الموقف التركي من الثورة السورية


لعبت تركيا دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل في المفاوضات غير المباشرة، والتي توقفت بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في نهاية العام 2007، وتوطد الدور التركي في منطقة الشرق الأوسط مع توطد علاقاتها مع سوريا، وكان لافتاً سرعة تحرك الدبلوماسية التركية لاحتواء الأزمة التي نشأت ما بين بغداد ودمشق بعد تفجيرات "الأربعاء الأسود" من شهر سبتمبر/أيلول من العام 2009، على خلفية اتهامات وجهتها الحكومة العراقية ضد دمشق، وامتد التحرك التركي إلى الملف الفلسطيني بالتنسيق مع مصر، وطاول دورها العراق ولبنان ودول مجلس التعاون الخليجي وسواها.
أما ما يحصل الأن حيال الثورة السورية فإن الدور التركي ضعيف ومتخاذل ولا يليق بدولة اقليمية كبرى اذا ما علمنا بالموقف التركي الذي عقد صفقة مع الصينين بعد الفيتو الصيني ، ضد السوريين ونيل حريتهم بمعنى أن حزب العدالة والتنمية البراغماتي تتجار بدماء السوريين ، وهي مجرد بوق للضحك علينا ولأستفادة من أموال العرب ، كما يعتبر موقف اوردغان زئبقي ومع اتجاه رياح اسرائيل فإذا ما تخلت اسرائيل فسوف تتخلى تركيا عن النظام السوري وبدون موقف اسرائيل فسوف يكون المشهد التركي ضبابياً ، لا يسمح برؤية واضحة أو دبلوماسية معينة .
لقد ناورت تركيا وساومت بشأن المسألة السورية لمصلحتها ، وخطأ الشعب السوري والشعب العربي أنهم ظنوا أن الظغط على النظام السوري في البداية كان الهدف منه دعم الشعب السوري والوقوف مع الشعوب العربية ، ولكن تركيا كانت بموقفها السابق تمارس نوعاً من الأبتزاز على أوروبا وأمريكا بأظهارها الخصام للنظام السوري لغرض تمرير مطالب تركيا المعلقة لدى الاتحاد الأوربي ويبدوا أن غاية تركيا تحققت ، فلقد تحول موقفها بشكلٍ سريع ودراماتيكي .
ويبدوا التحليل الأقرب للموقف التركي ، بأنها أدركت مؤخراً بأن أمريكا أدخلتها بورطة (فكرة تعزيز قوة الأخوان المسلمين للتأثير على القرار السوري ) وأن اضطهادها للطائفة العلوية والتي تشكل ما نسبته (18) مليون لن يمر مرور الكرام.
اليوم بعد عام من انفجار الأزمة في سورية، ومن انفجار العلاقات التركية - السورية، لا يبدو أن اللوحة التي ترسم لنتائج السياسة التركية تجاه سورية وردية، ولا في أي من عناصرها.
فقدت تركيا عامل الثقة، الأهم في العلاقات الدولية، وهو الذي بنيت عليه العلاقات التركية مع سورية وإيران والعراق وروسيا ولبنان.
فقدت تركيا دعم كتلة واسعة من المجتمعات الإسلامية، ولا سيما الشيعية منها، عندما بدا أن السلوك التركي بالتعاون مع العرب الآخرين يستهدف ايضاً حضور الشيعة في المنطقة وقوتهم والإخلال بالتوازنات التاريخية. أليس دخول قوات درع الجزيرة لقمع ثورة البحرين هو لمنع حدوث خلل في الستاتيكو هناك؟ فلماذا يسمح بالحفاظ على الستاتيكو في الخليج، فيما يُراد له أن ينفجر ويتغير في «بلاد الشام والرافدين» وصولاً إلى بلاد فارس؟
إن السعي لإحداث خلل في التوازنات التاريخية والمذهبية، وربما الدينية، في المنطقة انطلاقاً من سورية هو من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها تركيا في المنطقة الاسلامية والمجاورة جغرافياً لها. ومواقف زعيم الشيعة في تركيا نفسها صلاح الدين اوز غوندوز نموذج على ما أصاب صورة انقرة من ندوب عميقة في هذا البعد.

Abosaif_68@yahoo.com



تعليقات القراء

ابو الطيب
كان لايران دور فاعل في الحرب على العراق وكانت قواعد انجرلك التركيةافضل نقطة انطلاق ،وادارة العمليات من قطر ،لو أن تركيا احبت العرب لحكمتهم وهذا يفسر تشبثها بأوروبا.
20-03-2012 08:40 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات