لا اصلاح ولا ديمقراطية من دون حرية "السلطة الرابعة"


جراسا -

* حتى في الحرب لم يعد حق الدولة مطلقا في استخدام القوة مع العدو فكيف مع مواطنيها?! ...
* مبدأ التناسبية والضرورة ينطبق عند فرض تقييدات على حرية التعبير وحرية الصحافة ...


تحتفل مختلف دول العالم في الثالث من أيار من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة.

ويتم الاحتفال سنويا بهذا اليوم إعلاء لدور الصحافة الحرة في مساعدة المواطنين على التماس وتلقي وبث المعلومات والأفكار.

وتعتبر حرية الصحافة الضمان الأكبر لحريات الأفراد جميعها ومن دونها لا تكتمل الحريات الأساسية الأخرى كالانضمام للأحزاب والنقابات, والمشاركة في الانتخابات, والتجمع السلمي.

كما يتم في الاحتفال منح جائزة غليرمو كانو العالمية لحرية الصحافة للعام .2010 وسميت الجائزة على اسم الصحفي الكولومبي غيليرمو كانو اسازا الذي قتل خلال تأدية عمله عام 1986 عندما كان يحقق في الفساد وعلاقته بالمخدرات.

كما يتم في هذا اليوم الإعلان عن تقارير حالة حرية الصحافة, لبيان مدى الإلتزام بالمعايير الدولية لحرية الصحافة, وتعقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات لاستذكار ضحايا انتهاكات حرية الصحافة وتكريمهم وذكر السلبيات لمعالجتها والايجابيات لتعظيمها.

وتعتبر حرية الصحافة في الديمقراطيات ضمن الحريات الأساسية المفضلة والأجدر بالرعاية التي تنص عليها دساتير هذه الدول. ومن الخطأ قياس حرية الصحافة بمعزل عن الحريات الأخرى واستقلال القضاء.

وقد أرسى الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 10/12/ 1948 حجر الأساس للعديد من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومنها حرية التعبير.

وتنص المادة 19 منه:لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير, ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل, واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها, وإذاعتها بأية وسيلة كانت, دون تقيد بالحدود الجغرافية.

والتساؤل: أين موضع الأردن في كل ما سبق ذكره?

شهد عام 2011 عدة أحداث أثرت على حرية الرأي وحرية الصحافة في الأردن.

ومن أهم ما جرى اجراء تعديلات على الدستور واقرار مجلس الوزراء الاستراتيجية الإعلامية التي سرعان ما تراجع عنها.

وكان يمكن للاستراتيجية الإعلامية أن تشكل خارطة طريق للمستقبل وتحل اشكاليات عديدة ظهرت حول دور وسائل الإعلام في المجتمع خاصة الإعلام الجديد.

وفيما يخص التعديلات الدستورية تمت إضافة تكرار عبارة تكفل الدولة مرتين إلى النص الأصلي للمادة 15 من الدستور واضافة فقرة : تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي والرياضي بما لا يخالف أحكام القانون أو النظام العام والآداب. وذلك على غرار الدستور المصري (المادة 49).

وأصبح نص المادة 15 بعد التعديل:

1- تكفل الدولة حرية الرأي, ولكل اردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون.

2- تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي والرياضي بما لا يخالف أحكام القانون أو النظام العام والآداب.

3- تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون.

وهكذا اصبح الدستور ينص على عبارة تكفل الدولة 3 مرات وفي ذلك دلالة دستورية عميقة لو يتم تطبيقها. والملاحظ على نص المادة (15) من الدستور الأردني شأنها شأن معظم الدساتير تحيل إلى القانون أمر تنظيم استعمال المواطنين لحريتهم في التعبير ومن ضمنها حرية الصحافة وذلك من خلال استخدامه لعبارة (ضمن حدود القانون).

وحسنا فعل المشرع الدستوري باضافة المادة 128 إلى نصوصه:

1- لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها.

إن المشرع في تنظيمه لحرية الرأي والتعبير بما في ذلك التنظيم القانوني للإعلام إنما يرسخ قيم الحرية واحترام حقوق الانسان.

وبعد هذه الخطوات الايجابية: هل ضرب الصحافيين في ساحة النخيل إعمال لنص الدستور بكفالة حرية الصحافة?

وهل تهديد الصحافيين بالتوقيف والحبس ومحاكمتهم أمام محاكم عسكرية إعمال لنص الدستور بكفالة حرية الصحافة?

حتى في اوغندا تقول المحكمة الدستورية إن من حق الصحافي أن يخطىء, وأن عقوبة السجن لا تتناسب مع دور الصحافة في المجتمع.

ولو اخطأ صحفي, ولا أحد معصوما عن الخطأ, فإن تصحيح الخطأ يكون أولا بالوسيلة نفسها, وأمام الحكومة وسائل إعلام عديدة لنفي ما يدعيه الصحافي المخطىء, فهناك وكالة الأنباء الأردنية -بترا-, وهناك وزير للإعلام للنفي, وتلفزيون حكومي وإذاعة وصحف.

كما أن الصحافي الذي تتكرر أخطاؤه المهنية لا يستطيع بيع بضاعته مرتين, فتنحدر مصداقيته وهذا بحد ذاته أحد أنواع العقاب.

أما إحالة صحافي أخطأ, على فرض الثبوت, لمحكمة أمن الدولة وتوقيفه فذلك يتنافى مع المعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة.

ومن المعروف أن هناك مبدأ التناسبية والضرورة عند جواز فرض تقييدات على حرية التعبير وحرية الصحافة, وحتى في الحرب لم يعد حق الدولة مطلقا في استخدام القوة مع العدو وينطبق مبدأ التناسبية والضرورة ايضا في حق الدفاع عن النفس.

ولو طبقنا المعايير نفسها على القوانين الأردنية العقابية على حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة لوجدنا انها تخرج عن مبدأ التناسبية والضرورة.

ومن الأمثلة على ذلك وجود غرامات باهظة بقانون المطبوعات تصل إلى 20 الف دينار, والأشغال الشاقة لمن ينشر معلومات مصنفة, وعشرات المواد التي لا مجال لذكرها.

وقد وجهت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عدة مرات انتقادات للأردن بسبب وجود عقوبة الحبس للصحافيين.

إن توقيف الصحافيين وضربهم وتخويفهم هدفة إبعاد الشهود عن جرائم سترتكب أو لا يريدون لأحد أن يكشف المستور.

حق الحصول على المعلومات

صدر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات رقم 47 لعام 2007 بتاريخ 17/6/2007 كأول قانون من نوعه في العالم العربي. (نشر القانون في الجريدة الرسمية بعدد 4831 صفحة 4142).

وجاء في الأسباب الموجبة لمشروع القانون ان حرية الوصول الى المعلومات اصبحت الحجر الاساسي في الحريات الصحفية والعامة. وغني عن البيان ان اغلب المعلومات متوفرة لدى السلطة التنفيذية ومؤسساتها, ولترجمة مبدأ الشفافية والمشاركة في اتخاذ القرار لا بد من اتخاذ الخطوات التشريعية والتنفيذية التي من شأنها التسهيل على الصحفي والمواطن للحصول على المعلومات.

ويؤخذ على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن أنه يجعل اولوية التطبيق للتشريعات النافذة وليس لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن, سواء صدرت هذه التشريعات في وقت سابق أو لاحق على إقرار قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن.

ويعتبر قانون حماية أسرار وثائق الدولة رقم 50 سنة 1971 الذي صدر كقانون مؤقت أكبر معيق لتطبيق قانون ضمان حق الحصول على المعلومات.
ما هي الدروس المستفادة بعد مرور حوالي 5 سنوات على اقرار قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن?

يمكن القول بأن قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لم يشكل النقلة المأمولة بتسهيل تدفق المعلومات للمواطنين. ولم يغيّر القانون ثقافة السرية الشائعة عند المؤسسات الحكومية.

باختصار يبدو أن الأردن يسير عكس الاتجاه العالمي فيما يتعلق بدور الصحافة. وعلى الجميع الانتباه مبكرا, فما يحدث لا يضر الصحافيين فقط إنما يؤشر على عدم جدية الحكومة بالمضي بالإصلاح. فلا اصلاح ولا ديمقراطية من دون حرية صحافة.
ومن آخر السلبيات التي ستساهم في تراجع مكانة الأردن في مؤشرات حرية الصحافة وجوب ترخيص المواقع الإخبارية الالكترونية.

ومؤخرا قدم المقرر الخاص لحرية التعبير في الأمم المتحدة فرانك لارو تقريره السنوي لمجلس حقوق الإنسان في جنيف وقال فيه ان الانترنت هي واحدة من أقوى أدوات القرن 21 من أجل زيادة الشفافية في تيسير الوصول إلى المعلومات وتسهيل مشاركة المواطنين في بناء المجتمعات الديمقراطية.

واضاف ان الانترنت يتمتع بالحماية المقررة لحرية التعبير كما تنص عليها المادة 19 من كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

واشار إلى التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط مبينا دور الانترنت في مطالب المواطنين بالعدالة والشفافية واحترام حقوق الإنسان ومحاسبة الحكومات.

وأكد أهمية ضمان حق الوصول إلى المعلومات عبر الانترنت مشيرا الى أن الانترنت اصبح أكبر أداة للأفراد في التماس وتلقي وبث المعلومات.

وقال إن استخدام قوانين العقوبات التي تفرض عقوبات سالبة للحرية بقضايا النشر عبر الانترنت يعد تعسفا وغير مبرر ومن شأنه انتهاك حقوق الإنسان.

واشار الى أن عددا من الدول تقوم بفرض تقييدات غير ضرورية وغير متناسبة على الانترنت, بشكل لا يتفق مع المعايير الدولية.

وأكد أن قيام عدد من دول العالم بفرض تسجيل لمواقع الانترنت غير مبرر ولا يتناسب مع المعايير الدولية, مشيرا الى أن الترخيص للترددات سببه ندرتها.

وأكد قدرة الانترنت كقوة فريدة من نوعها لتوفير مساحة واسعة لحرية التعبير الفردية يمكن أن تؤدي إلى تعزيز حقوق الإنسان الأخرى, بما في ذلك الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية. (العرب اليوم)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات