اعتادت الأمم أن تلعب وأن تتنافس نحو الفوز والانتصار، لكن الافت لانتباه السواد الأعظم من الشعوب العكس المغاير لمفهوم اللعب وماهيته، فقد تحولت المصطلحات إلى واقع جديد في عالم الرياضة كما شاهدناها في الأمس القريب في مبارة بل معركة طاحنة على أرض بورسعيد، متكونة من ميمنة الأهلي وميسرة المصري البورسعيدي، فقد تحولت الجماهير إلى جيوش زاحفة يحتقنها العنف والقتل والدم.

جرت العادة بالاستماع إلى نتائج الرياضة والمباريات بفوز فريق على أخر بفارق هدف أو بالتعادل أو بالفوز بالتصفية الحاسمة لدى كلا الفريقين بكل روح رياضية، لكن ما شاهدناه على أرض بورسعيد نتائج حربية أودت بقتل ما يزيد عن السبعين من الجمهور بالإضافة إلى مئات الجرحى والفوضى والشغب.

المدهش لدينا مشجعي الرياضة أن ممارسة الألعاب الرياضية بشتئ فروعها أنها تخضع لمجموعة من القوانين وعدد من المحكمين كي تسير المبارة بالشكل المطلوب، لا إلى إشعال ثورة دموية تجعل من الجمهور والمشجع ضحية بل قتيل وجريح ثمنا ً لحضوره المبارة، نطالب بالحرية والإصلاح ونجد أن مشكل الإصلاح ومعقده المنظّر والمطالب به، قادت الشعوب الثورات كما يدعون لأخذ حقوقهم التي هضمت، لكن ما حدث في المعلب البورسعيدي يعكس واقعا ً مخفي على الجمهور والشارع العربي الذي ربما ساروا وراء سرابه متفائلين بخير ما يجره لهم، فأول القطاف القتل والدم والجرح ثلاثية باتت بالأمس غريبة عن أهلها، ما مدار فلك عقولنا نحو كرة تقتل السبعين من الشعب وتجرح الكثير؟ ؟ ؟ هل لمن يروجوا للثورات والمسيرات أن يصطدموا بهذا الشلال الدموي المقشعر للأبدان؟أو أن يتوقفوا رويدا ً أمام صور الموتى والجرحى كي تقر عجلات مسيراتهم وهتافاتهم؟؟؟ أسئلة كثيرة تطرحها جثث وإصابات من سقطوا ضحية ً جراء لعبة، أما آن لنا نحن الشعوب العربية أن نقدر نعمة الأمن والنظام ؟ ؟.