لا أعرف ما الذي دفع أخونا وحبيبنا الأستاذ الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بإصدار هذه الفتوى التي تقضي بهدم الكنائس المسيحية ؟! والحق جل في علاه يقول : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) سورة الممتحنة / الآية8 ، لهذا لا يجوز لنا بأي حال من الأحوال أن نهدم أماكنهم المقدسة والتي قد تخلق ردة فعل تجعلهم يقومون بهدم أماكننا المقدسة ! إضافة إلى أن مثل هذه السلوكيات يا شيخنا الحبيب تنشر أجواء غير أمنة في مناطق المسلمين وبخاصة في المملكة العربية السعودية قبلتنا المشرفة ، ولا تدعوا إلا إلى الإرهاب المزدوج من طرفي المعادلة ، وهنا ومن منطلق مسؤولياتنا الإنسانية والأمنية على المستويين الإقليمي والعالمي : نبين للجميع بأن هذه الفتوى مع احترامنا للمذهب الذي يمثله شيخنا الفاضل ، غير أنها لا تمثل إلا القليل حتى من أتباع أبناء المذهب الوهابي الذي نجله ونحترمه ، فكيف بباقي مذاهب ومدراس المسلمين ؟ هذا مع العلم أن صلتنا بالأمراء المحترمين السعوديين الإنسانيين ، تجعلنا نقف حائرين أمام هذه الفتوى! لا سيما أن الأمراء الحاكمين في السعودية أصبحوا من أهم وأجل حملة رسالة الإنسانية والأمن الإنساني في المنطقة والعالم ، ولطالما قسونا عليهم ولم نجد منهم إلا رحابة الصدر ، وهذه تسجل لهم بكافة محافلنا ومجامعنا الإنسانية على المستوى العالمي ، وفي تقديري الشخصي أن من يتمتع في هذه الصفات يكون اجل وأرفع بكثير من الموافقة على مثل هذه الفتاوى . وكإنسانيين لا نتوقف عند رفض مثل هذه الفتاوى ، وإنما ندعو الإخوة الأمراء الحاكمين إلى الوقوف معنا في وجه هذه الفتاوى التي تستنبت الإرهاب بكافة أشكاله ومضامينه ، وتخالف بشكل صريح الأوامر الإلهية وسنة النبي الأكرم (ص) وسيرة الخلفاء،وتاريخنا مفعم بالشواهد الدالة على التعايش السلمي مع أهل الكتاب في مكة والمدينة ، وجميعنا يعرف أن أصحاب الديانات السماوية كانوا يقومون بطقوسهم الدينية من خلال الحماية الإسلامية لهم ! ونحن إذ نقدر مواقف إخواننا الإنسانيين في كل من الكويت والبحرين واليمن وعمان وقطر والإمارات ،فإننا نذكرهم بأن السكوت عن مثل هذه الفتاوى قد تسبب الكثير من المشاكل الإقليمية والدولية في الخليج والتي نجد كإنسانيين أن الخليج في غنى عنها في ظل الأوضاع الخطيرة جداً ، والحق أننا لا ولن نستطيع أن نغمي على أعين الناس التي ترى بكل وضوح ما يحدث في البحرين الحبيبة والتي تحتاج إلى وقفة مختلفة تماماً عن حقيقة ما يحدث من جرائم ضد الإنسانية ! والمختصر أن السكوت عن مثل هذه الفتاوى جريمة بحق الإنسانية تتجاوز بشاعتها بشاعة الفتوى ، وعلى كافة العلماء من مختلف المذاهب الوقوف وبكل قوة في وجه هذه الفتوى ، وكل من الفتاوى التي تسبب الإرهاب أو تحرض عليه بطريقة ما ، وأقول لكم جميعاً حكام ومحكومين ، أمناء على الشريعة ومؤتمنين ، العامة والخواص : إن كل من يسكت عن هذه الجريمة سيكون مسئول أمام الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ، وقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الإنسانية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم انه قال : إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله. وأقولها كلمة لوجه الله تعالى : كل من يدعم هذه الفتاوى يرتكب جريمة مزدوجة ، جريمة بحق التجاوز على تعاليم الشريعة السمحة من ناحية وجريمة بحق الإنسانية من ناحية أخرى ، لهذا على كافة المنظمات والهيئات الحقوقية والإنسانية سواء التابعة لهيئتنا الجليلة داخل وخارج الأردن المجمع الإنساني الأعظم ، وكل من يسمع أو يرى هذه المقالة أن يعلن البراءة الكاملة من هذه الفتوى غير الإنسانية وغير الشرعية ، ولنتوقف عند قول الحق (لا إكراه في الدين ) (سورة البقرة/آية256). فماذا نفهم منه ؟ وماذا نفهم من قوله سبحانه وتعالى : (يَا أهل الكتابِ تَعَالَوا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ) (سورة آل عمران/آية64). نحن جميعاً أصحاب الديانات السماوية رحمة للعالمين ، لم نبعث بالسيف وإنما بالكلمة والحجة البليغة ، وللأسف يا إخوتي فإن الأمر لم يتوقف عند ما جاء على لسان الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، حيث أن أثار الأستاذ الشيخ /محمد العريفي غضب أوساط علماء الدين المسلمين بعد نشرِ تسجيل مصور له يتهم النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم بأنه كان يبيع ويهدي قوارير الخمرِ للصحابة ، كما ادّعى العريفي في حديثه لإحدى القنوات الإماراتية بأنّ الخمر ليس نَجسا، وأنّ الصحابة كانت أرجلهم ملطخة بالخمر، وهم في طريقهم لأداء الصلاة في مسجد المدينة وخلف رسولِ الله ! ما هذا يا إخوان أرجوكم ، أرحمونا وارحموا أنفسكم من تبعات ما تقولون ، أنتم بهذه الفتاوى والتصريحات تضربون النظام السعودي في المقتل ، ولكن لصالح من ؟! أنا لا أعرف كيف يقول الأستاذ المحترم هذا لكلام والحق سبحانه يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (90:المائدة) اقتضت هذه الآية تحريم الخمر لقوله تعالى : رجس" لأن الرجس اسم في الشرع لما يلزم اجتنابه .. ويقع اسم الرجس على الشيء المستقذر النجس ، وهذا أيضا يلزم اجتنابه فأوجب وصفه إياها بأنها رجس لزوم اجتنابها ، وأيضا قوله تعالى : "فاجتنبوه" وذلك أمر والأمر يقتضي الإيجاب فتضمنت الآية تحريم الخمر من هذين الوجهين ، وبين الله تعالى أن كل ذلك رجس ،والرجس ما هو محرم العين وإنه من عمل الشيطان يعني أن من لا ينتهي عنه متابع للشيطان مجانب لما فيه رضا الرحمن ، وفي الحديث عن أنس بن مالك قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة : ( عاصرها ، ومعتصرها ، وشاربها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وساقيها ، وبائعها ، وآكل ثمنها ، والمشتري لها ، والمشتراة له ) ، وبعد كل ذلك تقول ما قلت ؟ هداك الله يا أخي لما فيه خير السعودية وخير المؤمنين والمسلمين والإنسانية جمعاء وحسبنا الله ونعم الوكيل . خادم الإنسانية .