نحن اساس الفساد


حكمت فعدلت فنمت يا عمر, هذا ما قاله الزبرقان مبعوث كسرى عندما قدم للمدينه للاطلاع على احوال الرجل الذي اهتزت له عرشي كسرى وقيصر, الرجل الذي هابه الملايين من اعداء المسلمين في ذاك الزمان, هذا الرجل الذي امر رجل من عامة المسملمين وفقرائهم ان يضرب ابن الاكرمين ابن عمرو بن العاص, لم يكترث لعشائريه ولا اي فخذ او اصل لابن عمرو بن العاص , ولا الى تكبره وتعنته وتفاخرة بالجاهلية الاولى, اقسم بالله على نفسه ان لا يأكل اللحم حتى يأكله فقراء المسلمين, وكان يكتفي وعياله بخبز الشعير والزيت, ولا يهنأ له بال حتى يتفقد احوال رعيته في الليل, وقف خطيبا في المسلمين في المسجد وطلب منهم ان يصححوا اعوجاجه ان حاد عن الطريق سهوا, ليأتيه الجواب من احد رجال المسلمين مهددا ومطمئنا انه سيصحح اعوجاجه بسيفه ان حصل, لم يغضب, ولم تأخذه العزة بالاثم, بل حمد الله ان هناك مسلمين سيصححون اعوجاجه بالسيف ان حاد عن امر الله, اين نحن من عمر الفاروق؟ رئيس اعظم واقوى دوله في زمانه, الذي هابه كسرى وقيصر وزلزل عروشهم كان له بيتا من طين على اطراف مدينة رسول الله, وسقفها من جلد الماعز لتحميه واولاده حرارة الصيف او امطار الشتاء.
الكل رفع شعار محاربة الفساد مطالبين بالاصلاح, وماذا عن اصلاح النفس اولا؟ معظم وليس كل من يحرض على الاصلاح ويحرك رجل الشارع من منطلق شخصي بحت لا اكثر, للتغطيه على عيوبهم, كيف بذلك الافاك الذي ينظر ويحاضر بمجموعه من الاردنيين على تلك المحطه الفضائيه وكأنه رب الاصلاح وهو كبير اللصوص, يملك مئات الملايين ويسكن قصرا كلف الملايين ولم يتبرع لبناء مسجد عندما طلب منه احدهم ذلك الا بعشرة دنانير لانها " حلال", لم ترعه اخلاق ولا دين ان يتغنى متباهيا ان امواله سحت سوى هذه العشرة دنانير فانها حلال, لانها من راتب تقاعده عن وظيفته الاولى, ولكن لم يمنعه اي وازع من التنظير على الاردنيين بالشرف والاخلاق الحميده وعلى محياه تلك الابتسامه العبيطه التي تزيد قبح وجهه واخلاقه قبحا.
كيف بذلك الرجل الشاب الذي يرفع طرف تلك اليافطه بيده اليمين, ويدخن سيجارته بيده الشمال, وحنجرته تصدح بشعارات الاصلاح الخاويه, ولكن في جيب بنطاله اليمين خمسون دينارا قد تسلمهم رشوه من احد المواطنيين لتسهيل احد المعاملات؟
كيف يطالب بالاصلاح وذلك المقعد الجامعي في احدى الجامعات الحكوميه لم يكن من حقه ابدا لتدني معدله في الثانويه العامه, ولكن لان والده محسوب على احدهم, فقد تم التلاعب بالكشوفات او " تزريق" اسمه على قائمة المكرمات الملكيه ليأخذ ذلك المقعد الجامعي الذي لم يكن من حقه ابدا , و لم يكن ليؤهله لو كان هناك من يخاف الله ليدخل كليه مجتمع متدني وليس متوسطه, ولكنه الان على رأس تلك المسيره مطالبا بلاصلاح, وبين الفينه والاخرى يتحسس جيب بنطاله ليتأكد ان الخمسون دينارا لا زالت في جيبه مستدفئه ومطمئنه.
كيف يطالب بالاصلاح ومكافحة الفساد بالشعارات الرنانه وهو كان قد تخرج من الجامعه بمعدل ادنى من المقبول فقط لان ابن عمه على صله مع احد الاداريين في الجامعه وواصل, ليلبس روب التخريخ وتقام له اعراسا باذخه فرحا بالتخرج, ولتعلق صوره بحجم كيس زباله من الحجم العائلي على حائط غرفة الضيوف, وبابتسامته بلهاء تدل على مدى محدودية نباهته وتفكيره, ولكنها يجب ان تكون معلقه هناك لزوم الجخ والعرط.
كيف يطالب بالاصلاح وهو نفسه كان المحرض على تجميع افراد عائلته كلها لتلك المشاجره ضد عائله اخرى لسبب تافه, فقط ليري الناس والاردنيين ان العشيره تأتي اولا, وان الاقليميه والجاهليه هي اولوية الاولويات, وكيف به منتشيا وكأنه رامبو قد حطم زجاج المدخل الرئيسي للكليه بسطل الزباله؟ ليحطم مبنى حكومي قد بني باوال دافعي الضرائب من المواطنين المساكين.
كيف يطالب بالاصلاح وقد تسلم وظيفه حكوميه بالواسطه والمحسوبيه, وهناك الالاف ممن هم احق منه بهذه الوظيفه, ولكنه متعتنا ومنتشيا ومتباهيا " ومعرشا" كديك المزابل لم يتردد ان يصرح " احنا واصلين يابا", كيف به على رأس تلك المسيره؟ ولكنها الوجاهه ولزوم العرط.
كيفما تكونو يولى عليكم, مدير المدرسه, والشرطي, وموظف الحكومه ومدير الناحيه والمختار والمحافظ والوزير ورئيس البلديه, وحتى رئيس الحكومه, هيك مظبطه بدها هيك ختم, كيف بالله تلك العجوز السبعينيه ولانها خالة ذلك المدير المسؤول استطاعت وبمكالمه هاتفيه ان تلغي تلك المخالفه بالالاف, ضد احد المصالح الخاصه؟
السبب نحن, نحن من اوصل الامور في بلدنا لتلك المواصيل, نحن العله واساسها, اعتمدنا على النفاق العزائم واطعام الفم بمناسف ولحم هبر اشتريناها بنقود قد استدناها لنرشي ذلك الموظف وعائلته على منسف لتمشية احد المصالح الخاصه, الفساد بدا بالمواطن العادي قبل ان تصل للمسؤول, او ان ذلك المسؤول قد تدرج بالمناصب فاسدا لاننا اتحنا له ذلك حتى كبر بحجم الحوت, نحن من يعرط باننا واصلين او مدعومين, نعتمدعلى العشائريه والمحسوبيه والتخجيل والقرابه لتسهيل امور حياتنا اليوميه.
نحن من اعطى صوته لذلك النائب الذي لم يخجل لا من الله ولا من الناس ليطالب رئيس الحكومه بتوزيع عشرة وظائف لكل نائب لاسكات دوائرهم الانتخابيه, وكأن ما يبحث عنه المواطنون لاصلاح امرهم بعد انتخاب ذلك النائب الهمام هو بعشرة وظائف لعمال البلديه او حارس على باب دائره حكوميه, ولكن نائبنا الهمام يريد مكافئة تحسين معيشه, وسياره فارهه معفاة من الضرائب لزوم تنقلاته من والى مجلس الامه, وفي جلسات مجلس النواب تراه يغط في قيلوله تطول بحسب مدة الاجتماع , وموافقته او رفضه للقرارات تتم حسب تبادل المصالح والخدمات الشخصيه المتبادله.
نحن لم نخاف الله في انفسنا اولا اثناء الانتخابات النيابيه, حتى لو علمنا لاحقا بعمليات التزوير, كانت تجمع الاصوات مخاجله من الناس والمعارف والاقارب, صوت سيسأل عنه الانسان امام الله عندما يقف بين يديه, لم نتورع لاعطاء دفتر العائله لاحدهم لانه " نسيب", او من العيله لتسجيلنا, وها نحن الان وخصوصا ذلك المزيف على رأس هذه المسيره نطالب بمحاربة الفساد , ولكننا المنبع الرئيس له بالدرجه الاولى.
هل هناك عائلات اردنيه عريقه وعائلات نص كم اوعائلات "يعني" ؟ لماذا وصل بنا الجهل والتخلف لهذه الدرجه؟ التغني والعرط بالاسم الرابع؟ اسم العشيره, كلنا سنقف امام الله لنحاسب على ما قدمت يدانا من اعمال, لن تشفع لنا العشيره ولا مدى عراقتها او تفاهتها, كلنا سنقف امام الله وننادى باسم امنا لا اسم العشيره, لماذا الجاهليه الاولى زتخلفاتها؟ التي حاربها الاسلام ووضعها جانبا, ولكننا نحن من احياها, وجعناها تتغول فينا وفي اجسادنا كالسرطان, وصارت الاساس لحياتنا اليوميه, من اعمال وتجاره ومصاهره.....الخ
نحن لب البلاء واساسه, فالنحارب فساد انفسنا اولا قبل ان نرفع الشعارات الفارغه التي معناها كبير ولكننا اول من يعمل بعكسها, وفقنا الله لما فيه صلاح ديننا ودنيانا.
صالح المغربي
امريكا



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم

باختصار

انت تطالب بتغيير ارثنا الثقافي و الاجتماعي

وهذا من الصعوبه بمكان.

يروى في الاسرائيليات:ان رجلا كان يترزق من عمله على بغله,الا ان البغله كانت كثيرة الرفس,فطلب من سيدنا موسى(ص)ان يدعو الله ان تتوقف عن الرفس, و هكذا كان.و لكنه تفاجأ في اليوم التالي بموت البغله,فبكى و استشاط غضبا و جاء الى سيدنا موسى معاتبا (كونها وسيله الرزق الوحيده له)قائلا:لقد طلبت منك ان تدعو الله ان تتوقف عن الرفس و لم اطلب منك ان تميتها,

فقال سيدنا موسى:الا تعلم بأن الطبع تحت الروح؟

و يقول العمانيون:"طبيع و لو قصو صبيع"

مع احترامي

و الشكر لجراسا لتفضلها بالنشر
04-01-2012 12:59 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات