رجعت للمنزل مسرعا عصر يوم الاربعاء وانا أحاول أن استبق سقوط المطر الشديد ومتلافيا ضربات الهواء القوية التي تصفع وجهي ، ودخلت للمنزل عند الحجة قبل دخولي لمنزلي ، وبعد أن سلمت عليها قلت لها أن المطر بدأ بالهطول في الخارج ، وتنهدت وقالت لي ..يا إبني منذ الصباح ورحمة ربنا تتدلى وتذهب لغيرنا ...! ، كيف يا حجه طوال النهار والدنيا هواء وغيوم ...ياإبني عندما ربنا يريد أن يسقينا الغيث ينزل المطر أما الغيوم والهواء التي تمر فوق رؤسنا فهي تذهب لغيرنا ، يا حجه كله رحمة من الله .. ونعم بالله يا أبني .
وبعد أن جلست الى جوارها قلت لها يا حجة أنت كنت تحدثينا عن مطر ايام زمان وكيف أن المطر كان يستمر لأيام وتحشرون في البيوت ويأتي بعده الربيع الذي يكفيكم غذاء لكم ولحلالكم .. ونحن الان كل شيء موجود في الدكانه ....قالت يا ابني المشكلة بدأت من الدكانه عندما اصبحنا نشتري كل شيء منها سواء معنا نقود أو ليس معنا .. والدكنجي ابو العبد يسجل على الدفتر ويأخذ فوائد .. وأخر الشهر يذهب نصف الراتب له ، طيب يا حجة اليوم غير الأمس والدنيا اسهل هذه الايام ...يا إبني زمان كنا نجلس أمام بيوتنا وننظر للأفق ونشاهد الغيم قادم من بعيد ويأتينا احد الختيارية ويقول يا نسوان ضبين أغراضكن المطر قادم .. والتي عندها حلال تغلق عيله بوابة الخشه وخصوصا الطيور .... والرجال في الارض يغادرون مسرعين للمنازلهم بعد أن حرثوها ودعوا الله الغيث للزرع والحلال قبلهم .. وينزل المطر وكلنا نصلي لله على نعمه وخيره .
طيب يا حجه شو بختلف اليوم عن الأمس .. قالت يا إبني اليوم كم يبلغ عدد صالونات النسوان في حارتنا .. كيف بدي اعرف يا حجة ... طيب يا إبني كل شارع فيه صالون وكل صالون بتخرج منه نساء وكل واحده من هذه النسوان عندما تخرج تدعوا الله أن لا تمطر كي لايفسد سشوارها ومكياجها وتذهب مصاري الصالون على الفاضي ... يا حجة الزمن تغير ... طيب يا أبني كم مغسلة سيارات عندنا في المدينة و كم سيارة يخرج صاحبها من المغسلة وهو يدعو الله أن لاتمطر كي لاتذهب فلوس الغسيل على الفاضي ... والله ياحجة ضحكتيني ... طيب يا إبني كم ولد في الحارة يخرج وهو يضع على رأسه هذا الذي اسمه واكس وجل ويدعو الله أن لاتمطر كي لا تخرب تسريحة شعره ... وبعدين يا حجة .... يا إبني كم موظف بطلع في الصباح الى عمله مواصلات وهو يدعوا الله أن لاتمطر عليه وهو يسير في الشارع ...وبعدين يا حجة .. ويا إبني كم ربة منزل تستيقظ في الصباح وتقول يا رب ما يكون عندنا مطر هذا اليوم لأنها تريد أن تغسل وتقوم بواجباتها البيتية بالشمس ....
ويا إبني كم هم الاشخاص الذين يتقاتلون بينهم على من يملك المعرفة في موعد سقوط المطر والثلج وكأنهم وضعوا أنفسهم هؤلاء السحرة مكان الله ، أيام زمان يا إبني كنا نشاهد الطيور المهاجرة وعندها نقول هذه السنة سنة خير ونكتفي بالدعاء إلى الله بأن يسقينا الغيث و ياإبني كم يمين كذب تسمعها وانت في السوق أو الحسبة .. الكذب يا حجه كثير هذه الايام ... ياإبني كم مسؤول كبير أو صغير حلف مائة يمين وكلها كذب ... وخرجت من عند الحجة وانا أقول يارب ما تجيب مطر لأني إمبارح غسلت سيارتي ودفعت عليها ثلاثة دنانير .