داووا جرحكم قبل أن يتسع


دولة الأخ عون الخصاونة أيده الله ، بعد ذكر ما يليق بدولتكم من التحية والإكرام ،
يلوح لنا ـ نحن أبناء هذا الوطن ـ من خلال ما نسمعه ونشاهده ، من الفجائع المتوالية ، والفساد الذي استشرى ، عدم مصداقية كثير من البطانة ، التي ضربت لوثة فسادها أكباد الوطن ، وإنه لجدير بكل ذي مسكة من العقل ، أن يتدبر مسائل طالما تحدث عنها كثير من الشرفاء ، على نحو صائت ، حتى سمع دويّ انفجارها القاصي والداني ، ألا وهي الفساد والمفسدين ، وبطانة السوء ، لقد صدرت الإرادة الملكية السامية بمحاربة الفساد بكل أشكاله ، وأن لا حماية لفاسد ، ولذاكيف يُترك من يعبأ بمقدرات الوطن والمواطن ؟ وكيف تترك مليشيات الفساد تعيث في الوطن فسادا ؟ فلقد جثمت أفعالهم على صدر الوطن ، حتى أصابنا الاختناق ، فهل هذا الوطن لأصحاب الجيوب الممتلئة ؟ التي امتلأت من الحرام ومال الملك العام ، والكروش المنتفخة التي انتفخت من السحت وأرزاق الفقراء فقط ؟ أم أنه لكل الأردنيين ؟ أما آن الأوان كي يحاسب المعتدي ، أجيبوني يا يرعاكم الله ، لقد انكشف المستور ، وارتفع الغطاء ، حتى تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، أجل أيها السادة ، إنّ الحقوق لا توهب ، وإنّ النضال وحده هو طريق الحريّة ، وإن المحاسبة تعيد الأمور إلى نصابها وينتي كل فرد من أفراد المجتمع إلى معالمه وبدون ذلك ، تبقى المعطيات خرساء تستنطقها فلا تجيب ، أجل لقد طال الأبد على لبد ، ولوثة الفساد تنخر البلد ، وهيمنة الإسقاطات الشللية تمزق الوطن ، وأيسر النظر يدلنا على أن هؤلاء لا يرون إلا أنفسهم ومصالحهم ، ولا ينتمون إلا لمنفعتهم ، ولا يوالون إلا ذاتهم .
دولة الأخ عون ،أيده الله ، لقد قالوا قديما : لكل مسمىً له من اسمه نصيب ، ولذا أرجو كما يرجوا هذا الشعب الأبي الذي تربى على الأصالة والطيب والانتماء والولاء وحب القائد والوطن ، من دولتكم أخذ الأمور بكل حزم وجزم ، وهي مهمة صعبة – بلا شك – ولكننا نلتمس فيكم السداد ، والحنكة والرؤية الثاقبة ، لما نعلمه عنكم من النظافة والنزاهة ، فضلا عن علمكم الواسع . ولا ريب أن هؤلاء المرجفين لن يتركوك تداوي الجرح قبل أن يتسع ، بل سيتصدون لكم بكل ما يملكون ، ولكن ليعلم هؤلاء بأن شمسهم اقتربت على الغروب ، مهما حاولوا من استخدام أساليب ووسائل تخفي الحقيقة .
وليعلم هؤلاء ، أننا لم نضمر لهم ضغنا ، أو شنآنا ، ولم نرمهم عن قوس العداوة بغيا ، أو عدوانا ، ولكننا ربطنا بالأيدي على القلوب ، وصبرنا على فوادح الأرزاء والخطوب ، وأنفقنا العمر بين ليْت ولعلّ ، يصابرُ مِنا الأعز الأذل ، حتى تفاقمت لوثة فسادهم ، وضربت عروقها أكباد الوطن ، حتى أصبحنا نسمع أبناء الوطن في كل لحظة يقولون : (ما للأسياد على العبيد حرام ! ) ، أهذا هو الحق ؟ أجيبوني يا أصحاب القرار ، هل من الحق أن دكاترة ومهندسين و أطباء وأصحاب شهادات عليا يرزحون تحت الفقر بل يبحثون عن الخبز لأبنائهم ، ثم تجد من يتقاسم السلطة ويتهافتون عليها كتهافت الأكلة على قصعتها ، ينهبون خيرات البلد ومقدراتها تحت مسميات سأمنا سماعها ومجّتها آذان الأحرار؟ أهذا هو الحق ؟ أهذه هي العدالة والحرية ؟ أهذا هو الطريق لمحاربة الفساد والمفسدين ؟ أهذا هو الانصياع لإرادة الملك ؟ أهذه هي طاعة راعي المسيرة ؟ فالمواطن يتساءل ويتساءل !
ولكن مهلا رُويْدا ، فإن الهاشميين كما عهدناهم وما زالوا على عهد الأباء والأجداد ، لهم صدور تضيق بها الدّهْناء ، وتفزع إليها الدّهْماء ، فمن وثق بمائهم لا يضمأ أبدا ، آراؤهم سكاكين في مفاصل الخطوب إذا ادلهمت، يستلّون الحقّ من خاصرة الباطل إذا استشرت، فهم ملح الأرض إذا فسدت ، وعمارة الأرض إذا خربت ، ومعرض الأيام إذا احتشدت ، ولنا في مليكنا المفدى خير ملجأ بعد الله ، فهو المرتجى بعد الله لحل دقائق الأشكال ،وهو الذي سيزيل معترض الإشكال ، لما له من الحنكة والرأي كالسهم ، يصيب غرة الهدف ، نعم هؤلاء هم آل هاشم كما عرفناهم ، وهو على عهدهم ، دهاء كالبحر في بعد الغور وقرب المغترف ، لا يضع رأيه إلا في مواضع الأصالة ، ولا يصرف تدبيره إلا على مواقع السداد والإصابة ، نعم هكذا عهدنا آل هاشم ، هم قطب الرحى ، ينحدر عنهم السيل ولا يرقى إليهم الطير، فضلا عن أنهم قطب صوابٍ تدوربهم الأمور ، ومستنبط صلاح يردون الخطب مُصلّما والرمح مُقلّما ، ولذا فإني متفائل بمليكنا المفدى بأن يقود الأردن إلى شطآن الأمان ،فشعبه واثق به كل الثقة ومحب له كل الحب ، وهو كذلك محب لشعبه وأمته ، فلن يترك حبل المرجفين المفسدين على غاربه ، بل سيضع الموازين الحق ، فما هي إلا دورة فلك ، لن تدوم وسيعود الوقت إلى ما كان عليه كما أراده الله ،وماهي إلا صولة باطل ، سيستل الحق من خاصرته ، وتعود الأمور إلى نصابها والقناة إلى مستقرها ، والرمح إلى باريها ، والسيف إلى طويل نجادها ، ولقد قالوا : إذا سماؤك احتجبت عليك من غيومها أغمض جفونك ترى خلف الغيوم نجوما ، والأردن غني بالشرفاء أمثالكم يا دولة الرئيس ، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .
دولة الرئيس وفقه الله ورعاه :
إن الأردن عصي على العيون الغادرة ، والسواعد الملتوية ، والوجوه الملونة والجيوب الناهبة ، والكروش التي لا تشبع من الحرام ،،،، إنه وطن أبي الحسين ، الذي إذا ما جعنا فيه التسقنا بترابه ، كلما زاد الجوع ، ونظمأ فيه فيروينا قفره ، رغم النار والألم ، ترخص أرواحنا في سبيل الدفاع عن ترابه ، ولو سالت على أسلات الرماح دماؤنا ، وطارت على أفواه المدافع أجسادنا ، ولكن إذا كان ولاؤنا لترابه لا يهزه شك ولا يضنيه ادعاء ، فإن مطالبنا باستئصال شأفة المارقين على القانون ، الذين عاثوا في الأرض فسادا ، وملؤوا كروشهم من السحت ، وأموال الفقراء ، لجديرة باهتمام دولتكم ، ولذا فإن هذا الشعب الأبي ، يرى منكم النبع على ضربة معول فاضربها وفجر ماءها كي يرتوي الظمآن ، ويسكن الحيران ، لا سيما أننا على علم بما تتمتعون به من حصافة الرأي وحنكة السياسة ، ونظافة اليد ،فضلا عن منهجكم القانوني .
ثلاثة لا تكون إلا في ثلاثة : الغنى في النفس ، والشرف في الأب والجد ، والكرامة في الحديث والمعشر .
فالحرُ حرٌ عزيز النفس حيث ثوى ____ والشمس في كل برج ذات أنوار
ولكم منا أبناء هذا الشعب عرام عرمرم من الشكر والتقدير متمنيين لكم التوفيق والسداد .
حمى الله الأردن وعاش الملك

أستاذ النقد والبلاغة المساعد / جامعة شقراء /المملكة العربية السعودية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات