افريقيا البيضاء والعالم الأسود


قُدر لي أن أكون بمعية العلامة الاستاذ الدكتور عبد الحميد القضاة في زيارتين إلى دولتين افريقيتين وهما (نيجيريا وغانا) ضمن المشروع الكبير والمهم الذي يشتغل به سعادته متطوعاً "مشروع وقاية الشباب من الأمراض المنقولة جنسيا والايدز " وقد شكلت هاتان الزيارتان لدي مجموعة من الخواطر والانطباعات والأراء، أهمها:

- أن القارة الافريقية بمجملها ومن خلال ما استطعت الحصول عليه من معلومات هي أغنى القارات بمواردها الطبيعية سواء كان ذلك بكثرة مياهها الغير مستغلة أو ثرواتها التعدينية من الحديد والذهب والماس وغيرها الكثير لدرجة أن مستعمري بعض هذه الدول الواقعة على السواحل كانوا يطلقون عليها سواحل الذهب، وغانا واحدة منها، يضاف الى هذه الثروات النفط كما هو حال نيجيريا التي تعدّ سابع دولة في منظمة الأوبيك انتاجاً وتصديراً للنفط،، كما أن الله سبحانه وهب طبيعتها جمالاً خلاباً في غاباتها وأنهارها وبحارها وما فيها من موارد مهمة كصناعة الأخشاب وصيد السمك والسياحة، ومما يؤسف له أن المستعمر لهذه القارة قد نهب ثرواتها واستعبد شعوبها لخدمة مصالحه وحتى بعد خروجه منها بقيت هذه الدول مستودعاً للنهب والاستعباد والاذلال وإفقار أهلها، فأي عالم هذا الذي يتشح أهله بالسواد القاتم في قارة غنية تشع بياضاً وذهباً وجمالا؟
- ومما خلفه المستعمر وراءه لشعوب هذه القارة الجهل والفقر والمرض والبؤس والشقاء في الوقت الذي يتنعم غيره بثرواته واقتصاده حتى يومنا هذا ولم يترك له الا الفتات ليبقى لاهثاً وراء لقمة عيشه ولا يجدها، حتى وصل الأمر بالعالم الأسود أن يصدر سوءه وسبب أمراضه لأفريقيا وهكذا قالوا: ان فيروس الايدز وكل الفيروسات التي تسببها الأمراض المنقولة جنسياً جاءتهم من افريقيا، فأي نكران للجميل هذا؟ وأي جحود لما قدمته لهم هذه البقعة من الأرض؟ حقاً انه عالم أسود.
- ولم أرىأوأسمع من هذا الشعب الا الطيبة وحسن المعشر للجميع حتى لمن ظلموهم وأساءوا اليهم.
- ومما ترك انطباعاً مؤثراً أن هذه الشعوب التي غيبها الاستعمار عن كل أشكال المدنية والحضارة على كافة المستويات الثقافية والتعليمة والاقتصادية والاجتماعية تتوق بكل جورحها الى التواصل مع العالم والارتقاء الى مصافّ الشعوب المتعلمة وقد بدا ذلك واضحاً من خلال الدورات التوعوية التي عقدها وأشرف عليها وحاضر فيها الاستاذ الدكتور عبد الحميد القضاة حول المشروع سالف الذكر، وكم كانت سعادتهم غامرة لما تمّ تقديمه لهم حول الأخطار والآفات التي تسببها الأمراض المنقولة جنسياً، والتي اكتووا بنيرانها بسبب الجهل وقلة المعرفة التي خلفها له المستعمر، جهل على كل المستويات: جهل في الدين، وجهل في التعليم، وجهل بما لديه من امكانات وقس على ذلك الكثير، وكم كنا نحن سعداء وهم يشكرون ويمدحون بلدنا الاردن وما فيه من علماء أفذاذ أمثال الدكتور عبد الحميد القضاة، حيث كان مطلبهم الوحيد أن يطيل زيارته لهم وأن يكررها باستمرار.
- وأخيراً فإني أتمنى ومن كل قلبي أن تتشابك الأيدي في كل المعمورة للتصدي لآفات العصر التي فتكت وتفتك بالشباب وأن يقوم كل القادرين حسب استطاعتهم بسدّ ثغرة في هذا المشروع وزرع نبتة خير لهم في دنياهم وآخرتهم، فمقاصد الديانات السماوية كلها غايتها الخيرية لكل الناس، وفي الحديث الشريف "كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك" ، وفي الحديث الشريف أيضاً "أحبّ الناس إلى الله عزوجل أنفعهم للناس وأحبّ الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، او تكشف عنه كربه، او تقضي عنه دينا، او تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب الي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً، ومن كفّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رخاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام". وهذا والحمدلله ما لمسته من المبادرة الكريمة والمشروع العظيم الذي يقوم عليه فضيلة الدكتور عبدالحميد منذ أكثر من ست سنوات، لا يأل جهداً في ليل أو نهار وهو يمضي ناصحاً وموضحاً ومحاضراً ومنبهاً ومؤلفاً ومسافراً يقطع المسافات ينشر الخير لا يبتغي الأجر الا من الله حيث سمعته أكثر من مره وأنا أشفق عليه من كثرة الجهد والتعب وهو يقول جزاه الله خيراً "انها زكاة العلم الذي وهبني الله اياه" عبارة عظيمة أترك لكل قاريء أن يدقق فيها ويقف عندهاوتخيلوا معي لو أن كل عالم وما أكثرهم في وطننا الحبيب، جعل جزءاً يسيراًمن زكاة علمه لخلق الله !!



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم

الاستاذ وليد الخطيب

تحيه طيبه و بعد

اؤيد كل ما جاء في المقال الكريم

ولكن

كفانا لعنا للاستعمار و استعماله شماعه للتخلف

لقد انتهى عهد الاستعمار تقريبا في افريقيا منذ ستينات القرن الفائت و نيجيريا دوله نفطيه وهي من اكثر الدول فسادا في العالم و غانا من اكثر الدول الافريقيه فسادا في افريقيا حسب منظمه الشفافيه العالميه

وشعبي البلدين ابتليا بمسؤولين اسوأ من مسؤولي الاستعمار(وهنالك للاسف امبرياليين اوروبيين يتبجحون ان بعض الافارقه كانوا احسن حالا ايام الاستعمار)وان مسؤوليهم هم المسؤولين عن تخلفهم و انحطاط مستوى معيشتهم و امراضهم بسبب فسادهم



مع عظيم مودتي

و الشكر لجراسا
13-01-2012 12:52 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات