خصي .. خصة قطاعات الدولة


كنا في الاردن في ستينيات وسبعينيات القرن المنصرن نوصف بالدوله الأنموذج عربياً,فقد كنا نُصدر الكفاءات الأردنيه ومنهم المعلمين والقضاة والاطباء الى دول الخليج وليبيا ليؤسسوا هناك لنهضه علميه وتعليميه ,ومحاكم ومستشفيات ,,حتى ذاع صيتنا ولا زالت الخبرات الاردنيه يُضرب بها المثل في الاداء والانضباط والنوعيه لكن, وبعد طفرة الثمانينيات أضحينا نشابه الخليجيين في نوعية الحياة فركبنا السيارات الفارهه وسكنا الفلل والقصور وقضينا اشهر الصيف في ربوع اوروبا حتى أُتخمنا ,ولولا الهزة العنيفه التي اصابت اقتصادنا ودينارنا الذي فقد اكثر من ثلثي قيمته لاستطعنا ان نجعل من جبال عمان جميعها كما جبل علي في دبي,ففقدنا توازننا واتزاننا فأضحينا كما الغُراب الذي حاول تقليد مشية الطاؤوس فلم يجيدها ونسي مشيته,,
اشرأبت اعناقنا أكثر عندما حاول الليبراليون الجدد القفز من فوق الجسر برغم ضحالة ماء النهر تحتهم,,واوهمونا بحتمية تغيير النهج الذي سرنا عليه لاربعة عقود وأكثر,وباعوا الوطن, ترابه ومقدراته واصوله بثمنٍ بخس لسداد المديونيه وجلب الاستثمارات الاجنبيه , فلا سددنا المديونيه ولم نجلب غير الفاشلين للاثراء من اموال الضرائب التي ندفعها نحن الاردنيون من قوت ابنائنا..
عندها بدأت بوادر انهيار اسس الدولة الاردنيه بعدما اعلنت افلاسها, حتى تم تفكيك روابط القطاع العام الذي هو اللبنة الاساس في نشوء وثبات الدوله, وهو المدرسة الاولى لرفد القطاع الخاص بالخبرات والكفاءات المُدربه القادره على استيعاب تبعات المرحله, فأفرغوا القطاع من رجالاته الحاملين لواء الانتماء, ليصبح انتماءهم للدولار والدينار, فضعف الاداء وتخاذل الرجال عن القيام بما هو اسمى خدمة للوطن والمواطنين,كرجل ذهب الى الطبيب لعلاجه من العقم فأتى على اسباب رجولته وتركه يصارع تكرار الزواج برغم انه يعي علته..ونحن كذلك.
نعم فقدنا فحولتنا ورجولتنا وانصعنا لرغبات البنك الدولي لعلاج عقمنا وتخاذلنا,,فما كان الا المزيد من الاستيدان والاقتراض وارتفاع المديونية الى ارقام فلكيه ,نجلد الفساد صباح مساء والفاسدين ,في الوقت ان الجلاد قد مات منذ سنين واسواطنا ورقيه, ومحاكمنا وهميه, ودوائرنا اسدلت العناكب خيوطها على ابوابها,وتدثرت المقاعد بالتوصيات..ونتاج التحقيقات.
ماذا بقي لنا من رجولتنا المزعومه ما دامت انتخاباتنا مزوّره, ومجالسنا لا شرعية لها,وقضائنا غائب,,وقطاعنا العام على طاولة عمليات وزير تطوير القطاع العام الذي لا يملك المبضع ولا بما يساعد,فيطلق الرصاصة الأخيره على مريضه رأفة بحاله, فلم يعد مجدياً العودة الى الوراء او جلد الذات..ابنائنا في الاغتراب لجلب المال لقوت اطفالهم,ونسائنا يزاحمن الرجال في الوظائف لتأمين متطلبات الحد الأدنى لكفاف عيشهم,,وما أكثر الغافين على ابواب صناديق المعونة والزكاة بانتظار ولوج ابوابها..
أُشفق على من يتدثرون برياح الربيع العربي علّها تنقذنا,نحن كالمستجير من الرمضاء بالماء,,ماذا لو اضحينا كما ليبيا القذافي, او مصر مبارك, او تعز صالح, او درعا الأسد,او وطن البوعزيزي تونس الخضراء,,فقط المجهول هو حتمية المشهد,وطن سيباع ان لم يكن قد بيع تحت ناظرينا ونحن نتفقد اسباب فحولتنا هل وصل الخراب اليها,ام ما زال امامنا متسعٌ لمثنى وثلاث ورباع؟؟
في اليوم نموت ألف مره, ويموت امام ناظرينا العشرات من ابناء عمومتنا غربي النهر وفي حوران وجوار مأرب وفي ساحات التحرير,,هل تحرك فينا الدم العربي المسلم فنتوقف عن احتساء الشاي ام نكمل عشائنا وكأننا امام مشهد من فيلم آكلة لحوم البشر فحسب؟؟فالدم المُراق على اعتاب دمشق هو نفس الدم الذي كان يجري في عروق خالد بن الوليد وصلاح الدين الايوبي,,وها هو يُراق من دم احفادهم ,,هو امتداد لشريان الوطن العربي المقتول من وريده الى وريده لا بتروله وغازه المحروق..
نحن اليوم في هذا الوطن المرابط على تخوم بيت المقدس وامتداد الهلال الخصيب أشد ما نحتاجه هو وقفة مع النفس, جردة مساء قبل ان نضع رؤسنا المتعبه على مخدة الاحلام ,نحاسب انفسنا قبل ان نُحاسب هل أدينا حق الله في عملنا ,في القيام به على أكمل وجه,نشتكي لانفسنا من تقصيرنا,نعاهد النفس الأمّارة بالسوء بالمقاطعة ان استمرت في غيّها ونشوزها,,نعيد بناء الوطن المثخن بجراح سيوف المرتزقة ممن حاولوا تقطيع اوصاله ليعيدوا امجادهم التليده من اعادة توصيل اعضائنا المبتوره وضمائرنا المُغيّبه,وبناء وطن طريد للكثيرين ممن عاثوا فيه فساداً,نفقد الهوية والانتماء والولاء,,حتى قبلتنا نستبدلها بالدوحة او تل ابيب او داو جونز هنالك حيث رؤوس الاموال ونتاج الغاز المحترق..
أعيدوا للوطن جزءاً من فضله عليكم بالقليل من الانتماء لا نكران للذات وللهوية وللماء الزلال الذي منه ارتويتم,حينها نتقدم برؤى واضحه وخطوات ثابته نحو الخصخصة لا الخصي.. خصه التي اقحمتومونا بها ففقدنا الوطن والهويه ورجولتنا..ودمتم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات