طالعنا احد المواقع الاخبارية عن رواتب خيالية لموظفين في احدى المؤسسات الحكومية حيث يبلغ المتوسط الحسابي لرواتبهم ما بين ألفي دينار وثلاثة آلاف دينار ويزيد، علما بأن مسمياتهم الإضافية هي ما بين منسق ومدير لإحدى الدوائر والأقسام.
والخبر الثاني أن أحد مدراء المؤسسات الحكومية يتقاضى أكثر من عشرين ألف دينار شهريا.
بصراحة بقيت أتأمل الخبر أكثر من ساعة، وأقول في نفسي هل هذه الرواتب في الأردن أم في إحدى دول مجلس التعاون الخليجي وأتخيل أن راتبي أيضا يكون عشرين ألف دينار شهريا، وتخيلت كم سأكون سعيدا لو كان راتبي هو هذا لسنة واحدة فقط، وأتخيل ماذا أفعل بهذه الأموال، عندها سوف اشتري أحدث سيارة وأشتري أحلى فيلا في عمان الغربية وأعمل مشروعا صغيرا أحصن من خلاله نفسي على مدى الزمن.
الغريب أيضا في الخبر أن الأسماء كلها التي تتقاضى الرواتب الخيالية هي أولاد فلان وأبناء علان، وخالهم الرجل الفلاني، أوهم أقارب فلان ومعنى ذلك أن الواسطة والمحسوبية هي من جعلتهم أن يكونوا في هذه المناصب ليتقاضوا الرواتب الخيالية والفلكية.
وفي هذه اللحظة تمنيت لو أن المدير المعني يقبل أن أكون مدير مكتبه ويجعل راتبي فقط ثلاثة آلاف دينار شاملا الضمان والضريبة، حينها سأكون المدير المخلص له مدى الحياة، وعندها سأكوّن نفسي وأركب سيارة وأسكن فيلا محترمة ولو بالأقساط فهل يرضى هذا المدير أن أكون مدير مكتبه.
أين العدالة ... أين الإصلاح وأين الضمير في إعطاء كل هذه الرواتب الخيالية وعندها قلت في نفسي: إذا كان هذا المدير لمؤسسة صغيرة يتقاضى هذا الراتب، فكم هو راتب رئيس الوزراء أو موظفي رئاسة الوزراء أو مدراء الأجهزة الأمنية الذين نفتخر بهم جميعا وندرك عظمة المسؤولية وحجم العمل الذي يقومون به وندرك أيضا أن رئيس الوزراء والوزراء وبعض الأجهزة وبعض الدوائر الهامة يعملون ليلا ونهارا يوميا من أجل الوطن والمواطن.
أما هذا المدير الذي يداوم فقط عدة ساعات ووقته الآخر يقضيه في السهر والجلسات الخاصة مع أصدقائه المقربين للحديث عن الفساد والواسطة والمحسوبية، ويقدم معلومات لبعض الأصدقاء لنشرها في الإعلام من أجل البقاء في منصبه.
نعم نريد هيكلة الرواتب ... نعم نريد الإصلاح ... نعم نريد تطبيق القانون ... نعم نريد عدالة اجتماعية .... نعم ونعم ونعم لا رجعة عن الإصلاح ولا رجعة عن هيكلة الرواتب وعدالتها بين كل من يستحق الراتب سواء كان هذا أو ذاك.