أفكار ثورية ( ثورة من النظام على النظام )


يعتقد الكثير من أبناء هذا الوطن الغالي أن الأردن منفصل عما يحدث من حوله من ثورات تنادي بالحرية و إسقاط الأنظمة الاستبدادية الفاسدة في كثير من الدول العربية الشقيقة ، فهل الأردن في معزل حقا عما يحدث من حوله أم أنه يتأثر بدوره بهذه الثورات ، كيف للأردن أن لا يتأثر بهذه الثورات و الظروف متشابهة في أغلب الدول العربية فالقمع و الاستبداد و الطغيان و الفساد عوامل قامت بسببها الثورات و هي ليست ببعيدة عما نعانيه في هذا الوطن و إن كانت بنسب متفاوتة ، خصوصا من ناحية الفساد الذي أصبح يطغى على أحاديث كل الأردنيين لتجاوزه أي يحد و وصوله إلى درجة تهدد مستقبل الوطن و المواطن و تمادي المفسدين و عدم اكتراثهم بأي أضرار قد تلحق بالوطن ، كل هذا و أكثر يحدث دون أن يحرك أحد ساكنا و كأن ما يحدث للوطن لا يعني أحدا .
إن حدوث الثورة لدينا أصبحت ضرورة حتمية لتخليص الوطن من ويلات قد تحيق به ، و لكن قبل ذلك علينا أن نسأل أنفسنا إن كان الشعب الأردني يريد إسقاط النظام أم لا و هو سؤال تبدو إجابته واضحة و جلية و هي أن الشعب حريص على بقاء نظامه حرصه على بقاء وطنه لعدة أسباب لعل أبرزها العلاقة التاريخية التي تربط الشعب بالنظام من جهة و خوف الأردنيين على وطنهم من الانجرار إلى ما لا يحمد عقباه من خراب و غياب للأمن و الأمان الذي طالما تغنى به الأردنيون بين نظرائهم العرب ، فما الحل إذن أتترك الأمور كما هي عليه اليوم من نهب لمقدرات الوطن أمام أعين الشرفاء فيه ، فان كان الشعب لا يريد أن يثور ضد نظامه فعلى النظام عندها أن يثور على نفسه لمصلحة وطنه و حفاظا منه على العلاقة التي تربطه بالشعب ، فكيف لهذه الثورة أن تكون ؟
نتابع بين الفينة و الأخرى تحويل ملف فساد أو أحد أصحاب ملفات الفساد إلى القضاء دون أن نرى نتائج تذكر أو انعكاس مباشر لهذا الأمر على الوطن أو المواطن ، فالفاسدون لدينا محصنون بقوانين وضعوها هم لحماية أنفسهم فما العمل في مثل هكذا مواقف ، ان كان النظام جادا في ملاحقة الفساد فعليه أن يقوم بمحاسبة فعلية للفاسدين و على عدد من الرقاب الفاسدة أن تتطاير و أنا هنا لا أتحدث مجازا فالثورة تقوم على أساس تحقيق العدالة الثورية و التي تتأتى بدورها من خلال القيام بعدد من الأفعال الثورية التي لا تأبه للقوانين التي وضعها هؤلاء العابثون فالفاسدون لدينا معروفون بالاسم ، و يعلمهم الشعب و النظام معا و لا ضير من تقديم بعد الأضاحي في سبيل نجاح الثورة و يشمل هذا الأمر العديد ممن يسمون رجال الدولة ( لصوص الدولة ) الذين طالما نهبوا من مقدرات الوطن ليظهروا فيما بعد في ثياب المصلحين و محاربي الفساد ، لقد آن الأوان لرجال الدولة هؤلاء أن يفتك بهم و يدفعوا الثمن غاليا لما قاموا به من أعمال لا يقوم بها إلا عدو لهذا الوطن ، فباستطاعة النظام أن يسعى جاهدا للقضاء على هذه الشرذمة من الفاسدين حماية لوطنه و نفسه فهؤلاء هم من يهدد النظام و يسعى لإيجاد شرخ في العلاقة بين النظام و الشعب بأفعالهم التي تبدو للكثير تحت رعاية النظام لدرجة تمادي هؤلاء و تطاولهم على كل ما هو وطني .
إن مسؤولية النظام الأردني عظيمة تجاه الشعب الذي يأبى إلا أن يلتحم بهذا النظام ليكون معه وحدة واحدة تسمو بالوطن و ترفع من شأنه بين الأمم و في المقابل فان الشعب الأردني ينتظر من نظامه الاستجابة لطموحه في بناء وطن تنتظم فيه العلاقة بين الحاكم و المحكوم لما فيه مصلحة الوطن و ديمومته و قوته و تعزيز لدوره في الإقليم الموجود فيه لتمتد إلى أرجاء المعمورة ليصبح هذا الوطن مثالا يحتذى ، و في مقابل ما يطلبه الشعب من النظام من إصلاحات سياسية و اقتصادية و اجتماعية فان هذا الشعب تقع عليه مسؤولية كبرى هو الأخر تتمثل في بناء مجتمع متحضر ينال الكل حقه فيه دون التعدي على حقوق الآخرين ، مجتمع ينبذ العنف بكل أشكاله كما ينبذ الفساد و الإضرار بالوطن و يسعى بكل ما أوتي من قوة لنشر القيم الأخلاقية التي تساهم في بناء مجتمع فعال متكاتف ، فبمثل هكذا علاقة تشاركية ثورية نستطيع النهوض بهذا الوطن و نجنبه أي خطر من الممكن أن يحدق به .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات