الإعلام الأردني من تطورات جديدة، وفي إحدى الشهادات فإن "الربيع الأردني" لم يصل إلى نقابة الصحفيين.

 

10) إن من أبرز ما شهده الصحفيون في ظل الحراك الشعبي الأردني هو ارتفاع الانتهاكات بحقهم، مقابل تكريس مبدأ الدولة القائم على قاعدة "الإفلات من العقاب" فلم تسجل أية حادثة قامت الحكومة فيها بإحالة أحد المنتهكين لحقوق الصحفيين إلى القضاء، ولعل أبرز شاهد على ذلك تقرير الأمن عن أحداث ساحة النخيل الذي قدم إلى نقابة الصحفيين ومع ذلك فإن النقابة احتفظت به ولم تقم بإحالته إلى القضاء.

 

11) إنخفاض مستوى الرقابة الذاتية لدى الصحفيين بفعل الاحتجاجات الأردنية والربيع العربي.

 

وختمت الدراسة بعدد من التوصيات إضافة إلى النتائج التي خلصت إليها مؤكدة على أن الإعلام الأردني شهد قفزات نوعية وحقيقية في سقف الحريات، إلا أن بعض وسائل الإعلام وقعت بالفعل ضحية اهتزاز معايير الموضوعية.

 

وأضافت الدراسة في نتائجها أن الحراك الشعبي دفع بالإعلام الأردني دفعا ليتساوق معه تماما ويرتفع في كثير في سقف تغطيته لمطالب الحراك الإصلاحية، وهو ما أدى بالنتيجة إلى التأثير على الإعلام الرسمي الذي حاول هو الآخر وعلى استحياء أن يرفع ولو قليلا من سقف حريته وخطابه الإعلامي.

 

التوصيات

وأمام هذه المعطيات فقد خلصت الدراسة إلى التوصيات التالية:

أولاً: في الإعلام الاجتماعي:

1) تأسيس مظلة من مؤسسات المجتمع المدني تتولى الدفاع عن الإعلام الاجتماعي في مواجهة أية قرارات حكومية قد تستهدف النيل من دوره ورسالته أو التقييد على نشطائه.

 

2) دعوة الحكومة لفتح باب المنافسة أمام الشركات العاملة في مجال الاتصالات لتعزيز المنافسة مما سينعكس إيجابيا على تقديم خدمات الاتصالات للمواطنين بأسعار رخيصة.

 

3) وضع قيود تمنع الدول و/ أو شركات الاتصالات من حجب خدمات الاتصالات والإنترنت على المواطنين في سياق الحد من حرية التعبير، وتجريم هذه الأفعال باعتبارها مخالفة للحقوق الأساسية للإنسان.

 

4) الحفاظ على حرية الإنترنت وإبقائه خارج مظلة القوانين المقيدة للحريات، والتصدي لأية محاولات تشريعية لفرض أية قيود عليه تحت ذريعة التنظيم.

 

ثانياً: التشريعات والقوانين:

1) التأكيد على طوعية الانتساب للنقابات ورفض مبدأ الإلزامية فيها استناداً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وترسيخ الحق في تكوين وتأسيس النقابات والجمعيات وحرية الانضمام لها.

 

وبموجب ذلك فإن الدراسة ترى أن التنظيم الذاتي الذي يختاره الصحفيون هو أفضل الممارسات لتطوير الحالة المهنية.

 

2) تفعيل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات وإدخال تعديلات جوهرية عليه تضمن انسيابا أكثر للمعلومات من مصادرها إلى الإعلاميين بدون تعقيدات، والتوجه لإلغاء العمل بقانون وثائق وأسرار الدولة.

 

3) حث الحكومة والبرلمان على إجراء مراجعة فورية لحزمة التشريعات التي تضم قيوداً على حرية التعبير والإعلام، لتصبح متوائمة مع المعايير الدولية.

 

ثالثاً: الإعلاميون ونقابة الصحفيين:

1) تفعيل دور نقابة الصحفيين تجاه الدفاع عن حقوق الإعلاميين والعمل على حمايتهم من الانتهاكات، ومتابعة قضايا الانتهاكات التي يتعرضون لها أمام المحاكم النظامية.

2) ضرورة التزام الإعلامي بالحياد والموضوعية والمصداقية في نقله للأحداث.

 

3) البدء بحملة واسعة لتدريب الصحفيين على أسس الحماية والسلامة المهنية في مناطق النزاع والخطر.

 

4) التحرك العاجل لاعتماد "شارة" للصحفيين على غرار ما هو معمول به في بعض الدول تميز الإعلاميين وتحميهم، وتصدر بالتنسيق مع الجهات الرسمية.

 

رابعاً: الجهات الأمنية:

1) تحميل الحكومة والأجهزة الأمنية والسلطة القضائية مسؤولية إنفاذ القانون وملاحقة أي معتدي ينتهك حرية الصحفيين، والتأكيد على مبدأ سيادة القانون وعدم الإفلات من العقاب.

 

2) ضمان حق الإعلاميين في التغطية المستقلة في مناطق التوتر والاحتجاجات، واعتماد "مدونة سلوك" مهنية للإعلاميين والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون تحكم العلاقة وآليات العمل بينها في الميدان.

 

3) العمل على تحقيق مبدأ إنصاف الإعلاميين ضحايا الانتهاكات وتعويضهم ماديا ومعنويا.

 

4) وقف سياسة الاحتواء الناعم التي تمارسها الحكومة والأجهزة الأمنية تجاه الصحفيين والإعلاميين، والكف عن التدخل المباشر في أعمالهم.

 

5) عقد ورشات عمل ومؤتمرات مشتركة بين الإعلاميين والأجهزة الأمنية لتدريبهم على حقوق الإنسان وكيفية التعامل مع الإعلاميين في الميدان أثناء تغطية الاحتجاجات والتظاهرات، وتدريب الإعلاميين على كيفية تغطية الأحداث الساخنة وكيفية تعاملهم مع رجال الأمن في الميدان.

 

خامساً: مؤسسات المجتمع المدني:

1) التنسيق الدائم والمتواصل بين مؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان والمدافعة عن الحريات الإعلامية والحكومة وأجهزتها الأمنية لضمان حرية العمل الإعلامي المستقل خاصة في مناطق النزاع والتوتر، وضمان تحرك فاعل لحمايتهم.

 

2) التأكيد على أهمية رصد الانتهاكات التي يتعرض الصحفيون لها لنشرها ولممارسة الضغط من أجل معاقبة المعتدين وعدم إفلاتهم من العقاب.

 

3) قيام مؤسسات المجتمع المدني بتولي التعريف بدور الإعلام الاجتماعي الجديد والدفاع عن حقه بالعمل والنشر وحرية الحركة وحرية تلقي المعلومات ونشرها.

 

4) تنظيم حملات كسب تأييد للتعريف بالإعلام الاجتماعي أو الإعلام البديل، ودوره في خدمة المجتمع.

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات