القوانين الضريبية والواقع الإقتصادي


في خضم قوانين الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد وبعد مداولات أمتدت لأشهر طويلة من المد والجزر والنقاش البناء وغير البناء، وبعد سيل من الإتهامات المترامية بين العديد من أطراف العملية السياسية لم يحظى الجانب الإقتصادي بالإهتمام المنشود وتعطلت القوانين الإقتصادية لأكثر من دورة برلمانية وفي هذا المقام كان لابد من التذكير بقانون ضريبة الدخل رقم (28) لسنة (2009) والخاص بضريبة الدخل والقانون رقم (29) لسنة (2009) والخاص بضريبة المبيعات اللذان صدرا في العام 2009 وتم بدأ التطبيق لهذه القوانين بداية العام 2010 كقوانين مؤقتة ، وبعد مرور أكثر من سنتين من التطبيق برزت مجموعة من الملاحظات من قبل العديد من الأطراف ذات الصلة بالقوانين الضريبية.
لا يخفى على أحد أن القوانين الضريبية تعتبر من أهم القوانين الناظمة للحياة الإقتصادية لأي دولة من الدول فالشرائح الإقتصادية المختلفة من مصارف وشركات تأمين وغيرها من الشركات الصناعية والخدمية والتجارية وحتى المؤسسات الفردية والموظفين في القطاع العام والخاص وحتى المواطن العادي على تماس مباشر بتأثير هذه القوانين.
لقد كان المواطن ولا يزال الحلقة الأصعب في أي معادلة إقتصادية ، والمتمعن بواقع الحال للموازنات الحكومية يدرك بما لا يقبل الشك أهمية الإيرادات الضريبية كرافد حقيقي لخزينة الدولة ليصار الحديث بعدها إلى تحسين الرواتب ودعم السلع الأساسية وتحسين مستوى المعيشة !!
لقد أرهقت قضايا الفساد والمفسدين والإصلاح السياسي تفكير أي إقتصادي وأضحى الحديث في الإقتصاد من ترف الحديث فقبة البرلمان الأردني غدت ساحة لحرب باردة لا يمكن أن تحتمل أي حديث عن إصلاح ضريبي ، ولعلنا في هذا المقام نطرح السؤال التالي ، هل ساهمت القوانين الضريبية عبر السنوات السابقة في دعم الفساد والفاسدين وتخليصهم من دفع الضرائب المستحقة والتي هي في المحصلة إيراد ينعكس على شكل راتب أو بناء إقتصادي لينعكس تأثيره على الوطن والمواطن؟
إن تخفيض المعدلات الضريبية ، وتخفيض عدد الشرائح التصاعدي ، وتوسيع تطبيق سياسة الإقتطاع الضريبي من المصدر على حساب الضريبة ، وزيادة أنواع الغرامات ، وإلغاء الخصم التشجيعي ، وإخضاع بعض الدخول المعفاة ، وإخضاع الأرباح الرأسمالية ، وإعفاء بعض الدخول الخاضعة يعتبر من أبرز الملاحظات التي تعرض لها القانون الضريبي في ما يتعلق بضريبة الدخل، كما أن فرض معدل ضريبة واحد على المبيعات وتحديد السلع والخدمات المعفية أو الخاضعة وفق أسس علمية يعتبر من أبرز الإشارات الموجهة لقانون ضريبة المبيعات الجديد.
ولكن ومن باب الإنصاف لأي حكومة من الحكومات فإن القاعدة التي تقول (أن إرضاء الناس غاية لا تدرك) يقودنا إلى الحديث على ان القوانين الضريبية لا يمكن لها أن تقنع جميع الأطياف والفئات ، ولكن الوصول إلى أكبر قدر من التوافق يعتبر حقاً مشروعا في هذا المضمار.
ليس ببعيد عن أحد على أن المملكة تفتقر إلى الموارد المالية الكبيرة من هنا كان التحدي الأكبر في تحقيق الإصلاح الضريبي من خلال وجود قانون ضريبة دخل وقانون ضريبة مبيعات عصريان يسهمان في تعزيز الإيرادات العامة بصورة رشيدة وتوجيه الموارد بالشكل الأمثل لتمويل المشاريع التنموية والخدمات الأساسية الأكثر إنتاجية وذات العائد الاقتصادي والاجتماعي وتلك التي تساهم في التخفيف من الفقر والبطالة.

إن من الأهمية بمكان التأكيد على أن إجراءات الإصلاح الضريبي لابد وأن تقوم على مجموعة من الأساسيات التي تكفل تحقيق هذا الإصلاح بشكله المنشود ومن ذلك التأكيد على أهمية الربط بين البعد الإقتصادي والبعد الإجتماعي في آن واحد ليشكل كل ذلك إضافة في تعزيز الإستقرار السياسي للمملكة.


يجب أن يشكل الإصلاح الضريبي طريقاً في إدارة الاقتصاد الوطني وداعما لتحقيق الإصلاح الضريبي من خلال ربط الإستراتيجيات وخطط الدولة العامة التنموية والاجتماعية بما يتوائم والواقع الضريبي لضمان اتساق أهداف السياسة النقدية والمالية وتكامل دورهما في معالجة اختلالات الموازين الخارجية والداخلية للاقتصاد الوطني وفي تبني سياسات مالية ونقدية تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي كما أن تحسين مستوى إدارة الإيرادات الضريبية واستغلال الموارد المتاحة من الموارد بطريقة تحقق أكبر عائد ممكن.

مستشار ضريبي ومالي
a.qatawneh@zuj.edu.jo



تعليقات القراء

فتحي القضاة
الدكتور عادل القطاونة
أتابع بإستمرار كتاباتك الرائعة في الجانب الاقتصادي والمالي والضريبي.
الموضوع اليوم قمة بالروعة لانه يتحدث عن جوانب قمة في الإيجابية
12-03-2012 11:45 PM
ابن الجنوب الاردني
والله إنك صادق يا دكتور
قد كان المواطن ولا يزال الحلقة الأصعب في أي معادلة إقتصادية ، والمتمعن بواقع الحال للموازنات الحكومية يدرك بما لا يقبل الشك أهمية الإيرادات الضريبية كرافد حقيقي لخزينة الدولة ليصار الحديث بعدها إلى تحسين الرواتب ودعم السلع الأساسية وتحسين مستوى المعيشة !!
12-03-2012 11:56 PM
خليل المحمد
سلمت يمناك
13-03-2012 12:09 AM
موظف ضريبي
لقد تعددت المشاكل الني تواجه ضريبة الدخل والمبيعات في الاردن بشكل كثير وبما انه لا يوجد تخطيط استراتيجي ومع نقص الخبرات فان على الدنيا السلام في اي اصلاح ضريبي يذكر
13-03-2012 12:22 AM
نجود
كثير حلو ومنطقي مع كل الشكر
13-03-2012 12:27 AM
خالد الشرفا
الكاتب الكريم

ان موضوع الاصلاح الضريبي يعتبر من أهم المواضيع التي يجب ان تناقش وباستفاضة تامة وكاملة ونشكر للكاتب اهتمامه في هذا الجانب الحيوي
13-03-2012 09:06 AM
فيصل الشوابكة
لقد أرهقت قضايا الفساد والمفسدين والإصلاح السياسي تفكير أي إقتصادي وأضحى الحديث في الإقتصاد من ترف الحديث فقبة البرلمان الأردني غدت ساحة لحرب باردة لا يمكن أن تحتمل أي حديث عن إصلاح ضريبي ، ولعلنا في هذا المقام نطرح السؤال التالي ، هل ساهمت القوانين الضريبية عبر السنوات السابقة في دعم الفساد والفاسدين وتخليصهم من دفع الضرائب المستحقة والتي هي في المحصلة إيراد ينعكس على شكل راتب أو بناء إقتصادي لينعكس تأثيره على الوطن والمواطن؟

إن تخفيض المعدلات الضريبية ، وتخفيض عدد الشرائح التصاعدي ، وتوسيع تطبيق سياسة الإقتطاع الضريبي من المصدر على حساب الضريبة ، وزيادة أنواع الغرامات ، وإلغاء الخصم التشجيعي ، وإخضاع بعض الدخول المعفاة ، وإخضاع الأرباح الرأسمالية ، وإعفاء بعض الدخول الخاضعة يعتبر من أبرز الملاحظات التي تعرض لها القانون الضريبي في ما يتعلق بضريبة الدخل، كما أن فرض معدل ضريبة واحد على المبيعات وتحديد السلع والخدمات المعفية أو الخاضعة وفق أسس علمية يعتبر من أبرز الإشارات الموجهة لقانون ضريبة المبيعات الجديد.

ولكن ومن باب الإنصاف لأي حكومة من الحكومات فإن القاعدة التي تقول (أن إرضاء الناس غاية لا تدرك) يقودنا إلى الحديث على ان القوانين الضريبية لا يمكن لها أن تقنع جميع الأطياف والفئات ، ولكن الوصول إلى أكبر قدر من التوافق يعتبر حقاً مشروعا في هذا المضمار
13-03-2012 10:29 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات