هدافو الكرة الأردنية "عملة نادرة" في زمن غياب المواهب


جراسا -

مارادونا قال يوما: "لست آلة تضع النقود فيها فتسجل أهدافا"
 
ثمة قول كروي دارج "الكرة اهداف" فلا متعة في مشاهدة مباراة تخلو من تسجيل الاهداف، وكم هي فرحة الجمهور سواء الجالس على مقاعد المدرجين او امام شاشات التلفزيون عندما يرى شباك المرمى وقد اهتزت على انغام الاهداف.

هل تعاني كرة القدم الاردنية من ظاهرة "العقم الهجومي"؟.. ذلك سؤال خطر في بال كل متابع للمنتخب الوطني خلال رحلة تصفيات المونديال ومن بعدها تصفيات آسيا، وما تخلل الرحلتين من مباريات ودية اظهرت بما لا يدع مجالا للشك بأن مهاجمي منتخبنا الوطني "يتفننون" في اضاعة الفرص السهلة امام المرمى اكثر من التسجيل!.

هل من هداف اردني بين الاندية لم يتم اختياره للمنتخب، وما الذي جعل مهاجما كمحمود شلباية الذي فاز بلقب هداف الدوري المحلي مرتين ونال لقب هداف العرب مرة واحدة، يعجز عن إصابة المرمى في كثير من مباريات المنتخب والوحدات في آن واحد، وهل المشكلة في غياب الموهبة وبالتالي أصبح الهداف "عملة نادرة"، ام ان المدربين في الاندية والمنتخبات يتحملون مسؤولية عدم اعداد المهاجمين بشكل جيد؟.

تلك اسئلة لا بد من اجابة لها، وفي ذات الوقت يجب ان ندرك جميعا الفوارق الفردية بين المهاجمين، فهناك من يسجل من "أشباه الفرص" وهناك من يهدر فرصا كاملة، كما يجب أن ندرك بأن اللاعب معرض للمرور في مرحلة "عدم التوفيق" في استغلال الفرص المتاحة ربما لقوة الرقابة والمعاناة من الاصابة والتأثر بجوانب نفسية متعددة، فالمهاجم ليس آلة توضع فيها النقود وتسجل اهدافا كما قال ذلك ذات يوم النجم الكروي العالمي مارادونا، ذلك العملاق القصير الذي طالما أمتع المشاهدين بحلاوة الاهداف التي يسجلها.

مدرب المنتخب الوطني جمال ابو عابد الذي اشتهر بلقب "البلدوزر" وطالما سجل اهدافا لا تنسى رغم انه كان يلعب في ميمنة منطقة الوسط، يشير الى ان المشكلة تكمن في غياب الهداف لأن هناك الكثير من المهاجمين الذين لم يتمكنوا من نيل صفة الهداف، كما كان عليه الحال في عقود وسنوات ماضية ومنهم ابراهيم مصطفى وجريس تادرس وجهاد عبدالمنعم وبدران الشقران.

ويضيف ابو عابد: "العقم التهديفي ليس نتاجا عن سوء تدريبات الاندية والمنتخب معا، وانما بسبب غياب الموهبة التهديفية ودليل ذلك ان الاندية "تستورد" مهاجمين من العراق وسورية مثل رزاق فرحان وفهد العتال وفادي لافي وآخرين".

بيد ان اختلاف طرق اللعب بين الماضي والحاضر يعد سببا في انحسار عدد الاهداف المسجلة، واذكر أن الفيصلي على سبيل المثال في حقبة الثمانينيات كان يلعب بثلاثة مهاجمين في آن واحد "ابراهيم مصطفى وخالد عوض وعماد زكريا"، وهؤلاء تمتع كل منهم بميزة عن سواه، فالاول كان سريعا وقوي التسديد والثاني مراوغا رائعا والثالث امتاز في العاب الهواء، والنتيجة كانت ان مرمى الفرق المنافسة كان تحت رحمة هجوم الفيصلي الهادر.

وبهذا الشأن يقول المهاجم السابق والمدرب الحالي خالد عوض: "كمهاجم سابق ومدرب حالي اعتقد بأن المشكلة تتلخص في تغيير خطط اللعب التي باتت دفاعية أكثر منها هجومية، وبأن المهاجمين المبدعين لا يحظون بصبر المدربين والجماهير، فالموهبة متوفرة ولكنها تحتاج الى صبر وصقل بأيدي خبيرة منذ الصغر وحتى الوصول الى الفرق الاولى، وكرة القدم الحديثة ظلمت المهاجمين".

ويبدو ان لاعبي خط الوسط التقطوا طرف الخيط فأزاحوا المهاجمين جانبا وتولوا العملية التهديفية في الاندية والمنتخب على حد سواء، وللدلالة على ذلك فان رأفت علي كان هداف المنتخب عام 2007 فيما كان حسن عبدالفتاح هداف المنتخب عام 2008، فيما لم يستطع محمود شلباية وعبدالهادي المحارمة من الابداع كما حصل خلال الفترة الذهبية للمنتخب في تصفيات ونهائيات آسيا ومن ثم تصفيات مونديال المانيا.

وإذا كان الوحدات اقوى الاندية المحلية هجوما خلال مرحلة الذهاب من دوري المحترفين بعد ان سجل 21 هدفا في 9 مباريات بمعدل 2,3 هدف في كل مباراة، فان اكثر اللاعبين تسجيلا لاهدافه كان الثنائي حسن عبدالفتاح واحمد عبدالحليم وسجل كل منهما 4 اهداف، كما ان ما سجله الوحدات في تلك المباريات ساوى ما سجلته ثلاثة فرق مجتمعة "شباب الحسين واتحاد الرمثا واليرموك"، بل ان الاخير سجل 4 اهداف فقط في 9 مباريات بمعدل يقل عن نصف هدف في المباراة الواحدة.

ويلخص المدرب الوطني والمدير الفني لكرة الاهلي نهاد صوقار المشكلة بأن للتهديف مقومات فهناك مهاجمين ولكنهم ليسوا بالهدافين، علما بأن ثمة مواهب متوفرة لكنها تحتاج الى التطوير وهذا يتم من خلال العمل الفردي المتخصص مع كل مهاجم، كما ان التدريبات الفردية غير متوفرة لقلة المساحة الزمنية للتمرين العام، الى جانب الضعف الواضح في عدد من مدربي الاندية والمنتخبات، كذلك فان للمشكلة علاقة بالجوانب النفسية والمعنوية للمهاجمين الذين يرتبكون عند مواجهة المرمى، ولا يحظون بصفة الاستقرار كثنائيات يمكن ان تتبادل التمرير ومن ثم التسجيل، ويختم صوقار قوله بأن العمل الحالي يعتمد على تطوير قدرات المدافعين أكثر من المهاجمين.

ملخص القول بأن حارس المرمى قد يجد مساحة مرماه أشبه بـ"الاوتوستراد" فيما قد يراه المهاجم بحجم "خرم الابرة"، فأين تقع المشكلة وما هو حلها، وهل تعود العلاقة الودية الى سابق عهدها بين المهاجمين وشباك المرمى؟.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات