مشروع النظام .. لا شرعيته !


كل نظام عربي استحلى لنفسه شرعية خاصة به . البعض يرى انه صاحب شرعية " ثورية " جاء للحكم عقب انقلاب دموي عبر فوهات البنادق بعد ان منعه غياب الانتخابات الحرة من الوصول او المشاركة على الاقل بالحكم لكن المؤسف ان رفاق الثورة كانوا ينقلبون على بعضهم بحجج شتى منها تطهير الثورة و غالبا ما يتآمرون على ثورتهم , فهؤلاء جاءوا بشعارات العدالة الاجتماعية و المساواة و توزيع الثروة و الديمقراطية و غالبا ما انقلبوا حتى على شعاراتهم و كل ما فعلوه انهم اعادوا انتاج الطغيان بطعم اخر .
انظمة اخرى تدعي انها صاحبة شرعية " دستورية " اوصلها للحكم نتائج انتخابات مزورة و الغريب ان هذه الانظمة " صمخت " على كراسي الحكم كون نتائج التصويت لم تتغير منذ عقود برغم سلوك هذه الانظمة التي نهبت شعوبها و قمعته !
بعض الانظمة ترى انها صاحبة شرعية " دينية " , حيث تقتضي ضرورة هذا النوع من الشرعيات ان يمت نسب الطبقة الحاكمة الى النبي محمد رغما عن انف تاريخ الانساب احيانا . و الغريب ان هذه الانظمة لا علاقة لها بسلوك النبي و عدله و تواضعه و انسانيته !
..............................
الناس ينحازون بفطرتهم الى مصالحهم و بالتالي فهم ينحازون الى " مشروع " نظام الحكم لا الى " شرعيته " بشكل اساسي , المواطن ينحاز الى حكم مشروعه صيانة كرامة الناس فلا يزور ارادتهم السياسية عبر قوانين انتخابية متخلفة تعيق حرية اختياراتهم و لا يتآمر على اصواتهم فيقرر من يمثلهم , المواطن ينحاز لمن يتبنى مشروعا يطور مستواه المعيشي و يحمي حقوقة الاجتماعية في ميادين الصحة و التعليم و السكن و الخدمات العامة . المواطن ينحاز لنظام حكم لا ينسى افراده انهم بشر لا اله ! و ينحاز لنظام حكم يكون قدوة لشعبه في الانصياع للدستور و الحفاظ على مقدرات وطنه لا بيعها لأغراض الترفيه الشخصي !
اذا لم تكن اساسيات الحياة الكريمة مصانة ضمن " المشروع " الذي يتبناه النظام فلا معنى لأي " شرعية " على الاطلاق .
استنادا الى ما ذكر , ما هو مشروع النظام في الاردن على المستوى السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ؟
لن يعيب " النظام " الذي يحكم بلدنا ان يراجع الحقبة السابقة بشكل جدي و عميق و ان يتآمل فيما يحدث من حوله . و الاهم ان يستذكر شروط العقد الاجتماعي المبرم بين ابناء امارة " شرق الاردن " انذاك و بينه و التي على اساسها اصبح حاكما " لهم " ... اقول حاكما لهم لا حاكما عليهم و الفرق كبير حتما ! لا سيما ان روح ذاك العقد كانت " اسيادا يحكمون اسيادا ..لا اسيادا يحكمون عبيدا " !! و ان من اهم نقاط ذاك العقد الحفاظ على ثروات الاردن لا بيعها !
ثبت بملموس الثورات العربية من حولنا ان الولاءات المفتعلة لا تحمي انظمة حكم و هذا الدرس من الواضح انه لم يصل بعد لمن يعنيه الامر في بلدنا .
دومينو سقوط الانظمة ماثل امامنا و ينقل مباشرة على شاشات التلفزة و مع ذلك لا يوجد نظام عربي يستخلص الدروس !
في الاردن مثلا , لم يلحظ احد – الا القله – انه كلما لجأ النظام لخطابات التخويف رد الحراك "الوطني" – لا الاسلامي – برفع السقف اكثر ! و كلما حاولت الاجهزة الامنية ضرب الحراك لتفتيته رد الحراك اياه بتصليب موقفه و تماسكت تركيبته الداخلية اكثر .
مزاج الاردنيين تغير و هذا حدث بناءا على قاعدة " كثر الدق بفك اللحام " ! فلقد دقت عصابات تسللت لمواقع قيادية مفصلية بقسوة على لحام الدولة الاردنية حينما تمت مضاعفة مديونيتها لصالح الحسابات الشخصية و نهب مقدراتها و تبهيت هويتها و تفتيت اخلاق مجتمعها و تزوير ارادته و تحويل حقوق المواطنين الاساسية الى مكارم و تهميش محافظات الاطراف !
الانخراط في حملة التضليل بدا يفقد وهجه , الكل كان يتظلم للملك من " تخبيص" الحكومات دون ان يتأمل احد ان هذه الحكومات تاتي بأرادة الملك ذاته و هي تشكل و تحل دون ان تسأل عما قدمت .. ان كانت قد قدمت شيئ اصلا !
ثمة ارث مرير في الحياة السياسية بدأنا – و لو متأخرين – من الخلاص منه , بدأنا نعي الان و لو بشكل متوتر و مشوش اهمية تشكيل ارضيه جديده لقناعاتنا السياسيه العامه و المشتركة . في العمق بدأنا نعي ان تعاملنا مع الاردن كوافدين لا كمواطنين هو الذي ساقنا لكل هذا الخراب .
نحن الان في وداع فترة قاتمة من الزمن ساد فيها كوكتيل من الثقافة الانتهازية و المصلحة الذاتية على حساب ثقافة الهم المشترك و المصير الواحد ففي الاردن يلزمك ان تكون بلا فكر كي " تفهم" ما يحدث و يلزمك ان تكون بلا ضمير كي تقبل به !
......................
عموما , فرصة النظام في الاردن استثنائية ليست فقط لدخول التاريخ انما للمكوث بالحكم للأبد ايضا ! المطلوب هو خطاب قصير و مباشر و جدي يتم الاعلان فيه عن " مشروع " ثورة بيضاء يقودها الملك نفسه هدفها تقديم اسماء واضحة – ايا كان قربها من الملك - للمحاكمة و استعادة الاموال المنهوبة لخزينة الدولة و حل مجلس النواب و اجراء انتخابات نزيهة بقانون مؤقت توافقي يضمن وصول اصحاب الرأي لا اصحاب المال و يضمن ايصال اصوات المحافظات المهمشة من ثم اجراء دفعة جديدة من الاصلاحات الدستورية التي تضمن سيادة الشعب و تحاسب الحكومات بحزم و اتخاذ اجراءات تمكن الفلسطينين من الثبات على ارضهم و دعمهم جديا و تحصن الهوية الوطنية بنزعتها العروبية بما لا يسئ لاي مكون و تعطي حقوقا معيشية للاجئين على ارضنا و تصون كرامتهم و احياء القطاع العام و عودة الحكومات لواجباتها الاجتماعية المتمثلة اساسا بأحياء القطاع العام و تطويره و تحفيز الاقتصاد الوطني لأستخراج خيرات البلد الدفينة بمشاركة القطاع الخاص بشرط لجم تغوله .
" المشروع " هو ما يحمي النظام ... و هو اساس " الشرعية " !
فماهو مشروع النظام في الاردن ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات