السوق الحرة في مطار الملكة علياء ويالله السلامة


بعد زيارة خاطفة مؤخراً إلى الأهل في الأردن ومتابعة بعض الأعمال الخاصة، وبينما كنت أتجول في منطقة السوق الحرة في مطار الملكة علياء لشراء بعض الأشياء في النصف الساعة المتبقية قبل الإقلاع لاحظت وجود جلبة خفيفة عند أحد صناديق المحاسبة بين رجل برفقة زوجته وموظفة تعمل هناك حول شي استغربته حقيقة من السوق الحرة ممثلة بالموظفين ومديرهم المناوب.
ما هو مهم هنا هو عندما فرغت من اختيار ما أريد توجهت إلى أقرب صندوق للمحاسبة وكان هناك أحد الزبائن برفقة زوجته، ومعه مشتريات ليست بالقليلة من العطور وغيرها من السوفونيرات، ومنها على ما أذكر شماغ أحمر(على شكل لفاح مهدب على أطرافه العلم الأردني) التي قد تذكر الزائر الكريم بزيارته إلى الأردن في يوم من الأيام، وعندما أصبحت على مقربة منهما سمعت ذلك الزائر يقول للموظفة بأنه من غير المعقول واللائق أن أضع مشترياتي ومعظمها من العطور ومواد التجميل في كيس بلاستيكي، حيث كانت الموظفة بالمقابل تعتذر وتقول: والله الأمر ما هو بيدي وان هذه الأشياء من صلاحيات الإدارة، وقد بدا لي بأنهم على عجلة وقد بدأ ينتابهم التوتر. بهذه اللحظة بدت على الرجل وزوجته علامات النكد والاستياء من خلال النفخ بالفم والنظر هنا وهناك، فوق وتحت، والتمتمة بالفم بكلمات تعبر عن عدم الرضا.
تبين بعد الحديث مع الزائر وزوجته أنهما قد اشتريا بمبلغ يقارب ثمان مائة دولار هدايا وعطور، منتظرين على حد قولهم أن يتسلموا أغراضهم بحقيبة محترمة تحمل اسماً تجاريا لأحدى ماركات العطور أو مواد التجميل المشهورة التي اشتروها كما يحدث معهم في باقي الأسواق الحرة في كثير من دول العالم، وعلى عكس التوقعات فاجأتهم الموظفة بوضعها في كيس بلاستيكي لونه أصفر. حيث قال لي ذلك السائح فيما بعد بأن مثل تلك الكمية والنوع من المشتريات تستحق أن توضع بحقيبة محترمة تحمل اسم أحد الماركات التي قمنا بشرائها كما هو الحال في باقي مطارات الدول الأخرى، علماً على حد قوله وأؤيده بذلك أن هذه الحقائب تعتبر كنوع من الدعاية للمنتج ونوع من التسويق بالإضافة إلى المنظر الحضاري الذي قد تضفيه أثناء حملها على الطائرة.
عندها توجهت إلى الموظفة والهدف وطني بحت طبعاً بكلمات للموظفين مفادها أنهم على حق فيما يقولون وقد مررت بمثل هذه التجربة في مناطق أخرى من العالم، وقد لمسنا هذا الشيء من التعامل في الأسواق الحرة، ولن تتضرروا بإعطائهِ حقيبة يضع فيها هداياه وسوفينيراته، علاوة على ذلك فيه نوع من اللطف منكم وانتم واجهة البلد إلى جانب كل موظف يعمل في المطار، وعليكم مسؤولية أن تعكسوا الصورة الجميلة عن كرم الأردنيين مع الزوار والمغتربين وخاصة أولئك الذين زاروا دولاً كثيرة في العالم، وان هذه الأشياء في حقيقة الأمر لا تكلف عليكم أي شيء، فهي مجرد هدية من الشركات التي تحترم منتجاتها، وان هذا السائح كغيره من السياح المتيقنين من حقيقة هذا الأمر.
عندها اعتذرت موظفة الصندوق إلى جانب زميل لها في العمل استعانت بهِ لعله ينقذها من هذا الموقف المخجل أمام الزائر الذي طال طابور الزبائن خلفه بقولهما للمرة العاشرة بأنهما لا يملكان من الأمر شيء لعدة أسباب وهي: أن المستودع مغلق، والسبب الثاني أنكم مسافرون في يوم الجمعة، ولا أعرف بالحقيقة ماذا يعنون بأننا مسافرون في يوم الجمعة بالوقت الذي نسينا نحن أن نسألهم كما هو حالهم بالنسيان: لماذا أنتم هنا إذاً واليوم هو يوم الجمعة إن كان الأمر متعلق بيوم الجمعة تحديداً، أما السبب الثالث هو أن المفتاح موجود مع الإدارة ولا يسمح لهم بالتدخل في عملها.
عندها وعلى ذكر كلمة الإدارة طلبت منهم أن نتحدث إلى مدير السوق المناوب لعله يساعدهم كونه المسؤول على حد قولهم، إلا إن جواب الموظفان أتى بصوت واحد: مديرنا تبع اليوم ما يعطي هدايا! أصر الزائر وزوجته على حضور المدير وليته لم يحظر فقد قطع يده وشحذ عليها بكلمات مفادها والله ما فيه هدايا هذه الأيام والمستودعات مغلقة، والمفتاح مع الإدارة ( نسي بأنه المدير المناوب). اسمع الزائر وزوجته يرددان بأنهم لم يتعرضوا لمثل هذا الموقف بحياتهم قط في أي سوق من الأسواق الحرة إلا في الأردن، وأتى على ذكر الكثير من الدول على مسمع من الجميع وقد سمعت واحدة منها وهي لبنان وسوقها الحرة قائلاً: وفي لبنان مردداً: آه على أيام لبنان...
كانت الإجابات من طرف المدير والموظفين متناقضة حقيقتاً بجميع الأحوال، لكن وفي النهاية انتصر المدير وصحبه من الموظفين، فوقت الزائر قصير وقد يكلفه النقاش فقدان الطائرة، غادر الجميع بذكرياتهم حاملين معهم أكياسهم البلاستيكية الصفراء، لا يجمعهم غير ذلك الموقف الذي أحزنني كثيراً على طريقة الختام قبل السفر لمن يأتون لزيارة الأردن متسائلاً: هل كان المستودع فعلاً مغلق؟ أم أنهم يتقاسمون ما يأتيهم من ... وبلا سياحة بلا هم؟ هل سيشتاق إلى الأردن من يتعرض إلى هكذا موقف مرة أخرى؟ وماذا سيقول في حديثه مع الناس عنا كشعب؟ هل سينسى الإقامة وجمالها وطيبها في الأردن ويعْلَق في رأسه ذلك الموقف خاصة وان الخاتمة تتدخل في تحديد تحدد الكثير من المواقف؟ هل يتكرر هذا الموقف كثيراً، هذا إن لم يكن دائماً؟ هل أنا مخطئ عندما أكتب عن هكذا ظواهر حتى وان كانت صغيرة بنظر البعض إلا أنها قد تهدد مستقبل البلد السياحي؟ ويبقى السؤال الأهم وهو:هل سيقرأ المسؤولين عن السوق الحرة في إدارة مطار الملكة علياء هذا المقال؟



تعليقات القراء

عبير
الله يسلم ايدك على هاد المقال فعلا كلامك كله غيره عالوطن بس لا تجيبوا سيره خليها بيناتنا
28-12-2011 08:32 PM
هذلول
......
رد من المحرر:
نعتذر.......
29-12-2011 10:53 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات