تحترق أصابع من يمس الإعلام


يبدو أن الحكومات الأردنية اعجز من ان تتعلم حتى من تجارب بعضها البعض الفاشلة في سبيل ترويض الجسم الإعلامي، وما تزال حكومات تفتقر للحكمة تصر على تمرير عملية الحكم من تحت اعين الصحافيين، او اعتماد سياسة معادية للاعلاميين، وربما محاولة تشويه هذه القناة الشعبية التي تعد بمثابة عين المجتمع ، وفؤاده، واعتبارها خصما لا شريكا في الحكم، وينسى السياسيون ان لا احدا في هذا العالم يستطيع ان يحكم بدون اعلام مستنير. وفي هذا السياق البعيد كل البعد عن روح، وقواعد اللعبة السياسية تأتي عملية توقيف الاعلامي المخضرم الاستاذ جمال المحتسب، وهو وجراسا نيوز يعد احد اعمدة الاعلام، ورافعة للحريات العامة، والمدنية في الاردن، وقد وفر منبرا شعبيا كان قادرا على تمرير المطالب الشعبية الى اصحاب القرار فيما لو قيض الله للاردن حكومات مؤتمنة على مصير الشعب للتجاوب مع الرغائب والتطلعات الشعبية المحقة، وتفريغ شحنات الشارع اولا بأول.
والصحافة عموما تقوم بالدور الريادي لترسيخ الحياة الديمقراطية في البلد ، ومن الواجب تمكينها من القيام بهذا الدور لا اعاقتها ، كون الصحافة تبقى حجر الزاوية في الحريات ، وهي سجل توثيق الحياة السياسية ، وتعتبر القناة التي تربط بين السياسيين والناس ، ومن على صفحاتها يتم إعلان المواقف ، فالصحافة تخدم المؤسسات ، والطبقة السياسية من خلال تداول الأخبار ، أو ترويج السياسات، ما يتطلب في المقابل المحافظة على دورها المتواصل في عكس الصورة الشعبية والحفاظ على مصالح الناس في العملية السياسية ، فلا يجوز أن تتغير النظرة لأهمية الدور الذي يقوم به الجسم الصحفي ، اذا امتلك ارادته، وكان خارج السيطرة الرسمية ، وإنما من المهم مساعدته كي يصل للتوازن وإبقاء هذه القناة قادرة على إحداث التواصل المطلوب بين المؤسسات الوطنية ، والمواطنين ، والعمل للوصول إلى حدود رصد جوانب التقصير خدمة لمصالح المواطنين التي هي أولى أجزاء المشهد الإعلامي بالرعاية.

والصحافة هي أم العمل السياسي ، ومن على صفحاتها يتم تخريج السياسيين للحياة العامة ، وهي سجل يومي يقوم بعرض إنتاج المثقفين ، وأصحاب الفكر والرأي ، ولا غنى لمجتمع يحمل حراكاً سياسياً عن وجود صحافة قوية ، وحملة الأقلام مشاركين في المشهد السياسي ، وبعضهم إنارات في الشارع السياسي ، وتستطيع الحكومات أن تعالج خلل الجسم الصحفي بتوسيع حرية التعبير ، لا القمع، ومحاولات الترويض للاعلاميين، والتي اثبتت فشلها.

وفي نهاية المطاف لن تقوى الصحافة بكل ما اوتيت من قوة في أن تخرب سمعة سياسي يتمتع بالمصداقية ، فالسمعة الجيدة تدافع عن صاحبها ، واذكر بهذا الخصوص قصة الإعرابي الذي طلب ليلاً ضيافة حاتم الطائي الشهير بكرمه، وكان حاتم غاضباً ، فاعتذر عن استقباله بطريقة غير لائقة ثم ندم على ذلك وحاول البحث عنه ، إلا انه فقد أثره في الليل ، وفي اليوم الثاني وأثناء خروج الطائي من بيته رأى الإعرابي فتلثم ، وصاح به يا أخا العرب أين بت ليلتك الماضية، ويبدو انك غريب عن هذه الديار ، فأجابه لقد كنت ضيفاً عند حاتم الطائي وذبح لي ناقته ، وبالغ بإكرامي ، فحل اللثام عن وجهه وقال له أنا حاتم، وقد قصرت في حقك ، فما دفعك على ما قلت فرد الإعرابي "يا حاتم لو تحدثت بغير ذلك فلن يصدقني احد".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات