قانون الانتخاب الجديد والحقوق المنقوصة


يصر المشرع الأردني منذ نعومة أظفار الدولة الأردنية على أن يميز ويفرق مابين الارادنة بكل أطيافهم الاجتماعية والسياسية فخلق مكونات اجتماعية غير مستساغة اجتماعيا تتنافى مع أدنى مستويات العدل والإنصاف بنيت على تحالفات قبلية عززها الانتداب البريطاني فعزز من الحضور السياسي لقبائل وعشائر على حساب سكان المدن الرئيسية التي تعامل معها ككيانات ليست مع النفير ولا مع الزفير واستمر التجاهل والإهمال لكلا الطرفين: تجاهل غالبية أطياف هذه العشائر والاكتفاء بتمثيل نسبي لما يسمى بمشيخيات تلك العشائر على حساب الأغلبية المحترمة الصامتة, وتجاهل وظلم سكان المدن الرئيسية رغم انفتاحها وزيادة عدد سكانها بسبب الهجرات القسرية من فلسطين جراء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والتي كانت تعد جزءا من أراضي الدولة الأردنية فتطورت مجتمعات هذه المدن وتفاعلت وزادت إنتاجيتها ومساهماتها بالناتج المحلي الإجمالي وزيادة الدخل القومي لانخراط أبنائها بالعمل واكتساب المهارات وزيادة التعليم وانتقالهم كعمالة إلى دول الخليج زادت التحويلات الخارجية للاقتصاد الأردني مما ساهم في الثورة العمرانية في كل من مدن عمان والزرقاء واربد التي تعد الأكثر كثافة سكانية والأجدر بالمكافاءات السياسية لتلك المجتمعات كونها مجتمعات إنتاجية ازدهرت اقتصاديا وعمرانيا.
إلا إن المشرع وباملاءات من جهات لاتهمها المصلحة العليا للبلاد تصر على الانتقاص من الحقوق المدنية والسياسية وحتى الاجتماعية لهذه المجتمعات لحساب تجمعات سكانية تنتمي لأطياف محددة استطاعت أن تعزز تواجدها مستغلة وهلة من الإيحاءات للمسئول بأنهم الحمى الذي يحمى به الحمى وإنهم لابد من أن يحظوا بامتيازات خاصة استطاعوا من خلالها أن يحصلوا على مكتسبات سياسية واقتصادية عززت أدوارهم في الدولة من خلال تبوؤهم بالوراثة لمراكز متقدمة في مواقع صنع القرار فوضتهم المشاركة وبنسبة عالية مقابل إهمال وتهميش لأبناء المجتمعات المدنية الأخرى الذين اتجهوا للعمل والتجارة والاغتراب كوسيلة لإثبات الوجود فكان لهم ماكان من انتقاص بالحقوق السياسية التي هي الأساس للانتقاص من بقية الحقوق والأدوار.

ويتمادى المشرع والمخطط والمبرمج للحياة السياسية في مؤامرته على غالبية الشعب الأردني عبر إعداد قانون انتخاب جديد زاد من حصة تلك الكنتونات السياسية المقولبة بأطر عنصرية بحتة هدفها وغايتها غير شريفتين . لاتعطي قيمة للإنسان وكأنه يقيس بمقياس خاص لايفهمه الأردنيين يقدر به ويخمن القيمة المعنوية الفردية لكل مواطن أردني فهذا مواطن من أبويين حجازيين شخصه بعشرة أصوات وذاك مواطن من أبويين عثمانيين شخصه بخمسة وذاك مواطن ساحلي شامي يقدر صوته بقدر تملقه ونفاقه وشهادته زورا لمن يتبوءا مركز القرار والبقية مواطنتين عالة على الدولة فرض وجودهم فرضا عليهم أن يقبلوا بالواقع وإلا فلا شان لهم ويهددوا بكل أنواع التهديدات التي تحط من قدر مواطنتهم.

إن ماقبله الآباء والأجداد بالأمس أصبح غير مقبولا ألان في ظل زيادة العلم والتعلم وانفتاح المجتمعات الحديثة على بعضها البعض وزيادة معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان التي لم يفهمها المشرع بعد فمازال غير قادر على أن يقول لدوائر صنع القرار التي تملي عليه ماتريد دون أن تحاوره أو تحاور أو حتى تسمع من المواطن المقهور المكبوت المظلوم جراء زيادة تهميشه ولهذا يجب أن يعي الجميع خطورة تمرير قانون الانتخاب الجديد الذي زاد من غربة المواطن الأردني ساكن المدن الرئيسية في وطنه لا بل ويزيد من الانتقاص من مواطنته وأهليته للمواطنة الأمر الذي يعني شعوره بنقص الولاء والانتماء لنظام سياسي يهمش وينتقص من وجوده.
أن الأوان لان يعترف الجميع مشرع ومقرر ومواطن كاسب ومنتقص الحقوق أن هكذا قانون لايصلح لان ندخل به مرحلة الإصلاح والتغيير في زمن سيادة القانون والحرية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات