هل تقود قطر العالم العربي؟


قطر هذه الدولة الخليجية الصغيرة والعضو في مجلس التعاون الخليجي, والتي تعتمد اعتماداً كلياً على الغاز والنفط اللذان يدران لها مليارات الدولارات. ففي قطر ثالث أكبر مخزون للغاز في العالم, وهي تسعى لكي تكون أكبر منتج للغاز المسال على مستوى العالم، حتى ان قطر كانت قد طرحت مبادرة لإنشاء "أوبك الغاز" على غرار دول "اوبك النفط", ومع وجود هذه العائدات النقدية الضخمة من بيع الغاز والنفط فإن قطر تطمح في قيادة العالم العربي.
ليس المال وحده الذي تستخدمه قطر كأداة سياسية لتنفيذ مخططاتها بل تستخدم مهارة من أحدث وأقوى المهارات التي يستخدمها الغرب في حكم العالم ألا وهي وسائل الإعلام. ففي عام 1996 قامت قطر بإنشاء قناة الجزيرة الإخبارية الفضائية والتي تعتبر الآن واحدة من أهم المكونات الرئيسية لنجاح قطر على المستوى العالمي, وأعطى وجود قناة الجزيرة لقطر سلاحا قوياً في الحروب المعلوماتية, وذلك عبر تغطية الجزيرة للأحداث الساخنة التي غفلت الشاشات العربية التقليدية عن تغطيتها أو عرضتها بشكل مقتضب وغير صحيح, ومن الأحداث الساخنة التي غطتها الجزيرة: انتفاضة الأقصى عام 2000, والحرب الصهيونية الوحشية على قطاع غزة نهاية عام 2009, وكذلك تغطيتها المستمرة للثورات العربية عندما ثار الشباب العربي على أنظمتهم المستبدة في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن وغيرها, حتى أصبحت الجزيرة الآن في العالم العربي تنافس وسائل إعلام أجنبية ضخمة مثل الـ CNN, فهي تتمتع بمصداقية عالية وثقة كبيرة من الشعوب العربية.
ومع ان قناة الجزيرة الإخبارية تعرض الحدث بشفافية ومصداقية وبدون رقابة, ولكن هذا لا ينطبق على كل الأحداث وخاصة عندما يتعلق الأمر بعرض أحداث ليست في مصلحة النظام القطري أو الأنظمة الخليجية, ومن الأمثلة على ذلك من داخل قطر: اننا لم نرى قناة الجزيرة تصور كيف وصل أمير قطر إلى سدة الحكم بالانقلاب على والده, وكذلك الجزيرة لم تصور حالات التسمم التي حصلت في قطر من الأدوية والأمصال الإسرائيلية, والجزيرة لم تصور المظاهرات التي حدثت في قطر ضد القاعدة الأمريكية, والجزيرة لم تصور حفل افتتاح مدرسة عبرية على أرض قطر, والجزيرة لم تصور الحانات والبارات التي فتحها أمير قطر باسم الحرية, والجزيرة لم تصور حفل العشاء الذي إقامته الشيخة (موزة) لوزير خارجية إسرائيل, وكذلك الجزيرة لم تذكر شيئاً عن الانقلاب الذي كاد أن ينجح في قطر على أيدي مجموعة من ضباط الجيش, والكثير الكثير من الأمثلة من داخل قطر, أما خليجياً فإن الجزيرة تمر مرور الكرام على المظاهرات التي تحدث الآن أو حدثت في كل من البحرين والسعودية والكويت وعُمان ضد أنظمة هذه الدول.
إن قطر تسعى جاهدة من أجل قيادة العالم العربي وذلك بركوب موجة الإسلاميين, فهي تقوم بتشجيع ودعم الإسلاميين في بعض الدول العربية ليثوروا على الأنظمة العلمانية أو (غير الإسلامية) في دولهم، ومن ثم تقوم قطر بتوجيه هذه الجماعات الإسلامية لتكون تحت قيادتها, وتطمح قطر بذلك انها إذا لم تصبح الدولة الأولى في الوطن العربي أن تكون واحدة من الدول الرئيسية في العالم العربي, وهي تعتمد طبعاً بدعم الغرب وتحديداً الدعم الأمريكي, حيث تُستخدم قطر من قبل الأمريكيين كعصا لتحقيق أهدافهم في منطقة الشرق الأوسط.
ومن أوضح المعالم على ان قطر تسعى لقيادة العالم العربي دورها الرئيسي في الأحداث في كل من ليبيا وسوريا, ففي ليبيا لعبت قطر دورا رئيسيا في انهيار نظام القذافي. فقطر دعمت وتدعم المجلس الوطني الانتقالي الليبي سياسياً ومادياً وعسكرياً وإعلامياً -عبر قناة الجزيرة (التي تعتبر واحدة من أهم مراكز حرب المعلومات ضد القذافي)-، ولا أظن انه كان بإمكان المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا الانتصار على قوات القذافي لولا تدخل حلف الناتو وخاصة عندما فرض منطقة حظر جوي في سماء ليبيا. وقد سبق عدوان حلف شمال الأطلسي على ليبيا تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية والذي لعبت قطر فيه دوراً كبيراً.
ان قطر تسعى الآن لتعزيز نتائج النصر في ليبيا وهذا ما يثير قلق الاتحاد الأوروبي, فبعد قتل القذافي وسقوط نظامه وتسلم المجلس الوطني الانتقالي الحكم في ليبيا بدعم من قطر، فقطر ما زالت تواصل تمويل وتوريد الأسلحة للإسلاميين، وكذلك قطر تتدخل بشكل واضح في تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا, وتحاول أن ترشد القادة الإسلاميين في ليبيا إلى كيفية بناء ليبيا الجديدة, ولكن ارتباط الاقتصاد الليبي بالاقتصاد القطري بشكل كبير فيه تأثير على المصالح الغربية وبالأخص الفرنسية منها في ليبيا, وتسلم الإسلاميين زمام الحكم في ليبيا والدعم القطري لهم يؤدي إلى تهيج الجهاز العصبي للغرب ولمصالحهم, وليس من قبيل الصدفة ان الرئيس الفرنسي "ساركوزي" عقد اجتماعاً سرياً مع أمير قطر في تشرين الأول، حيث حاول ساركوزي في هذا الاجتماع تمرير الرغبات الغربية لتحسين تنسيق الإجراءات بين الغرب وقطر فيما يتعلق بليبيا. معتمدا –ساركوزي- على علاقة الثقة التي طال أمدها بين القيادة الفرنسية والقطرية، وهو كذلك –ساركوزي- يتحدث نيابة عن حلف شمال الأطلسي بشأن هذه المسألة, ولا ننسى ان حلف شمال الأطلسي أوقف نشاطه في ليبيا في حين ان مئات من العسكريين القطريين لا يزالون على الأراضي الليبية ويمارسون تأثيرا كبيرا في تطورات هذا البلد.
أما في سوريا فتحاول قطر الآن بكل طاقاتها ودعمها السياسي والمادي والإعلامي الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ونظامه, وقد استطاعت قطر عزل سوريا عن عالمها العربي عن طريق جامعة الدول العربية وحققت قفزة نوعية للمعارضة السورية وخنق أكثر للرئيس الأسد ونظامه, وقطر كذلك تحاول الصراخ بأعلى صوتها حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا, وقد أدانت منظمة حقوق الإنسان مؤخراً المجازر التي حصلت في سوريا على يد النظام السوري ونقلت الملف إلى مجلس الأمن الدولي، وليس سراً أن قطر تقوم بتمويل المعارضة للإطاحة بالأسد ونظامه، وهناك معلومات تفيد ان قطر رصدت 100 مليار دولار للعملية العسكرية المحتملة ضد النظام السوري.
أما عربياً فقطر تعمل على إنشاء علاقات جيدة مع المعارضين البارزين في الشرق الأوسط وخاصة الإسلاميين منهم, علاوة على ذلك فقطر تعتبر نفسها ملاذاً آمناً لجميع أنواع "اللاجئين السياسيين" المضطهدين من قبل حكوماتهم في الدول العربية، فقطر تأمل استخدام هؤلاء اللاجئين في المستقبل لتحقيق مصالحها.
لقد استطاعت قطر ان تثبت أهميتها في نظر العالم العربي والغربي، وهي بمحاولتها ركوب موجة الإسلاميين تحاول أخذ دور كل من المملكة العربية السعودية ومصر, خاصة ان مصر مشغولة الآن ببناء مصر الجديدة بعد ثورة 25 يناير, وكذلك فإن قطر تعمل مع أي شخص أو دولة يمكن أن يحقق لها مصالحها حتى لو كان على حساب بعض مبادئها, على النقيض من السعودية التي تتمسك بثوابت ومبادئ لا تجادل فيها ولا تغيرها حتى لو كان ذلك على حساب مصلحتها، قطر بسهولة تقوم بتغيير تكتيكات اللعبة العالمية, فعلى سبيل المثال مع ان قطر تدعم الإسلاميين في عدة دول عربية ولكنها في نفس الوقت تظهر روابط جيدة مع العلمانية في الجزائر, فبوتفليقة – رئيس الجزائر- لا يختلف عن القذافي كثيراً حتى ممكن أن يكون أسوأ من القذافي حيث انه خاض معارك عديدة في الماضي ضد الإسلاميين في بلده, ومع ذلك فإن قطر تغازل بوتفليقة ونظامه, وهناك زيارة لمسؤولين قطريين للجزائر على الأقل مرة كل ستة أشهر ، وهم يتشاركون معا –المسؤولين القطريين والجزائريين- في صيد الصقور، مما يؤكد على وجود علاقة خاصة ووثيقة بينهم. وكذلك تقوم قطر باستثمار أموالها في مجمع النفط والغاز في الجزائر. وهي بذلك منافس خطير لفرنسا التي هي أيضا مهتمة بالاستثمار في قطاع الطاقة في الجزائر.
ويبقى التساؤل هنا: هل ستقود قطر دول العالم العربي مستقبلاً؟ وما الدور الذي تلعبه قطر في الشرق الأوسط الجديد الذي تحدث عنه مجموعة من المسؤولين الأمريكيين؟ لعلّ الأيام القادمة كفيلة بأن تجيبنا على هذه الأسئلة.



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم:

و لنرفع ايدينا بالدعاء



اللهم احفظ امبراطورنا(مع الاعتذار لشعب قطر الكريم)

و الطارد لوالده الكريماه

العاق لوالده الذي رباه

و سهر الليالي على سقماه

وستر عورتاه

و الذي سيطرده ولده

جزاء بما فعل مع ابواه



واحم امبراطورية قطر الداعمة لديون انديه بريطانيا

و المهدده للجزائر و شهدائها

و المتعهده لتركيا بحرباه

و الزارعة لقمحها



و الصانعة لملابسها



و المصممة لبرنامجها النووي



و المحررة لاراضي اخوانها المسلمين



و غير المرسمه لحدودها مع جيرانها

العاملة على رفعة شأن دينها



و المعالجه لامراض شعبها



و المسارعة لانجاد صومالها



و المتفوقة على امريكا في فطبولها

و الحاضنه لاكبر قواعداه

خارج ارضاه





(بدعاوي شيخنا الفاضل)

الخليفه الراشدي السادس

امد الله في عمراه



الموظفه لشبابنا العاطل



(العاطل عن العمل)



مع عظيم احترامي و مودتي

لكل الاخوه الافاضل الكرماء محبي دوله قطر الشقيقه و قناة الجزيره الكريمه

وشكرا لجراسا العزيزه على قلبي
26-12-2011 03:48 PM
هيثم المومني
الى هذلول
اخي الكريم انا حللت وضع قطر كدولة بحياد ولم اتطرق الى رايي الشخصي الذي احتفظ به لنفسي
26-12-2011 09:33 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات