حكومة تصريف قانون وليس أعمال ..


أتمنى أن تغلب علينا الواقعية، في هذه الفترة الدقيقة التي يجب أن نخطوا بها، إلى مرحلة انتقالية حقيقية، تجعلنا قادرين على صناعة إصلاحا حقيقيا، فالمواطن الأردني يغلي في بيته،وعمله وشارعه، ومن يقيس ذلك بعدد الحراك فهو مخطئي، فالظروف الاقتصادية، وحالة الإحباط السياسي تنتشر كالنار في العشب اليابس.
الدولة تتنفس الصعداء، بان الحراك ما يزال مكانه، والحراك سعيد لأنه صامد في وسط الشتاء والصيف يعلوا صوته،وبرفع شعاراته والأغلبية الشعبية تميل إليه، فالوقت اثبت إمساكه لشعاراته، بينما تتفلت الدولة من وعودها، والخناق الاقتصادي يلتف كالحبل على رقبة الدولة.والجميع أرهق من الحراك إلى الأجهزة الأمنية وحتى المواطن المراقب.
أولى هذه الخطوات الواقعية، التي يجب أن نؤمن بها، أن أي إصلاح لا ينتج من برلمان منتخب بشكل واقعي وقادم من قانون تمثيلي لن يكون إصلاحا واقعيا، أو حقيقيا، أو مقنعا، بل سيظل يترواح بين الضعف في الأداء والانقياد للمرجعية الأمنية التي لا يجروء النواب الضعاف على تخطيها، وكذلك التفرغ من قيد حلقة الخدمات للمواطن كرأس مال سياسي لعودته للبرلمان، وهذا كله لن يحصل إلا في قائمة وطن تمثل نصف البرلمان، تنبع من مرجعية على مستوى الوطن لا تأبه في تحصيل رضا مواطن لأنه لم يحضر عرسه أو يوظف ابنه، هذا الانفكاك من قيود المجالس السابقة ، تنتج حالة سياسية تمثيلية حقيقة للشعب .
الخطوة التالية التي يجب أن نتحلى بها بواقعية عدم الانجرار وراء تلميع شخصيات رؤساء الوزراء آيا كانت قدراتهم الذاتية، كما جرى مع الرئيس عون الخصاونة الذي جاء كقاضي يظن أنه يملك صلاحيات الكاملة، ونسي كيف تدار البلد من سيادة الديوان وسطوة المخابرات، وبرأي لم يفشل الرئيس ، ولكنه لم يكن على قدر المسؤولية، فقد صرحت أكثر من شخصية سياسية وإعلامية موثقة أن الرئيس كان يهرب من أي حديث سياسي إلى الحوار الأدبي بين ندمائه، وهذا يظهر انه لم يكن يتعامل بشكل جدي، وحول انه لم يمد يده أو يسرف فبصراحة لم يعد هناك ما يمكن سرقته في الأردن ، ولكنه كان حكيما في بعض المواقف، وبطيء في بعضها. ولهذا ظروفه ومرحلته المعقدة، ولكنه كان يريد هدف واحد إنتاج قانون انتخابات يخرج من خبرته القانونية، وعمقه كاحد الشخصيات البارزة لعقدين.
الآن خرج الخصاونة بشعبية كبيرة جدا، اهمها قربه من الإسلاميين، وثقة الحراك الشعبي به، بعكس ما يتمتع به الطراونة الذي يعود إلى ذكريات هبة نيسان ووادي عربية، وهو رجل محافظ جدا ، ولكنه ظهر صريحا بتميز، فقد مهد بأنه لم يأت لنسف ما فعله الخصاونة ، فقد و لن يسحب قانون الانتخابات، وكذلك لن يلتقي أحزابا لإجراء أي تعديل ، وهذا عكس كل التحليلات السريعة التي رافقت استقالة السابق وتعيين اللاحق.
حسب توقعاتي فان القصر كان يجهز الطراونة ليرث الخصاونة بعد إقالة النواب ومع الحكومة، ولكن تلك الاستقالة المفاجئة التي لا نعرف حتى هذه اللحظة وبين تضارب الراويات هل جاءت متعجلة من الرئيس أم وجهت له من القصر، وفي كلتها الحالتين فجلالة الملك جاد بان ينهي مجلس النواب جدل قانون الانتخاب، لذا إصر على تمديد الدورة العادية، وظهر هذا بأنها آخر خمسين يوم بعمر النواب وقانونيا على الدولة أن تجري الانتخابات بعد أربعة أشهر من حل المجلس.
وعليه أفضل أن لا نخوض نهائيا بتفاصيل حكومة الطراونة، وتجنب إشعال خزعبلات، وادري عربة وما رافقها من تكهنات، ولنركز حول محاورة المجلس الذي يحتضر بحيث لا ينجر امنيا ويفرز قانون انتخابات غير مرضي للقوى السياسية أو غير مطمئن للقوى العشائرية، او يخيف التوجهات الأمنية، فالمعادلة الأردنية بشتى تعقيداتها يجب أن تلتقي اليوم على حصتها من قانون الانتخابات الذي لا يجوز أن يصب في هذه المرحلة الانتقالية في جهة واحدة، فهناك توزيعات قوية في الأردن لن تقبل بان تحظى احدها بالحصة الأكبر المهم أن يعطي للجميع المشاركة .
ظاهريا السيناريو كالتالي الطراونة سيشرف فقط على إصدار قانوني الأحزاب والانتخابات، قبل 25/4/2012، ولن ينشغل بأي ملف آخر، سياسي أو محلي ، وسوف يتجنب استنزاف الشارع، ولن يتدخل بأي ملف سياسي حواري مع الأحزاب او غيرها، ومن ثم يغادر مع الحكومة مع بداية شهر تموز وتكون الانتخابات في بداية شهر كانون الأول.
وهناك احتمال تتم تعيين الانتخابات النيابية دون حل المجلس بحيث يسلم مجلس لأخر حتى لا يترك أي فراغ وتجنب حل حكومة الطراونة، ولكن المجمل أن تكون حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات فتكون لشخصية قانونية غير مسيسة أو منحازة لجهة ما، والتوقع إن تجرى الانتخابات البلدية في شهر أيلول بعد رمضان مباشرة حتى تدخل البلد في استعدادات البلدية ومن ثم تتهيأ إلى النيابية.
بغض النظر يجب أن لا ننشغل بحكومة الطراونة كثيرا لأنها كما قلنا انتقالية وليست دائمة حتى لو أنكر الرئيس هذا، فالمهم أن نخرج من منطقة الأزمة الرمادية.ونتمنى ألا يتصرف الرئيس بأي قرار اقتصادي أحمق يفجر الشارع فاختلاق أي أزمة اقتصادية سوف تنعكس سياسيا وتفسد الحلول القريبة.
Omar_shaheen78@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات