والكاظمين الغيظ


يتعرض الانسان في حياته لبعض الجهلة الذين لا همَّ لهم إلا الإساءة والتجريح ، ولا يتقنون سوى هذا الفن وهذا السلوك المشين.

الاسلام التفت الى الوجود السلبي لهؤلاء في المجتمع وطالب العاقل (المسلم والمؤمن ) بالتحلي بصفة الحلم وكظم الغيظ عنهم لِئلّا تتأجّج المشاحنات بين الناس حيث أن المسيء لا كبير له يردعه ولا عاقل حوله (يمول ) عليه فالعلاج لهؤلاء الصبر والحلم والاناة.

عندما امتدح الله أهل الحلم والصبر على اساءة الآخرين الذين يعتدون إثما وزورا وبهتانا عليهم بقوله (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) آل عمران 134. امتدحهم لأن هذه الصفة لا يملكها الا المؤمن الذي يغلِّب رضا الله على رضا النفس وانتقامها ، فهذا المؤمن يعرف أن الله ناصره وناصر كل مظلوم بقوله تعالى :"إن الله يدافع عن الذين آمنوا " . فلا تدافع عن نفسك واحبس غضبك فالله سيدافع عنك وهذا ماأكده الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بقوله عن ربه في الحديث القدسي :"من آذى وليا لي فقد آذنته بالحرب" فالله قد أعلن حربه على أعداء اوليائه فاترك عدوك للقوي الجبار (الله) جل جلاله فهو المنتقم العزيز.

ولا تنسى أنك ستبقى أقوى منه في نظر الله ونظر من يراقبون إساءاته إليك ونظره هو لنفسه وهذا ما يدلل عليه ما ورد عن الصحابي الذي جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبره أن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون أليّ وأحلم عنهم ويجهلون عليّ ! فقال :"لئِن كنت كما تقول فكأنّما تُسفُّهم الملّ ولا يزال معك من الله تعالى ظهير ٌعليهم ما دمت على ذلك ". رواه مسلم .

إذن فلنتذكر أن وجود هؤلاء المسيئين إنما هو ابتلاء من الله وهم موجودون في كل مكان وزمان ، واجبُنا احتمال هذا الأذى وهذا المصاب (المسيئين) طمعاً في ما عند الله من الأجر على الصبر والحلم , ولِنكون من القريبين منه جل جلاله ,ولِنكون أيضا ممَّن يحرِّم الله أجسادهم على النار فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي يرويه ابن مسعود واخرجه الترمذي في صحيحه :"ألا اخبركم بمن يحرم على النار ـ أو ربما قال بمن تحرم عليه النار ؟ ـ تحرم على كل قريبٍ هيّنٍ ليّنٍ سهل ".

فالرفق يزين و إذا انتزع منا فهو يشين لقول النبي عليه الصلاة والسلام :"إن الرّفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم.

"والكاظمين الغيظ "....صفة مطلوبة حتى ينصرك الله على المعتدين , فإن زدت من عندك واضفت العفو في قوله "والعافين عن الناس" فأجرك أكبر ,..ولكن إن اكتفيت بكظم الغيظ وصبرك على الأذى فاعلم أن الله نصيرك سواء أعفوت عن المسيء ام احتفظت بحقك بعدم العفو.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات