كيف نصنع فاسدا !!


من خارج المؤسسات الرسمية ، تهل علينا الكثير من الاسماء تتولى مناصب عليا في الدولة ، اسماء وشخصيات معروفة بالنزاهة والمثابرة والنجاح في أعمال خاصة يديرونها بكل جدارة ، يخرج علينا مجلس الوزراء بتعيين شخصية أردنية واحيانا "غير أردنية " لتولي منصب مدير عام أو رئيس مجلس إدارة مؤسسة وطنية أو مستشارا ، لم تعمل تلك الشخصية في جهاز الدولة ساعة واحدة ، وليست معروفة على مستوى الناس والوطن ، يتلقى الرجل التهاني والتبريكات، وينفصل عن عمله الخاص للتفرغ لعمله الجديد ، يحلم بتغيير وتجديد ونجاح يسجل له وبأسمه لأثبات قدراته ، ترحب الاوساط كافة بذلك التعيين ، ويقال له ولمن ساهم بتعيينه " إن خير من استاجرت القوي ألأمين " ، وماهي إلا بضع سنين قليله ، بعد عام او عامين أو حتى ثلاثة أعوام على ألأكثر ، ينتشر بين الناس والعاملين بنفس المؤسسة شائعات وهمس عن تجاوزات مالية ونفقات غير مبررة وغير واضحة الطريق الذي ذهبت اليه ، تتداول الصحف والصالونات تلك التجاوزات وتبدأ صورة الرجل بالاهتزاز ، فما الذي جرى ؟ وماذا حدث مع الرجل ؟ كيف ، ولماذا تلوث بلوثة الفساد ؟ ومن صنع منه فاسدا !!
اقول إن تحول اي شخصية تتولى منصب عام لمدة عامين او ثلاثة أعوام الى شخصية فاسدة تصاب بلوثة الفساد لابد أن تمر بمراحل التصنيع المتبعة ، فمن مرحلة انتقاء الرجل من خارج السرب الرسمي ، الى مرحلة التعيين والإشادة بقربه من افراد العائلة أو العائلات الحاكمة ، الى مرحلة تعريضه للضغوطات من كل الاتجاهات ومن أعلى الرتب والمراكز ، تطالبه بدعم وتغطية برامج اجتماعية ورياضية أو تغطية مهرجانات سباقات الخيل والسيارات والبطولات الكروية المتعددة وماراثونات إنسانية وغير إنسانية داخل الاردن أو خارجه ، تطالبه بتغطية كاملة أو جزئية لنشاطات متعددة تنظمها مؤسسة يديرها او تديرها صاحب أمر مقرب من الملك أو من الحكومة ، رئيس وزراء يطالبه القيام بتنفيذ أو شراء أو إحالة عطاءات تخص مؤسسة تتبع له أو لأحد اصدقائه ومعارفه أو حتى ابنائه ، ضغوطات تجعله يتجاوز حتى صلاحياته المالية والادارية وتعديل القوانين والاجراءات بما يتناسب وتلك المطالب استجابة لرغبات وزراء ومعارف ومسئولين لاقبل له بمواجهتهم ، وحتى بعض النواب وبعض الاعلاميين لهم دور حاسم في الضغط على الرجل ودفعه للاستجابة وإلا "نكشوا" له مواضيع وقصص حتى لو لم تكن صحيحه ، فالطلقة التي لاتصيب تزعج !
فالحديث مثلا ، وليس للحصر هنا عن عطاءات موكلة لتاجر واحد يورد للمؤسسات الاستهلاكية -المدنية والعسكرية بضاعة بمبلغ 60 مليون دينار في أقل من عام ليس بالامر العادي ولا الروتيني ، ولا يتفق مع نظام المنافسة واقتصاد السوق في بلادنا ، وتلك كانت إستجابة لقرار متنفذ لخدمة التاجر الذي تمتد جذور معارفه أو نسبه الى افراد العائلات الحاكمة ، وإن كان حديثنا بعيدا عن هذا المثال الذي نورده ، فلأنه جزءا من صناعة الفساد الدائرة في الاردن ! وقس على ذلك تجاوزات الضمان الاجتماعي وما يفرض على إدارتها لشراء شركات منهارة بهدف تكسيب أصحابها ومنعهم من الافلاس تدفع من أموال المشاركين من ابناء الشعب ، كذلك ما يجري في أمانة عمان الكبرى من تجاوزات وتطاول وضغوطات كبيرة يتعرض لها الامناء او القائمين ألأن من قبل وزراء ونواب وكبار قد تدفع الأمور المالية الى ألأسوأ بفعل تلك الضغوطات التي يستجاب لها بحاضر سيدي !
من المستبعد ان تخلو بلادنا من فاسد في كل مؤسسة ، ولكن أن يصل الأمر ان تصبح صناعة الفساد منهج وطريق حياة ، تنتج افرادا فاسدين في مختلف المؤسسات ، فهذا يحتاج لِوقفة وتحليل ، وخاصة ان بعض من وُجهت لهم أصابع التهم وُزجوا في السجون ، كانوا قادة ناجحين مبدعين في عملهم لم تشوب عملهم وإنجازاتهم شائبة واحدة ، فما الذي يجري مع اولئك الناس ، وكيف تحولوا بين ليلة وضحاها الى فاسدين و ملاحقين ! أحد الذين نتحدث عنهم لازال على رأس عمله كقائم بأعمال مؤسسة خدماتية كبيرة في عمان ، يقول الرجل ، ان حجم الضغوطات التي يتعرض لها من قبل النواب والاعيان والوزراء وغيرهم من المسئولين قد يؤدي به الى السجن إن استمر بتلبية مطالب اولئك المسئولين وتحميل المؤسسة ما يفوق طاقتها وإمكاناتها ، وهذا يسمى إخلالا في الوظيفة قد يدفع ثمنها غاليا على حساب سمعته وأسرته وموقفه الاخلاقي والقانوني كما حدث مع من سبقه ! لأنه يقف حائرا بين تهدئة ألأمور ومنع التصعيد مع الناس الذين يمكن أن يجتمعوا ويعتصموا بإشارة او دعوة من أحد المتنفذين ، وبين تلبية مطالب اولئك الكبار المخالفة للمعايير ، ويقول انه يستطيع مواجهة بعض الزمر ، ولكنه يعجز ان يعتذر للزمر الاقوى !! وهو لا يملك الصلاحيات الكاملة لأنه قائم بأعمال محدود الصلاحية ، ويخشى إن تحدث وصرح كذّبوه واتهموه بل وآذوه ، والامثلة كثيرة في هذا الجانب ، فبعض من خضعوا ونفذوا رغبات الكبار هاهم يعانون مرارات السجن والسمعة السيئة وتلطيخ اسم العائلة بشبهات او تجاوزات أو إخلال في الوظيفة !! لاذنب لهم إلا الاستجابة لرغبات الكبار ! ولم تتلطخ أيديهم بأية شبهة فساد ، ولكن الإخلال وتلبية المطالب هو ذنبهم !
أشيع أنه وفي السنوات الماضية لأكثر من عقدين انتشرت في البلاد شائعة أن أمين عمان قد تمت إقالته بصورة غير حضارية ، والسبب أنه لم يستجيب لضغوطات تخصيص قطعة أرض كانت ُتعد استثمارا للأمانة طلبتها إحدى سيدات المجتمع لنفسها أو لصالح جمعية تقف على رأسها ، أو استبدالها بمبلغ مالي كبير ! والحالة في صناعة الفساد تسري على جوانب أخرى ، فالوزير او حتى رئيس الوزراء أو غيره من الكبار قد لا يرضيه قول الحق ، فيجري تغييرات شاملة لاستبدال غزلان الحق بقرود مهدت وعرضت نفسها للخدمة بتملق كبير ! فيُبعد النزيه الشريف وُيقرب الفاسد المتبجح المتملق ، وهناك من يقول أن التغييرات والتنقلات التي جرت في الوسط القضائي كان سببها طلب مدعي عام من أحد النزلاء المرموقين خلع كمامة الانف لتسجيل أقواله بوضوح فخلعها مكرها ، وخُلع من بعدها المدعي الى مكان أخر ، وتلك صناعة أخرى تحتاج لِوقفة قادمة !
صناعة الفساد في ألأردن لها تاريخ وباع ، تديرها مؤسسات وعائلات ، وزراء ورؤساء وزراء وكبار ، صناعة قادرة على تحويل المواطن من رجل نزيه شريف الى فاسد معتد على المال العام أو متملق مخادع ووصولي انتهازي ، اكرر هنا ، ليس في ووطننا ظاهرة فساد فحسب ، ولكن لدينا صناعة للفساد ُتنتج افرادا فاسدين على مستويات اقتصادية واجتماعية وإعلامية وحتى قضائية ، وعلينا مواجهتها وفضحها لعلنا ندمرها ونوقف صادراتها من الفاسدين ...



تعليقات القراء

محمود كريشان
صدقت ، وانا اعتقد ان هذا ما جرى مع المهندس عمرالمعاني الذي نادوا به امين لعمان وورطوه بمطالبهم لتغطية نشاطات / والرجل اعتبر متجاوزا ومخلا بالوظيفه ، وهكذا يسري الامر على البقية . ابو حمدان والرفاعي وغيرهم ممن تورطوا بقضايا فساد او ورطوا بها
05-01-2012 12:38 AM
عبدالحليم القطيشات
حين تسلم علي ابو الراغب رئاسة الوزراء قام ولدعم شركات تأمينه برفع التأمين الاجباري على السيارات 30% والرجل يمتلك 3 شركات تأمين ، ومجمل ارباحه بلغت 75 مليون فقط من مجموع ما اصابه من قراره الذي أصدره ، وكذلك للرجل مصانع حديد في افريقيا ، فالغى الدعم عن صناعة الحديد المحلي وخفض الرسوم من اجل ان يفتح البلاد لاستثماراته ، ولذلك لم تجتمع السلطة والمال إلا فسدت السلطة والمال محمي كعادته . نعم حين نولي التاجر السلطة فأننا نصنع منه فاسدا . وعلي ابو الراغب كان يعد من التيارات الليبرتالية والوطنية الديمقراطية ، اتذكرون الرجل في انتخابات عام 1993 كيف كان وطنيا يدافع عن مصالح الوطن / وكيف انقلب الحال ، وتذكرون غيره من رؤساء وزراء تفرغوا للمناصب وخدموا انفسهم ومصالحهم .
05-01-2012 01:03 AM
موظف صندوق معونه
افهم من مقالتك يا علي الحراسيس أن الانظمه هي مصنع الفساد ، وان المواطن يجر اليها بسبب دخوله المنظومه ، يعني زي الدخول في المنظمه الماسونية زمان ، من دخلها أمن ، ومن خرج منها قتل او حبس أو قتلوا اهله ، طب والحل ، يعني انا بكرة لو عرضوا علي امين عام وزارة التنمية او مدير صندوق المعونه وطلبوا مني دفعه مالية لتغطية حملة بر وايتام او اي حمله انشلها من صندوق المعونه واوقف صرف المعونه عن الناس لشهر وبعدين ارجع . ( هذا ما حدث قبل 3 سنوات ) فقط للعلم
05-01-2012 01:23 AM
صالح الجوابره
طب ومن وين بعد هالحقائق نجيب رجال يحموا البلد . والله احترنا . من الفاسد ومن يرعاه ومن يصنعه
05-01-2012 09:07 AM
محمود دبوبي
امانة عمان وبسبب الضغوط التي تواجه المهندس عمار غرايبه انه قام بتحويل اكثر من 200 عامل وطن الى موظفين ، والسبب الضغوطات والتهديدات التي تسلمها الرجل بالقيام باعتصامات وتخريب ان لم يقوم بها ، يعني الامانه بحاجه الان لتعيين 200 عامل اضافي بدل المحولين وهي اصلا لا تحتاجهم ، هذا جزء من الضغوطات التي يواجها الغرايبه مع النواب المعروفين بتهديداتهم ولطجتهم .
05-01-2012 12:08 PM
محمود دبوبي
هناك حقيقة لم يذكرها الكاتب المحترم بالاسم ، الأولى أن المهندس عمر المعاني لم يكن بحاجة لان يكون فاسدا ، فالرجل لديه مؤسساته وامواله التي تغنيه عن مد يده لاموال الدوله وجاوا به من اجل تنظيم أمانة عمان ، ولكن حجم الضغوطات والمطالبات التي انهالت على الرجل من متنفذين سواء كانوا رجالا او نساءا دفعته لتجاوز صلاحياته والانفاق بشكل كبير ، اضف اليها ضغوطات نواب ومسؤولين كبار ، والحقيقة الثانيه أن ما يواجهه المهندس عمار الغرايبه الأن من ضغوطات من نواب يوصفون بالبلطجية أو متنفذين قد يدفعه للأخطاءلأنهم يهددونه بعتصامات واثارة مشكلات وهذا ما دفع الرجل ان يحسن وظائف مجموعات من عمال الوطن الى مسميات وظائف ادارية وعلى حساب الموازنه ، يعني تحويل 200 عامل وطن الى موظف يستدعي تعيين 200 عامل بالمقابل لاتحتاجهم الأمانه والبقية ستكون اخطر .
05-01-2012 01:23 PM
داود السامري
والله هلا افهمت ليش بجيبوا وزراء ومسئولين من خارج الاردن او من خارج الوزارات نفسها .. بشكلوهم زي ما بدهم بعد ما يعرفوهم اللعبه ... وبدكوا البلد تصير في اصلاح .
05-01-2012 01:55 PM
هذلول
الكاتب الكريم

(كيف نصنع فاسدا)

الفاسد:

هو كل من:

وظف انسانا\ساعد على توظيف\دونما وجه حق\المتوظف دونما وجه حق\لم يخلص في عمله\رشى\ارتشى\ساعد على الرشوه\اساء سلطاته\اينما كان\متى كان\حيثما كان\نهب مالا عاما مهما قل او كثر\ساعد على نهب المال العام\هم وعائلاتهم\ووووووووووو

وهذا ينطبق على 70% من موظفي البلد

لذا اشك ان يكون هنالك نيه صادقه لدى الشعب او الحكومه الرشيده لاستئصال الفساد.

لذا نعود لموضوعك:

لصنع فاسد:

ما عليك الا ان تدخل اي دائره حكوميه و تكتب اسماء 70% من موظفيها و تطلب من طفل سحب اي اسم,

وبذلك تحقق المطلوب

مع احترامي

جراسا العزيزه

كالعاده

ارجو النشر

05-01-2012 01:56 PM
أبوموسى كوربشين
شكرا لك قلت ما كنا نخاف أن نقوله شكرا لشجاعتك
05-01-2012 04:55 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات