دولة " القانون " والمؤسّسات – دندنات غير دستورية


أؤنّب نفسي وأنعي عليها كثيرا من حواراتها المونولوجيّة حينما تحاول أن تفكر في الشأن السياسيّ الأردني ، ومنذ أن ارتبطت بميثاق غليط وأنا " حاط راسي في شغلي وبقول يا هادي " ، غير أني أحياناً لا " أمون " على نفسي كما " لا يمون " الكثيرون في بلادنا ، على أي شيء .
أعود في حالة من الفصام بين " وجع الراس " أي التدخل في الشأن العام ، وبين " هداة البال " وهي بمفهوم آخر عند العوام " سواقة الهبل " التي يجيدها كثير من السياسيين في وطني .

كثير من التحذيرات والتخوفات والقلق يراود الناس من بعض الأحاديث التي أتمنى أن لا تكون هذه الأحرف بعضها حيث أنّي سأقتصر فيها على بيان الجانب القانوني دون السياسي ، تجنبا لفحص طول اللسان الذي أتحاشاه لا لشيء إلا لمعرفتي الجيّدة بطوله " بلا قافية " .

طالعتنا الصحف الالكترونية – على حد تعبير الإعلام الرسمي – بخبر مفاده أن جلالة الملك قد " تكرّم " و " فضّل " على الراس وعلى الوطن والشعب وأوعز بالإفراج عن موقوفي الدوّار الرابع ، وأن محكمة " أمن الدولة " - الآتية من عهد الامبراطورية الفينيقية والتي أتذكّر صورا من يوغسلافيا السابقة حين زيارتي لها في أي فرصة سعيدة لمراجعة إحدى القضايا – قد باشرت إجراءات " الإفراج عن الموقوفين " ، فأثار الخبر فيّ شجونا قانونية أظن أنّ أقل قانوني في العالم خبرة ملم بها وهي هل للملك أن يوعز بالإفراج عن المعتقلين ؟ هل الأمور بهذه البساطة ؟ هل " كبسة زر " في الأردن قادرة فعلا على الإفراج عن موقوفين بتهم " تمس أمن الدولة " ومنها التحريض على قلب نظام الحكم وتقويض نظام الحكم ؟ وبما أن الأمور سهلة وأن مجرد إيعاز ملكيّ قادر على الإفراج عن موقوفين بتهم " خطيرة " كهذه ، فإن الإيعاز بمحاربة الفساد والذي هو " أقل خطرا " من تلك التهم هو أجدى بأن يؤخذ على محمل الجد ..إن كان الإيعاز ذا قيمة على مستوى الدولة .

كقانوني أعرف جيدا أن قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 قد نص في المادة السابعة والأربعين منه على الأسباب التي تسقط الأحكام الجزائية أو تمنع تنفيذها أو تؤجل صدورها وهي :
" وفاة المحكوم عليه ، العفو العام ، العفو الخاص ، صفح الفريق المتضرر، التقادم، وقف التنفيذ ، اعادة الاعتبار " ، ولا أدري أين يصنّف " إيعاز الملك في حالتنا هذه ، هل يا ترى عدّ من قبل " صفح الفريق المتضرر " ؟ أم أنّه عفو خاص ؟ ، وإن كان كذلك فهل روعيت إجراءات إصدار العفو الخاص خصوصا في ضوء المادة 51 من قانون العقوبات سالف الذكر التي تنص على أنه : "
1- يمنح جلالة الملك العفو الخاص بناء على تنسيب مجلس الوزراء مشفوعاً ببيان رأيه.
2- لا يصدر العفو الخاص عمن لم يكن قد حكم عليه حكماً مبرماً.
3- العفو الخاص شخصي ويمكن أن يكون باسقاط العقوبة أو ابدالها أو بتخفيفها كلياً او جزئياً. "

خلاصة الكلام ، يبدو أن الدولة الأردنية أصبحت " وكالة من غير بواب " على حد تعبير إخواننا المصريين ، واستغفر الله العظيم إن كان لساني – لا سمح الله – قد طال أكثر من الحد المسموح به حكوميا وعلى حد تعبير مستخدمي الفيسبوك "  " !

المحامي المتدرب
حسام أبو حامدة



تعليقات القراء

ahmad az
لا فض فوك .. والسؤال الذي يطرح نفسه .. إن كان هؤلاء الشباب مجرمين (بحسب التعبير الحكومي).. فلماذا لم تتم محاسبتهم وفق القانون .. وإن لم يكونوا كذلك فلماذا تم الاعتداء عليهم والزج بهم في غياهب السجون كل هذه الفترة .. هذا ناهيك عن الضرب والتعذيب غير المعلنين
16-04-2012 08:45 PM
musab
بما أنه قانوناً ليس "عفواً خاصاً" فعفواً قضائنا النزيه فقد أُسقط القانون من بين يديك بلا حيلة ولا حتى فتيلة
16-04-2012 10:52 PM
Yousef M
فعلاً ... من الاجدر بالاهتمام والعناية محاربة الفساد ( ليس مكافحة الفساد ) لان الفساد اصبح في وقتنا الحالي ثقافة داخلية يتربى وينشأ عليها الاجيال

17-04-2012 01:20 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات