محنة البنك المركزي .. من يتحمل المسئولية ؟


يجد المتابع لأخبار البنك المركزي الأردني نفسه مضطرا للاكتئاب بعد توارد الأنباء عن سؤ الأوضاع التي آل إليها نتيجة لحالة عدم الاستقرار التي يعاني منها بسبب تكرر هستيريا تغيير المحافظ إذ شهد تناوب ثلاثة محافظين خلال بضعة أشهر بالمقارنة مع خمسة محافظين فقط خلال نصف قرن من استقرار البنك منذ تأسيسه في بداية ستينات القرن الماضي ووصلت مدة استمرار بعضهم بالمنصب خمسة عشر عاما وشكل ذلك أهم عوامل الاستقرار التي أدت لبلوغ البنك لسمعة عالمية عالية جذبت الاستثمار ومكنته من انتزاع ثقة مؤسسات المال الدولية .
ففي ظاهرة غريبة نفذ صبر الحكومة فجأة ولم تنتظر انتهاء فترة عقد المحافظ السابق أمية طوقان -وزير المالية الحالي- وقالت انه لم يعد مناسبا للمرحلة الجديدة التي دخلت بها البلاد فأقالته على عجل قبل انتهاء عقده بشهرين وعينت الشريف فارس شرف وقالت انه الأنسب ولكن ما لبثت أن أقالته بظروف غامضة بعد ثمانية أشهر وأعلنت أنها أخطأت الاختيار وعينت بدلا منه محمد سعيد شاهين الذي أزيل هو الآخر بعد اقل من أربعة أشهر وقالت إنها أخطأت للمرة الثانية ليتولى المنصب المحافظ الأسبق المخضرم زياد فريز المهدد بمواجهة نفس المصير إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن وكان يفترض حسب رأي الخبراء أن يكون خلفا لطوقان لتجنب متاهة التغيير التي تجاوزت الشروط التقليدية في اختيار المحافظين وعلى رأسها طول مدة الخبرة وعامل السن ودرجة الدكتوراه في الاقتصاد وكانت السبب المباشر للازمة وأثارت السؤال الكبير عمن يتحمل مسئولية سؤ الاختيار الارتجالي وتجاوز الشروط التي استقر عليها البنك ودور مجلس النواب الذي شهد تطور تفاصيل المشكلة منذ بدايتها دون ان يحرك ساكنا باتجاه محاسبة من عين من لا يجوز تعيينه.
تمادي الحكومة وإمعانها في إحداث الانقلابات برئاسة البنك أربكت الموظفين وتضعف من قدرة المحافظ وجرأته في اتخاذ مواقف صلبة لمواجهة الأمزجة الحكومية المتنافرة التي تلح بطلب المال وزيادة الإسراف وحجم الإنفاق تحت طائلة العزل والتغيير وربما تدفعه للرضوخ للتدخلات المختلفة لتنفيذ طلبات او برامج لا يقتنع بها وتخالف مقتضيات المصلحة العامة الأمر الذي يستدعي مرة أخرى تدخل النواب حسب رأي الكثير من المختصين للاستجواب وقدرتهم على إجراء التحقيق وتحديد المسئولية لمحاسبة للعابثين بالأمن المالي والاقتصاد الوطني خاصة وقد تسربت الأنباء عن دوره المباشر في تقييم وإقالة المحافظ الأخير محمد سعيد شاهين.
لكن اثر فوضى البنك لم تقف عند هذا الحد ولم تمر تداعياتها بسلام فقد رصد المحللون والمتابعون عقب تطاير قيادات البنك الأخيرة موجة من الانتقادات اللاذعة وجهت للأردن من قبل الهيئات الدولية المقيمة وتخوفها من تأثير اضطرابه على تقييم الأمان الذي قد يضع الأردن في عداد الدول المرتبكة بسياساتها النقدية وتركزت الانتقادات حول الطريقة غير المقنعة التي تم خلالها تنفيذ مسلسل التبديل وإدراجها ضمن تبعات هزال الدولة وسؤ إدارة كل أجهزتها الرسمية والمالية منها بشكل خاص .
يضاف إلى كل هذا شيء آخر ينطوي على فساد فإذا صح ما يقال عن احتمال إلزام الحكومة بدفع كامل رواتب شرف وشاهين حتى انتهاء مدة عقديهما على اعتبار ان الحكومة هي التي أخلت بالشروط الملزمة فان ذلك سيؤدي لخسارة مالية تصل إلى نصف مليون دينار أردني وتلك بحد ذاتها قضية مرتبطة بتبديد وهدر للمال العام .
داخليا نجم عن حوادث التغيير تردي منافسة الاقتصاد الوطني والتشدد في القروض وخلق مناخ استثماري غير جاذب انعكس على بيئة العمل وتراجع برامج تحفيز إنتاج القطاع الخاص إضافة لتباطؤ إيجاد إجراءات معدلة للتخفيف من ألازمة المالية التي تمر بها البلاد وعدم القدرة على تجاوز حرفية التعليمات بهدف مواجهة الضائقة الاقتصادية والحفاظ على مستوى الاستثمارات الأجنبية .
لم نكن نتوقع أن تصل أمواج الفساد المتلاطمة إلى البنك المحصن أو أن يقع ضحية لحالة التوتر والاحتقان بهذه السرعة وتمييع صلابته بهذه السهولة وهو الذي قاوم كل الأزمات العنيفة ولم تهتز مكوناته الأساسية وعلى رأسها قيادته العليا على مدى عقود إلا في أجواء التوتر رافقت احتقان الأحوال العربية الراهنة .fayz.shbikat@yahoo.com



تعليقات القراء

هذلول
الكريم

الاستاذ فايز الدعجه

(على اعتبار ان الحكومة هي التي أخلت بالشروط الملزمة فان ذلك سيؤدي لخسارة مالية تصل إلى نصف مليون دينار أردني )



شو النص مليون بميزانيه الشعوب يا دعجه

الله يرضى عليك

مع عظيم مودتي
15-01-2012 03:17 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات