قبل حوالي العام من الآن برزت قضية هزت الرأي العام في الشارع الاردني عرفت بقضية \" معلمة اليوتيوب\" , والتي تتلخص في ظهور مقطع فيديو على موقع اليوتيوب تظهر فيه إحدى المعلمات وهي تعنف طفلا في الصف الاول الأساسي وتهدده بالضرب وظهر ذلك الطفل وهو يتوسل الى تلك المعلمة ويرجوها ان لا تضربه, وقد تمت متابعة هذه القضية في حينها وعلى أعلى المستويات وقامت وزارة التربية والتعليم بإحالة المعلمة مع ملف القضية إلى القضاء بتهمة \" الاساءة إلى النظام التعليمي في الأردن \".

ولكن وبعد مرور عام على هذه الحادثة ظهر لدينا \" معلم اليوتيوب \" هذه المرة , وهو عبارة عن مقطع فيديو لأحد المعلمين العاملين في احدى المدارس الحكومية التابعة لمديرية تربية لواء الرصيفة والذي يظهر فيه أثناء حصة صفية بينما الطلاب يتراقصون من حوله ويغمزون به ويلمزون ويعبثون به ويغنون بطريقة هستيرية , فيحاول ضربهم بعصا يحملها بيده لكن أحد الطلبة قام بخطفها فيلحقه هذا المعلم داخل غرفة الصف محاولا استعادة العصا لكنه يترنح ويوشك أن يسقط على الأرض ثم يتماسك ويجلس على الكرسي وينفجر بضحك هستيري كمن به مس من الشيطان والطلاب يستمرون بالرقص والغناء بطريقة شديدة البذاءة لايليق أن تحدث داخل مؤسسة تربوية محترمة . ويظهر في هذا الفيديو أيضا أحد الطلبة المقعدين وهو يجلس على كرسي متحرك داخل الصف وقد بدت عليه علامات الذعر والهلع من أن تدوسه الأقدام أثناء هذا العراك والهرج والمرج , هذا بعض مما ظهر في مقطع الفيديو الخاص بمعلم اليوتيوب مع أن المقطع نفسه ينطق بما فيه .

لكن اللافت للنظر هنا أن وزارة التربية لم تحرك ساكنا حيال هذه القضية التي تشكل إساءة لكل القيم التربوية وللنظام التعليمي برمته ولكل الأصوات المنادية بأن تكون البيئة المدرسية آمنة ومحفزة للتعليم ومرسخة للانتماء, وإذا كانت معلمة اليوتيوب معلمة قليلة الخبرة وحديثة التعيين فإن هذا المعلم كما يبدو من هيئته قد أمضى مدة ليست قليلة في هذا العمل , وهنا نتساءل : ما سبب سكوت وزارة التربية والتعليم عن هذه القضية وعدم تعاملها معها بالاهتمام اللازم ؟ أم أن الوزارة سئمت من متابعة مثل هذه القضايا لكثرتها فأصبحت أمرا عاديا ؟ أم أن هذا السكوت يمكن أن يفسر على أنه إقرار ضمني لمثل هذه الأفعال .

إن مايظهره هذا الفيديو من استهتار هذا المعلم بهذه المهنة وقداستها وترسيخ قيم العبث واللامبالة وتقديم صورة سلبية للمعلم , حيث يظهر غير قادر على إدارة الحصة الصفية حاملا عصا لضرب الطلاب وتخويفهم , لكنه يتحول إلى مهزلة ويعرض بعض الطلبة للخطر نتيجة ما يحدث من عراك وضحك ورقص جنوني داخل غرفة الصف.

المطلوب من وزارة التربية والتعليم بعد أن ظهر هذا الفيديو وتمت مشاهدته من قبل أعداد كبيرة من الأشخاص داخل الأردن وخارجه أن توضح أين حدث هذا وفي أي مدرسة والأهم من ذلك الإجراءات التي ستتخذها بهذا الصدد , حتى نطمئن على ما يتم تقديمه لأبنائنا عندما نرسلهم إلى المدارس , وحتى لا يكونوا عرضة للإساءة أو لعبث العابثين وحتى تبقى صورة التعليم في الأردن ناصعة كما عهدها الجميع .