المجالس البلدية بين رجعية التفكيرو المأسسة


تستأثر المجالس البلدية دوراًمهماً في تسهيل العملية التنموية ودفعها الامام من خلال ما تقوم به من نشاطات وتنفيذ برامج مختلفة على المستوى المحلي تعتبر مكمله لبرامج الحكومة على المستوى الوطني بإعتبار ان وجود المجالس البلدية يهدف الى تحقيق عدة امور اهمها التعبير عن اراء ورغبات المواطنين والعمل على تنفيذها على شكل خدمات ومشاريع تؤدي الى تقدم المجتمع ، وعلى جانب اعمق من ذلك تسعى الى تعزيز النهج الديمقراطي وانجاز اهداف ادارية مختلفة .

وفي المقابل من هذا التقديم والمنخرط في مسيرة تاريخ البلديات يقف على اعتاب حقيقة تكاد تكون مؤلمة لذوي الحس الوطني الصادق وهي انها تعيش في لفافة من الشك والتهيب وعسر حاد في الاندماج الاجتماعي وان هناك تحدي كبير يواجهها هو تحقيق معادله اجتماعية جديدة تقوم على توليد دينامية لربط المواطنين بولاء مشترك لبيئة المجتمع المحلي ورفع سويته وصيانة جميع الثوابت اللازمة لهذا المجتمع دون الانزلاق الى فئوية عصبية او التشريع للفتنة .

لا شك انها معادلة صعبة وممتنعة عن التحقيق خارج اطار المسلكيات الديمقراطية والافتراض المنطقي لوجهة النظر المطروحة ذلك ان الديمقراطية هي المسلك الوحيد والقيادة الناجحة على ان تبقى خارج عتبة الاشياء وقت شيوع فهاهة الوعي والارتهان الى فلكوريات عصبية مكروهة وما انفراط عقد الدمج بصورة تكاد تكون هزيلة الا دليل عملي على وجهة النظر المطروحة.

الشاهد في الامر والحاصل على ارض الواقع وبإدراك حقيقي يلمسة كل مواطن ان المجالس البلدية وعبر تاريخها الممتد استاطاعت دون قصد مبيت منها او مبيت ان تعمل على مأسسة الفئوية بين افراد المجتمع الواحد البسيط وتحويله الى نسيج متشابك من العلاقات الاجتماعية المعقدة ومن التكتلات العشائرية الضيقة وتصنيفها الى الاصول واللاصول وهذه المأسسة سواء كانت على صعيد السلوكيات الانتخابية وما يسبقها ويتبعها من احتقانات فئوية او كانت على مستوى تقديم الخدمات وكل هذا يلقي بظلالة ويدفع ثمنه التألف والاندماج المجتمعي وكأن السبب يفسر نفسه انه ما زالت تعيش بدخلنا رواسب من ابي جهل .

فقد تجمعت وقائع الافكار الضيقة والفئوية وتكثفت تواترت في ايقاع من التعاقب المنتظم لتلقي بحممها الحارقة على مجتمعنا لتساعد هذه الوقائع في الاحتقان والتعبئة والنفسية بين قوى المجتمع وقد تمثلت مجمل هذه السلوكيات بالمقدمات لتشكيل المجالس البلدية وتوزيع خدماتها بحلقة مستمرة من التوتر وتصعيد التوتر الى حد قد وصلت به لصدام دموي وبعض الاحيان مسلح بين فئات المجتمع المحلي انعكست سلبياً على ابناء هذا المجتمع من اجل دوافع بالية في مجالس خزائنها خاوية وارصدة

مكشوفة عاجزة عن دفع رواتب موظفيها فدقت على الجرح وتجددت الاوجاع ودخلت المرحله الجديدة وهي تعيش بنفس السذاجة القديمة وغضاضة التفكير مليئة بسيادة الجهله والتناقضات الاجتماعية القاتلة والمغالطات الفكرية والتعاسة الانسانية ربما لا اكون متحامل بهذا الشكل عليها ولكن هذا الواقع الذي نعيشة فلا يستطيع احد ان يتجاهلة فتاريخها يتطلب رؤية غير انسانية لتعليل احداثها.

وعلى ضوء هذه التداعيات يبرز في الافق التحليل السابق على مستوى صعيدين اساسين يستطيع ان يدركهما كل مواطن . المستوى الاول ما قبل الانتخابات وما يرافقة من من انقسامات عشائرية حادة تؤدي الى احتقان النفوس وما يترتب عليه من علاقات بالغة التعقيد تتجدد بإستمرار ولا شك ان الدوافع النفسية المتمثله بإحتقان النفوس تلعب دوراً كبيرا في حياة الانسان يفوق كثير من الاحيان الدور الذي تلعبه الدوافع البيولوجية التي تعتبر سهلة الاشباع الى حد ما .

والمستوى الثاني ما بعد الانتخابات وهو لا يقل تأثيرأ عن المستوى الاول ويظهر جلياً في مستوى تقديم الخدمات وتوزيعها على اساس غير عادل بحيث تكون فيها تمييز وتحيز واضح يحكمها معيار عشائري ضيق بعيد كل البعد عن العقلانية وان عدم تفديم الخدمات بشكل متساوي يترتب عليه خلل التوازن في نهضة المجتمع بالتالي هذا الوضع يزيد التوتر القائم اصلا الذي لا يخلو من المشاكل في كثير من الاحيان لأن الانقسامات العشائرية تعمل ضد التصرف العقلاني سواء للمواطن او للمجالس البلدية فتقف عقبه في وجه نمو القيم والمُثل الديمقراطية التي من المفترض ان تسود وبالتالي تكون الحاكمية للحكمة في ظل هذه البيئة وكما هو معروف ان العدالة في توزيع الخدمات من الاسباب الرئيسة في كسب وتعزيز الشرعية .

وفي ظل الرؤية السابقة تبرز فكرة وضرورة ايجاد منظومة مجالس بلدية مؤسسية ضمن الية جديدة وعادلة في سياق تقسيمها الى مناطق وتعيين مدراء محاديدين لها مع وجود اعضاء منتخبين وذلك لإخراج مجالس تتمتع بمستوى محترم من العمل المؤسساتي بحيث تكون التنمية موجهة نحو نظام اجتماعي عادل ومحقق للمساواة بعيدا عن اي معايير اخرى تعزز التشوهات القائمة وتوسع من دائرتها بدل من حصرها في اطار ضيق ومن خلال تاطير المجالس في عدد محدد قادره على ان يكون القرار بإتجاه المجتمع ثمرة تفاعل بين كل القوى المجتمعبية ذات العلاقة بالموضوع تقوم على المساواة وحلول الوسط والتسوية .

فائدة اخرى مرجوه من مأسسة البلديات وهو يمكن ان تعمل المجالس البلدية على تدريب ذاكرتها من اجل اسقاط الاشياء القبيحة والسلبية التي كانت سائدة لتحتفظ بكل ما هو جميل لتبني عليها مستقبلها بدل من التعلق بالماضي واستقراء الحاضر من خلال احداث ماضية .

فهل نرضى لإنفسنا ان نستمر في العيش بمنطق مفتاح وقفل الفئوية وتبقى خدمات البلديات محصورة ضمن تصنيف احياء وحاراتها .لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن احلام الرجال تضيق .فكثيرا ما حلمنا اننا سنترك زمنا جميلا وبلادا مزدهرة ولكن علينا ان نعترف ودون حياء اننا هزمنا واننا لم نترك الا زمنا خرابا وبلادا متداعية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات