كيف نفهم الولاية العامة ؟


عندما يتداول الناس مفهوم الولاية العامة ، فإنهم يتداولون مصطلحا مجرداً أحياناً ، فيه ضبابية المعنى وعدم الوضوح لدى العامة ، فالمعنى اصطلاحا كما ورد في الدرّ المختار " تنفيذ القول على الغير شاء أم أبى " ، وحسب الاصطلاح الفقهي الحديث : "هي القيام بعمل من أعمال السلطات الثلاث: التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية " ، ويمكن تعريفها كما ورد : سلطة شرعية مستمدة من اختيار الشعب ، تفوّض ولا تجزّأ ، ويكون المفوّض مسئولا أمام صاحب الولاية ، وينتهي دور المفوّض عند وجود صاحب الولاية العامة " .

سمعت في جلسة عامة ، أن وزراء حكومتنا الحالية يصرّون على ممارسة الولاية العامة على وزاراتهم ، أسوة بدولة رئيس الوزراء ، ولذلك يظن البعض أن الولاية العامة خاضعة للتجزيء ، دون أن يكون لدولة الرئيس ولاية عليهم ، فنسي هؤلاء الوزراء أن الرئيس هو الذي جاء بهم إن كان شكلا أم مضمونا ، كما نسي هؤلاء أنهم معاونوه في تنفيذ ولايته وليسوا هم أصحابها ،...ونسوا أيضا أنهم في أي تعديل عرضة للخروج من الفريق الوزاري ، كما أنهم لم يدركوا أن الثقة التي نالوها من مجلس النواب ، هي بوجود رئيس الوزراء ، ولذلك نقول أن حكومة فلان نالت الثقة بنسبة كذا ، ولا نقول أن الوزير الفلاني نال الثقة أولم ينلها ، وهذا حسب دستورنا ، ولذلك لا تطلق يد الوزير إلاّ ضمن الحدود المفوّض بها ، ولو أخذنا مثالا وزارة الخارجية ، هل يرسم وزير الخارجية علاقاتنا الدولية دون الرجوع إلى رئيسه ؟، وهل يجرؤ على القيام بحركة دبلوماسية مع دولة ما دون رأي رئيسه أيضا ؟ ، إذن هو ملزم برأي صاحب الولاية العامة ، وخروجه عليها يدلّ على ضعف رئيسه ، قد يؤخذ برأيه إن كان فيه منفعة للمصلحة العامة ، وقد يهمل رأيه إن كان خلاف ذلك ، ولا يكون رأيه نافذا إلاّ بضعف رئيسه أو أن تكون له سطوة على دولة الرئيس ، أوهناك حلقة مفقودة تخفي قوة هذا الوزير أو غيره ، لا يدركها إلاّ دولة الرئيس نفسه ، فلا يستطيع أن يغامر بموقعه ، وهنا تختفي لدى دولة الرئيس النظرية الإغريقية في إدارة الدولة " Great man "، وعندما تختفي هذه تضعف الولاية العامة .

حين تشكلت هذه الحكومة ، وبدأت تطالب بالولاية العامة ، أو أنها ستستعيد الولاية العامة لتكون بيد شخص واحد هو رئيس الوزراء ، وقد شكّل ذلك هجمة على بعض مؤسسات الدولة ، التي استولت على جزء كبير من هذه الولاية ، وأفقدت وزراء الحكومات المختلفة بعض صلاحياتهم ، فلا يُعقل أن يستعيد رئيس الوزراء الولاية العامة من دوائر الدولة المختلفة ، لتضيع من جديد عند وزرائه ، فالأصل أن تكون الولاية جزءا من هيبة الدولة ، وهيبة رئيس الوزراء ، لا أن تخلع عنه هيبته ، وقد حصل هذا في الوزارة الحالية التي هي معنية باستعادة الولاية العامة حسب ادعائها ، حصل ذلك في أكثر من موقف ، لا نريد أن نذكر شيئا منها ، ولكن نفس الحكومة تعرف هذه المواقف ، التي أدت إلى تطاول قامات بعض الوزراء على رئيسهم في الموقف والرأي ، فاكتسبوا صفة القوة لأنفسهم وخلعوا على رئيس الوزراء صفة الضعف، وعندما تتشتت الولاية العامة بين الرغبات والأهواء ،فإن الحكومة تصبح في مهب الريح ، ويصبح من السهل على وزراء الحكومة قضم الولاية العامة شيئاً فشيئاً ، عندها ينتهي الرئيس ويصبح بلا ولاية أمام الوزراء ، والمؤسسات الأخرى المغلقة والمتميزة بقوة قياداتها ، عند ذلك ينتهي الحديث عن الولاية العامة ويصبح الحديث في هذا الشأن حديثا عبثياً.ِ

النائب السابق



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات