بعد أحداث المفرق تأكدت تماما أن الأخوة في جماعة الإخوان المسلمين لم يدرسوا الصف الرابع الابتدائي أو أنهم كانوا يغيبون عن حصة التربية الإسلامية ، وخاصة الحصة التي شرح بها المعلم موضوع صلح الحديبية والذي من بنوده أن يعود النبي هذا العام ولا يؤدي العمرة ويعود في العام الذي يليه ......وعندما احتج بعض المسلمون على هذا الشرط كان تبرير النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الشرط يهدف إلى حقن دماء المسلمين ودرء الفتنة ....
من الأسبوع الماضي والأخوة في المفرق منقسمين بين فريقين ، فريق يريد الخروج بالتظاهر السلمي وطرف آخر يتهدد بمنعهم ....إذا الأمر جلي واضح والمواجهة أمر حتمي مما يعني وقوع إصابات بين الطرفين وخسائر مادية وعرقلة للحياة التجارية في محافظة لا تملك من المقومات إلا ما يباع ويشترى كل آخر شهر من رواتب المتقاعدين وصغار الموظفين الذين يتوافدون كل جمعة من مختلف قرى وتجمعات محافظة المفرق المعروفة شعبياً بالمحافظة البدوية الممتدة من الرويشد المدينة الحدودية شرقا إلى حدود مدينة الرمثا غربا يتوافدون إلى المسجد الكبير وما يعرض على مدخله من بضائع متنوعة تباع بسعر ارخص منه في الأيام العادية يستفيد منها البائع والمواطن على السواء ...وحال تجار المفرق لا يشبه حال تجار العاصمة عمان فالفرق شاسع ......
ومن هنا أتساءل لماذا لم يظهر رجل رشيد في أكثر الأحزاب الأردنية تنظيما وشعبية يطلب منهم الرجوع هذه الجمعة والبحث عن بديل آخر لزمان ومكان مختلف ، إقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، يكون قد قرأ جيدا بنود صلح الحديبية وأخذ منها دروساً وعبر وحلل كل خطوة من خطوات النبي ....
هل المطالبة بالإصلاح تعني أن نكون شرارة لإشعال فتنة بين أبناء الوطن الواحد أو القبيلة الواحدة ؟
لو خرج احدهم الآن وقال لي لماذا لا يكون الطرف الآخر هو الذي قرأ صلح الحديبية وسمح لنا بالتظاهر السلمي ؟ هنا أقول له لم يطرح النبي هذا السؤال وهو في الحديبية مع أن احد المؤمنين طرحه عليه مثلك تماماً ، ولكن كان النبي الكريم يملك بعد نظر ويعطي دروسا في الأخلاق وحسن إدارة الأمور، فالعدد الذي دخل في حلف المسلمين نتيجة توقيع صلح الحديبية أكثر بكثير من العدد الذي خرج من الإسلام ، فكانت عودة النبي عن العمرة سببا في دخول الكثير من الناس الخائفين من قريش في الإسلام ....
وهنا أقول لماذا ركبتم الموجه ، لماذا كان استفزازكم أمرا سهلا وغير مكلف على الطرف الآخر ؟ لماذا تصرون على تشويه صورة الإسلام والوطن وتصطدمون مع أبناء العشائر في عقر دارهم وهم تركوا لكم شوارع العاصمة عمان ومساجدها وساحاتها ولم يتعرضوا لكم ...؟
نعتب على كل العقلاء من مختلف الأطياف ولا نعتب على غيرهم فحاجة الوطن الآن أكثر من أي وقت مضى إلى كل عاقلٍ مدركٍ واعٍ متبصر للأحداث ومسارها ، لسنا ضد الإصلاح أبدا ونحن معه وندفع به ، ولكننا لسنا مع أن تسيل قطرة دم واحدة من أي مواطن كان من كان نسبه وتوجهه ودينه ،ولسنا مع حرق مقر حزب مرخص ولا مع منع مسيرة سلمية ولا مع تحطيم واجهة محل ولا مع منع بائع متجول من أن يطلب رزقه ، أو أن يُمنع جندي دركي واحد من التمتع بإجازة نهاية الأسبوع بين أطفاله وأهله ، نحن مستعدون أن نجثو على ركبتينا وننفخ الهواء من رئتنا على الطريق الممتدة أمام عجلة الإصلاح لكي لا تعيقها ذرات الغبار ...
وطني يتألم من الفساد ولكنه يتألم من طريقة المطالبة بالإصلاح أكثر ، وطن لا نخاف عليه لا نستحق العيش فيه .