التداعيات المحتملة للملف النووي الايراني


في عام 1981 قصفت إسرائيل المفاعل النووي العراقي ودمرته بالكامل وبعد 26 عاماً أي في 2007 هاجمت الطائرات الإسرائيلية المفاعل السوري في دير الزور. وبعد ما يقرب من عام من ذلك تم نشر طلب إسرائيل من الولايات المتحدة ضرب المفاعلات والمنشآت النووية الإيرانية ولهذا طلبت من الولايات المتحدة معدات وأسلحة لهذه الفرض ورفض الأمريكان الطلب الإسرائيلي، ولكن طرحوا عدة أسئلة بما يخص ضربة محتملة تقوم بها إسرائيل لإيران إذا قررت إسرائيل ذلك وما هي أبعاد وتبعات هذا القرار.
خرج النقاش في إسرائيل بشأن ضرب المفاعلات النووية الإيرانية إلى العلن عبر وسائل الإعلام والشارع بعد أن ظل محصورا طوال الفترة الماضية في مراكز الحكومة والأجهزة الأمنية والعسكرية، حتى أن صحيفة هآرتس العبرية اجرت استفتاء أظهر أن 41 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون تنفيذ هجوم ضشد هذه المفاعلات. بالتزامن مع هذه الظاهرة المثيرة اندلع جدل حاد في إسرائيل بشأن ما سمي باتفاق نتانياهو –باراك على الضربة في مقابل تحذير الأجهزة الأمنية والعسكرية إضافة إلى زعيمة حزب كديما وكذلك زعيمة حزب العمل من مخاطر مثل هذه الضربة، ولعل افيغدور ليبرمان هو الوحيد من بين زعماء الأحزاب الإسرائيلية الذي أعلن تأييده للضربة.
السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه هل أصبح الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران مرجحا إن لم نقل وحيدا ؟ وأين تقف الولايات المتحدة من هذا الخيار؟ . من الواضح ان الملف النووي الإيراني أصبح أولوية إسرائيلية وسط قناعة بأن البرنامج النووي الإيراني يتضمن صناعة أسلحة نووية، وان من شأن امتلاك إيران لهذه الأسلحة قلب المفاهيم العسكرية التي اعتمدتها إسرئيل طوال العقود الماضية ، لتجد نفسها وجها لوجه أمام إيران قوية تعتمد توازن الرعب النووي.

السياق السياسي للحملة ضد النووي الإيراني
لقد فاقم تقرير الوكالة الدولية بشأن الملف النووي الإيراني من حدة التوتر بين إيران من جهة وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، ومع أن التقرير لم يتضمن أي جديد سوى توسيع الإشارة إلى تصاميم عسكرية إيرانية سبق وأن تمت الإشارة إليها في التقرير السابق للوكالة، إلا أن التقرير حمل من حيث التوقيت سياقات سياسية من شأنها نقل الصراع مع إيران إلى مرحلة جديدة من الاشتباك السياسي، ولعل ما يزيد من حدة هذا الوضع هو ذهاب مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال اجتماعاته الأخيرة إلى الاقتراب من تبني تقرير الوكالة.
وفي ظل هذه التهديدات، ثمة سؤال يطرح نفسه : هل خيار الحرب ضد إيران بات خياراً حقيقياً أم أن المسألة تدخل في سياق الحرب النفسية؟. تميل طهران أكثر من غيرها إلى القول إن التهديدات الإسرائيلية ليست أكثر من حرب نفسية، وأن هدفها هو دفع الغرب إلى فرض عقوبات مؤلمة على إيران ودفع روسيا إلى الحد من تعاونها النووي مع طهران وعزلها إقليمياً ودولياً، وفي التحليل السياسي تذهب مراكز الدراسات الإيرانية إلى القول إن قرار الحرب ضد طهران هو قرار أمريكي في النهاية وليس إسرائيلي، وأن واشنطن غير جاهزة لمثل هذه الحرب بسبب أزمتها المالية المتفاقمة، كما أن دروس أفغانستان والعراق غير مشجعة. في المقابل يثير خيار الضربة العسكرية ضد إيران انقساماً حاداً في إسرائيل، بين من يرى أن تجربتَيْ تدمير المفاعل النووي العراقي 1981 والسوري المزعوم في عام 2007 مشجعة، وبين من يرى أن إيران مختلفة ونتائج الضربة غير مضمونة وقدرة الرد الإيرانية ستكون كبيرة . هي معادلة صعبة، يرى الكثيرون أن وراءها حسابات وسياقات سياسية تتعلق بمجمل الصراع الجاري في المنطقة ولعل من أهم هذه السياقات:
- الهدف سياسي لأن إيران تعتبر عقبة كبرى في وجه السياسات الأمريكية الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط.
- يريد الغرب إبعاد الدعم الإيراني عن النظام السوري في معركته الصعبة في هذه اللحظة التاريخية التي يتم فيها إعادة تشكيل المنطقة من جديد، وأن انهيار النظام السوري يعني انتهاء المفعول السياسي للمحور الاستراتيجي الذي يربط بين طهران ودمشق وحزب الله، وهو المحور الذي يشكل ما يمكن إعتباره قوة مقاومة وممانعة في المنطقة.
- حسب رؤية الغرب فإن انهيار النظام في سورية يعني انتقال المعركة بشكل تلقائي إلى الداخل الإيراني وهؤلاء ما زالوا يتوقعون عودة الحركة الخضراء إلى الشارع مستفيدة من ثورات الربيع العربي.(الجزء الأول



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات