الله ما أكرمك يا هالوطن .. من حكايات جدي


جلست يوما أتحدث إلى جدي حيث كان ما زالت ذاكرته مفعمة بحب الوطن قبل أن يبلغ من العمر الطويل الذي لا يستطيع أن يتذكر إلا القليل القليل فقد كان دائما يقول لي يا جدّي هذا الوطن غالي وغلاته تكمن بطيبة أهله يا جدّي هذا الوطن ما مثله وطن ترابه ذهب وهواه طيب ومسك وعنبر .. وآلميه يا جدي صحيح بطلت تيجي على الدار بس يا جدي مية هالوطن خمر مصفى من الله وزمزم , قد ما تشرب منها يا حدّي منها ما بتروى .. ياجدي أتعلم كيف تحب الوطن وتسعى وتصول وتجول بجوانبه وترفع صوتك دايما للعالي وتدعي لله ان يرعاه ويحميه ياجدي ثمانون عاما وان اخدم بها الوطن وما بعرف قديش بقى من عمري لكن يا جدي بطلب من الله انه يزيد بها العمر حتى اقدر أقدم له أشي بسيط مما قدمه لي واعطاني اياه هذا الوطن يا جدي من فضائله عليّ انه خلاني اعرف كيف أدافع عن الحق خلاني اقدر أقول وما استحي من القول اللي لازم ينقال لما تحين ساعة الجد .. علمني ما أتمسح بعباءة ولا أتزلف لمسئول .. علمني يا جدي كيف احمل سلاحي وما أهاب المنية لما ينادي رجاله ومش بس هيك يا جدي علمني هذا الوطن كيف اعشق واقدر احب جدتك غزاله وعلم جدتك يا جدي كيف كانت تشد بعزم الرجال و تقف وتقول وتنادي بعالي الصوت هبوا يا رجال على الركايب قوموا شدو سلاحكوا لما الوطن كان يتعرض لمصيبة يا جدي هذا الوطن برجاله و الله والأردنية يا جدي رجال عند الشدايد ما يهابوا المنية وأنا بذكر يا جدي كيف لما الشريف حسين غضب لما قام جمال باشا الصغير والي سوريا ايام الاستعمار التركي بتعليق رجال العرب على أعواد المشانق يومها يا جدي تعلمنا كيف نغضب ونثور نثور بوجه الظلم والاستبداد بوجه الفاسدين قبل الفساد وهون ظل جدي اسولف وكل فكر جدي أني بعدني صاحي ما نمت .. وبالصبح وبعد ما اصحيت من النوم حسيت بدوشة حكي وصوت عالي .. صوت رجال .. شفت رجال البلد مجتمعه في غرفة جدي .. استغربت وصرت انادي على جدّي .. وسألت جدتي وين جدي يا جده ليش مش مع الرجال .. ماله ما سمعني ورد علي ّ .. قالت لي وعيونها تدمع وبصوت مخنوق و محروق جدك يا جده صعب يسمع جدك يا جده بعد ما رحت امبارح بنومك انته جدك تفتحت شرايين قلبه من تفتح جروحه وصار يا جده أقارن رجال زمان مع رجال اليوم وكيف تغيروا وغيرهم الزمان وبعدها صفن بحاله صفنه طويلة وقام من فراشه وراح وقف على البرندا شوية وما سمعت يا جده إلا بصوته يهدر و يقول ... وين الرجال اللي يعرفوا الغضب وين وين الرجال اللي أتعلموا بها البلد وين وين الثوار اللي ثاروا وحرروا الأرض من ظلم الاتراك وغيرهم وين حتى يثوروا ويطهروا هالبلد من الفساد والمفسدين وين واللي يغطوا عليهم من بعض ها المسئولين ويجردوهم من مناصبهم ويرجعوا أموال هالشعب وحقوقه من السارقين وين اللي جيوبهم صابتها التخمة من كثرة الملايين وين وبعدها يحاسبوهم ويتحاسبوا لما كانوا أقصروا بمحاسبتهم هالشياطين وين .. وهون ياجده رجع جدك لفراشه وعيونه حمر تقدح شرار و الله وأقول الصدق يا جده انا بيوم ما عهدت جدك بهاي الحالة من الغضب وقمت قلته وسألته مالك يا رجل ليش مكدر ليش زعلان ليش عيونك حمر تقدح نار وشرار .
وهون جدك يا جده ناداني باسمي وقال :

يا غزاله كيف ما بدي ازعل كيف .. كيف ما بدي أطق وأنقهر كيف .. ما أنتي شايفه يا حرمة شو اللي قاعد بصير الليرة صارت مش ليرة والديون علينا صارت كثير والتعليم صار بسبب ها القوانين مش تعليم والقوانين اللي عرفناه وعشنا عليها بطلت تصير قوانين ومجلس النواب ها الوقت غير عنه سنة الست وخمسين وكل ما اجى رئيس حكومة بروح بجيب معه زلمه السابقين وكأنه يعني بها البلد ما في غيرهم رجال صالحين وأكثر من هيك يا حرمة شو بدي اسولف واسولف .. فاتوا على الوزارات أيد من ورا وايد من قدام حق حلاقة ذقونهم ما معهم مفلسين لكن بس يطلعوا منها بتطلع معهم الملايين .. و هون يا جده جدك تنهد وقال قبل ما يحط رأسه على المخدة و ينام .. قال غريبه ها البلد الوزير ابنه بس تلده أمه بنكتب على شهادة ميلاده المهنة ( وزير ) والمواطن اللي مثلنا بحرث وبزرع وبصفق وبحمل سلاحه وبدافع عن كل ذرة تراب فيه بنكتب بشهادة ميلاده المهنة (حراث ) والحنفية يا حرمه فاتحة بس ما بتصب ميه بس بتصب بصناديقهم الملايين ولا حسيب و لا رقيب عليهم ومين يقدر !! لكن بس يغلط مسكين هون الكل منهم بتراكض بده يطبق القوانين وشو بدك اسولف بعد هيك يا حرمه .. الكيل فاض وما عاد يسع وربنا عليهم اعين . وهون وقف على حيله وقال يا غزاله هذا زمان مش زماني قالها بصوت عالي وكررها كثير وبعدها غضب غضبة الخوف على هالوطن وسقط من طوله على فراشه وصار جدك يا جده مع الميتين .
بس يا جده جدك مات وبقلبه حب كبير للوطن وأهل الوطن ووصاني اوصيك وأقول لك .. الوطن باقي مثل الشمس ما تبقى منوره بنورها مثل القمر لما يضوي عتمته بنوره .. الوطن يا جده ما مات ولا عمره بموت دير بالك على هالوطن يا جده وعلم أولادك كيف أحبوا ها الوطن .. ها الوطن يا جده كريم أو ما في أكرم منه إلا الكريم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات