تركيا في مرحلة ما بعد أردوغان !
بداية من هو أردوغان ؟ إنه الرجل الذي أقنع الغرب بالنموذج الإسلامي التركي ، والذي كان له عظيم الأثر في تحول السياسية الأمريكية من الحرب المباشرة إلى الحرب غير المباشرة ، والتي من نواتجها ما يسمى بـ الربيع العربي !
وقد تعهد بأن يرعى تلك الحركات الإسلامية الصاعدة في الدول المحيطة ، غير أن الرجل وبحسب التقارير الصحية في حالة صحية سيئة جداً ، حيث أكد الأطباء أنه بات في مرحلة متقدمة من مرض السرطان، الذي بات متفشياً (Metastases)،لهذا فإن على كافة المهتمين في الشأن الأوسطي ، دراسة مرحلة ما بعد أردوغان ، والخوف كل الخوف أن تتحول تركيا إلى مسرح للمافيا الدولية ، وتتصدر القائمة الدولية في الانقلابات ، والانفلات الأمني غير المسبوق ، سيما وأن أنقرة بلا علمانيين قادرين على استعادة وضع ما قبل وصول "أ كا بي" الى السلطة، وبلا "أكابيين" موثوقين لمتابعة الدور المطلوب داخلياً والمهمة الموكلة إقليمياً ، سيكون الوضع مرشح لأي شيء ، نتحدث عن بداية تبلور المجهول في تركيا !
وقد كشف كيسنجر النقاب عن خطورة الأمر ، ومدى جدية القلق الأمريكي حيال هذا الأمر والذي سيقلب الكثير من المعادلات في المنطقة ولكن لصالح من ؟! ومع ذلك فإن السؤال الأصعب الذي يدور الآن في أروقة البيت السياسي التركي هو : من سيخلف أردوغان ؟
ومعروف أن من يخلفه في رئاسة حزب العدالة والتنمية سيجلس أيضًا على كرسي رئاسة الوزراء مباشرة ، وبناء على هذا المعطى لا بد أن تتوفر عدة شروط محلية وإقليمه ودولية في الخليفة القادم ، وبالطبع هنالك الكثير من الأسماء المطروحة على الساحة السياسية مرشحون لرئاسة حزب العدالة والتنمية في مرحلة ما بعد أردوغان ، ومن بين هؤلاء نائب رئيس الوزراء والناطق باسم الحكومة بولنت أرينتش، ونائب رئيس الوزراء المسئول عن الاقتصاد علي باباجان، ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو ، ومن الجدير بالذكر هنا أن نعرف أن اللائحة الداخلية لحزب العدالة والتنمية لا تسمح لأي عضو بأن يترشح أكثر من ثلاث دورات نيابية متتالية، وهذا الحظر يشمل كلاًّ من بولنت أرنتش وعلي باباجان وأسماء أخرى من قادة الحزب الحاكم، على كل الأحوال ودون الدخول في التفاصيل المملة فإن المرشح الأوفر حظًّا من بين هؤلاء وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، لأسباب متعددة أولها أن حظر الترشح لا يشمله ، ولكن هذا السيناريو في حال استمرار حزب العدالة والمجهول أيضاً مصيره والذي أرتبط بمصير زعيمه .
ذلك الحزب الذي بناه أردوغان حجراً حجراً ورعاه كما يرعي الأب أبنائه إلى أن يكبروا ، الحزب الذي أهل تركيا لأن تكون لاعباً أساسياً في مرحلة ما قبل وما بعد الربيع العربي ، وأعطاها ثقل إقليمي وعالمي ووزن اقتصادي ملفت للنظر ، الحزب الذي ينتظر المجهول وهو الرافعة الوحيدة والحقيقية لتركيا الحديثة بكل سلبياتها وإيجابيتها ، هذا الحزب ينتظر المجهول ، لكون قائده ومؤسسه بات في حكم قضاء الله وقدره.
سيكون لذلك الأمر الكبير واقعاً هائلاً على تركيا التي لن تستوعب المسألة في تقديري الشخصي مهما حاولت أن تبدي من تماسك ظاهري ، إنه الانقلاب في العمق الإستراتيجي للمنطقة ككل ، والنذير الذي يحمل الشؤم لمشايخ الخليج والسعودية وأمريكا وإسرائيل ، ولعله لم يعد سراً أن الحديث الآن يدور حول إعداد دستور جديد للبلاد ، هذا والرجل ما زال يتنفس الهواء على سرير الشفاء، ومحاولات إحراز تقدم ما في جهود القضاء على الخطر الكردي الدائم، إلى الأزمة السورية التي تشغل بال حكام أنقرة منذ بدأت ، إلا أن الأهم في الذهنية التركية الإقليمية والدولية الآن هي : مرحلة ما بعد أردوغان !
وما هو مصير تركيا من بعده ومن جميع النواحي ، ولعل المحزن في الأمر ذلك السيناريو الذي يتوقعه البعض والذي قد يؤسس لحرب على خلافة الرجل في الحزب الذي أسسه عام 2001 م ، ولا يخفى على المراقبين والمتابعين للشأن التركي أن هنالك تشقُّق في صفوف الحزب الحاكم يستطيع أن يلمحه كل ذوى بصيرة متواضعة ، المهم في الأمر أن وريثة الإمبراطورية العثمانية ، و أكبر الدول الإسلامية ، والدولة التي تحتل من الناحية الاقتصادية المرتبة السادسة عشرة عالمياً ، وقوتها العسكرية متميزة ولها مكانة في حلف الناتو، والتي تتمتع بعقيدة سياسية أورومتوسطية بحكم الجغرافيا ، ستشهد تغيرات أساسية في نظامها الداخلي وسيكون له عظيم الأثر على السياسة الخارجية ، وكإنسانيين إذ نضع السياسة الخارجية التركية تحت المجهر،فإن شأننا في ذلك شان كافة المتهمين في الأمن الإنساني الإقليمي والعالمي ، وذلك من أجل التعرف على محددات السياسية التركية في مرحلة ما بعد صانع السياسة التركية الحديثة ، وبخاصة بعد عودة الاهتمام التركي بالشرق ، وفي هذا السياق نذكر أنفسنا وكافة السياسيين بالخطاب الذي ألقاه رجب طيب أردوغان بعد انتخابات صيف 2011، والذي كان عنواناً للتغيير في النهج التركي الخارجي.
فقد قال صراحة :
(إن تركيا ستكون من أقوى عشر دول في العالم بحلول 2023) ! وإن فوز العدالة والتنمية هو فوز للشرق الأوسط والقوقاز والبلقان كما هو فوز لتركيا ، هذا الرجل يحمل أفكاراً وأحلاما سياسية لا تتوقف عند البوابة التركية بل تمتد لتصل إلى كل ما كان تحت حكم الأتراك في الدولة العثمانية ، ومثل هذا الطموح تم استثماره من قبل الأمريكان والأوروبيين على النحو الذي نرى أثاره في سوريا وعموم المنطقة .
لقد تحول الاهتمام التركي بعد العام 2007 م للتركيز على منطقة الشرق الأوسط بدلاً من التركيز على أوروبا ، وهذا النهج الجديد في السياسة الخارجية التركية اعتمد على نظرية العمق الإستراتيجي التي وضعها منظر السياسة الخارجية التركية أحمد داود أوغلو، فهو يرى أن منطقة الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز، هي المنطقة المثلى لتركيا كي تلعب فيها دوراً حيويّاً، وتقوم هذه النظرية على تخليق إتحاد إقليمي تكون تركيا صاحبة الزعامة فيه ، بدلاً من الوقوف على العتبات الأوروبية من أجل الانضمام إلى إتحاد يشارف على الموت السياسي والاقتصادي ، ولو تدبرنا السياسة التركية إلى ما قبل الموضوع السوري لوجدنا أنه كانت تسير بسرعة سياسية مذهلة ، والحق أنها كانت تستوقفنا كإنسانيين إلى حد ما غير أن الموضوع السوري أعاد تركيا إلى المربع الأول وأودى بكل أحلامها السياسية في المنطقة .
إضافة إلى تدهور العلاقات بين إيران وتركيا ، حيث أن إيران انتقدت بشكل علني الموقف التركي من النظام السوري، وهو ما يعتبر ضربة لتقوية العلاقات التركية الإيرانية في السنوات القليلة الماضية ، و في إطار توتر العلاقات التركية الإيرانية يمكن فهم موافقة تركيا على نشر الدرع الصاروخي الأمريكي والتزلف إلى أمريكا والحد من أثر الموقف التركي من إسرائيل على العلاقة مع أمريكا ، ومثل هذا الموقف يقودنا إلى أن تركيا انقلبت على ذاتها مرة أخرى ، وفي المقابل جاء الرد الإيراني قوياً ، حيث طرحت إيران بغداد محطة للمفاوضات بين مجموعة الخمسة زائد واحد ، وهذا ما دفع وزير خارجية تركيا داوود أوغلو إلى الاتصال بأمين مجلس الأمن القومي الأعلى سعيد جليلي ليقدم له اعتذار أنقرة عن التصريحات الأخيرة "الشديدة اللهجة" على لسان أردوغان ، وقد تمنى على الجانب الإيراني اعتماد اسطنبول محطة لهذه المفاوضات ، مضافاً لذلك ما قام فيه السفير التركي في طهران صباح يوم الجمعة 6/4/2012 ، سيما وأنه تقدم بطلب لقاء مستعجل مع السيد باقري مساعد جليلي لشؤون السياسة الخارجية والعلاقات الدولية ليقدم له اعتذاراً مماثلاً وليؤكد له مدى الأهمية التي توليها أنقرة لمقام المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية وسياسة إيران الحكيمة ووقوف بلاده إلى جانب حق إيران في امتلاك الطاقة النووية وثباتها في الدفاع عن هذا الحق في المحافل الدولية ، والغريب أن تركيا تناست وبشكل فاضح دورها تجاه سوريا العروبة ، وطبقت المثل الأردني القائل ( الله يلعن المراجل أللي ورآها قول دخلك سيدي ) .
المهم في الموضوع لدينا أن أنقره بدأت تفقد خيوط اللعبة والتي قد تنقلب بكل فصولها عليها وبخاصة في حالة غياب أردوغان ، لقد ركبت تركيا موجة قطر والسعودية والتي تأتي في سياق خدمة المخطط الغربي الذي تقوده أميركا لإضعاف دول الممانعة والمقاومة بما يشكل طوق نجاة للكيان الإسرائيلي ، وهذا سيضاعف الفاتورة على تركيا في المستقبل القريب وبخاصة إن لم تصحح موقفها تجاه سوريا وبأسرع وقت ممكن وقبل أن يقر رسمياً فتح "الجبهة الكردية" ، وقد حذر قائد الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، مراد قرايلان تركيا من مغبة أي تدخلٍ عسكريٍ في سوريا، وأعتقد أن الرئيس السوري لا يحتاج إلى من يبين له حجم تأثير الورقة الكردية على تركيا وعموم التوازن في هذه المرحلة الأعسر والأخطر والمنعطف المميت لتركيا وحلفائها !
المشكلة أن تركيا وعموم الغرب وإسرائيل وحلفائهم الأعراب لا يريدون أن يستوعبوا مسألة أن الإنسانيين وكافة جبهات المقاومة وبالتحالف مع إيران الصمود هم عراب هذه المنطقة من الآن ولقرن قادم من الزمن ، وما زالت الفرصة أمام الأتراك للاعتذار عن التدخل في الملف السوري المكلف جداً لكافة الأطراف ، وسيعرف الجميع حجم العواقب الوخيمة لذلك التدخل القذر في الشؤون السورية ، حيث لم تبالي تلك الشرذمة بالأطفال والنساء والشيوخ ، ولا بصرخاتنا كإنسانيين ! وأخيراً أتساءل أين دور الأتراك في المذابح التي ترتكب يومياً في البحرين ؟ والخلاصة أن تركيا لن تكون بخير بعد مرحلة أردوغان إن لم تسرع وتعيد علاقاتها الطبيعية مع الجوار وبخاصة الجوار السوري . خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .
وقد تعهد بأن يرعى تلك الحركات الإسلامية الصاعدة في الدول المحيطة ، غير أن الرجل وبحسب التقارير الصحية في حالة صحية سيئة جداً ، حيث أكد الأطباء أنه بات في مرحلة متقدمة من مرض السرطان، الذي بات متفشياً (Metastases)،لهذا فإن على كافة المهتمين في الشأن الأوسطي ، دراسة مرحلة ما بعد أردوغان ، والخوف كل الخوف أن تتحول تركيا إلى مسرح للمافيا الدولية ، وتتصدر القائمة الدولية في الانقلابات ، والانفلات الأمني غير المسبوق ، سيما وأن أنقرة بلا علمانيين قادرين على استعادة وضع ما قبل وصول "أ كا بي" الى السلطة، وبلا "أكابيين" موثوقين لمتابعة الدور المطلوب داخلياً والمهمة الموكلة إقليمياً ، سيكون الوضع مرشح لأي شيء ، نتحدث عن بداية تبلور المجهول في تركيا !
وقد كشف كيسنجر النقاب عن خطورة الأمر ، ومدى جدية القلق الأمريكي حيال هذا الأمر والذي سيقلب الكثير من المعادلات في المنطقة ولكن لصالح من ؟! ومع ذلك فإن السؤال الأصعب الذي يدور الآن في أروقة البيت السياسي التركي هو : من سيخلف أردوغان ؟
ومعروف أن من يخلفه في رئاسة حزب العدالة والتنمية سيجلس أيضًا على كرسي رئاسة الوزراء مباشرة ، وبناء على هذا المعطى لا بد أن تتوفر عدة شروط محلية وإقليمه ودولية في الخليفة القادم ، وبالطبع هنالك الكثير من الأسماء المطروحة على الساحة السياسية مرشحون لرئاسة حزب العدالة والتنمية في مرحلة ما بعد أردوغان ، ومن بين هؤلاء نائب رئيس الوزراء والناطق باسم الحكومة بولنت أرينتش، ونائب رئيس الوزراء المسئول عن الاقتصاد علي باباجان، ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو ، ومن الجدير بالذكر هنا أن نعرف أن اللائحة الداخلية لحزب العدالة والتنمية لا تسمح لأي عضو بأن يترشح أكثر من ثلاث دورات نيابية متتالية، وهذا الحظر يشمل كلاًّ من بولنت أرنتش وعلي باباجان وأسماء أخرى من قادة الحزب الحاكم، على كل الأحوال ودون الدخول في التفاصيل المملة فإن المرشح الأوفر حظًّا من بين هؤلاء وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، لأسباب متعددة أولها أن حظر الترشح لا يشمله ، ولكن هذا السيناريو في حال استمرار حزب العدالة والمجهول أيضاً مصيره والذي أرتبط بمصير زعيمه .
ذلك الحزب الذي بناه أردوغان حجراً حجراً ورعاه كما يرعي الأب أبنائه إلى أن يكبروا ، الحزب الذي أهل تركيا لأن تكون لاعباً أساسياً في مرحلة ما قبل وما بعد الربيع العربي ، وأعطاها ثقل إقليمي وعالمي ووزن اقتصادي ملفت للنظر ، الحزب الذي ينتظر المجهول وهو الرافعة الوحيدة والحقيقية لتركيا الحديثة بكل سلبياتها وإيجابيتها ، هذا الحزب ينتظر المجهول ، لكون قائده ومؤسسه بات في حكم قضاء الله وقدره.
سيكون لذلك الأمر الكبير واقعاً هائلاً على تركيا التي لن تستوعب المسألة في تقديري الشخصي مهما حاولت أن تبدي من تماسك ظاهري ، إنه الانقلاب في العمق الإستراتيجي للمنطقة ككل ، والنذير الذي يحمل الشؤم لمشايخ الخليج والسعودية وأمريكا وإسرائيل ، ولعله لم يعد سراً أن الحديث الآن يدور حول إعداد دستور جديد للبلاد ، هذا والرجل ما زال يتنفس الهواء على سرير الشفاء، ومحاولات إحراز تقدم ما في جهود القضاء على الخطر الكردي الدائم، إلى الأزمة السورية التي تشغل بال حكام أنقرة منذ بدأت ، إلا أن الأهم في الذهنية التركية الإقليمية والدولية الآن هي : مرحلة ما بعد أردوغان !
وما هو مصير تركيا من بعده ومن جميع النواحي ، ولعل المحزن في الأمر ذلك السيناريو الذي يتوقعه البعض والذي قد يؤسس لحرب على خلافة الرجل في الحزب الذي أسسه عام 2001 م ، ولا يخفى على المراقبين والمتابعين للشأن التركي أن هنالك تشقُّق في صفوف الحزب الحاكم يستطيع أن يلمحه كل ذوى بصيرة متواضعة ، المهم في الأمر أن وريثة الإمبراطورية العثمانية ، و أكبر الدول الإسلامية ، والدولة التي تحتل من الناحية الاقتصادية المرتبة السادسة عشرة عالمياً ، وقوتها العسكرية متميزة ولها مكانة في حلف الناتو، والتي تتمتع بعقيدة سياسية أورومتوسطية بحكم الجغرافيا ، ستشهد تغيرات أساسية في نظامها الداخلي وسيكون له عظيم الأثر على السياسة الخارجية ، وكإنسانيين إذ نضع السياسة الخارجية التركية تحت المجهر،فإن شأننا في ذلك شان كافة المتهمين في الأمن الإنساني الإقليمي والعالمي ، وذلك من أجل التعرف على محددات السياسية التركية في مرحلة ما بعد صانع السياسة التركية الحديثة ، وبخاصة بعد عودة الاهتمام التركي بالشرق ، وفي هذا السياق نذكر أنفسنا وكافة السياسيين بالخطاب الذي ألقاه رجب طيب أردوغان بعد انتخابات صيف 2011، والذي كان عنواناً للتغيير في النهج التركي الخارجي.
فقد قال صراحة :
(إن تركيا ستكون من أقوى عشر دول في العالم بحلول 2023) ! وإن فوز العدالة والتنمية هو فوز للشرق الأوسط والقوقاز والبلقان كما هو فوز لتركيا ، هذا الرجل يحمل أفكاراً وأحلاما سياسية لا تتوقف عند البوابة التركية بل تمتد لتصل إلى كل ما كان تحت حكم الأتراك في الدولة العثمانية ، ومثل هذا الطموح تم استثماره من قبل الأمريكان والأوروبيين على النحو الذي نرى أثاره في سوريا وعموم المنطقة .
لقد تحول الاهتمام التركي بعد العام 2007 م للتركيز على منطقة الشرق الأوسط بدلاً من التركيز على أوروبا ، وهذا النهج الجديد في السياسة الخارجية التركية اعتمد على نظرية العمق الإستراتيجي التي وضعها منظر السياسة الخارجية التركية أحمد داود أوغلو، فهو يرى أن منطقة الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز، هي المنطقة المثلى لتركيا كي تلعب فيها دوراً حيويّاً، وتقوم هذه النظرية على تخليق إتحاد إقليمي تكون تركيا صاحبة الزعامة فيه ، بدلاً من الوقوف على العتبات الأوروبية من أجل الانضمام إلى إتحاد يشارف على الموت السياسي والاقتصادي ، ولو تدبرنا السياسة التركية إلى ما قبل الموضوع السوري لوجدنا أنه كانت تسير بسرعة سياسية مذهلة ، والحق أنها كانت تستوقفنا كإنسانيين إلى حد ما غير أن الموضوع السوري أعاد تركيا إلى المربع الأول وأودى بكل أحلامها السياسية في المنطقة .
إضافة إلى تدهور العلاقات بين إيران وتركيا ، حيث أن إيران انتقدت بشكل علني الموقف التركي من النظام السوري، وهو ما يعتبر ضربة لتقوية العلاقات التركية الإيرانية في السنوات القليلة الماضية ، و في إطار توتر العلاقات التركية الإيرانية يمكن فهم موافقة تركيا على نشر الدرع الصاروخي الأمريكي والتزلف إلى أمريكا والحد من أثر الموقف التركي من إسرائيل على العلاقة مع أمريكا ، ومثل هذا الموقف يقودنا إلى أن تركيا انقلبت على ذاتها مرة أخرى ، وفي المقابل جاء الرد الإيراني قوياً ، حيث طرحت إيران بغداد محطة للمفاوضات بين مجموعة الخمسة زائد واحد ، وهذا ما دفع وزير خارجية تركيا داوود أوغلو إلى الاتصال بأمين مجلس الأمن القومي الأعلى سعيد جليلي ليقدم له اعتذار أنقرة عن التصريحات الأخيرة "الشديدة اللهجة" على لسان أردوغان ، وقد تمنى على الجانب الإيراني اعتماد اسطنبول محطة لهذه المفاوضات ، مضافاً لذلك ما قام فيه السفير التركي في طهران صباح يوم الجمعة 6/4/2012 ، سيما وأنه تقدم بطلب لقاء مستعجل مع السيد باقري مساعد جليلي لشؤون السياسة الخارجية والعلاقات الدولية ليقدم له اعتذاراً مماثلاً وليؤكد له مدى الأهمية التي توليها أنقرة لمقام المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية وسياسة إيران الحكيمة ووقوف بلاده إلى جانب حق إيران في امتلاك الطاقة النووية وثباتها في الدفاع عن هذا الحق في المحافل الدولية ، والغريب أن تركيا تناست وبشكل فاضح دورها تجاه سوريا العروبة ، وطبقت المثل الأردني القائل ( الله يلعن المراجل أللي ورآها قول دخلك سيدي ) .
المهم في الموضوع لدينا أن أنقره بدأت تفقد خيوط اللعبة والتي قد تنقلب بكل فصولها عليها وبخاصة في حالة غياب أردوغان ، لقد ركبت تركيا موجة قطر والسعودية والتي تأتي في سياق خدمة المخطط الغربي الذي تقوده أميركا لإضعاف دول الممانعة والمقاومة بما يشكل طوق نجاة للكيان الإسرائيلي ، وهذا سيضاعف الفاتورة على تركيا في المستقبل القريب وبخاصة إن لم تصحح موقفها تجاه سوريا وبأسرع وقت ممكن وقبل أن يقر رسمياً فتح "الجبهة الكردية" ، وقد حذر قائد الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، مراد قرايلان تركيا من مغبة أي تدخلٍ عسكريٍ في سوريا، وأعتقد أن الرئيس السوري لا يحتاج إلى من يبين له حجم تأثير الورقة الكردية على تركيا وعموم التوازن في هذه المرحلة الأعسر والأخطر والمنعطف المميت لتركيا وحلفائها !
المشكلة أن تركيا وعموم الغرب وإسرائيل وحلفائهم الأعراب لا يريدون أن يستوعبوا مسألة أن الإنسانيين وكافة جبهات المقاومة وبالتحالف مع إيران الصمود هم عراب هذه المنطقة من الآن ولقرن قادم من الزمن ، وما زالت الفرصة أمام الأتراك للاعتذار عن التدخل في الملف السوري المكلف جداً لكافة الأطراف ، وسيعرف الجميع حجم العواقب الوخيمة لذلك التدخل القذر في الشؤون السورية ، حيث لم تبالي تلك الشرذمة بالأطفال والنساء والشيوخ ، ولا بصرخاتنا كإنسانيين ! وأخيراً أتساءل أين دور الأتراك في المذابح التي ترتكب يومياً في البحرين ؟ والخلاصة أن تركيا لن تكون بخير بعد مرحلة أردوغان إن لم تسرع وتعيد علاقاتها الطبيعية مع الجوار وبخاصة الجوار السوري . خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
حتى لانه الرجل الذى لقن بيريز درسا قاسيا لن ينساه ، وانما الاهم من كل
ذلك هو الانسانية الفريدة التى يتمتع بها هذا الرجل الطيب الذى تصادف ان
يكون اسم والده طيب اردوغان .
أعرف ان الكتابة عن المعنى الانسانى ليست بالامر السهل ، خصوصا اذا
ماتداخلت المشاعر وكونت سياجا من العواطف الصادقة عن رجل يستحق هذا واكثر، انما كذلك فان تحرى المعانى النبيلة يحتاج لقدر هائل من الحكمة ، فهل
يقدر مثلى على تتبع سيرة الرجل الطيبة ، على هامش البحث عندنا وفى
منطقتنا العربية عن نموذج يكون قريب الشبه باردوغان ؟
في السياق ذاته، أوضح كيسنجر أنه إذا سارت الأمور كما ينبغي، فسيكون نصف الشرق الأوسط لإسرائيل، مضيفا “لقد تلقى شبابنا في أمريكا والغرب تدريبا جيدا في القتال خلال العقد الماضي، وعندما يتلقون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك الذقون المجنونة فسيطيعون الأوامر ويحولونهم إلى رماد”. وأوضح كيسنجر أن إيران ستكون المسمار الأخير في النعش الذي تجهزه أمريكا وإسرائيل لكل من إيران وروسيا بعد أن تم منحهما الفرصة للتعافي والإحساس الزائف بالقوة وبعدها سيسقطان وللأبد لنبني مجتمعا عالميا جديدا لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة هي الحكومة العالمية “السوبر باور” وقد حلمت كثيرا بهذه اللحظة التاريخية.
من ناحية أخرى، يعد هنري ألفريد كيسنجر، المولود سنة 1923 والحائز على جائزة “نوبل”، أحد ألمع السياسيين الأمريكيين، ومهندس السياسة الخارجية الأمريكية في عهد إدارتي كل من الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، عدا عن كونه مستشارا في السياسة الخارجية في إدارتي كل من الرئيسين كينيدي وجونسون. أما على صعيد الشرق الأوسط والعلاقات العربية الأمريكية، فقد عرف كيسنجر، وهو أحد رموز “الحركة الصهيونية”، بدوره المؤثر على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال جولاته المكوكية في المنطقة في أعقاب حرب أكتوبر 1973، في إطار سياسته المعروفة بسياسة الخطوة خطوة. وأفضت هذه الجولات، والدور المحوري الذي قام به كيسنجر، إلى التوصل إلى اتفاقيات الفصل بين القوات الإسرائيلية من جهة والسورية والمصرية من جهة أخرى.