لا تقتلوا الفطرة


قال تعالى :"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا .."13 الحجرات , في هذه الآية بيان واضح لانقسام الجنس بين نوع البشر الى قسمين , الذكر والانثى ,ولذلك راعى الاسلام الجانب الفطري لدى كل جنس منهما حسب قدراته وحاجاته التي جُبل عليها.

فمثلاً تأتي للأطفال ـ طبعا هنا نتكلم عن سليمي الفطرة ـ فتسأل الولد :ماذا أحضر لك معي من السوق ؟ فيقول مسدس ,ذلك أن فطرته كَذَكر تستوجب أنه يميل الى الرجولة والحاجات التي تستميل الرجال, ثم تسأل البنت ماذا أحضر لكِ ؟ فتقول : دمية أو لعبة باربي .ذلك أن فطرتها السليمة تستوجب أن يستهويها حب النساء للأمومة والصغار والعناية بهم, وفي وقتنا الحاضر إلا مارحم ربي من الأبناء تسألهم ماذا تريدون : فيُجيبوك ـ ذكوراً أو إناثاً بدنا (برغر) ـ في ظهور واضح لإماتة الفطرة التي يجب أن يكون عليها أبناء المسلمين بل والبشر بشكلٍ عام , وهذا مُخطط له ,فلا الولد يميل الى رغبات الرجال ولا البنت تميل الى أنوثة الفطرة ـإلا مارحم ربي طبعاًـ .

عندما ذكرت النصوص الشرعية الاختلاف بين الجنسين ومنها الآية أعلاه , فقد لفتت الأنظار الى اختلاف في الرغبات والميولات بين كل جنس من نفس النوع الانساني , (للاستزادة انظروا تفسير الطبري الجزء 25 و26 في طبعة دار احياء التراث العربي /بيروت 2001 وأيضاًتفسير القرطبي المجلد الثامن جزء15 و16 دار الكتب العلمية/ بيروت وأيضاً تفسير البضاوي الجزء الخامس المجلد الثاني طبعة مؤسسة دار التاريخ العربي /بيروت) والذي بين هذا الاخير أن الفرق بين الجنسين بهذه الآية هو بالتقوى لان الآية اختُتمت بقوله تعالى :"إن اكرمكم عند الله أتقاكم".مع إقراره بالفر ق بين الحاجات الفطرية لكل واحد على حدة.

ومن جانب آخر للنظرة الى الفطرة ومعانيها في منظور الدين غير الاختلاف في الجوانب والاهتمامات لكل جنس على حدة , فهناك تنمية الجانب الفطري الذي يحاكي المولود منذ ولادته على أساس الصفاء والنقاء للطفل , فهو يولد صافي السريرة نقي التوجه (بالفطرة) ومصداق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه في الجزء الأول ـ تحديداً لمن أراد الاستزادة بالشرح ـ صفحة 162 الطبعة الاولى نشر دار المطبعة العثمانية /مصر ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل ابو هريرة :"ما من مولودٍ يولد إلا على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ..." الى آخر الحديث فالصحابي ابو هريرة فهم أن الفطرة هي استعداد المولود لكل ما هو نقي كالعقيدة الصافية والسلوك السوي إلا إذا شابه شائبة بعد بلوغ الإدراك والوعي من قِبَل عامل مؤثر, وهذا لأن ابا هريرة قال بعد أن أتم رواية الحديث قال :"فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم".انتهى كلام ابي هريرة.لذلك وجب على الآباء والامهات والمربين أن يقوموا بعدة امور تجاه النشء للحفاظ هلى توجيه الفطرة بالاتجاه السليم نذكر منها أمرين أساسيين: ـ

(1):أن يقوم المربون من آباء وامهات ومعلمين ومن يقوم مقامهم بتعويد الطفل على تذكر عظمة الله والاستدلال على التوحيد وتفسير مظاهر الكون من ليل ونهار وحر وبرد الى غير ذلك من ظواهر الطبيعة ليبقى الطفل على نقاء الفطرة واستعدادها للتوجيه الصافي النقي.
(2)إظهار الأشياء من انحرافات وضلالات والتحذير من أصحابها وأخبارهم وانتاجاتهم الثقافية وإعلامهم , فليس المقصود بالحديث تغيير الديانة فقط بل وأيضا يُقصد به التقليد لهؤلاء والتبعية لهم ويكون سبب هذه التبعية الآباء والمربون , فالتحذير كل التحذير من ترك الأولاد يسيرون على فطرة عصاة الله ونهجهم في الحياة. (للاستزادة حول هذه النقاط راجع ,أصول التربية الاسلامية وأساليبها للدكتور عبد الرحمن النحلاوي ـ دار الفكر المعاصر /بيروت ط 1 1991 من صفحة 139 ـ 141)
.
وتقول الباحثة ليندا .ل. دافدوف عالمة النفس في كتابها مدخل الى علم النفس ط 4 1980 دار ماكجروهيل /امريكا
تقول العالمة النفسية في ملخص أقدمه هنا للقراء , أن النمو يتأثر بصورة كبيرة بتأثيرات الفرد المتنوعة ,وأن المجتمع هو المؤثر الأول في تطبيع وتوجيه سلوك وفطرة الطفل وهنا المقصود بالمجتمع هو مجتمع الطفل الذي يكون البيت أو المدرسة أو أي مؤثر على حياة الطفل في بدايتها,وتضيف الباحثة ان البيئة تؤثر حتى في قيم وأهداف الطفل ورؤاه المستقبلية , وتذكر العالمة النفسية دافدوف أمثلة كثيرة أجرتها على أطفال حول العالم من الهند واوروبا والصين والعالم العربي واستراليا تفيد بان أوجه التأثير لدى الطفل تتأثر بالمربي ,وتقول أن العقاب والثواب بعد سلوك الطفل يجب أن يكون حاضراً بحسب سلوكه سلباً كان أم إيجاباً ولكن بعد تلقينه سلوكاً فطرياً صحيحاً,وذلك لتعزيز الايجابي وللبعد عن السلبي في السلوكات .

ما أريده من مقالتي هذه أن نبدأ بكفالة تربية الطفل التربية السليمة ونحفظ فطرته ليخرج فرداً صالحاً يصنع التقدم للبشرية ,لأن فطرته نشأت كما يريد الله ورسوله .

فلا تقتلوا فطرة أطفالنا السليمة حتى لا يُقتل المستقبل..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات