يوميات انجاز معاملة!


عندما تريد أن تنجز معاملة في احدى الدوائر الرسمية لا بد وأنك تشعر بشيء من القلق والانقباض ولابد انك تستعد بحشد عدد من الاوراق وبعد أن تطمئن الى جاهزية أوراقك تذهب الى الدائرة المقصودة وقد خالجك شيء من التوتر هل تنجح في إنجاز معاملتك أم لا هل توفق بحسن الحظ فتتمها ضمن وقت معقول او تضيع منك الساعات هباء عموما بقيت يومين او أكثر وأنا اقلب الامر ثم قررت الذهاب الى تلك الدائرة وفي الواقع وللأمانة شجعني على ذلك أنني أنجزت نفس المعاملة في العام الماضي بكل يسر وسهولة وضمن وقت معقول وعندما تأكدت انني جاهز تماما قررت الذهاب يتملكني شعور الارتياح نسبة الى التجربة السابقة وآملا بأن أنجز ما اردت ضمن وقت منطقي ومحسوب وصلت الى الدائرة التي تستخدم نظام الدور الالكتروني والشاشات تزين صالتها الفخمة طلبت رقما فقيل لي انتظر ونناديك لم اعرف لماذا لم أحصل على رقم تلقائيا كما هو مفترض ومعتاد وفعلا بعد قليل من الوقت ناداني الموظف وبدأت افرد اوراقي امامه ليفاجئني بقوله أنه لا يمكن أن ينجز معاملتي ... لماذا؟ ذكر لي سببا غريبا لم أسمع به من قبل وعندها شكرته وحاولت اقناع نفسي بإنه قد يكون في الامر جديدا لكني تفاجئت بالموظف نفسه يشير علي أن اذهب الى فرع اخر تابع لنفس الدائرة لتجاوز ما طلبه مني شكرته ومضيت في طريقي وأنا أتساءل اليس النظام واحد والقانون يفترض أن يكون واحدا؟ وما الفرق بين فرعين يتبعان نفس الدائرة ؟ وبعد يومين ذهبت الى الفرع الاخر وفورا اخذت رقما إلى أن جاء دوري وعندما وضعت اوراقي امام الموظف طلب مني شيئا اخر وغاب السبب المانع سابقا من انجاز المعاملة ذهبت وأنجزت طباعة ما طلب مني وعدت واخذت رقما جديدا وأنا سعيد بهذه الشاشات الالكترونية التي تزين وزاراتنا ودوائرنا ومؤسساتنا تتفاءل بها خيرا إذ انها ستحميك من مزاجية وعنجهية وعجرفة بعض الموظفين تتوقع من هذه التكنولوجيا أن تبرز اقصى درجات الشفافية والاحترام للنظام لكني وجدت نفسي انتظر واخرون يتقدمون فورا دون رقم او دور وينجزون معاملتهم حتى لم يبقى في القاعة الا انا وشخص اخر من جنسية عربية وكان رقمه يسبق رقمي شعرت بالأسى إذ اننا امة ليس فقط لا ينفع معنا تطور أو تقنية في عصر الأتمتة بل إننا أحيانا نسئ اليها وإلى صانعيها حيث التجاوزات تسود بصلف ودون خجل وعندها قمنا نسال ليكتشف الموظف ان رقم اللوحة فوق راسه قد فات منذ زمن فبدأ مع الأخ الاخر وعندما تقدمت بمعاملتي سألني عن رقمي وان هناك دور حسب الشاشة عندها قلت له هل ترى احدا في القاعة! وان رقمي مباشرة بعد رقم الاخ الذي انهيت لتوك معه وعندها قبل مني وبدأت أعرض أوراقي امامه ليصدمني من جديد بطلب ورقة أخرى لم تطلب في السابق وعندها شعرت بالذهول لكل هذا الوقت الذي ضاع هدرا وفي اليوم التالي قررت أن اطلب أذن من العمل لكي اتقدم من جديد لإنجاز معاملتي بعد تحصيل الورقة الجديدة المطلوبة وبعد ان تتفحصك العيون لتتحقق صدقك من عدمه عدت من جديد الى الدائرة نفسها وانا الان تتملكني مشاعر مختلطة بين القلق من ظهور شيء جديد لا يكون في الحسبان أو عدم إنجاز المعاملة في وقت معقول للعودة الى مكان العمل وبين الارتياح من ان اوراقي الان جاهزة ولا يوجد ما يمنع من اتمامها بعد ان لبيت كل ما طلب مني وصلت الى الدائرة وبعد وقت وعناء وجدت مكان لسيارتي دخلت الدائرة توجهت للاستقبال طلبت رقم الدور والا بموظف الاستقبال يقول لي فورا ومرة واحدة وبما يشبه الصدمة تعال غدا في الصباح نظرت في ساعتي لم تتجاوز العاشرة صباحا... سألته لماذا؟ لأن النظام معطل!-وبالمناسبة تحس احيانا ان بعض الموظفين لا ينفع في مكانه او أسلوبه ويتعالى على الناس بطريقة معيبة علما بأن الموظف الرسمي هو موظف عام وهي ترجمة لكلمة(civil servant) أي أنه في خدمة الناس- طيب بس انا طلبت اذن من شغلي واضعت وقتي وجئت هنا في يومين سابقين متتالين ليقفل علي قلنا لك ان النظام معطل شعرت اننا أمة لا يمكن أن نتقدم أو نحترم الوقت أو نحترم بعضنا وأن مظاهر التطور لدينا هي في الشكل وليس في الجوهر وما ادل على ذلك الا هذه الشاشات المعلقة في كثير من دوائرنا وغالبا ما تكون معطلة أو يقصد تعطيلها تملكتني مشاهر القهر والغضب وفجأة وسط ذهولي وسلبية مشاعري تقفز الى ذهني فكرة كلمع البرق وسرعته فقد تذكرت "فلان" انه يعمل هنا ولكن بقسم اخر ذهبت اليه بسرعة أتسابق مع الوقت شرحت له ما حدث ارسلني الى شخص اخر لم اجده انتظرت وبعد قليل اتى عرفته على نفسي شرحت له ما حدث ليتفاجأ بكل ما طلب مني بل يتهم الأخرين بأنهم يجهلون ما قاموا به وليقوم بإنجاز معاملتي في دقائق قليلة ولكن طبعا دون رقم او دور او انتظار او تدقيق أوراق حيث أن كل المعلومات عنده في النظام فرحت بما أنجزت وسررت بهذه الوساطة والمعرفة وادركت تماما أنه من الصعب أحيانا ان تحصل على حقك العادي والطبيعي دون ان تكون لديك الوساطة الضرورية حتى لو كنت لا تريدها.
لكن اين حدث هذا وفي أي دائرة؟ ليس مهما معظم دوائرنا متشابهة متى وفي أي بلد ؟ ليس مهما اذ انه بالتأكيد يقع مع الالاف او الملايين على امتداد أوطان امتنا واتساعها.
في المساء جلست مع اصدقاء تحدثنا في امور كثيرة وتناقشنا في قضايا الفساد التي تنخر جسد مجتمعاتنا وامتنا وتطرقنا الى المحسوبية والواسطة وكنت طبعا مثلهم جميعا من أشد المدينين للمحسوبية والواسطة! فما رأيكم طال عمركم؟
الدوحة - قطر



تعليقات القراء

جخيدم
بعد بحث شاق و طويل قام به فريق متخصص من الامم المتحده عن سر تخلف دول العالم الثالث المحير

توصلوا

الى

الاجراءات البيروقراطيه

التي لا داعي لها و التي تستنزف الوقت و الجهد

و بلغة

الجوده

Has No Added Value
03-02-2012 11:16 PM
عنبوط
الكاتب المحترم

للأنصاف
يوجد هكذا وهكذا
فهناك دوائر ليست كما ذكرت
وأظنّ أن العيب يكون غالبا
في من يُطبّق القانون والتّعليمات
فالبعض يحبون تعقيد
السّهل فما بالك بالصّعب

الى جخيدم

يا عمّي كلّ مرّة بتخربط في الأسم
بكتب هذاك لعين الحرسي
بتكلفني وقت وجهد
العودُ ... أحمدُ
04-02-2012 07:38 AM
جحيدم
المبجل

عنبوط

طيب

تؤمر

بس ل انك شفت

و تعاملت مع جخيدم و البقيه

انهم

اناس

طيبون و بسطاء و مخلصون وووووووو

و يستحقون الذكر و تخليد اسمائهم

مع عظيم

مودتهم

04-02-2012 09:08 AM
للكاتب المحترم
الواسطة يا أخي للأسف اصبحت في الدرجة الاولى فابني خريج احدى الجامعات الاردنية ومبدع في تخصصه جميع زملائه تم توظيفهم عدا هو لأنه ليس لديه واسطه ، كما ان الواسطه اصبحت تهظم حقوق بعض الناس على حساب الاخرين ، وبعدك ما شفت اشي يا هزايمه من مراجعاتك اخ لو قالولك روح راجع دائرة الرقابة والتفتيش وجلس الموظف يحقق معك وكانه ضابط مخابرات وانت مهيض الجناح لا تستطيع الاجابه حتى لا يعقد انجاز معاملتك ، خليها على الله يا رجل ، الامور خربانه وعوجا والطابق مكشوف .
04-02-2012 10:50 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات