الـ 19 مليار دولار .. حصاد مسلسل الفساد الطويل


سجل الدين العام لأردننا الحبيب ارتفاعا جديدا ليواصل تحطيم الأرقام القياسية السابقة حيث تجاوز عتبة الـ19 مليار دولار... كان سببها الرئيسي بكل تأكيد منظومة الفساد المالي والأخلاقي والمهني للكثير من المسؤولين الذي سلطوا على رقاب عامة الشعب... فامعنوا فيه فسادا ونهبا واختلاسا وسمسرة في غياب الرقابة الذاتية والأخلاقية والنيابية... وتمادوا بقهر الوطن وتجويع المواطن...

باعوا مقدرات الوطن بإسم الخصخصة ووزعوا شركاته الحيوية المدرة والمنتجة بعد ادعائهم أنها خاسرة... وهم يوقنوا تماما أنهم هم من كان يعمل على تخسيرها لكسب منافع وتنفيذ أجندات مشبوه أدت إلى بيع أهم دعائم الإقتصاد في بلد محدود الموارد ولكنه ينعم بالكثير من الفاسدين الذين عاثوا فسادا وإفسادا حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه... ماذا ينفعنا كشعب أردني من توقيف المعاني مثلا ومن ثم تكفيله ونسيان القضية وعلى شاكلته البشير ومن ثم الذهبي مع إختلاف بسيط هو رفض الكفالة وغيرهم... الشعب الأردني يريد باختصار شديد أن يشعر أن جزء مهما مما سرق منه ومن مقدرات وطنه قد عادت إلى خزائنه حتى لا يبقى تحت رحمة تهديد الحكومات غير الشعبية المتعاقبة برفع أسعار السلع اليومية التي تمس حياة الفقراء ومهدودي الدخل.

الـ19 مليار دولار كانت حصلية مسلسل طويل وقذر يتضمن الكثير من مشاهد التعري من الفضيلة والتجني والظلم واستغلال المنصب والنفوذ بطرق غير شرعية... مسلسل هابط جدا ولكنه مكلف جدا أيضا من فساد متجذر في كل مناحي الدولة تقريبا... مسلسل غاب عنه مقص الرقيب؛ فمجالس النواب المتعاقبة في الفترة الأخيرة كانت شبه مستنسخة وكان أهم ما يسعى إليه أكثر أعضائها هو الإمتيازات والإعفاءات الجمركية وبدل السكن والسفرات والمياومات وأخيرا الجواز الأحمر الفاقع وراتب التقاعد غير المستحق للكثير منهم... هذه المجالس التي كان من المفروض بها أن تقف إلى جانب المواطن الذي تم تزوير إرادته وإختياراته في أكثر من مرة... ولكن الكثير منهم آثروا أن يكونوا إلى جانب مصالحهم الضيقة من خلال وقوفهم إلى جانب الفساد أو تغاضيهم عنه بدل أن يكونوا العقبة الكؤود في وجه العابثين والفاسدين والناهبين لثروات البلد وأمواله وخيراته... لقد تم إثارة الكثير من قضايا الفساد ولكن إذا بحثنا عن مقدار الأموال المسترجعة من أباطرة الفساد وحيتانه من وزراء ورجال أعمال وغيرهم ممن أمنوا العقوبة فأساءوا الأدب بحق الوطن والمواطن سوف نجدها لا تساوي شيئا أمام ما نهب وسلب.

إن مبلغ الـ19 مليار دولار رقم مرعب ومخيف لبلد مثل الأردن وما يرعب أكثر هو عدم شعور عامة الشعب بأن هناك حلولا عملية لدى المسؤولين للتخفيف من هذه الطامة الكبرى غير التهديد برفع أسعار الماء والكهرباء والمشتقات النفطية يعني بإختصار الفاسدون حلبوا البلد وجففوا منابع العطاء فيه ويريدون من الشعب الأردني دفع ثمن هذا الحليب، ومن الأسباب المهمة والرئيسية في هذا الدين الثقيل هو غياب الإستراتيجيات الحكومية والخطط المدروسة لمواجهة الأمور الطارئ والأزمات وخير دليل على ذلك هو أن تقف الحكومة الحالية عاجزة مثلا عن إيجاد بديل للغاز المصري والذي يكلفنا غيابه الملايين يوميا ونحن نعاني من هذه الظروف الإقتصادية العصيبة... وترك الحكومات لكل البدائل الآمنة من طاقة شمسية ورياح وغيرها والجري وراء الطاقة النووية المخيفة والمقلقة.

إنني أكتب حول هذا الموضوع وفي هذا الوقت لأنني أشعر بأن هناك أزمة حقيقية تلوح بالأفق من جراء هذا الدين المتراكم، أكتب من باب الحرص على بلدي الذي أعشق وليس لإثارة المشاعر أو تأجيج بعض الأشخاص الذين سيقرءون هذه الكلمات ولكن مبلغ الدين المتزايد وعدم الشعور بوجود الخطط الناجعة والحلول العملية لهذه الكارثة التي وضعت رقابنا تحت مقصل صناديق الإقراض وجعلتنا نتستجدي المنح وننتظر المساعدات بفارغ الصبر بغض النظر عن المقابل الذي سندفعه... هل من الطبيعي أن يمر خبر إرتفاع مبلغ الدين العام لهذا الرقم المرعب بهذه السهولة؟!.

إننا نؤمن بأن لدينا الكثير من القدرات الأردنية الإقتصادية كما في كل المجالات والتي همشت كثيرا مع أن تاريخها ناصع وولاءها للأردن بائن بينونة كبرى وسمعتها طيبة... فالسؤال هنا... لماذا لا يتم الرجوع لمثل هذه الكفاءات والإستعانة بها في ظل هذه الأزمة المالية الخانقة التي نعاني منها ... حتى يعملوا على إيجاد بعض الحلول لهذه الكارثة التي تطل برأسها علينا...لأن شعبنا الأردني المترقب للأحداث من حوله سيعاني كثيرا إن بقيت الأمور تسير بهذه الرتابة والبيروقراطية المقيتة... حمى الله الأردن بلدي وسائر بلاد العرب والمسلمين من كيد الكائدين وحقد الحاقدين وظلم الظالمين ومن طمع الفاسدين المتربصين العابثين والانتهازيين وهيأ له رجالا يعرفون الحق ويعملون به ولا يحيدون عنه وما أكثرهم في بلدنا الطيب إن مولانا ولي ذلك والقادر عليه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات