الإخوان المسلمون .. مشاركة أم مغالبة؟!


قلّ أن يحظى مقال مما كتبته في الأعوام الأخيرة باهتمام وانقسام حاد في الرأي مثل مقالي السابق حول (حكومة الإخوان المسلمين .. في الأردن) والذي بلغ تعداد قرائه في أحد المواقع أكثر من خمسة آلاف قارئ، كما وصل عدد التعليقات عليه أكثر من مائة وستين تعليقا، عدا عما تلقيته من رسائل إلكترونية ومكالمات هاتفية تشيد أو تشجب أو تعلق على ما ورد في هذا المقال.
وقد كنت أتوقع بعض ردود الأفعال من الأطراف المختلفة مثل اعتراض بعض الحزبيين والمستقلين على ما أسموه الأحادية في التفكير وحكومة الحزب الواحد وأنها مدخل واسع لإعادة إنتاج الدكتاتورية، وكذلك احتجاج العديدين لعدم مراعاة التوزيع الجغرافي المناطقي، والتوسع الديمغرافي الفلسطيني في هذه الحكومة المفترضة، وما أسموه بتجاهل النسيج العشائري الأردني الذي تراعيه جميع الحكومات الأردنية عند تشكيلها.
أما ما لم أكن أتوقعه بصراحة فهو انقسام العنصر الشبابي في جماعة الإخوان المسلمين ما بين مؤيد بشدة لتولي الإخوان السلطة الآن وعلى الفور ودون انتظار للانتخابات القادمة التي ستفرز على الأغلب نسبة كبيرة منهم، هؤلاء الشباب الذين أسروا إلي بأنني قلت ما لم يتمكنوا من قوله، وما بين معترض منهم على تولي الجيل القديم من قيادات الإخوان للمناصب الكبرى والبارزة في هذه الحكومة المفترضة، مبررين رأيهم بأن هذه القيادات قد انتهى دورها ولم تعد قادرة على قيادة المرحلة وأن العقليات "المتحجرة" لا تقبل الآخر ولا تؤمن بالتطور، بل اتهمها البعض بأنها سبب تأخر الجماعة وتراجعها على بعض الصعد، وأن العنصر الشبابي في "القيادات الوسطى" هم الذين يقومون بالعبء الدعوي والحركي الكبير في القطاعات الطلابية والنقابية والشبابية وهم الأولى بتولي السلطة القادمة.
الغريب –حسب رأيي- في ردود الأفعال المختلفة أنها لم تتعرض إلى التوقيت، كما أنها لم تعترض على التوظيف الذي سيستفيده النظام في حال أوكلت السلطة الوزارية إلى الإخوان الآن، ولم يناقش أحد إن كان هذا التوظيف في لجم الحركة الإصلاحية وتمرير المعالجات الاقتصادية المؤلمة سيضر بصورة الجماعة ويقلل من رصيدها وشعبيتها وهي على مقاعد الحكم وتحت الاختبار.
كما أصدقكم القول –وأنا أمارس هذا التمرين الذهني الصعب في ترشيح الأسماء للوزارة الإخوانية- بأنني لم أجد في كثير من المواقع الهامة خيارات قوية متاحة، مما أثار اعتراض العديد من المعلقين على أشخاص بعينهم من حيث الأهلية والتجربة والسيرة الذاتية والكفاءة الشخصية، وهذا مؤشر هام لحركة سياسية تستعد لدخول نادي الحكومات العربية الجديدة، لتقيس مدى استعداداتها وتهيئتها لكوادرها واختصاصييها وشخوص "التكنوقراط" المرشحين لديها.
على كل فقد كان ذلك المقال تمرينا ذهنيا وبالون اختبار صغير ما لبث أن طار بعيدا مع أول نسمة ريح شتوية، ولكنه يقودنا إلى العديد من الاستنتاجات أهمها ضرورة إجراء دراسة مسحية إحصائية للشارع الأردني بعامته ونخبته وبمستقليه وحزبييه لمدى تقبله للحركة الإسلامية على كراسي الحكم، تتزامن مع دراسة إحصائية أخرى داخلية في صفوف جماعة الإخوان المسلمين تقيس المزاج والميول والاستعدادات، وتحصي الكوادر والمؤهلات، وتستفيد من التجربة التونسية والمغربية وقريبا المصرية، وأخيرا الإجابة على السؤال المهم الذي سبق وأن أجابت عليه قيادات الحركة الإسلامية الأردنية: هل لا زلتم مع "المشاركة" أم تجنحون اليوم نحو "المغالبة"؟!

المهندس هشام عبد الفتاح الخريسات
hishamkhraisat@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات