الاختيار بين البرلمانية والبرلماني


إن اختيار أو تصميم أيّ نظام انتخابي هو أحد أهم قرارات مؤسسات الدولة ، ولعلّ السبب في ذلك أنّ هذا النظام الانتخابي الذي تمّ تصميمه يكون له بالغ الأثر على مستقبل الحياة السياسية في الدولة أيضا ، ولذلك إما أن يدخل هذا المشروع الجديد البلاد في حالة من التوازن السياسي ، أو يدخلها في أزمة سياسية لتبدأ عملية البحث عن وسائل تخطي هذه الأزمة من جديد ، ومن مجريات الأمور أن أي مشروع قانوني في هذا الميدان يعكس حالتين لا ثالث لهما ، أولى هذه الحالات نقص المعرفة الأساسية والمعلوماتية في اختيار أو تصميم هذا المشروع ، والحالة الثانية يكون الاختيار مبنيا على تعزيز وجهات النظر التي تؤمن بها الحكومة ، والتي قد لا نعرف عنها ومنها شيئا كمواطنين ، فالمعنى يكون هنا في بطن الحكومة ، وعلى ذلك فإنّ اختيار أو تصميم أي مشروع لنظام انتخابي ، تكون له آثار إيجابية أو سلبية على مستقبل الديمقراطية في البلاد .
ولذلك فإن السلطة التنفيذية حين تقوم بصياغة قواعد اللعبة الديمقراطية ، فإن النظام الانتخابي يكون أسهل وسيلة للتلاعب بالمخرجات نحو الأفضل أو الأسوأ ، فأحيانا مشروع القانون أو النظام الانتخابي يحدد وجهة نظر صائغيه ، ويحدد الجهة التي يكون لها فرصة الفوز دون غيرها ، فهذا المشروع يكتسب أهمية خاصة في تشجيع الأحزاب وإطلاق دورها في المشاركة السياسية ، أو قد يخلط الأوراق ليحدد المناخ السياسي الأوسع بالطريقة التي يرى فيها المشرّع تعزيز معتقداته السياسية .
وأهم ما تتميز به النظم الانتخابية حتى تكون معمّرة ، العدالة في التمثيل والمساواة بين أفراد الشعب في التأثير بصوت الناخب ، والمعنى أن لكل كذا ألف مواطن ممثل واحد ، وأن قوة تأثير الصوت الانتخابي في أي دائرة متساو مع الدوائر الأخرى ، ولهذا كان على الحكومة أن تأخذ بمعايير التصميم الدولية لأي نظام انتخابي تقدمه للسلطة التشريعية ، فعملية إعادة بناء الثقة لدى الناخب في الحكومات القائمة على الانتخابات ، والقوانين والأنظمة التي تخضع للتعديل في كل انتخابات أيضا لم تعد سهلة المنال ، ولم يعد يصدق المواطن أن هذا المشروع وغيره سيحقق التوازن السياسي والنتائج المرجوة .
على أنه في النهاية نقول : أي نظام انتخابي يمكن أن يزيد من حالات التوتر والصراع المجتمعي ، وإذا كان النظام الانتخابي لا يسمح بفوز المعارضة والموالاة كل حسب قاعدته الانتخابية ، فإن الخاسر الأكبر هو الوطن والمواطن معا ، وقد يؤدي ذلك إلى استخدام وسائل غير ديمقراطية من قبل بعض الجماعات الحزبية والمجتمعية ، لأن أي نظام انتخابي قد يترك آثارا وجوانب نفسية على شرائح مختلفة من المجتمع الأردني ، ولذلك نرى أن على المشرعين أن يهتموا بقضيتين أساسيتين ، الأولى درجة المركزية ويقصد بها التمثيل وتماثل الدوائر الانتخابية ، والثانية الاختيار بين البرلمانية والبرلماني ، بمعنى أن لكل نظام انتخابي أنصاره ، ولكن لكل شعب أو مجتمع تقاليده الخاصة به .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات