الحارق والحروق .. ثنائية العلاقة الملتبسة


تعاقب الدولة الأردنية بالسجن من يحرق صورة جلالة الملك،كما يتم بتجيش كافة القوى باتجاه الفاعل، لأنه - حسب وجهة نظرها - قام بفعل عظيم ، مع أن الفعل اقرب إلى الرمزية منه إلى الحقيقة .

في السياق عينه، لا تكترث حكوماتنا عندما يقدم المواطن الأردني بحرق نفسه أو بيع أولادة أو أعضاءه ؟!

بمقابل ذلك يترك حرا طليقا كل من حرق قلب الأردن "حقيقيا" بواسطة مافيا الفساد، ويكافئ سدنته بغض الطرف عنهم من قبل الحكومة، وهؤلاء غالبيتهم من أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والعطوفة.

أليس الفعل مهما كان كبيرا يبقى فرديا لا يطال ضرره الا صاحبة، في حين يطال فعل الفساد الأردن كله .
أذن ما الشبة بين الصورة الأولى بفرديتها، والصورة الثانية بعموميتها وشموليتها؟ في الحقيقة لا يوجد أدنى شبة بينهما، اللهم الا أن كان للحكومة رأي أخر، وأكاد اشك في ذلك؟!

ببساطة، هذا يعني أن حكوماتنا تتقن فنون الكيل بمكيالين، فتعاقب الضعيف " الوطن والمواطن" وتترك القوى "الفاسد" بواسطة استحضاره لأساليب صالحة لعصور جاهلية أكل عليها الدهر وشرب !

مأساتنا الحقيقية تتجلى، عندما تثور ثائرة الحكومة وأجهزتها والدبيكة لوح بيدك" والسجيجة، على أمور بسيطة ، في حين لا تثور "جوقتهم" على فعل يومي تجسده مافيا الفساد المؤسسي، بشكل ممنهج مدروس !!

لذا بات بحكم المؤكد أن المناورات العكسية والهجمات المرتدة التي تعتمد عليها الحكومة، مصابة بداء التشتت والتسرع، فبدلا من مكافحة أوكار الفساد ، توجهت إلى مكافحة الشعب باعتباره آفة ضارة يتوجب إخراس صوته وخنقه .

هذا نتج عنه سقوط أسهم الحكومة المبنية أساسا على " الفرص الضائعة" بل وجعلها تتقوقع حول خوفها من قوى الفساد، واعتمادها على أنتاج ردات الفعل البعيدة عن مبادئ السيطرة، بمقابل إسقاط إنتاج الفعل المؤكد القائم على الدراسة والتنسيق.

من المؤسف أن تقود هذه الصورة قادت الحكومة إلى الارتماء في حضن قوى الفساد، لتغيب بعد ذلك في سبات عميق، لتطلق الشارع طلاقا بائنا بينونة كبرى لا رجعة عنه .

كم نتمنى أن تعي الحكومة خطورة الموقف وتطوراته، بحيث تمتنع عن أنتاج الأسباب والمبررات للاضطراب والفوضى،تكون سببا لزيادة جرعة الضبابية التي تحيط الصورة العامة.
وان لم تستطع فأنني انصحها بتوطين نفسها على اخذ حبوب منع الحمل، علها تجدي نفعا في كبح جماح تسرعها، الذي بات يحكم عقليتها .

نعم، لسنا مع تأزيم الموقف، لكن أن كان حرق صورة الملك مشكل - لا نشجع عليه مطلقا - فان حرق البلد بنيران الفاسدين دون حساب وعقاب وعلى مرئى ومسمع الحكومة كارثة ومصيبة، سيطال أثرها الجميع بلى استثناء، لا يتوجب السكوت عنها .


خالد عياصرة
Khaledayasrh.2000@yahoo.com



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم

الاستاذ خالد عياصره

تستطيع في بريطانيا (و منذ سبعينات القرن الفائت) ان تنتقد اي شيء,باستثناء الملكه.

وهنا في الاردن

انا ادعو الى نفس الشيء

انتقاد كل شيء باستثناء جلاله الملك

فما بالك بصورته؟

لننظف الفاسدون اولا و نعاقبهم و نلفظهم خارج حدود الوطن

و الباقي بعون الله ممتاز

مع عظيم مودتي
13-01-2012 01:29 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات