احذروا فخ محاسبة الفاسدين
قبل نحو أربعة أشهر، وتحديدا بعد تصويت النواب على تبرئة (البخيت) من ملف المقامرة بالوطن (الكازينو) واتهامهم الوزير (الدباس) به، نشرتُ مقالاً بعنوان (استهداف مسؤولي السلط بشكل واضح) ... لأجد بعد ذلك ردود أفعال مستهجنه وغاضبة من بعض الأصدقاء والقراء الأعزاء، الذين ظنوا أنني أدافع عن بعض المتهمين بالفساد، أو أنني متحيز وحدت عن الطريق.
حقيقة الأمر لمن أمعن جيداً فيما تحدثنا به، أو تحدث به غيرنا من الزملاء الكتاب والصحفيين عن ذلك الموضوع، هو أننا أردنا لفت الانتباه إلى قضية خطيرة ومهمة جداً، ترسمها الجهات الرسمية لحاجة في نفسها! والتي تحدثنا عنها صراحة وبوضوح من أن محاسبة الفساد تستهدف أبناء المحافظات دون غيرهم (وهو ما جعل البعض يعتقد بأننا ندافع عن المسؤولين الفاسدين من أبناء العشائر والمحافظات) ... غير أن ما سنورده هنا ويعلم به الله، ينجينا من مستنقع التحيز أو التعصب لفئة على حساب غيرها ... والأهم من ذلك كله، هو ما يجب معرفته عما يرسم للشعب الأردني بالخفاء، والذي تكشفت بعض ذيوله قبل أيام، بعد توقيف أمين عمان السابق (عمر المعاني) وما رافق ذلك التوقيف من مواقف وأحداث.
انتقاء (عمر المعاني) بالذات من بين عشرات الشخصيات المتهمة بالفساد، وتوقيفه والتمهيد لمحاسبته، لم يكن محض صدفه ولا انتقاءاً عشوائيا ولا تدرجا منطقيا بالشخصيات المطلوب محاسبتها؛ وإنما جاء بعناية وتخطيط ماكر جداً.
فما أن رفض المدعي العام تكفيل عمر المعاني؛ حتى أخذنا نسمع ونقرأ عن أن أبناء محافظة معان وبعض عشائرها، يعتصمون ويصدرون بيانات تستنكر محاسبة ابنهم، ويهددون في حال تم ذلك! وعرفنا أيضاً بالبيانات والتصريحات التي صدرت عن أقارب مدير المخابرات السابق (محمد الرقاد) والتي ترفض الاتهامات التي وجهها له البعض مؤخراً ... وكلا الردين مشابهين تماماً لردود أفعال أقارب وعشيرتي الوزيرين السابقين (أسامه الدباس) و(عادل القضاة) المتهمين بقضايا مشابهه.
النظام يريد إيصال رسالة للحراك مفادها: ها نحن نعمل على محاسبة الفاسدين، ولكن الثقل العشائري لا يريد ذلك ويعمل على الدفاع عنه، وبالتالي إحباط المطالبين بالإصلاح، خصوصا الحراك العشائري المتصاعد، وإجهاض محاولات محاسبة الفاسدين، لذلك فهو يقوم بانتقاء شخصيات عشائرية ويقدمها للقضاء، لتلاقي بعد ذلك ردود أفعال غاضبة من عشائرهم، التي يعمل عدد قليل منها على الدفاع عنهم، ثم ليتبع ذلك هالة إعلامية منظمة تعمل على تضخيم بياناتهم وردود أفعالهم، والتي تصورها على أنها تهدد أمن الدولة والمجتمع، وهذا ما يفسر عدم توقيف شخصيات غير عشائرية ومحاسبتها، لأنها لا تؤدي الغرض المنشود.
أكبر مثال على ذلك: (باسم عوض الله)، حيث أنه متهم قبل (عمر المعاني) بسنوات، وبحجم فساد أكبر بكثير، طال قطاعات ومؤسسات عديدة بالدولة، ويطالب بمحاسبته في الاعتصامات والحراكات وعلى صفحات الانترنت ... ومع ذلك لم يتم توقيفه أو تقديمه للمحاسبة؛ لأن شخصية باسم عوض الله لا تندرج تحت النظرية السابقة التي تخدم النظام.
هذا التكنيك أو الاسلوب ليس جديدا في الدولة الأردنية، وإنما يعمد له النظام في المواقف الحالكة والمحرجة ... فبعد (هبة نيسان) والمظاهرات الشعبية الساخطة التي جرت في ال89، أدرك النظام الأردني أن شخصيات مثل (زيد الرفاعي) و(مضر بدران) ستأتي له بالويلات والإحراج مع الشعب إذا نفذت بعض السياسات، وبالتالي فانه يجب إعطاء الشخصيات السياسية العشائرية المهام الصعبة والمحرجة أو التي تلاقي غضبا شعبياً، من أجل تحقيق النظرية السابقة ... فعندما تقرر توقيع معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني عام 1994م، جيء بـ(عبد السلام المجالي) ليتسلم رئاسة الوزراء ويوقع على المعاهدة، وعندما تم رفع أسعار الخبز عام 1996م، تم ذلك من قبل حكومة عبد الكريم الكباريتي، وملف الكازينو المخزي عام 2007 جرى في عهد حكومة معروف البخيت الأولى ووزير السياحة أسامه الدباس.
نقولها من ضمائرنا وبمليء الفم: نريد محاسبة جميع الفاسدين سواء أكانوا من أبناء العشائر أم من غيرهم، ولكننا يقظين ومتنبهين إلى أن ما يجري من انتقاء الفاسدين من أبناء العشائر والمحافظات وتوقيفهم والإيهام بمحاسبتهم ما هو إلا إحدى الحيل والمستنقعات التي يراد إيقاع الشعب الأردني بها من أجل إضعاف الحراك الشعبي، وبذلك تحقيق عدة مكاسب لمن أرادها: _ أولها إحباط الحراك العشائري والشعبي المطالب بالإصلاح ومحاربة الفاسدين. _وثانيها إبعاد الأنظار عن النظام نفسه. _وثالثها تدويل القضية بين أبناء الشعب أنفسهم، وجعلهم متخبطين فيما بينهم وبعيدين عن المساس بشخصيات عليا ... لذا يجب فهم هذه الخديعة، والحذر من الوقوع في هذا المستنقع.
Ebnalss7raa@hotmail.com
احذروا فخ محاسبة الفاسدين
أحمد الربابعة
قبل نحو أربعة أشهر، وتحديدا بعد تصويت النواب على تبرئة (البخيت) من ملف المقامرة بالوطن (الكازينو) واتهامهم الوزير (الدباس) به، نشرتُ مقالاً بعنوان (استهداف مسؤولي السلط بشكل واضح) ... لأجد بعد ذلك ردود أفعال مستهجنه وغاضبة من بعض الأصدقاء والقراء الأعزاء، الذين ظنوا أنني أدافع عن بعض المتهمين بالفساد، أو أنني متحيز وحدت عن الطريق.
حقيقة الأمر لمن أمعن جيداً فيما تحدثنا به، أو تحدث به غيرنا من الزملاء الكتاب والصحفيين عن ذلك الموضوع، هو أننا أردنا لفت الانتباه إلى قضية خطيرة ومهمة جداً، ترسمها الجهات الرسمية لحاجة في نفسها! والتي تحدثنا عنها صراحة وبوضوح من أن محاسبة الفساد تستهدف أبناء المحافظات دون غيرهم (وهو ما جعل البعض يعتقد بأننا ندافع عن المسؤولين الفاسدين من أبناء العشائر والمحافظات) ... غير أن ما سنورده هنا ويعلم به الله، ينجينا من مستنقع التحيز أو التعصب لفئة على حساب غيرها ... والأهم من ذلك كله، هو ما يجب معرفته عما يرسم للشعب الأردني بالخفاء، والذي تكشفت بعض ذيوله قبل أيام، بعد توقيف أمين عمان السابق (عمر المعاني) وما رافق ذلك التوقيف من مواقف وأحداث.
انتقاء (عمر المعاني) بالذات من بين عشرات الشخصيات المتهمة بالفساد، وتوقيفه والتمهيد لمحاسبته، لم يكن محض صدفه ولا انتقاءاً عشوائيا ولا تدرجا منطقيا بالشخصيات المطلوب محاسبتها؛ وإنما جاء بعناية وتخطيط ماكر جداً.
فما أن رفض المدعي العام تكفيل عمر المعاني؛ حتى أخذنا نسمع ونقرأ عن أن أبناء محافظة معان وبعض عشائرها، يعتصمون ويصدرون بيانات تستنكر محاسبة ابنهم، ويهددون في حال تم ذلك! وعرفنا أيضاً بالبيانات والتصريحات التي صدرت عن أقارب مدير المخابرات السابق (محمد الرقاد) والتي ترفض الاتهامات التي وجهها له البعض مؤخراً ... وكلا الردين مشابهين تماماً لردود أفعال أقارب وعشيرتي الوزيرين السابقين (أسامه الدباس) و(عادل القضاة) المتهمين بقضايا مشابهه.
النظام يريد إيصال رسالة للحراك مفادها: ها نحن نعمل على محاسبة الفاسدين، ولكن الثقل العشائري لا يريد ذلك ويعمل على الدفاع عنه، وبالتالي إحباط المطالبين بالإصلاح، خصوصا الحراك العشائري المتصاعد، وإجهاض محاولات محاسبة الفاسدين، لذلك فهو يقوم بانتقاء شخصيات عشائرية ويقدمها للقضاء، لتلاقي بعد ذلك ردود أفعال غاضبة من عشائرهم، التي يعمل عدد قليل منها على الدفاع عنهم، ثم ليتبع ذلك هالة إعلامية منظمة تعمل على تضخيم بياناتهم وردود أفعالهم، والتي تصورها على أنها تهدد أمن الدولة والمجتمع، وهذا ما يفسر عدم توقيف شخصيات غير عشائرية ومحاسبتها، لأنها لا تؤدي الغرض المنشود.
أكبر مثال على ذلك: (باسم عوض الله)، حيث أنه متهم قبل (عمر المعاني) بسنوات، وبحجم فساد أكبر بكثير، طال قطاعات ومؤسسات عديدة بالدولة، ويطالب بمحاسبته في الاعتصامات والحراكات وعلى صفحات الانترنت ... ومع ذلك لم يتم توقيفه أو تقديمه للمحاسبة؛ لأن شخصية باسم عوض الله لا تندرج تحت النظرية السابقة التي تخدم النظام.
هذا التكنيك أو الاسلوب ليس جديدا في الدولة الأردنية، وإنما يعمد له النظام في المواقف الحالكة والمحرجة ... فبعد (هبة نيسان) والمظاهرات الشعبية الساخطة التي جرت في ال89، أدرك النظام الأردني أن شخصيات مثل (زيد الرفاعي) و(مضر بدران) ستأتي له بالويلات والإحراج مع الشعب إذا نفذت بعض السياسات، وبالتالي فانه يجب إعطاء الشخصيات السياسية العشائرية المهام الصعبة والمحرجة أو التي تلاقي غضبا شعبياً، من أجل تحقيق النظرية السابقة ... فعندما تقرر توقيع معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني عام 1994م، جيء بـ(عبد السلام المجالي) ليتسلم رئاسة الوزراء ويوقع على المعاهدة، وعندما تم رفع أسعار الخبز عام 1996م، تم ذلك من قبل حكومة عبد الكريم الكباريتي، وملف الكازينو المخزي عام 2007 جرى في عهد حكومة معروف البخيت الأولى ووزير السياحة أسامه الدباس.
نقولها من ضمائرنا وبمليء الفم: نريد محاسبة جميع الفاسدين سواء أكانوا من أبناء العشائر أم من غيرهم، ولكننا يقظين ومتنبهين إلى أن ما يجري من انتقاء الفاسدين من أبناء العشائر والمحافظات وتوقيفهم والإيهام بمحاسبتهم ما هو إلا إحدى الحيل والمستنقعات التي يراد إيقاع الشعب الأردني بها من أجل إضعاف الحراك الشعبي، وبذلك تحقيق عدة مكاسب لمن أرادها: _ أولها إحباط الحراك العشائري والشعبي المطالب بالإصلاح ومحاربة الفاسدين. _وثانيها إبعاد الأنظار عن النظام نفسه. _وثالثها تدويل القضية بين أبناء الشعب أنفسهم، وجعلهم متخبطين فيما بينهم وبعيدين عن المساس بشخصيات عليا ... لذا يجب فهم هذه الخديعة، والحذر من الوقوع في هذا المستنقع.
Ebnalss7raa@hotmail.com
قبل نحو أربعة أشهر، وتحديدا بعد تصويت النواب على تبرئة (البخيت) من ملف المقامرة بالوطن (الكازينو) واتهامهم الوزير (الدباس) به، نشرتُ مقالاً بعنوان (استهداف مسؤولي السلط بشكل واضح) ... لأجد بعد ذلك ردود أفعال مستهجنه وغاضبة من بعض الأصدقاء والقراء الأعزاء، الذين ظنوا أنني أدافع عن بعض المتهمين بالفساد، أو أنني متحيز وحدت عن الطريق.
حقيقة الأمر لمن أمعن جيداً فيما تحدثنا به، أو تحدث به غيرنا من الزملاء الكتاب والصحفيين عن ذلك الموضوع، هو أننا أردنا لفت الانتباه إلى قضية خطيرة ومهمة جداً، ترسمها الجهات الرسمية لحاجة في نفسها! والتي تحدثنا عنها صراحة وبوضوح من أن محاسبة الفساد تستهدف أبناء المحافظات دون غيرهم (وهو ما جعل البعض يعتقد بأننا ندافع عن المسؤولين الفاسدين من أبناء العشائر والمحافظات) ... غير أن ما سنورده هنا ويعلم به الله، ينجينا من مستنقع التحيز أو التعصب لفئة على حساب غيرها ... والأهم من ذلك كله، هو ما يجب معرفته عما يرسم للشعب الأردني بالخفاء، والذي تكشفت بعض ذيوله قبل أيام، بعد توقيف أمين عمان السابق (عمر المعاني) وما رافق ذلك التوقيف من مواقف وأحداث.
انتقاء (عمر المعاني) بالذات من بين عشرات الشخصيات المتهمة بالفساد، وتوقيفه والتمهيد لمحاسبته، لم يكن محض صدفه ولا انتقاءاً عشوائيا ولا تدرجا منطقيا بالشخصيات المطلوب محاسبتها؛ وإنما جاء بعناية وتخطيط ماكر جداً.
فما أن رفض المدعي العام تكفيل عمر المعاني؛ حتى أخذنا نسمع ونقرأ عن أن أبناء محافظة معان وبعض عشائرها، يعتصمون ويصدرون بيانات تستنكر محاسبة ابنهم، ويهددون في حال تم ذلك! وعرفنا أيضاً بالبيانات والتصريحات التي صدرت عن أقارب مدير المخابرات السابق (محمد الرقاد) والتي ترفض الاتهامات التي وجهها له البعض مؤخراً ... وكلا الردين مشابهين تماماً لردود أفعال أقارب وعشيرتي الوزيرين السابقين (أسامه الدباس) و(عادل القضاة) المتهمين بقضايا مشابهه.
النظام يريد إيصال رسالة للحراك مفادها: ها نحن نعمل على محاسبة الفاسدين، ولكن الثقل العشائري لا يريد ذلك ويعمل على الدفاع عنه، وبالتالي إحباط المطالبين بالإصلاح، خصوصا الحراك العشائري المتصاعد، وإجهاض محاولات محاسبة الفاسدين، لذلك فهو يقوم بانتقاء شخصيات عشائرية ويقدمها للقضاء، لتلاقي بعد ذلك ردود أفعال غاضبة من عشائرهم، التي يعمل عدد قليل منها على الدفاع عنهم، ثم ليتبع ذلك هالة إعلامية منظمة تعمل على تضخيم بياناتهم وردود أفعالهم، والتي تصورها على أنها تهدد أمن الدولة والمجتمع، وهذا ما يفسر عدم توقيف شخصيات غير عشائرية ومحاسبتها، لأنها لا تؤدي الغرض المنشود.
أكبر مثال على ذلك: (باسم عوض الله)، حيث أنه متهم قبل (عمر المعاني) بسنوات، وبحجم فساد أكبر بكثير، طال قطاعات ومؤسسات عديدة بالدولة، ويطالب بمحاسبته في الاعتصامات والحراكات وعلى صفحات الانترنت ... ومع ذلك لم يتم توقيفه أو تقديمه للمحاسبة؛ لأن شخصية باسم عوض الله لا تندرج تحت النظرية السابقة التي تخدم النظام.
هذا التكنيك أو الاسلوب ليس جديدا في الدولة الأردنية، وإنما يعمد له النظام في المواقف الحالكة والمحرجة ... فبعد (هبة نيسان) والمظاهرات الشعبية الساخطة التي جرت في ال89، أدرك النظام الأردني أن شخصيات مثل (زيد الرفاعي) و(مضر بدران) ستأتي له بالويلات والإحراج مع الشعب إذا نفذت بعض السياسات، وبالتالي فانه يجب إعطاء الشخصيات السياسية العشائرية المهام الصعبة والمحرجة أو التي تلاقي غضبا شعبياً، من أجل تحقيق النظرية السابقة ... فعندما تقرر توقيع معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني عام 1994م، جيء بـ(عبد السلام المجالي) ليتسلم رئاسة الوزراء ويوقع على المعاهدة، وعندما تم رفع أسعار الخبز عام 1996م، تم ذلك من قبل حكومة عبد الكريم الكباريتي، وملف الكازينو المخزي عام 2007 جرى في عهد حكومة معروف البخيت الأولى ووزير السياحة أسامه الدباس.
نقولها من ضمائرنا وبمليء الفم: نريد محاسبة جميع الفاسدين سواء أكانوا من أبناء العشائر أم من غيرهم، ولكننا يقظين ومتنبهين إلى أن ما يجري من انتقاء الفاسدين من أبناء العشائر والمحافظات وتوقيفهم والإيهام بمحاسبتهم ما هو إلا إحدى الحيل والمستنقعات التي يراد إيقاع الشعب الأردني بها من أجل إضعاف الحراك الشعبي، وبذلك تحقيق عدة مكاسب لمن أرادها: _ أولها إحباط الحراك العشائري والشعبي المطالب بالإصلاح ومحاربة الفاسدين. _وثانيها إبعاد الأنظار عن النظام نفسه. _وثالثها تدويل القضية بين أبناء الشعب أنفسهم، وجعلهم متخبطين فيما بينهم وبعيدين عن المساس بشخصيات عليا ... لذا يجب فهم هذه الخديعة، والحذر من الوقوع في هذا المستنقع.
Ebnalss7raa@hotmail.com
احذروا فخ محاسبة الفاسدين
أحمد الربابعة
قبل نحو أربعة أشهر، وتحديدا بعد تصويت النواب على تبرئة (البخيت) من ملف المقامرة بالوطن (الكازينو) واتهامهم الوزير (الدباس) به، نشرتُ مقالاً بعنوان (استهداف مسؤولي السلط بشكل واضح) ... لأجد بعد ذلك ردود أفعال مستهجنه وغاضبة من بعض الأصدقاء والقراء الأعزاء، الذين ظنوا أنني أدافع عن بعض المتهمين بالفساد، أو أنني متحيز وحدت عن الطريق.
حقيقة الأمر لمن أمعن جيداً فيما تحدثنا به، أو تحدث به غيرنا من الزملاء الكتاب والصحفيين عن ذلك الموضوع، هو أننا أردنا لفت الانتباه إلى قضية خطيرة ومهمة جداً، ترسمها الجهات الرسمية لحاجة في نفسها! والتي تحدثنا عنها صراحة وبوضوح من أن محاسبة الفساد تستهدف أبناء المحافظات دون غيرهم (وهو ما جعل البعض يعتقد بأننا ندافع عن المسؤولين الفاسدين من أبناء العشائر والمحافظات) ... غير أن ما سنورده هنا ويعلم به الله، ينجينا من مستنقع التحيز أو التعصب لفئة على حساب غيرها ... والأهم من ذلك كله، هو ما يجب معرفته عما يرسم للشعب الأردني بالخفاء، والذي تكشفت بعض ذيوله قبل أيام، بعد توقيف أمين عمان السابق (عمر المعاني) وما رافق ذلك التوقيف من مواقف وأحداث.
انتقاء (عمر المعاني) بالذات من بين عشرات الشخصيات المتهمة بالفساد، وتوقيفه والتمهيد لمحاسبته، لم يكن محض صدفه ولا انتقاءاً عشوائيا ولا تدرجا منطقيا بالشخصيات المطلوب محاسبتها؛ وإنما جاء بعناية وتخطيط ماكر جداً.
فما أن رفض المدعي العام تكفيل عمر المعاني؛ حتى أخذنا نسمع ونقرأ عن أن أبناء محافظة معان وبعض عشائرها، يعتصمون ويصدرون بيانات تستنكر محاسبة ابنهم، ويهددون في حال تم ذلك! وعرفنا أيضاً بالبيانات والتصريحات التي صدرت عن أقارب مدير المخابرات السابق (محمد الرقاد) والتي ترفض الاتهامات التي وجهها له البعض مؤخراً ... وكلا الردين مشابهين تماماً لردود أفعال أقارب وعشيرتي الوزيرين السابقين (أسامه الدباس) و(عادل القضاة) المتهمين بقضايا مشابهه.
النظام يريد إيصال رسالة للحراك مفادها: ها نحن نعمل على محاسبة الفاسدين، ولكن الثقل العشائري لا يريد ذلك ويعمل على الدفاع عنه، وبالتالي إحباط المطالبين بالإصلاح، خصوصا الحراك العشائري المتصاعد، وإجهاض محاولات محاسبة الفاسدين، لذلك فهو يقوم بانتقاء شخصيات عشائرية ويقدمها للقضاء، لتلاقي بعد ذلك ردود أفعال غاضبة من عشائرهم، التي يعمل عدد قليل منها على الدفاع عنهم، ثم ليتبع ذلك هالة إعلامية منظمة تعمل على تضخيم بياناتهم وردود أفعالهم، والتي تصورها على أنها تهدد أمن الدولة والمجتمع، وهذا ما يفسر عدم توقيف شخصيات غير عشائرية ومحاسبتها، لأنها لا تؤدي الغرض المنشود.
أكبر مثال على ذلك: (باسم عوض الله)، حيث أنه متهم قبل (عمر المعاني) بسنوات، وبحجم فساد أكبر بكثير، طال قطاعات ومؤسسات عديدة بالدولة، ويطالب بمحاسبته في الاعتصامات والحراكات وعلى صفحات الانترنت ... ومع ذلك لم يتم توقيفه أو تقديمه للمحاسبة؛ لأن شخصية باسم عوض الله لا تندرج تحت النظرية السابقة التي تخدم النظام.
هذا التكنيك أو الاسلوب ليس جديدا في الدولة الأردنية، وإنما يعمد له النظام في المواقف الحالكة والمحرجة ... فبعد (هبة نيسان) والمظاهرات الشعبية الساخطة التي جرت في ال89، أدرك النظام الأردني أن شخصيات مثل (زيد الرفاعي) و(مضر بدران) ستأتي له بالويلات والإحراج مع الشعب إذا نفذت بعض السياسات، وبالتالي فانه يجب إعطاء الشخصيات السياسية العشائرية المهام الصعبة والمحرجة أو التي تلاقي غضبا شعبياً، من أجل تحقيق النظرية السابقة ... فعندما تقرر توقيع معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني عام 1994م، جيء بـ(عبد السلام المجالي) ليتسلم رئاسة الوزراء ويوقع على المعاهدة، وعندما تم رفع أسعار الخبز عام 1996م، تم ذلك من قبل حكومة عبد الكريم الكباريتي، وملف الكازينو المخزي عام 2007 جرى في عهد حكومة معروف البخيت الأولى ووزير السياحة أسامه الدباس.
نقولها من ضمائرنا وبمليء الفم: نريد محاسبة جميع الفاسدين سواء أكانوا من أبناء العشائر أم من غيرهم، ولكننا يقظين ومتنبهين إلى أن ما يجري من انتقاء الفاسدين من أبناء العشائر والمحافظات وتوقيفهم والإيهام بمحاسبتهم ما هو إلا إحدى الحيل والمستنقعات التي يراد إيقاع الشعب الأردني بها من أجل إضعاف الحراك الشعبي، وبذلك تحقيق عدة مكاسب لمن أرادها: _ أولها إحباط الحراك العشائري والشعبي المطالب بالإصلاح ومحاربة الفاسدين. _وثانيها إبعاد الأنظار عن النظام نفسه. _وثالثها تدويل القضية بين أبناء الشعب أنفسهم، وجعلهم متخبطين فيما بينهم وبعيدين عن المساس بشخصيات عليا ... لذا يجب فهم هذه الخديعة، والحذر من الوقوع في هذا المستنقع.
Ebnalss7raa@hotmail.com
تعليقات القراء
1- اصدار عفو شعبي عام عن كل الفاسدين تحت شعار " عفى الشعب عمّا سلف "
2- جميع من عليهم قضايا فساد أو شبهات فساد يحفظ ذلك في ملفاتهم ويمنعوا من استلام المناصب الرسمية وأن يندرج ذلك على أبنائهم وأحفادهم كما تتعامل الأجهزة الأمنية والمؤسسة الرسمية مع المعارضين الحقيقيين حيث تلاحق أبناء الأبناء بجرائر الأجداد .
3- استرجاع ما تيسر من المال المنهوب بدون فضائح , وما عجزنا عن تحصيله طلبنا الله الخلف والعوض .
4- بدون هذا الحل لن تمرّ الأمور بسلام ولكن أخشى ما أخشاه أن الفاسدين لن يقبلوا بهذه الصفقة
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
لترى الفساد الذي يجب ان يعطى الاولوية فالاموال تروح وتأتي اما صحة ابنائنا فهي خط احمر