الأرض تتكلم عربي !


إذا كانت الأرض بعمومها تتحدث عربي ، فهل من المعقول أن تدفع الأراضي العربية فواتير الهولوكست أو المحرقة اليهودية على يد النازيين ؟ وأكثر ما يثير الدهشة والتعجب أن الغرب الذي كذب هذه المحرقة عمل وبكل جهده من أجل ترسيخ قواعد تصديقها في الشرق الأوسط ! هذه الأرض للأسف منكوبة حتى في ثوراتها سواء أكانت ربيعاً أو صيفاً أو خريفاً المهم أن الأرض في النهاية هي التي تدفع ثمن أخطاءنا ، ولكن كيف ؟ لو طرحنا سؤال بسيط لنتعرف على الإجابة من قائد الثورات العربية ؟ قائد الثورات هو (برنار هنري ليفي) ولكن من هذا ؟ هو رجل صهيوني كاتب ومفكر ولكن ليس عاديا يعيش بكسل وراء مكتبه المكيف ،إنه رجل ميدان عرفته جبال أفغانستان، و سهول السودان، ومراعي دارفور، وجبال كردستان العراق، و المستوطنات الصهيونية بتل أبيب، و أخيرا مدن شرق ليبيا ، حيث أنزل العلم الأخضر الذي اعتمدته القيادة الليبية ، كردّة فعل على اتفاقيات كامب ديفيد سنة 1977م ورفع علم الملكية السنوسية ، و وصل به الأمر لإلقاء كلمة في بنغازي وسط تجاهل تام من القنوات العربية التي تدعم الثورة، فلم نشاهده على القنوات الفضائية وأخص منها الجزيرة التي غطت ثورة مصر على مدار الساعة ، فما الهدف من تجاهل تلك القنوات ؟!! أظن لكون هذه الفضائيات لا تؤمن بأن الأرض تتكلم عربي ! وأين ما كان هذا الرجل تجد تفجيرات وحروب أهلية ،وطائفية ،ومجازر مرعبة ،وخراب كبير،وجهده المبذول من أجل الصالح الإسرائيلي متميز جداً ونوعي للغاية ، فتجده المنسق الأعلى للترشح لرئاسة في إسرائيل ، وبعد أن ينهي المهمة التي يقوم عليها، تبدأ مهمة أخرى قوامها التمهيد لإسرائيل جديدة ،وعرب جدد، وشرق أوسط جديد بمباركة أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، نعم كلنا ضد معمر وحسني وبشار وعلي صالح وغيرهم ممن كان مستعملا ومستخدما لخدمة أمريكا ، لكن ليس عن طريق من يعمل على إخماد الثورة ضد التدخل الأجنبي في العراق وغيرها،ويوجهها ضد العرب أنفسهم ، إن هذه الأعيب أصبحت لا تنطلي على طفل صغير ، حيث أن أمريكا وجدت أن هؤلاء غير صالحين للعهد الجديد والشرق الأوسط الجديد الذي تحدثت عنها السمراء كونداليزا رايس ، إلى أن جاء أوباما وما أدراك ما أوباما فقط أرصد التغيرات العالمية في فترة رئاسته لترى كم قدم في فترة رئاسته لأمريكا وإسرائيل !!
وتبقى المفارقات العجيبة أن الأرض التي ولد فيها الدين لم تلد أي حركة فكرية شاملة وذات أثر لنقد استبداد التدين المغلوط الحامي لسياسة الذين أسهموا في الانحطاط العربي ، أتحدث عن حركة عربية تمتلك أدوات التحرك الاجتماعي الواعي المنظم، والمنسق على مختلف الصعد المادية، والمعنوية نحو الأفضل إنسانيا ، من خلال التنمية لإجراء تغيير جذري في الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع، ولبناء نظام سياسي يرتكز على مؤسسات ديمقراطية منتخبة بنزاهة، ويكفل احترام حقوق الإنسان ويشجع قيام ونمو وتطور المجتمع المدني ومنظوماته، ويعزز دوره في الحياة العامة وصنع المستقبل، فضلا عن حماية البيئة من أخطار التلوث وهدر الموارد الطبيعية، ويدخل ضمن غاياتها أيضا تحقيق توزيع عادل للمداخيل، ومعالجة العلل الاجتماعية على أساس تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، إن هذه الأهداف تشكل من دون شك خلاصة مركزة لأي مشروع تقدمي يهدف إلى تحويل المجتمع جذريا والقضاء على التخلف وتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي ، ولكن كيف ؟ وقد جعلونا وبكل ما نملك من ثروات طبيعية وعلمية ، وكنوز معرفية روحية وعقلية مجرد خدم لأمريكا وإسرائيل لا أكثر ، لقد اعتقلوا الأرض والإنسان، وهنا أتساءل والسؤال موجه لنفسي قبل أن أوجهه لأي شخص : إذا كان الفكر هو مصدر التخلق والإبداع ، فما الذي قدمناه لأنفسنا وللبشرية نحن القادمون من رحم الأرض النبوية ؟! علينا أن نجيب حتى نضع العقل والفكر معاً في أقدس منزلة في سلم النشوء الإنساني، ولكي ننتج فكراً مغايراً لما كان عليه الفكر أبان تصنيفنا عالم ثالث ، وما دامت الأرض تتكلم العربية فإنها ستحرض العالم أجمع ضد الظلم والاستبداد، وهذا يعني أن الواقع يفلسف الفكر، وليس كما يعتقد بعض المؤمنين بالغرب أن الفكر يفلسف الواقع ، ويصدرون لنا مفاهيم معلبة جاهزة ، متناقضة مع كل قيمنا ومفاهيمنا ، وكأنهم لم يكتفوا بتلك الغدة السرطانية التي زرعوها في قلب الوطن العربي والمسماة إسرائيل ، بل ذهبوا إلى زرع الأذهان بتلك الخرافات التي جعلتنا في فوضى لا يعلم نواتجها إلا الله عز وجل،والتي قد تحول المنطقة إلى بؤرة آسنة تنبعث منها القلاقل والأزمات ، التي لن تتوقف عند حدود العالم العربي ، بل ستعصف بكامل القرية العالمية، لهذا أدعوكم جميعاً إلى إعادة قراءة كتاب الأرض العربية ولو لغايات الابتعاد عن سوء الفهم والاستيعاب لجوهر المشكل ، حتى لا تظن دولة بحجم أمريكا وعلى غفلة من وعيها ، أنه بالإمكان أن تمتطي صهوة الثورات العربية ، في الوقت الذي تتسلح فيه بالتحريض على الطائفية ، لاستغلال التفرقة بين أبناء الأمة الواحدة في الأرض الموحدة من الله عز وجل ، والتي من المفترض أنها صاحبة منهجية شمولية موضوعية حتى لا ينحاز كل قطر إلى طائفة ، في ظل بروز الأدلجة والإسقاطات لتغليب فكر على أخر بهدف التأسيس للفتنة ، وأتصور أن وعينا الحقيقي لهذه الإشكاليات يساعدنا على تجاوز المرحلة الأخطر ، والتي لا يصح فيها الفرض من قبل أي جهة لأن كل ما يفرض فرضاً ليس حرية ، دعونا فوق هذه الأرض أن نخرج من المأزق السياسي الذي قد يشعل العالم أجمع ، وغاية ما نريده هو الانطلاق في الإصلاح من العام إلى الخاص ،لنفتح للكل البشري قدر معين من المساحة الديمقراطية ، لكي تكون اللغة العربية متصلة بالكل الإنساني الحضاري العام ، للنظر إلى هذه المجتمعات الشرق أوسطية ماذا نرى ؟ حزنا مقوى بحضور الشعوب التي تجسد الحزن ، والذي لن يغيب عنها إلا بفعل القوة الفكرية ، وقد تعلمت من الأرض أن الكلمة كائن حي خالد ، تبقى حية بعد الحي لتدل على إنه وجد ، وما وجدت إلا لتصور كائناً حقيقياً أو تراهياً يجسده لنا فكر السابقين من أجل الدخول في النوعية البحثية الفلسفية العلمية ، أنا لا أعرف لماذا كمفكرين عرب حاولنا أن نغفل أو نتغافل عن جوهر مشاكلنا العربية ، وصولاً إلى ما نحن عليه من فوضى عارمة تطيح بكل بارقة أمل !
إن تاريخ المرحلة الحالية لم يكن ليولد ، لولا ذلك التاريخ المظلم الظالم والمستبد ، والذي تم ممارسته فوق جرح الأرض النازف منذ معاهدة سايكس بيكو وإجراءاتها اللاحقة ، في سان ريمو، وتساوق مفاعيلها مع القطرية التي عصفت بفكرنا وخلقت تلك السلطوية التابعة للغرب إلى أن سقطت الرأسمالية من شدة التبعية المتخلفة ، التي لا تقدم أي شيء للبشرية وتريد أن تعيش هكذا وبالمجان ، لمجرد خدمة إسرائيل والأمريكان !!
واليوم علينا أن نعاود التفكير ليس بدافع ضغط اللحظة الثورية ، وإنما من منطلق إيماننا بأن لغة الأرض العربية لم تأتي هكذا صدفة ، وإنما جاءت من أجل أن نبني برنامج علمي عملي عالمي ، برنامج يتأسس في إطار ديمقراطي حر ، لوضع المهام الكبرى موضع التطبيق العملي ، وهنا قد يقول البعض ما الدافع من وراء كل هذا الحديث ؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول : إن طبيعة البدائل الموجودة بعد سقوط الأنظمة العربية ، تمتاز بتركيبة سلطوية ذات توازنات قلقة لا تعرف الاستقرار إلا بفعل الحزب الأوحد ، هذا عدا عن غياب المؤسسة الديمقراطية ، وانعدام منطق التشاركية السياسية ، إضافة إلى الالتباس في النظرة للصراع العربي الإسرائيلي ، وللتوضيح نقول : الكثير من الأحزاب لا تفرق بين إسرائيل كمشروع صهيوني ، وكأداة لمشروع تاريخي متجدد للرأسمال العالمي ! والسؤال الأخير في هذه المقالة : لولا الانهيار الذي أصاب الرأسمالية في المقتل فهل ستشهد أرضنا هذه المظاهرات ؟!! ومهما حدث فإن الأرض ستبقى تتكلم عربي .



تعليقات القراء

رأي غربي
مدهش
25-11-2011 11:35 PM
عويس
برنار هنري ليفي أخطر صهيوني يدير الثورات العربية !
25-11-2011 11:37 PM
مراد أبو ساطع
حفظك الله للأمتين العربية والإسلامية يا قائد الثورات العربية الحقيقي العربي المسلم
25-11-2011 11:40 PM
زهير الحوراني
صدقت هذه الفوضى من بنات أفكار ... رايس
25-11-2011 11:41 PM
عرابي
الأرض بتتكلم عربى وقول الله ان الفجر لمن صلاه ماتطولش معاك الآه الأرض ..الأرض .. الأرض الأرض بتتكلم عربى الأرض بتتكلم عربى ومن حطين
25-11-2011 11:45 PM
هاني العتوم
الواقع يفلسف الفكر،هذه هي القضية بكل بساطة !
25-11-2011 11:54 PM
عاطف العبادي
سلمت يا صخر
25-11-2011 11:57 PM
زايد القهوجي
فعلاً تاريخ المرحلة الحالية لم يكن ليولد ، لولا ذلك التاريخ المظلم الظالم والمستبد ، قضيناها دير بالك والحيطان إلها أذان !!!!ّ
25-11-2011 11:58 PM
وليد الجدع
مصيبتنا في ساركوزي
26-11-2011 12:02 AM
عقل عربي
كل شبء لنا ومزور وفي كل يبوم نكتشف أننا ..... جداً
26-11-2011 12:07 AM
مديح السيد
الدماغ متكلفة كتير قوي
26-11-2011 12:18 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات